باحث هندي يستكشف التجربة الشعرية النسائية في الخليج والعالم العربي
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
(عمان) أثارت الأوساط الثقافية والأدبية اهتماماً واسعاً بمسيرة الشعر النسائي العربي بعد صدور مجموعة من الكتب الهامة التي ألّفها الباحث الهندي الدكتور محمد صلاح الدين الأيوبي، عميد كلية السعدية للدراسات العربية والإسلامية في كيرلا التابعة لجامعة السعدية العربية في ولاية كيرالا الهندية. وقد تناولت هذه الكتب تطور شعر المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي، مما شكّل إضافة نوعية إلى الأدب العربي وساهم في تعزيز الروابط الثقافية بين العالمين العربي والهندي.
يقدّم الدكتور محمد صلاح الدين في كتابه الأول "تطور شعر المرأة العربية في دول مجلس التعاون الخليجي" تحليلاً شاملاً لمسيرة الشعر النسائي في الخليج العربي، مُبرزاً تطوره وخصوصياته الثقافية، بالإضافة إلى ما يميز هذه التجربة الشعرية من لغة وأسلوب يعبران عن تجربة المرأة الخليجية وتطلعاتها. ويعد هذا الكتاب من الدراسات المهمة التي تسلط الضوء على إسهامات المرأة الخليجية في مجال الشعر، حيث يتناول الأيوبي بشكل مفصّل تطور تجربة المرأة الخليجية في الشعر، من الأساليب التقليدية وصولاً إلى المدارس الحديثة التي تبنّتها بعض الشاعرات المعاصرات. وقد حرص الدكتور الأيوبي على استعراض التنوع اللغوي والأسلوبي الذي يطبع شعر هؤلاء الشاعرات، حيث نجد قصائد تميل إلى الطابع التقليدي وأخرى تتجه نحو التجديد والتجريب، مما يعكس التحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها منطقة الخليج في العقود الأخيرة.
من خلال التحليل النقدي للقصائد المختارة من أعمال الشاعرات الخليجيات، يتناول الأيوبي جوانب متعلقة بالهوية الخليجية، وكيف تنعكس هذه الهوية في الشعر النسائي، بالإضافة إلى قضايا المرأة والتحديات الاجتماعية التي تواجهها وتطلعاتها المستقبلية. يسعى الكتاب إلى استكشاف دور المرأة الخليجية في تعزيز التجديد الشعري والابتكار الأدبي، مشيراً إلى كيفية تمكن المرأة من التعبير عن مشاعرها وأحلامها بأساليب شعرية فريدة، تجمع بين أصالة التراث وحيوية التجربة الفردية.
ويقدّم الكتاب أيضاً نبذة عن حياة بعض الشاعرات الرائدات في الخليج وأعمالهن الأدبية، حيث يتناول سيرهن الذاتية ويعرض نماذج من قصائدهن، مما يمنح القارئ فرصة للتعرف على العالم الداخلي لهذه الشاعرات والتجارب التي ألهمتهن في صياغة أشعارهن. وهو بذلك يقدم صورة حية للقصائد التي شكلت جزءاً من تجربة الشعر النسائي في الخليج ويحتفي بتلك الأسماء التي ساهمت في إثراء هذا المجال.
أما في "موجز تاريخ شعر المرأة العربية عبر العصور"، فيقدم الأيوبي استعراضاً تاريخياً لمسار شعر المرأة منذ العصور الأولى للأدب العربي، حيث يوثق مراحل تطور هذا الأدب وملامحه عبر العصور المختلفة، ليبرز بصمات النساء الشاعرات في فترات زمنية متنوعة، مع توضيح الدور الكبير الذي لعبته المرأة في تشكيل الأدب العربي بشكل عام.
وفي كتابه "شاعرات من العالم العربي، الجزء الأول"، يسلط الباحث الضوء على إبداعات مجموعة من الشاعرات العربيات من مختلف الدول العربية. يركز الكتاب على تحليل أعمالهن الشعرية، ويستعرض الموضوعات التي يعالجنها مثل الهوية، الحرية، والتحديات الاجتماعية والسياسية، بالإضافة إلى مناقشة الأساليب الفنية والتقنيات الشعرية التي استخدمتها الشاعرات للتعبير عن قضاياهن الشخصية والجماعية. يعد هذا الكتاب إضافة مهمة لفهم دور المرأة في الأدب العربي المعاصر، حيث يقدم قراءة نقدية تبرز تنوع أساليب الكتابة والتعبير عن قضايا المرأة في الشعر العربي.
