قطاع كهرباء الأقصر يُكثف لجان ضبط المتورطين في سرقات التيار الكهربائي
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
كثّف قطاع كهرباء الأقصر عمل لجان ضبط سارقى التيار الكهرباء، وتمكنت الحملات التي قادها وتابعها واشترك فيها المهندس ناجح رمضان، رئيس قطاع كهرباء الأقصر، ووائل سحلي رئيس القطاع التجاري، وخالد بكري، المدير المالي، وصلاح السمان المدير التجاري، وأحمد العادلي المدير الإداري، و عوض مصطفي، مدير إدارة الشئون الفنية من ضبط عدد من حالات السرقة، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
وجاءت الحملات المكثفة لقطاع كهرباء الأقصر، ضد المخالفين و سارقي التيار الكهربائي، في إطار توجيهات القيادة السياسية بالحفاظ على مقدرات قطاع الكهرباء، والحد من الفاقد، وضبط المخالفين وفرض سيادة القانون على الجميع"
وكان مجلس الوزراء، قد وافق مجلس الوزراء في اجتماعه برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي على عدة قرارات، بينها مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر بالقانون رقم 87 لسنة 2015، وذلك بهدف تغليظ العقوبات المُقررة بشأن الجرائم الخاصة بالاستيلاء على التيار الكهربائي، واستيفاء حقوق الدولة.
وشمل التعديل المادة 70 بحيث يكون نصها الجديد: أن يُعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كُل من قام أثناء تأدية أعمال وظيفته في مجال أنشطة الكهرباء أو بسببها بارتكاب أفعال تشمل: توصيل الكهرباء لأي من الأفراد أو الجهات بالمُخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات المُنفذة له، أو عَلِمَ بارتكاب أي مخالفة لتوصيل الكهرباء ولم يُبادر بإبلاغ السلطة المختصة، وتقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه في هذه الحالة، بالإضافة إلى الامتناع عمدًا عن تقديم أي من الخدمات المُرخص بها دون عُذر أو سَنَد من القانون، على أن تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العودة.
كما شمل التعديل المادة 71 ليكون نصها الجديد: أن يُعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كُل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.أما إذا ترتب على هذه الجريمة انقطاع التيار الكهربائي فتكون العقوبة السجن.
وتكون العقوبة الحبس مُدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة المُشار إليها بالفقرة السابقة عن طريق التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو المهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء وفقاً للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العودة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزارة الكهرباء سرقة الكهرباء التیار الکهربائی لا تقل عن
إقرأ أيضاً:
في مناقب الباقر العفيف (3 – 3)
الباقر السياسي المُبصر
ممَّا يميز الراحل الكبير، الباقر العفيف، أنه أمضى الثلاثين عامًا ونيف الأخيرة من حياته العامرة المنتجة مقسِّمًا جهده الضخم على صعيدين. الصعيد الأول هو صعيد النشاط السياسي الحزبي والعمل في منظمات المجتمع المدني. أما الصعيد الثاني فهو الإنتاج الفكري الذي أظهر فيه، على قلته، ملكة رفيعة في التفكير النقدي. وسآتي إلى إيضاح ذلك لاحقًا. أما على صعيد العمل السياسي، كما ذكرت في المقالة السابقة، فقد انخرط الباقر في "حركة حق"، التي عمل فيها لفترة قاربت العقدين من الزمان. لكن، ما لبث أن تركها نتيجةً لما وجد فيها من تدافعاتٍ مرهقةٍ غير منتجة. من ذلك المنعطف وجَّه الباقر جهده نحو العمل في منظمات المجتمع المدني عبر مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية، الذي أنشأه في الخرطوم في عام 2007. وقد حدث ذلك عقب اتفاقية نيفاشا التي أدت إلى شيءٍ من ارتخاء القبضة الخانقة لنظام الإنقاذ على المجال العام.
