قال معهد أسترالي إن الانسحاب التدريجي للتحالف الذي تقوده السعودية من اليمن والتقارب الدبلوماسي بين المملكة العربية السعودية وإيران يشيران إلى إعادة تنظيم جيوسياسي كبير في الشرق الأوسط.

 

وأضاف "المعهد الأسترالي للشؤون الدولية" في تحليل ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن التقارب السعودي الإيراني يشير إلى تحولات في ديناميكيات القوة الإقليمية في الشرق الأوسط، مما يشكل تحديًا لنفوذ الولايات المتحدة.

 

ويشير هذا التحالف الجديد حسب المعهد إلى تحول إقليمي نحو استقلال أكبر، مع تحويل الرياض وطهران تركيزهما نحو التحديات المشتركة والابتعاد عن المنافسة العدائية.

 

وقال التحليل الذي أعده توماس ماكمولان أستاذ السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في جامعة سيدني "بدءًا من عام 2019، تم تفسير الانسحاب التدريجي للتحالف الذي تقوده السعودية من مشاركته العسكرية في اليمن إلى حد كبير على أنه خاتمة لصراع مدمر. ومع ذلك، تكمن تحت السطح إعادة تنظيم جيوسياسي أكثر تعقيدًا في الشرق الأوسط؛ حيث يشكل التقارب بين الرياض وطهران، وتجديد القومية العربية، تحديًا كبيرًا للنظام القائم، بما في ذلك نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".

 

وتابع "لقد تمت الإشارة إلى الحرب الأهلية اليمنية مرارًا وتكرارًا باعتبارها واحدة من أعظم جبهات الصراع التي حاولت من خلالها إيران والمملكة العربية السعودية تعزيز قوتهما الإقليمية. لقد تورطت إيران منذ البداية، حيث زعم خبراء إقليميون أنها قدمت الدعم المالي والتنظيمي للمتمردين الحوثيين منذ وقت مبكر من عام 2009".

 

وأردف "في عام 2015، تدخلت المملكة العربية السعودية لدعم الحكومة المعترف بها دوليا بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون، الذين من المحتمل أن تمولهم وتسلحهم إيران، على أجزاء كبيرة من البلاد. كان هذا قرارًا اعتبرته الرياض ضروريًا كجزء من استراتيجية أوسع لتقليص سلطة طهران من الامتداد إلى ما هو أبعد من لبنان وسوريا".

 

وحسب التحليل فإن السعوديين نظروا إلى تمرد الحوثيين باعتباره امتدادًا للطموحات الإيرانية لإنشاء هلال شيعي، يهدد الممالك العربية السنية في الخليج.

 

وقال المعهد الأسترالي "بالنسبة لإيران، قدم الحوثيون فرصة واضحة لتحدي الهيمنة السعودية في شبه الجزيرة العربية وتوسيع نطاق نفوذ طهران إلى ما هو أبعد من حدود بلاد الشام. من خلال دعم الحوثيين، يمكن لإيران ممارسة ضغوط غير مباشرة على المملكة العربية السعودية وإبقاء منافستها متورطة في حرب باهظة الثمن وغير شعبية".

 

وأكد أن اليمن أصبح مسرحا لطرفين كبيرين في الشرق الأوسط غير راغبين في الالتزام بالمواجهة المباشرة، ولكنهما حريصان على استنزاف الطرف الآخر من خلال الوكلاء.

 

ويرى أن الانسحاب شبه الكامل للتحالف الذي تقوده السعودية من اليمن بين عامي 2019 و2021، والانفراج الدبلوماسي بين المملكة العربية السعودية وإيران، بوساطة الصين العام الماضي، قد أدى إلى تحول كبير في التوازن الإقليمي. لطالما كانت المملكة العربية السعودية محورية للوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، وقد حدد تنافسها مع إيران الكثير من سياسات المنطقة. ومع ذلك، يشير التطبيع الدبلوماسي الأخير بين الرياض وطهران إلى أن القوتين بدأتا في إدراك حدود علاقتهما العدائية. ويبدو أنهما الآن يستكشفان مستقبلًا بديلًا قائمًا على التعاون بدلاً من الصراع.