كما خصص الدكتور محمد صلاح الدين كتابه "أصداء الوجدان: قراءات في شعر الشاعرات الخليجيات" لدراسة نقدية معمقة لشعر ثلاث شاعرات خليجيات هن بدرية البدري من سلطنة عمان، وسعاد الصباح من الكويت، وسعاد الكواري من قطر. يتناول الكتاب الإبداع الشعري لهذه الشاعرات وتحليل أساليبهن في التعبير عن قضايا الهوية، والمرأة، والواقع الاجتماعي في الخليج، ويعرض كيف تجسد أعمالهن التحديات المجتمعية والسياسية في المنطقة. كما يعكس الكتاب الأسلوب الفريد الذي تتميز به هذه الشاعرات في مشهد الأدب العربي المعاصر، حيث تسهم أعمالهن في تشكيل واقع الأدب الخليجي المعاصر.
أما في "شاعرات معاصرات من الخليج العربي"، فيقدم الدكتور الأيوبي دراسة نقدية تسلط الضوء على إسهامات الشاعرات الخليجيات في الأدب العربي المعاصر. يتناول الكتاب سير وأعمال مجموعة من الشاعرات البارزات في دول الخليج، مع التركيز على تجاربهن الشعرية وتطور أساليبهن في التعبير عن همومهن الذاتية والجماعية. يناقش الكتاب كيف تناولت هذه الشاعرات قضايا الهوية، والتراث، والحقوق الاجتماعية والنسوية، بالإضافة إلى التغيرات الاجتماعية والسياسية في منطقة الخليج. كما يحلل الكتاب دور الشعر كأداة للتمرد على القيود الثقافية والبحث عن طرق جديدة للتعبير عن واقع المرأة الخليجية في ظل التحديات المعاصرة. ويعد هذا الكتاب إضافة هامة في الأدب النقدي المعاصر، حيث يسلط الضوء على التجارب الشعرية التي تمثل جزءاً أساسياً من مشهد الأدب الخليجي المتطور.
يُعدّ الدكتور محمد صلاح الدين الأيوبي من الباحثين البارزين الذين نجحوا في تسليط الضوء على جانب مهم من الأدب العربي المعاصر، حيث استطاع من خلال هذه الكتب المساهمة في تعزيز التواصل الثقافي بين الهند والعالم العربي، إضافة إلى إثراء الدراسات الأدبية حول شعر المرأة العربية. وقد قدم عبر أعماله هذه رؤية نقدية معمقة لمجموعة من الإبداعات الشعرية النسائية التي تعكس التحولات الاجتماعية والثقافية في العالم العربي، مما يعزز الوعي بدور المرأة في تطور الأدب العربي ويشجع على مزيد من الاهتمام بشعر المرأة في المنطقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدکتور محمد صلاح الدین الأدب العربی المعاصر المرأة الخلیجیة فی بالإضافة إلى شعر المرأة المرأة فی الضوء على فی الخلیج إضافة إلى
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يحتفي بالمستعرب الإسباني "بيدرو مارتينث مونتابيث"
شهدت قاعة "الصالون الثقافي" ضمن محور تأثيرات مصرية ندوة حول المستعرب "بيدرو مارتينث مونتابيث" بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56.
وقالت الإعلامية منى الدالي في بداية الندوة، إن "مونتابيث" أحد أهم المستعربين والمترجمين العاشقين للثقافة العربية، ولد عام 1933 في غرناطه وتوفى 2023، وله بصمات واضحة في الثقافة العربية، وأنشأ جسرا للتواصل بين الثقافتين الإسبانية والعربية وله دور أكاديمي بارز وتفاعلات كثيرة مع العلماء والأدباء العرب.