قبل رحيله بحوالي شهرٍ ونصفٍ تقريبًا، وهو في سرير المرض بالمستشفى في مدينة فيلادلفيا، بعث إليَّ بمسودة لورقةٍ مكوَّنةٍ من حوالي 18 صفحة، حملت عنوان "لجان المقاومة في السودان: النشوء وتحديات الارتقاء". وطلب مني أن أقوم بكتابة مقدمة لها، وأن في نيته إرسالها إلى الأستاذ شمس الدين ضو البيت ليقوم بنشرها ضمن سلسلته المعروفة "قراءة من أجل التغيير"، التي حملت إلى القراء الكثير من المساهمات السودانية الفكرية المهمة. وقد أدهشني وأثار إعجابي حين استملت منه الورقة، حرصه الشديد على أن يكون مُسهمًا فاعلاً، حتى وهو في أكثر حالات اعتلال الصحة وبُرَحاءِ الألم شدَّةً مما يمكن أن يمر به إنسان. لم يترك الباقر بعزيمته الصلبة فرصةً للمرض لكي يعقده عن الإسهام في العمل العام، حتى آخر ثلاثة أسابيع من حياته العامرة المثمرة. لقد امتثل الباقر، وطبَّق حرفيًّا أدب معيشة اللحظة الحاضرة التي رسمها الحديث الشريف القائل: "لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها". كتبت له المقدمة وأرسلتها إليه في أول يناير 2025، فعبَّر لي عن سروره الشديد بها. بعد ثلاث أسابيع من استلام المقدمة، رحل إلى ما أسماه هو "العالم الأسنى"، نائلاً هدأةَ "ضجعةِ القُراب"، التي تشهَّاها صلاح أحمد إبراهيم، وهو يرثي صديقه ورفيق دربه على المك.
سيرة لجان المقاومة
في هذه الورقة حكى الباقر إسهامه في تكوين لجان المقاومة. وأحب أن أنقل عنه هذه الفقرة: "كانت السنوات التي أعقبت مجزرة سبتمبر 2013 مرحلة تأمل ومراجعة لما مضى من تكتيكات المقاومة، وكانت أيضًا مرحلة كمونٍ وانكماشٍ، استعدادًا للوثبة القادمة. إنها أيضًا مرحلة تغيير التكتيكات والانسحاب من المركز للأحياء. حيث جرى تكوين مجموعاتٍ صغيرةٍ من النشطاء تسمَّت باسم لجان الأحياء. كنا نوفِّر لها المواد التي تستخدم في كتابة الشعارات على الجدران وبعض الدعم المالي. صارت لجان الأحياء تنمو في الفترة ما بين نهاية 2013 ونهاية 2016. وفي العام 2016 كنتُ ضمن مجموعة من النشطاء قرَّروا تكوين مجموعات شبابية في الخرطوم ومدني تحت مسمى "لجان المقاومة السودانية، وكانت ذات هيكل هرميٍّ، لها أمانةٌ عامةٌ ومكاتب. وقد شهد هذا العام، والعام الذي تلاه، 2017، انتشار اسم "لجان المقاومة" ورسوخه، وظهر شعار "خُشْ اللجنة وخشِّي اللجنة". أصبحت اللجان ظاهرةً انتشرت انتشار النار في الهشيم، mushroomed في جميع الأحياء والقرى والدساكر. وعندما بدأت المظاهرات في نهاية 2018، خرجت اللجان من تحت الأرض إلى السطح عملاقًا مكتمل النمو". وقد نعى الباقر في هذه الورقة على الأحزاب اختراقها اللجان ومحاولة تجيير انجزاتها الباهرة للصالح الحزبي، الأمر الذي أدى إلى شرذمتها. يرى الباقر أن أحد أهم شروط نجاح اللجان هو تنظيمها الأفقي المناهض للهيكلة الرأسية التي تقوم عليها الأحزاب. وهو، في نظره، ما خفَّف أو أزال سببًا رئيسيًا من أسباب الصراع، وهو الصراع على القيادة. لكن، تدخَّلت الأحزاب وحدث التشرذم الذي عبر الباقر عن نتائجه بقوله: "وهكذا انتهينا إلى أن صار لكل حزبٍ لِجانُه، وبما أنه "ما في حد أحسن من حد"، فحتى "جماعة الموز" الموالية للعسكر، ومعهم الكيزان والبرهان، صارت لهم لجان مقاومتهم الخاصة بهم". وأحثُّ المهتمين على الاطلاع على هذه الورقة، عقب صدورها. فهي ورقةٌ مستندةٌ على تجارب تغييرٍ مماثلة.
