ماذا يخفي حديث فرنسا عن حصانة نتنياهو من الاعتقال؟
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية -اليوم الأربعاء- أن ادعاء فرنسا امتلاك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "حصانة" من الاعتقال كان مرتبطا بموافقة تل أبيب على دور للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مسار التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بلبنان.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية -تعليقا على مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف نتنياهو- إن "حصانات الدول غير الأطراف في المحكمة الجنائية تنطبق على نتنياهو والوزراء الآخرين"، مشيرة إلى أنه سيتعين أخذها في الاعتبار إذا طلبت المحكمة الجنائية الدولية اعتقالهم.
كما أعلنت "عزم فرنسا مواصلة العمل بشكل وثيق مع نتنياهو لتحقيق السلام والأمن للجميع في الشرق الأوسط".
ويناقض بيان الخارجية تصريحات فرنسية سابقة ألمحت إلى اعتزام باريس التعاون في تنفيذ مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية اليوم "ترتبط الخلفية التي أدت إلى إعلان فرنسا (اعتزامها عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية) ارتباطا وثيقا بمشاركتها في الاتفاق بين إسرائيل ولبنان".
وأضافت "في الكواليس، شارك مسؤولون إسرائيليون كبار وآخرون من وزارة الخارجية في الضغط على فرنسا لإصدار مثل هذا الإعلان العلني".
وأردفت "حتى أن الولايات المتحدة أوضحت للفرنسيين أنه إذا لم يعلنوا أن نتنياهو لن يتم اعتقاله، فلن تكون باريس جزءا من الاتفاق".
كما نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" -اليوم- عن وزير إسرائيلي لم تسمه قوله إن "تل أبيب لم تكن لتوافق على مشاركة باريس في الاتفاق بالشمال (لبنان) دون تخليها عن الامتثال لأوامر الاعتقال".
ولم تعقب باريس ولا تل أبيب حتى الساعة على ما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
جرائم ضد الإنسانيةيشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
ولا تملك المحكمة أفراد شرطة لتنفيذ قرارها، لكن بموجبه أصبحت الدول الأعضاء فيها -ومن بينها فرنسا- ملزمة قانونا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما إلى الجنائية الدولية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهما.
ومساء أمس الثلاثاء أعلن الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون -في بيان مشترك- عن اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، من أبرز بنوده انسحاب إسرائيل تدريجيا من جنوب الخط الأزرق (الفاصل مع لبنان) خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية الرسمية على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.
كما ستكون القوات اللبنانية هي الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح جنوب لبنان، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، وإنشاء لجنة للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ التزامات الاتفاق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المحکمة الجنائیة الدولیة
إقرأ أيضاً:
حديث اميركي عن تقسيم سوريا يلامس لبنان
يؤكد ديبلوماسي خبير في السياسة الخارجية الأميركية حيال الشرق الاوسط أن إسرائيل ستظل تناور وتراوغ وتتحدى ولن تنسحب كليا من المناطق الجنوبية اللبنانية خلال عدوانها الاخير على لبنان وتحت جنح وقف اطلاق النار، وستبقي على احتلالها لمواقع محددة حاكمة لشريط حدودي عازل وخال من البشر والحجر وكل مظاهر الحياة بينها وبين لبنان وهي تعمل ميدانيا في هذه الايام على اقامته على رغم الهجمة الشعبية التي حصلت وعودة مجموعات كبيرة من النازحين الى عدد من البلدات والقرى الحدودية.
ويكشف الديبلوماسي أن الذريعة التي تتخذها إسرائيل بدعم اميركي للابقاء على احتلالها لمناطق محددة في الجنوب ترتكز إلى امرين يشكلان "مصدر قلق" لها:
ـ الأول الصواريخ البعيدة المدى والدقيقة التي ما زال حزب الله يملكها اذ تعتبر تل أبيب أن هذه الصواريخ كانت ولا تزال تهدد أمنها في أي لحظة، وهي بذلك تعترف بأنها لم تقض كما أدعت خلال الحرب الاخيرة على قدرات الحزب العسكرية والصاروخية والجوية (الطيران المسير) بنسبة 80 في المئة فضلا عن قضائها على غالبية القيادات العسكرية ودمرت قوافل الأسلحة وجعلت الحزب "ضعيفا ومشلولا".
