تحدي "تشارلي تشارلي" هي لعبة عرافة يتم فيها العثور على إجابة مفترضة للأسئلة بنعم أو لا بانتظار قلم رصاص متوازن على قلم رصاص آخر للإشارة إلى كلمة "نعم" أو "لا" المكتوبة على ورقة.

انتشرت هذه اللعبة في 2015 عبر وسم "تحدي تشارلي" على العديد من منصات وسائل التواصل، وهي عبارة عن تجسيد حديث للعبة إسبانية قديمة سميت "لعبة القلم".

ورغم أن الكثير من ممارسي اللعبة يمارسونها على أساس الاستمتاع واللعب فقط، فإن بعضهم يظن أن هناك شياطين تحل في أقلام الرصاص للإجابة على أسئلة الناس.

وهي في ذلك تشبه لعبة أخرى تنتشر بين المراهقين بالأساس منذ سنوات طويلة وهي ويجا التي لها تاريخ بعيد، فأقدم الألواح المشابه لويجا يرجع إلى عام 1200 ق.م في الصين، وتم العثور على كلمة "ويجا" مكتوبة بالطريقة الصينية تعود للعام 1100 بعد الميلاد، في وثائق تاريخية تعود لعهد أسرة سونغ. كلتا اللعبتين وجدت طريقها للعالم العربي خلال عقدين مضيا، بل إن أحد الأفلام العربية سمي باسم اللعبة الأخيرة "ويجا".

والواقع أن ألعاب العرافة لا تقف أبدا عن الظهور، وكلما هدأ الإقبال على واحدة منها نما القبول عند واحدة أخرى تنتشر بين الشباب صغار السن بشكل خاص، ويعتقد بعضهم أنها بالفعل تمثل تواصلا مع "عالم الأرواح".

تحدي تشارلي الذي انتشر عبر الإنترنت قبل سنوات (شترستوك) تفنيد ألعاب العرافة

وهناك دائما جانبان لتفنيد الخرافات الخاصة بهذه الألعاب، الأول يتعلق بالفيزياء، حيث أن قوانين الاتزان بين جسمين دقيقة جدا وتتطلب استقرارا شديدا بين الجسمين، مثلا أن تضع قالب طوب على قالب طوب في اتجاهين متعاكسين، في هذه الحالة فإن هناك مساحة مشتركة كبيرة بين قالبي الطوب، ولذلك لا تأمل أبدا أن يتحركا دون تدخل.

في حالة أقلام الرصاص، فإن الأقلام تكون عادة دائرية أو شبه دائرية، وبالتبعية فإن فرصة انهيار الاتزان أسهل بكثير، يعطي ذلك فرصة لأقل نسمة هواء قادمة من الخارج أو من الأنفاس الدقيقة للاعبين لتحريك القلم. الأمر نفسه يجري على لعبة ويجا فاللوحة مصممة لتكون ملساء لدرجة أن أقل حركة من الممكن أن تدفع بالقطعة الرئيسية للعبة.

لكن التفسير النفسي والعصبي لهاتين اللعبتين يفتح الباب لما هو أخطر، حيث يفسر علماء النفس والأعصاب هذه الألعاب بما يسمى "الظاهرة الفكرية الحركية"، وهو تأثير اللاوعي وثقه العلماء لأول مرة في عام 1852، ويقول إن هناك بعض الحركات غير الواعية اللا إرادية يؤديها الشخص بسبب التوقعات والاقتراحات أو الأفكار المسبقة.

على سبيل المثال، إذا فكر أحدهم في تقبيل طفله فإنه ينحني قليلا إلى الأمام دون إدراك الأمر. القوة نفسها تعمل مع ألواح الويجا وأقلام تشارلي: يفكر المشاركون في تحريك القطعة، لذلك يقومون بتحريكها بأنفسهم دون وعي. وفي حالة ويجا بشكل خاص فإن التخمين يلعب دورا، فبمجرد أن تبدأ في تهجئة كلمة ما، فإنك حتما تحاول التخمين، حتى لو لم تفعل ذلك بوعي.

وقد وجدت دراسة نشرت عام 2012 في مجلة "كارنت دايركشنز إن سايكولوجيكال ساينس" أن الناس غالبا ما يستخدمون "توقع الاستجابة" في مواقف معينة. بعبارة أخرى، من خلال توقع حدوث شيء ما، ستساعد أفكار وسلوكيات الشخص في تحقيق النتيجة المتوقعة (تخمين الكلمات).