الباقر المفكر
تميَّز الباقر العفيف على صعيد الإنجاز الفكري بطرقه قضيةً بالغة الأهمية، لم تجد ما يكفي من الطرق النقدي الشجاع، وهي قضية الهوية. أذكر أنني زرته عندما أتي إلى واشنطن باحثًا زائرًا في معهد السلام الأمريكي. لم أكن قبل زيارتي له تلك منشغلاً كثيرًا بالالتباس الذي يكتنف تأصيلنا العرقي، نحن أهل الوسط والشمال النيلي، لأنفسنا. أثار الباقر معي الزعم الشائع القائل: إننا، نحن السودانيين، نتاجٌ لزواج أبٍ عربيٍّ بإمرأةٍ نوبيةٍ أو زنجيةٍ. وأبان لي، من وجوهٍ عديدةٍ، ما يكتنف هذا التصُّور من عوار. ولا غرابة، فقد أحدثت ورقته الشهيرة، الموسومة: "متاهة قومٍ سودٍ ذوو ثقافة بيضاء"، أصداءً مُجلجِلةً في أوساط المثقفين السودانيين. وأحب أن أقول إنني مدينٌ له بلفت نظري إلى عوار تجذيرنا لأصولنا العرقية خارج تربة بلادنا، ما جعلنا أقرب ما نكون إلى الغرباء الوافدين عليها. فنحن، أهل الشمال والوسط النيلي، جميعنا أو أكثريتنا، نُرْجِع أصلنا العرقي إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى بيت العباس بن عبد المطلب. لقد لفت الباقر نظري لإشكالية هذا التصور العمومي غير المُفَكَّر فيه، وغير المُقارب نقديًّا بالقدر المطلوب. كما لفت نظري إلى السلوك التعويضي الذي نمارسه حين نحتك بالعرب، بسبب ملاحظتنا أن ألواننا وسحننا التي لا تشبه ألوان وسحن بقية العرب.
الأصيل والدخيل
أكثر ما أثار اهتمامي في طروحات الباقر العفيف الفكرية ما قام به من تشخيصٍ للأصيل والدخيل في ثقافتنا، وخاصة غلبة المفاهيم الفقهية الوافدة التي تناقض الكثير من خصائص ثقافتنا، وطغيانها على المفاهيم الصوفية التي حين وفدت لم تتناقض مع روحانيتنا الكوشية القديمة. فغلبة الدخيل على الأصيل في ثقافتنا هي التي تقف وراء كل مشاكلنا المزمنة التي أوصلتنا إلى هذه الحرب المأساوية الطاحنة. ومن المهم القول هنا، إن مهمة البحث العلمي لا تقتصر على إيجاد الأجوبة أو الحلول، وإنما تشمل، أيضًا، طرح الأجندة البحثيةِ الجديرةِ ببذل الجهد فيها. وهذا في تقديري ما قام به الباقر العفيف وهي يلمس إشكاليتين جوهريتين مرتبطتين ببعضهما، وهما إشكالية الهوية، وغربتنا الطويلة عن حقيقة ذواتنا، وإدارتنا ظهورنا لجذرنا الحضاري. وبالتالي، إعلائنا الثقافة الفقهية الدخيلة على الثقافة الصوفية الأصيلة، التي امتزجت في انسجام مع إرثنا الروحاني الكوشي ولم تتناقض معه. فما نبع في ميراثنا الفكر السوداني، من الأصيل، وحمل نبض العصر، هو، من وجهة نظري، مشروع الأستاذ محمود محمد طه. وما حمل غثاء سيل الدخيل لهو مشروع ما تسمى الحركة الإسلامية السودانية، الذي أحال البلاد إلى محرقة تذرو الرياحُ هشيمَها ورمادها الناتجين من محرقةِ بُناها المادية والمعنوية.
حمل الباقر العفيف في جيناته الموروثة روحانية كوش القديمة، ومن ذلك: سلامة القلب ونقاء الطَّويَّة وحب الخير للناس، وهي صفاتٌ عُرف به الكوشيون. هذا الميراث الثري هو ما أهَّله ليصبح ثمرةً من الثمار اليانعة لعرفان الأستاذ محمود محمد طه ولنهجه التسليكي في التربية. فالباقر العفيف شخصٌ أحبَّه كل من عرفه وتعامل معه. أما القلة القليلة التي عادته، بل وكادت له هنا وهناك، فقد قابلها بالعفو والصفح الجميل، وبالتفهم: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". على الباقر العفيف، وعواطف عبد القادر، وسيف محمد الفكي، الثلاثي الجمهوري، الراقدة أضرحتهم بين مزارع ولاية ميرلاند، مع قلة قليلةٍ من راحلي المسلمين في الغربة، فيوض الغيب النورانية. هؤلاء شهداءُ حقٍّ وشهداءُ غربة: "في زمنِ الغربةِ والارتحالْ، تأخذُني منك وتعدو الظلالْ. وأنت عِشقي، حيث لا عشقَ يا سودانُ إلا النسورَ الجبالْ". (انتهى)