ـ الثاني، خوفها من أن من أقدام حزب الله على دخول المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة على غرار ما فعلته حركة "حماس" واخواتها في عملية "طوفان الأقصى" في7 تشرين الأول 2023.
وفي ضوء هذين الامرين، يقول الديبلوماسي اياه، قررت إسرائيل بدعم أميركي إقامة "حزام امني" على حدود لبنان الجنوبية بعمق ثلاثة كيلومترات يكون ارضا محروقة لا يسكنها أحد من اللبنانيين الجنوبيين لاعتقادها أن مثل هذا الحزام يمنع حزب الله من دخول المنطقة الشمالية وخطف جنود ومدنيين إسرائيليين مثلما فعلت حركة "حماس" عندما اقتحمت غلاف غزة وما فيه من مستوطنات وقتلت وخطفت عسكريين ومدنيين اسرائيليين لمبادلتهم بتبييض السجون الاسرائيلية من آلاف المعتقلين الفلسطينيين.
ويضيف الديبلوماسي أن اسرائيل ستتمركز في نقاط المراقبة في التلال الحاكمة لهذا "الحزام" وذلك بمساعدة الولايات المتحدة التي باتت موافقتها واضحة على هذا الأمر وتعكسها ما يتخذه الرئيس دونالد ترامب من مواقف، وكل هذا يعني أن إسرائيل لن تسمح للبنانيين الجنوبيين بالعودة إلى منطقة "الأرض المحروقة" اي "الحزام الأمني"الخالي من البشر والحجر. ويدل إلى ذلك التدمير الممنهج لكل مظاهر الحياة والعمران الذي تمارسه إسرائيل منذ احتلالها لهذه المنطقة وهي مستمرة فيه يوميا غير ملتزمة الاتفاق على وقف إطلاق النار الذي كان تم التواصل إليه برعاية أميركية ـ فرنسية في 27 تشرين الثاني الماضي.
ويرى الخبير الدبلوماسي أيضا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتخذ قرارات لمصلحة إسرائيل تتجاوز ما تسمح به السياسة الأميركية التقليدية. ولذلك طلب أخيرا من مصر والأردن أن تأخذا حصتهما من "الترانسفير" الفلسطيني الذي سيحصل في قطاع غزة أولآ ثم في الضفة الغربية ثانيا. وهذا يعني أن إسرائيل ستبدأ بأفراغ هاتين المنطقتين من سكانهما الفلسطينيين أو خفض حجم الوجود الفلسطيني عبر ما يسمى يسميه الإسرائيليون سياسة "قص الحشيش" بما يسهل ضمهما لاحقا إلى "إسرائيل الكبرى" .ففي ظل عدد السكان الفلسطينيين الكبير في الضفة والقطاع والذي يتجاوز الخمسة ملايين نسمة تريد إسرائيل خفض هذا العدد إلى أقل من النصف إن لم يكن أكثر بترحيل أكثر من 3 ملايين فلسطيني من غزة إلى مصر ومن الضفة الغربية إلى الأردن ليبقى مليون فلسطيني أو أكثر بقليل من الفلسطينيين البالغ عددهم تقديريا خمسة ملايين ونصف المليون نسمة موزعين بين الضفة والقطاع ما يسهل على الإسرائيليين ضمهما إلى إسرائيل، واقتراح ترامب الأخير على مصر والأردن استقبال الفلسطينيين الذين "سينزّحون" من غزة نظرا للدمار الكبير الذي لحق بها إنما يصب في إطار وعده الشهير بتوسع إسرائيل جغرافيا فعندما زارها للمرة الأولى في ولايته الرئاسية الأولى وعد بتوسعها وكرر هذا الوعد خلال حملته الانتخابية الاخيرة التي اوصلته إلى البيت الأبيض مجددا، حيث قال يومها إن مساحة إسرائيل صغيرة وإنه لطالما فكر في توسيعها. فهو خلال ولايته السابقة وافق على قرار الحكومة الإسرائيلية بضم الجولان السوري المحتل إلى إسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس لتكريسها "عاصمة ابدية لإسرائيل"، ما يعني موافقته على ضم القدس إلى إسرائيل وشاركه هذه الموافقة أربع دول فقط فيما بقية دول العالم لم تؤيد خطواته هذه،وربما قد لا يعترض ترامب على ضم إسرائيل لأراض من لبنان وتلك الأراضي التي احتلتها في سوريا شمال المنطقة العازلة في الجولان غداة سقوط النظام السوري متخطية منطقة الفصل بين القوات في الجولان والتي تنتشر فيها قوة الأندوف" التابعة للامم المتحدة.
