مكي المغربي: بتوقيت مالك عقار!
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
لا أعتقد أبدا أن حديث القائد مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة عن الإسلاميين والمؤتمر الوطني مزعجا ولا تحريضيا، وأرى في القائد مالك رجل دولة يعي مسئوليته الشاقة العسيرة.
دعوني أقف معجبا إزاء موقف الرجل من الحرب والتي أكد في حوار سابق معه أنها اندلعت في يوم ١٣ أبريل وليس 15 أبريل (وردد هذا في خطابه) عندما احتلت مليشيا الدعم السريع مطار مروي.
لو كان مالك راغبا في المقايضة بالجيش والوطن لاختار الكلام المجاني أن هنالك طرفا ثالثا ولاجتهد في مغازلة “الدول المانحة” والتي استمالت السياسيين والإعلاميين والناشطين بالرشاوي والسحت ليرددوا أكذوبة الطرف الثالث وإشعال الإسلاميين للحرب، مع أنهم هم الذين أشعلوها وخططوا لها، ويصدق عليهم المثل “رمتني بدائها وانسلت”.
لا أعتقد أن مالك عقار قبل هذا الموقع في هذا الظرف الحرج وفي ذهنه شيء غير إخراج البلد من المأزق وليس التخصص في طرد أو ملاحقة تيار بعينه. ملخص رسالته كانت نصح ونقد مع الحفاظ على الحقوق الدستورية والقانونية لمنسوبي التيار الإسلامي العريض، وهو بالمناسبة موقف الدول الغربية والدول العربية العاقلة غير الضالعة في الحرب على شعب السودان وتعذيبه وكسر كرامته، ورسالة مالك “لا أحد يزايد على حقوقكم السياسية ومواطنتكم” هي الأقرب للموقف الدولي الذي اشمئز من أداء قحت الإقصائي التخريبي، الذي شوه التجربة الانتقالية تماما، وجعل النظام السابق “جنة عدن” مقارنة بها.
ما هو المزعج في خطاب مالك وينتقده بعضهم؟ أن الإسلاميين انفصل في عهدهم جنوب السودان، هذه حقيقة وليست كلام مالك، لكن للغرابة أنا في حواري مع الباحثين والناشطين الأمريكان عندما يتحدثون لي عن إمكانية التعاون مع الاسلاميين بشيء من التشكيك، أقول لهم هم تعاونوا معكم لدرجة الإتفاق على قيام دولة كاملة في الجنوب، حتى عندما اندلعت الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان بأيدي الجنوبيين منتصف ديسمبر 2013، وضعت أمريكا مسارا كاملا في مفاوضات رفع العقوبات الأمريكية عن الدور الإيجابي للسودان إزاء ما يدور في جنوب السودان ثم صححت لهم الكراس ومنحت نظام الإسلاميين الدرجة الكاملة ورفعت عنهم العقوبات في إدارة أوباما الديموقراطية ثم أكدت ذلك في إدارة ترمب الجمهورية، وهذا يعني أنه تعاون عابر للإدارات وحدث قبل وبعد الانفصال، وهو تعاون مؤسسي أمني واستخباري وهذا لم يحدث في عهد قحت إلا على مستوى إلغاء قانون النظام العام وتعديل عقوبة الخمر وحد الردة وهذه كلها مسودات من إعداد الكيزان أنا شخصيا تم استدعائي للتنوير بها والكتابة عنها في العام 2015 أو قبله، وعلمت وأنا في خدمة الدولة في السفارة في واشنطون في 2018 أن مسودة التعديلات القانونية جهزت للمرحلة الثانية من المفاوضات التي أكملتها لاحقا قحت بعد عامين، وهذا يعني أن تعاون قحت مع أمريكا هو أصلا امتداد للتعاون مع الإسلاميين. وأن نصر عبد الباري لم يكن سوى “سفرجي” يرص الأطباق التي طبخها وزراء العدل الإنقاذيين.
ومخطيء من يظن أن نصر الدين هو من عدل القوانين.
النقطة الثانية عبارة عقار “صلاحيتكم انتهت” .. صحيح طبعا، هذه حقيقة وضحكت فيها، لكن يا سعادة القائد انت تعلم أن صلاحيتهم أخذت تجديد بالاستيكر، وبعد افتتاح “مصنع الديموقراطية” سيستخرجون صلاحية جديدة، مدتها عشر سنوات.
يعرف القاصي والداني، أنه لو جاءت انتخابات سيفوز الاسلاميون، لو استمرت الانتقالية وجودهم ضروري لأن كوادرهم الأقدر على تسيير الدولة التي تغرق حاليا في شبر موية بسبب ضرب قحت لمفاصل العمل فيها، أما لو استمرت الحرب (لا قدر الله) هم الفصيل الأشد انحيازا للجيش السوداني لدرجة الموت، بينما الخيانة ضد الجيش تستشري في قحت.
حرب ١٣ أبريل -بتوقيت مالك عقار- هي حرب غبية جدا جاءت لاستئصال الإسلاميين ولكنها أعادتهم في أقوى صورهم ورفعوا رايات الجهاد والاستشهاد والتي لو جلسوا يخططون لها سنين عددا لما استطاعوا، ولكن المليشيا المجرمة وقحت اللعينة هي من أعادت كل هذا.
نختلف أو نتفق مع عقار لكنه ملأ الموقع وشغل الناس، وأمامه ملفات كبيرة وشائكة ويستحق الإعانة عليها.