من جانبه قال الدكتور خالد سالم، أستاذ الأدب الإسباني بأكاديمية الفنون، إن القدر لعب دورا كبيرا مع "مونتابيث" ليتحول إلى مستعرب ومترجم، ولد في قرية كبيرة "بغرناطة" وانتقل إلى القاهرة عام 1959، وعمل مديرا للمركز الثقافي الإسباني وعميدا لكلية الألسن قسم اللغة الإسبانية جامعة عين شمس فامتزج بالثقافة المصرية وعشقها وتعرف على المجتمع الأدبي والثقافي المصري، والكتاب المصريين وكان أول من أجرى حوارا باللغة الإسبانية مع الكاتب نجيب محفوظ عام 1960، وقال عنه الشاعر نزار قباني إنه " نقل الدراسات العربية من الأدب العربي إلى الأدب الحديث".
وتابع سالم: عاد "مونتابيث" إلى مدريد 1963 حاملا معه حبه للغة العربية ومصر ومعارف كثيرة بدأ ترجمتها للإسبانية وأنشأ قسما للغة العربية في جامعة جديدة في مدريد حينها.
وأضاف: أخرج "بيدرو" من عباءته العديد من المستعربين الإسبان الذين مشوا على دربه.
في بداية مداخلتها شكرت الدكتورة كارمن رويث، أستاذ الأدب العربي بمدريد، إدارة المعرض والحضور على إقامة تلك الندوة التي تحتفي بشخصية أثرت كثيرا في حياتنا، ووصفته بالشخصية المثالية والعصرية في ذاك الوقت.
وتابعت كان "بيدرو" مستمصرا وليس مستعربا أحب مصر وعشقها وأود أن أوضح مفهومين مهمين لكم وهما المستعرب والمستشرق، أما الأولى فهي الاهتمام بالثقافة العربية والعالم العربي خاصة، والأخرى هي الاهتمام بكل ما هو شرقي ونحن مستعربون ولسنا مستشرقين.
وأكدت أنه آمن بفكرة الوحدة ما بين العرب كلهم وعندما شعر ببعدها سياسيا التمس تنفيذها في مجال الفن والأدب.
واستطردت: كان ضد الاستعمار ويحث على احترام الشعوب بعضها لبعض، ورغم كل تلك المعارف التي ترجمها من كتب سياسية وأدبية إلا أنه قال إن أقرب مجال لقلبه هو الشعر المعاصر.
ومن جانبه، قال الدكتور أنطونيو بيدرو، أستاذ التاريخ المعاصر بمدريد، إنه يشكر إدارة المعرض والقائمين على الندوة للاحتفاء بوالده بالرغم كونه ولد في القاهرة فإنه لا يتحدث العربية، ولكنه يعشق مصر عشقا كبيرا أما بالنسبة لوالدي فتأثرت شخصيته كثيرا بوجوده بها تلك الفترة التي عمقت شعوره الإنساني، وأكد أنه لفهم شخصيته يجب علينا فهم تلك التأثيرات والإلمام بها.
وأوضح "بيدرو" أنه لا يمكن قياس ما قدمه والده عن الدراسات العربية ولكنه يمكن أن يقول إن العالم العربي عامة ومصر خاصة ظلت داخله حتى أخر يوم من عمره.
قال الدكتور محمد أحمد مرسي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إنه من الصعب جدا التحدث عن شخصية المستعرب "بيدرو مارتينث مونتابيث" دون التطرق إلى الجانب الإنساني منه، خاصة التأثيرات المصرية عليه.
وتابع مرسي: عندما جاء "بيدرو" إلى هنا لمس مصر المعتدلة المتقبلة للآخر، والتي تمتليء بالآداب والفنون، وظل يركز على البنية العقلية للجمع المصري ويدرسها وآمن بفكرة أنه إذا صلحت مصر صلح العالم العربي كله ولذلك اهتم بترجمة الأعمال الأدبية المصرية المعاصرة مثل أعمال طه حسين ونجيب محفوظ وعند عودته لمدريد غير الكثير من الصورة النمطية المأخوذة عن المجتمع العربي وخلق عالما أكثر تناغما.
وفي الكلمة الختامية، قال زياد طه المسؤول الإعلامي للسفارة الإسبانية بالقاهرة، إن المستعرب "بيدرو مارتينث مونتابيث" كان مهتما بشكل خاص بالقضايا العربية خاصة القضية الفلسطينية وحارب كثيرا الصور المغلوطة عن المجتمع العربي.