قال تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} صديق الله العظيم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول، وعلى آله وصحبه أجمعين..

الأحباب والحبيبات الحضور الكريم بمختلف مقاماتكم السامية والرفيعة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نسأل الله رب العرش العظيم أن يتقبل شهداء الوطن جميعاً، وعلى رأسهم شهيدنا الإمام الحقاني عليه الرضوان، ونسأله تعالى أن يشفي الجرحى والمصابين، وأن يرد غربة السلام لوطننا الحبيب ولشعبنا المكلوم.

.

يطيب لي في هذه الذكرى الرابعة للرحيل الفاجعة لإمامنا الحقاني عليه الرضوان أن أتقدم بوافر والتقدير لأسرة صالون الإبداع وللمكتب الخاص للإمام الراحل علي إحياء هذه الذكرى السنوية المهمة.

تمر علينا هذه الذكري وبلادنا تخيم عليها ظلمة الحرب وتكسوها الأحزان، وتعتصر قلوب شعبها الآلام، وهي تفتقد حكيمها، وفارسها الإمام الصادق المهدي عليه الرضوان الذي كان رجل المحبة والسلام، فنحن إذ نحيٌي ذكراه الرابعة، ولسان حالنا يقول كما قال الشاعر:

سَيَـذْكُـرُنـي قـومــي إذا جَــــدَّ جِــدُّهُــمْ،

وفـــي اللّـيـلـةِ الظَّـلْـمـاءِ يُـفْـتَـقَـدُ البدر

إن إمامنا الحقاني كان أمة عرفناه رجلا كريماً، وقائداً حكيماً وعالماً جليل، وخطيب مفوهاً، ومناضلاً جسوراً ورجل دولة من طراز فريد، ودعنا بجسده الطاهر، ولكن روحه تحلق بيننا ليلا ونهار.

رحل عنا، وقد ترك وراءه سيرة ناصعة، ومسيرة حافلة، وإرثا ثقافياً وسياسياً وفكرياً نهتدي في المحن والملمات.

إن سيرة ومسيرة الإمام الحقاني لا تسعها الكتب، وتحيطها الخطب وخصاله وسجاياه لا تستطيع أن تعبر عنها الكلمات، ولكن عزاءنا أنه رحل عنا، وتركنا علي المحجة البيضاء، ورسم لنا خريطة المستقبل الوطنـي المنشود التي نعاهده بأن نمضي عليها ما حيينا، ونتمسك بها قيماً وأخلاق، ونهتدي بها كمؤسسات حزبية ودعوية لما فيها من مبادئ وطنية لا تنحاز إلا لخيار الوطن وشعبه.

وفي هذه المناسبة التي تأتي في هذه الظروف العصيبة اسمحوا لي أن أرسل رسائل مهمة:

الأولى: لكافة أبناء الحقاني وخريجي مدرسته من الرحم والوطن إن بلادنا تمر بأزمة وطنية تاريخية غير مسبوقة، وأن المخرج منها هو أن نهتدي بخطي إمامنا الحقاني في التمسك بالمبادئ والمحافظة عليها والعمل علي وحدة صفنا الداخلي وصفنا الوطني من أجل إيجاد المخرج الآمن لوطننا الحبيب، فهلموا إلى كلمة سواء لرسم مستقبل أفضل لشعبنا الصابر والمثابر والمتطلع لغد أفضل.

ثانيا: إلى قيادات حزبنا وجماهير الأنصار عموماً إن مبادئنا الوطنية كانت ولا تزال وستظل دائما منحازة لقضايا الشعب السوداني وتطلعاته المشروعة، وتقف ضد العنف والحروب والاقتتال والظلم والكراهية والعنصرية والتوحش، وإن ما يمر به وطننا الحبيب فتنة كبرى علينا التعامل معها بحكمة الحقاني والتصدي لها بروح المسؤولية التاريخية وتجاوز كافة أشكال الاختلاف، من أجل إنقاذ شعبنا والتقسيم المقيت لوطننا والوقوف إلى جانب الضحايا من أبناء شعبنا وعدم الانحياز لخيارات الحرب والدمار.

ثالثا: إلى أبناء الوطن كافة، فقد آن الأوان بأن نتجاوز كل خلافاتنا، وأن نقبل علي بعضنا بتجرد تام وعمل مخلص وإعلاء المصلحة الوطنية علي المصلحة الحزبية والجهوية، وأن نلتف حول موقف وطني موحد ينهي هذه الحرب اللعينة، ويرفع المعاناة عن كاهل شعبنا، ويحقق تطلعاته المشروعة في الحرية والعدالة والمساواة والسلام عبر مائدة مستديرة للتوافق على مشروع وطني شامل يضع حلولاً واقعية لأزمة الوطن.