ويشير الديبلوماسي نفسه إلى أن ترامب وعلى رغم من أنه لا ينتمي إلى الحزب الصهيوني كسلفه جو بايدن الذي لطال جاهر بصهيونيته، فإن ما قدمه لإسرائيل خلال ولايته السابقة وفي الأيام العشر الأولى من بداية ولايته الحالية بدا من خلاله انه أكثر صهيونية من بايدن، فقد رفع العقوبات التي كان فرضها بايدن على المستوطنين الذين يقتلون الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وكذلك أفرج لإسرائيل عن كمية كبيرة من قنابل الألف رطل التي كان بايدن أوقفها، ما يدل إلى أن هذا العهد الأميركي الجديد ذاهب في اتجاه الأسوأ مما كان عليه عهد بايدن.
غير أن هذا الأمر، يضيف الديبلوماسي، لا يعني أن ترامب سينجح فيه، لكن من الواضح أن الأوضاع سائرة في هذا الاتجاه، الامر الذي يفرض على لبنان الحذر والاحتساب لما يخطط له الإسرائيليون في منطقة الجنوب. فلجنة مراقبة وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي 1701 التي ترأسها الولايات المتحدة الأميركية ليست لديها طريقة عمل ولا خارطة الطريق لهذا العمل ، فلم توقف الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، وهي لا تراقب ولا تعترض بعكس اللجنة التي شكلت ايام عدوان "عناقيد الغضب" عام 1996 على لبنان ، وكانت اللجنة الوحيدة التي نجحت من بين كل اللجان التي سبقتها أو تلتها، وقال أحد الذين عملوا في هذه اللجنة أنها عقدت 16 جلسة مع الإسرائيليين وناقشت معهم كل فاصلة وكلمة ومبدأ في نص "تفاهم نيسان" الذي تم التوصل إليه يومذاك.
ولذلك، يقول الديبلوماسي، إن المطلوب الآن من لبنان أن يستعد ويحدد الوسائل المطلوبة لمواجهة إسرائيل التي لن تنسحب كليا من المنطقة الحدودية وتعمل على إقامة المنطقة العازلة فيها بعمق ثلاثة كيلومترات داخل الاراضي اللبنانية وهي تمهد لها حاليا بتدمير كل البلدات والقرى الجنوبية الواقعة في نطاقها وازالة كل اسباب الحياة فيها.
ويضيف الديبلوماسي أن على لبنان أن يحذر من الوضع الجديد في سوريا التي يبدو أنها ذاهبة إلى التقسيم، حيث يكشف أنه يدور في هذه الايام كلام كثير في الولايات المتحدة الأميركية عن تقسيم سوريا،في الوقت الذي بدأ يدور كلام آخر عن تقسيم لبنان، ذلك أن الحلم الإسرائيلي هو تقسيم البلاد العربية، والمراسلة الشهيرة التي جرت بين ديفيد بن غوريون وموشيه شاريت تدل إلى ذلك، حيث يقول شاريت لبن غوريون فيها عن التقسيم الديني للدول العربية فوافقه الرأي لكنه قال له يومها إن إسرائيل ما تزال ضعيفة ولا يمكنها القيام بمغامرة من هذا النوع. فاسرائيل تحلم، يقول الدبلوماسي، أن تقوم في المنطقة دول طائفية لأن ذلك يبرر وجودها لأنها الدولة الدينية الوحيدة في العالم وهذا ما يعمل عليه الإسرائيليون منذ نشوء إسرائيل وحتى الآن، فقد مضت في هذه الأيام 100 عام على "وعد بلفور" البريطاني الشهير لليهود بإقامة دولة "وطن قومي" لهم في فلسطين المحتلة، وقد قام هذا الكيان، والآن يؤسس الإسرائيليون لمئة عام أخرى إذا استطاعوا احتلال لبنان وتقسيم سوريا. فكل ما يقومون به الآن يؤسس لحالة من الفوضى إلى أجل المغانم، يختم الدبلوماسي كلامه.
ــــــــــــــــــــــــــ