ونشرت دراسة في عام 2018 في "فينومينولوجي آند كوجنيتف ساينس" تبحث في كيفية تنفيذ هذه التوقعات في جلسات ويجا. طلب الفريق البحثي من المشاركين ارتداء نظارات مزودة بكاميرات لتتبع حركة عيونهم، ثم طُلب من المشاركين تهجئة كلمة "بالتيمور"، توقعت حركة أعينهم بدقة مسار القطعة الرئيسية عبر اللوح عندما نظروا إلى الحرف قبل التحرك إليه.

طريقة إجراء الدراسة التي أجريت في عام 2018 (مارك أندرسون) الباحثون عن الذهب

ولكن الأمر أكبر من مجرد لعبة، "حيث يصل إلى عالم الأرواح"، مثلا يعلق بندول بين أصابع أحدهم أعلى ورقة مكتوب عليها "نعم" و"لا"، ثم تسأل الأرواح أسئلة، فتجد أن البندول تلقائيا يتحرك لنعم أم لا، يظن الناس أنها أرواح ولكنها ليست إلا حركات لا إرادية لا تدركها لأنك فقط فكّرت في الإجابة.

وينتقل الأمر إلى هوس البحث عن آبار الماء أو الذهب أو حتى علاج المرضى، حيث يحمل شخص قطعة خشب على شكل حرف Y أو قطع معدن ويسير حتى تتحرك القطعة فيقول لك: "هنا ذهب أو هنا ماء، كل هذا ينضم تحت تأثير الظاهرة الفكرية الحركية.

ويمكنك أن تختبر التجربة ذاتها بنفسك إذا علقت وزنا صغيرا في خيط، أمسك طرف الخيط بذراع واحد أمامك حتى يتدلى الوزن بحرية. حاول أن تمسك ذراعك بثبات تام، لكن رغم ذلك سيبدأ الوزن في التأرجح، هذا طبيعي، لكن الآن اسأل نفسك سؤالا -أي سؤال- وقل إن الوزن سيتأرجح في اتجاه عقارب الساعة للإجابة بـ "نعم" وعكس اتجاه عقارب الساعة لـ "لا"، ثم تأمل الأمر وفكر فيه قليلا، ورغم أنك تحاول عدم القيام بأي حركة، سيبدأ الوزن في التأرجح في دوائر تبعا للإجابة المتوقعة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

العقوبات الأمريكية على الإمارات: لعبة الشطرنج السياسي والدبلوماسي في السودان

كتب الدكتور عزيز سليمان – أستاذ السياسة والسياسات العامة

في عالم السياسة، حيث تتقاطع المصالح مع المبادئ، وتتلاقى الأخلاق مع البراغماتية، تبرز قضية العقوبات الأمريكية المحتملة على الإمارات العربية المتحدة كواحدة من أكثر الألغاز تعقيدًا في الشرق الأوسط وأفريقيا. فهل ستنجح الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس ترامب، في فرض قيود صارمة على دولة الإمارات بسبب دعمها لقوات الدعم السريع في السودان؟ أم أن أبو ظبي، بدهائها السياسي المعروف، ستجد طريقة للالتفاف على هذه العقوبات باستخدام حلفائها وعلاقاتها الدولية المتشعبة؟

الإمارات: بين المطرقة الأمريكية والسندان السوداني المُتعب

دولة الإمارات، التي تُعتبر واحدة من أكثر الدول نفوذًا في المنطقة، ليست غريبة عن فنون التحايل السياسي. ففي الوقت الذي تُهدد فيه واشنطن بفرض عقوبات على أي دولة تُقدم الدعم العسكري لقوات الدعم السريع في السودان، تبدو الإمارات وكأنها تلعب لعبة شطرنج دبلوماسية معقدة. فهل ستلجأ إلى استخدام الدول الصديقة كواجهة لتجنب العقوبات؟ وهل ستستخدم أموالها النفطية لدفع الرشاوى أو تقديم "هدايا دبلوماسية" لتليين المواقف الدولية؟