 

وقال "بعد التراجع عن اليمن، والانخراط بشكل مثمر في التوسط في السلام مع إيران، تشير المملكة العربية السعودية إلى أنها لم تعد تنظر إلى طهران باعتبارها تهديدًا مباشرًا لحدودها الجنوبية. وعلاوة على ذلك، يشير انخفاض دعم إيران للحوثيين إلى أن طهران مستعدة لتخفيف موقفها العدواني في مقابل استقرار إقليمي أكبر".

 

وطبقا للمعهد الأسترالي للشؤون الدولية فإنه لا يمكن التقليل من أهمية دور الصين كوسيط في الانفراج السعودي الإيراني. فهناك شراكة اقتصادية وسياسية مهمة ناشئة بين الرياض وبكين، ويتجلى ذلك في استعدادهما المشترك لاستخدام اليوان في معاملات النفط، والمستوى العالي من التنسيق السياسي والبنية الأساسية عبر مبادرة الحزام والطريق الصينية، ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، والدور المركزي الذي تلعبه بكين في تخفيف حدة العداء بين طهران والرياض.

 

وذكر أت النفوذ المتزايد لقوة خارجية، مثل الصين، يوضح استعداد السعودية لتنويع تحالفاتها والحد من اعتمادها على واشنطن. وفي حين لا يمكن القول إن تحالف المملكة العربية السعودية المتزايد مع طموح بكين الإقليمي يقضي بمفرده على النفوذ الأمريكي، فإنه يشير إلى إعادة التوازن للسياسة الخارجية السعودية لصالح نهج أكثر تعددية الأقطاب.

 

"ومن المهم في هذا الادعاء أن السعودية أمضت جزءًا كبيرًا من السنوات الثلاث الماضية في الإشارة إلى نيتها إعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية على مصالح واشنطن". وفق التحليل.

 

ورجح المعهد الأسترالي للشؤون الدولية أن يؤدي تعزيز التعاون بين السعودية وإيران إلى الحد من نفوذ الولايات المتحدة في أطر الاستقرار الإقليمي في المستقبل. وهنا، يعكس تكثيف الخطاب السعودي تجاه إسرائيل حركة متطورة بعيداً عن مصادر الأمن الغربية.

 

وفي تصريح صدر مؤخرا، أوضح وزير الخارجية فيصل بن فرحان أن المملكة العربية السعودية "ستعمل بلا كلل من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية". كما أعلن فيصل أن المملكة العربية السعودية لن تتعامل دبلوماسيا مع إسرائيل دون دولة فلسطينية مستقلة، على الرغم من أن الولايات المتحدة نصحت الرياض سرا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

 

ووفق التحليل فإنه إذا استمرت المملكة في الاستفادة من نفوذها لتعزيز الدولة الفلسطينية، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير الديناميكيات الإقليمية بطريقة تجعل إسرائيل تشعر بالضغط لتقديم تنازلات أكثر انسجاما مع الصورة العربية للمنطقة، مما يقوض المبادرات الدبلوماسية الأمريكية للتوسط في الاستقرار.

 

وحسب المعهد "من شأن هذا التطور أن يعقد قدرة الولايات المتحدة على إدارة العلاقات المتزامنة مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ويقلل من قدرتها على تحقيق المصالح الاستراتيجية في المنطقة".

 

باختصار، يقول المعهد الأسترالي للشؤون الدولية إن المشهد المتطور في الشرق الأوسط يعكس إعادة توجيه استراتيجي مدفوع بإعادة معايرة السعودية لتحالفاتها وأولوياتها، مما يشير إلى تحول عميق في ديناميكيات القوة الإقليمية.