رابعا: رسالتي لقيادات القوات المسلحة والدعم السريع ولكل الذين يتقاتلون في الميدان إن هذه الحرب اللعينة بلغت من التوحش والقتل والدمار مرحلة غير مسبوقة، ودفع كلفتها البشرية والمادية المواطن البريء والوطن برمته، وخيارات الاستمرار فيها ستقودنا لنتائج كارثية فإني إنشادكم بحق الدين والوطن والإنسانية بأن تستمعوا لصوت التعقل والحكمة، وأن تقبلوا علي طاولة التفاوض لإنهاء هذه الحرب اللعينة، وإتاحة الفرصة للحلول السلمية، للوصول لحلول تحقق تطلعات السودانيين، وتنهي معاناتهم وتضمد جراحهم ونحن من جانبنا علي استعداد تام لدعمكم، وسنبذل كل ما في وسعنا لتحقيق هذا الهدف بالتضامن معكم، فلا فرصة للحلول العسكرية والأمنية ولا وقت لتقبل سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء ومشاهدة مزيد من الفظائع والانتهاكات بحق المواطنين.

ختامًا: أحبابي في الله والوطن العزيز إننا نعاهد أمامنا الحقاني بأن تظل هذه الراية صامدة ومرفوعة، وأن نتمسك بالعمل المؤسسي والدستور الذي أسسه لنا، وأن نعمل وفق منهجه، ونبذل كل ما في وسعنا لإيجاد المخرج الآمن لوطننا الحبيب وشعبه المظلوم.

نسأل الله أن يتقبل إمامنا الحقاني القبول الحسن، وأن يجمعنا به في مقعد صدق عند مليك مقتدر،

والسلام عليكم ورحمة الله..

الوسومفضل الله برمة ناصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: فضل الله برمة ناصر

إقرأ أيضاً:

هل ذُكرت كلمة وطن في القرآن الكريم؟ أمين الفتوى يجيب

أكد الدكتور محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه على الرغم من أن كلمة "الوطن" أو "الوطنية" لم ترد بهذه الصيغة في النصوص الدينية، إلا أن معناها موجود في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال فتوى له، "في القرآن الكريم، ورد ما يشير إلى احترام الوطن وتقديره في قول الله سبحانه وتعالى: 'وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوْ اخرجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ' (النساء: 66)، هذه الآية تشير إلى أن الخروج من الديار أو الوطن يُعد من أكبر المصائب التي يواجهها الإنسان، حيث جعل الله سبحانه وتعالى في الآية الخروج من الدار قرينًا لقتل النفس، مما يدل على عظم معاناة الإنسان عندما يُجبر على مغادرة وطنه."

وأضاف: "الآية تشير إلى مدى قسوة هذا الفعل على النفس البشرية، إذ إن مغادرة الوطن قد تحمل ألمًا نفسيًا مثل الذي يسببه القتل، وبالتالي، يمكننا أن نفهم من هذه الآية أهمية الوطن وضرورة احترامه."

وتابع: "أما في السنة النبوية، فقد وردت العديد من الأحاديث التي تحث على الدفاع عن الأرض والوطن، من أبرز هذه الأحاديث ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة في سبيل الدفاع عن الوطن، حيث قال: 'من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أرضه فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد'، مما يدل على أن الدفاع عن الأرض والعرض والوطن يعتبر من أسمى الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم."

ونوه: "الشريعة الإسلامية تدعو إلى حب الأوطان والاهتمام بها، وتحث على الدفاع عنها بكل الوسائل الممكنة، حتى لو تطلب الأمر التضحية بالنفس في سبيل حماية الوطن، ولهذا، نجد أن من يضحون في سبيل أوطانهم، سواء كانوا في الجيش أو في أي مجال آخر، لهم عند الله سبحانه وتعالى المنزلة العالية، لأنهم ماتوا دفاعًا عن أرضهم ووطنيتهم."

مقالات مشابهة

  • توضيح صحفي من حزب الأمة القومي
  • فضل الله برمة لـ «التغيير»: الحكومة المدنية تسعى لوقف الحرب ولا شرعية لحكومة بورتسودان التي ترفع شعارات التقسيم وتقتل الناس على أساس الهوية
  • حوار .. فضل الله برمة  لـ «التغيير» : الحكومة المدنية تسعى لوقف الحرب ولا شرعية لحكومة بورتسودان
  • حزب الأمة القومي يدين إستمرار انتهاكات طيران الجيش المروعة ويطالب قيادة القوات المسلحة أن تلتزم بتعهداتها بحماية المدنيين
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين
  • هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟
  • «الأمة القومي» يرحب بوصول أول قافلة مساعدات إنسانية للخرطوم منذ بداية الحرب
  • هل ذُكرت كلمة وطن في القرآن الكريم؟ أمين الفتوى يجيب
  • الذكرى 68 لجلاء العدوان الثلاثي.. مصطفى بكري يهنئ بورسعيد بعيدها القومي
  • محمد الجندي: إشراقات النبي بعد البعثة أنارت للإنسانية طريقها للعفو والهداية والسلام