نحن أمام دولة تتعرض لأقذر مخطط في تاريخها، وجهاز تنفيذي يعاني من أعطال رئيسية، نحتاج لتكاتف الجهود للخروج من احتمالات الانهيار، نحتاج للعمل بجد واجتهاد، ومالك عقار يعلم جيدا هذه التحديات ووعيه كان سابقا لقحت بسنة ضوئية.
مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مالک عقار
إقرأ أيضاً:
حرب السودان: 12 مليون نازح وبنيةٌ صحية منهارة واستهدافٌ ممنهج للمستشفيات والأطباء
يدخل الصراع في السودان عامه الثاني وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتواصل المواجهات بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وسط هذا النزاع الدامي، يختزل المدنيون كل المعاناة، حيث أجبر أكثر من 12 مليون شخص، أي ما يزيد عن ثلث السكان، على الفرار من منازلهم. ومع إعلان حالة المجاعة في بعض المناطق، تؤكد المنظمات الإنسانية أن السودان يشهد أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
قطاع صحي منهار ومستشفيات خارج الخدمةلم تسلم المرافق الصحية والعاملون في المجال الطبي من تبعات الحرب، إذ تعرضت المستشفيات للقصف والنهب، ما أدى إلى خروج نحو 70 إلى 80% منها عن الخدمة.
في ولاية الخرطوم وحدها، قتل 54 طبيبًا منذ اندلاع القتال، وفقًا للسلطات الصحية. فيما أشار الأطباء إلى أن الهجمات على المستشفيات تتم بشكل متعمد.
في مدينة أم درمان، لا يزال مستشفى "النو" أحد المرافق القليلة لتقديم الرعاية الصحية رغم الظروف القاسية. كما أن هناك مرضى وكوادر طبية يحاولون الصمود وسط التهديدات المستمرة.
من بين الضحايا، الطفل سليمان، الذي أصيب في هجوم بطائرة مسيّرة بينما كان يتسوق مع والدته، التي قضت في الحادث.
بسبب خطورة إصابته، اضطر الأطباء إلى بتر ساقه. وبينما والده طريح الفراش، تبقى عمته صفية هي الوحيدة التي ستتكفل به وبالأطفال الخمسة الآخرين.
وقد أصيب شاب في العشرين من عمره بشظايا قنبلة أثناء وجوده في سوق مزدحم بأم درمان، مما أدى إلى تشوه وجهه بالكامل، ولم يعد قادرًا على تناول الطعام إلا عبر أنبوب تغذية.
حالته تلك ليست الوحيدة من نوعها، فمعظم المستشفيات التي كانت تعج بالمرضى قبل الحرب باتت اليوم مغلقة بسبب نقص الإمدادات الطبية أو تعرضها للهجمات.
في بحري شمالي الخرطوم، تعرض مستشفى رئيسي لهجوم من قبل مقاتلي قوات الدعم السريع، حيث تم تدميره ونهبه بالكامل.
ويروي أحد الناجين، وهو الصيدلي السماني الحاج، لحظات الرعب: "قلت لهم إننا لا نعالج سوى المدنيين، لكنهم لم يستمعوا لي. دخلوا غرفة مجاورة، سمعت طلقات نارية، ثم خرج زميلي مغطى بالدماء وهو يصرخ: لقد قتلوا مصعب!"
وفي هذا السياق، أكدت التقارير الحقوقية أن قوات الدعم السريع تنفذ عمليات تصفية للعاملين في المجال الطبي، متهمةً إياهم بمساعدة الجيش السوداني.
وفي ظل استمرار الهجمات، يجد الطاقم الطبي نفسه أمام معضلة: كيف يمكنهم مواصلة العمل وسط هذه المخاطر؟ وأضاف السماني: "فقدنا زميلًا كان يقدم الرعاية الطبية للناس، لكنه قُتل وهو يؤدي واجبه. كيف يمكننا التوقف الآن؟ لكن في الوقت نفسه، كيف نستطيع الاستمرار؟"
في المقابل، تنفي كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع استهداف المستشفيات والمدنيين، رغم توثيق منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة لهذه الانتهاكات.
بالعودة إلى مستشفى "النو"، خضع سليمان لعملية البتر واستفاق للتو من التخدير، فيما تعبر عمته عن قلقها بشأن مستقبله: "كيف سيعيش بساق واحدة؟ من سيساعده؟"
وقد أعرب جمال محمد، مدير المستشفى، عن مخاوفه بشأن سليمان وغيره من الضحايا: "من سيتكفل بإعادة تأهيله؟ من سيؤمن له طرفًا صناعيًا؟ بلدنا في وضع كارثي، والأطفال مثل سليمان بحاجة إلى دعم المنظمات الدولية."
وسط هذا الدمار، تستمر الحرب في إزهاق مزيد من الأرواح، فيما لا تلوح في الأفق أي بوادر لحل يضع حدًا لهذه المأساة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية واشنطن تتهم موسكو باللعب على الحبلين في حرب السودان لاستثماراتها في تجارة الذهب الحرب الأهلية في السودان تخلّف أزمة إنسانية غبر مسبوقة: 150 ألف قتيل و12 مليون نازح السودان: المجاعة آخذة في الازدياد والأزمة تتعمق.. ضحاياها الأساسيون ما بين لاجئ ونازح قوات الدعم السريع - السودانمحمد حمدان دقلو (حميدتي)عبد الفتاح البرهان مستشفياتأزمة إنسانيةجمهورية السودان