 

وأكد أيضا أن التقارب بين الرياض وطهران يثبت أن الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط حريصة بشكل متزايد على شق مسارات مستقلة عن النفوذ الأميركي، الأمر الذي قد يبشر بعصر من الدبلوماسية الأكثر استقلالية ومتعددة الأقطاب في المنطقة.

 

وبالنسبة للولايات المتحدة -حسب التحليل- فإن هذا التحول يتحدى دورها الطويل الأمد باعتبارها الضامن الأمني ​​الأساسي في المنطقة ويعقد عملها المتوازن بين الالتزامات تجاه إسرائيل ومصالح الطاقة ونفوذها على الدول العربية.

 

وخلص المعهد الأسترالي للشؤون الدولية إلى القول "مع استكشاف السعودية وإيران لأرضية مشتركة، فقد تشهد المنطقة تركيزا متجددا على الوحدة العربية التعاونية التي تذكرنا بالمثل العليا العربية، الأمر الذي قد يغير النفوذ الأميركي ويعيد تشكيل ديناميكيات السياسة في الشرق الأوسط".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: السعودية ايران الصين أمريكا اسرائيل المملکة العربیة السعودیة الولایات المتحدة السعودیة وإیران فی الشرق الأوسط الریاض وطهران بین الریاض یشیر إلى

إقرأ أيضاً:

السعودية تتصدر الشرق الأوسط في تصنيف جديد للأمم المتحدة

السعودية – حققت المملكة العربية السعودية المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق مؤشر البنية التحتية للجودة في التنمية المستدامة «QI4SD» لعام 2024.

واحتلت المملكة المرتبة الـ20 على المستوى العالمي، لتقفز 25 مرتبة بالمقارنة مع المؤشر الذي صدر في 2022، والذي يصدر كل عامين عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «UNIDO».

وقال محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد بن عثمان القصبي إنّ نتائج المؤشر تعكس الجهود الوطنية التي تقوم بها المواصفات السعودية بالشراكة مع المركز السعودي للاعتماد، والجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص.

وأضاف أن هذه النتائج تأتي نتيجة الدعم غير المحدود الذي تحظى به منظومة الجودة من القيادة الرشيدة لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، وتعزز من مكانة المملكة عالمياً وتسهم في بناء اقتصاد مزدهر وأكثر تنافسية.

وأشاد محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بتطور منظومة الجودة في المملكة، ودورها في تحسين جودة الحياة، والنمو الاقتصادي، ورفع كفاءة الأداء وتسهيل ممارسة الأعمال، مما أسهم في تقدم المملكة في المؤشرات الدولية.

ويأتي تصنيف المملكة ضمن أفضل 20 دولة حول العالم ليؤكد التزامها بتطوير منظومة البنية التحتية للجودة، والارتقاء بتشريعاتها وتنظيماتها، حيث تشمل عناصر البنية التحتية للجودة التي يتم قياسها في هذا المؤشر: المواصفات، القياس والمعايرة، الاعتماد، تقويم المطابقة والسياسات الوطنية.

المصدر: عكاظ

مقالات مشابهة

  • من السعودية للجزائر.. درجات حرارة العالم العربي ستشتعل قبل نهاية القرن
  • المملكة العربية السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  • جامعة الملك عبدالعزيز تحقق جائزة أفضل مشروع تخرج معماري في الشرق الأوسط لعام 2024
  • من هو العلامة السعودي الذي وثّق جغرافية الجزيرة العربية؟
  • السعودية تتصدر الشرق الأوسط في تصنيف جديد للأمم المتحدة
  • مصادرتوضح لـCNN سبب زيارة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط إلى السعودية
  • السعودية أهم سوق واعد لاستثمارات صناديق الدين الخاص في الشرق الأوسط
  • المملكة تستضيف المعرض الدوائي العالمي “CPHI الشرق الأوسط”
  • معهد إسرائيلي: الحوثيون لم يعودوا رعاة الماعز الذين يمضغون القات.. بل أصبحوا جيشاً مسلحاً خطيراً بقوام 800 ألف مقاتل (ترجمة خاصة)