في عالم السياسة، حيث تُعتبر الرشاوى أحيانًا "تكاليف عمل"، قد تكون الإمارات قادرة على تجنب العقوبات الأمريكية، خاصة إذا ما استخدمت علاقاتها الوثيقة مع دول مثل الكيان والسعودية ومصر، أو حتى مع بعض الحلفاء الأوروبيين الذين يرون في أبو ظبي شريكًا استراتيجيًا لا يمكن الاستغناء عنه. ولكن السؤال الأكبر هنا: هل ستستمر الإمارات في مواصلة دعم قوات الدعم السريع، أم أنها ستُعيد حساباتها في ضوء الضغوط الأمريكية المتزايدة؟

السودان: بين المظلومية والدبلوماسية الذكية

أما السودان، الذي يُعتبر حلقة الوصل بين الشرق الأوسط وأفريقيا، فلديه دور محوري في هذه المعادلة. فبدلاً من الاكتفاء بدور الضحية، يمكن للسودان أن يلعب دورًا دبلوماسيًا أكثر فاعلية من خلال تشكيل فريق دبلوماسي محنك لإدارة هذا الصراع الدولي. هذا الفريق يمكنه تقديم شكاوى رسمية ضد رئيس دولة الإمارات في مجلس الأمن، بل ورفع دعاوى ضد دول مثل تشاد وجنوب السودان وأوغندا وكينيا وإثيوبيا، متهمًا إياها بالتواطؤ مع الإمارات ضد السودان.

هذه الخطوة، وإن كانت جريئة، قد تُعيد رسم خريطة التحالفات في المنطقة. فالسودان، بموقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية، يمكن أن يصبح لاعبًا رئيسيًا في المنطقة إذا ما استخدم أدواته الدبلوماسية بحكمة. فهل سيتمكن السودان من تحويل مظلوميته إلى قوة دبلوماسية تُحاسب الدول المتورطة في دعم قوات الدعم السريع؟

السياسية: بين الأخلاق والمصلحة

في خضم هذه الأحداث، تبرز قضية أخلاقية عميقة: هل يمكن للدول أن تبرر دعمها للجماعات المسلحة في دول أخرى تحت ذريعة المصالح الاستراتيجية؟ وهل يمكن للدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، أن تفرض عقوبات على دول أخرى بينما هي نفسها متورطة في صراعات مماثلة في مناطق أخرى من العالم؟

هذه الأسئلة تدفعنا إلى التفكير في طبيعة السياسة الدولية، حيث تُعتبر المصلحة هي القاعدة الذهبية، والأخلاق مجرد ترف فكري. ولكن في النهاية، فإن التاريخ يُذكرنا بأن الدول التي تعتمد على القوة العسكرية والرشاوى الدبلوماسية قد تُحقق انتصارات قصيرة الأمد، ولكنها نادرًا ما تُحقق سلامًا دائمًا.

الخاتمة: لعبة القوى الكبرى وصغارها

في النهاية، فإن قضية العقوبات الأمريكية على الإمارات ودور السودان في هذه المعادلة ليست مجرد صراع سياسي عابر، بل هي انعكاس لصراع أكبر بين القوى الكبرى والصغرى في عالم يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. فهل ستنجح الإمارات في الالتفاف على العقوبات الأمريكية؟ وهل سيتمكن السودان من تحويل مظلوميته إلى قوة دبلوماسية؟

الإجابة على هذه الأسئلة قد تُحدد مستقبل القرن الأفريقي والشرق الأوسط لعقود قادمة. ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن السياسة، مثل الشطرنج، هي لعبة لا تنتهي أبدًا
.

 

quincysjones@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • انقطاع الطريق الساحلية بين الحسيمة وتطوان متواصل و مسلك مؤقت يهدد الأرواح
  • هنا الزاهد تتحدث بعفوية عن واقعتها مع ماثيو ماكونهي .. فيديو
  • Dynasty Warriors: Origins.. تقييمات مرتفعة للعبة الأكشن الجديدة
  • العقوبات الأمريكية على الإمارات: لعبة الشطرنج السياسي والدبلوماسي في السودان
  • أيهما أفضل المنزل أم المكتب.. دراسة تتحدث عن الأضرار الصحية لأنواع العمل
  • بأساليب بينها لعبة بيئية.. منظمة تشيكية تدعم التعليم في إقليم كوردستان (صور)
  • «فرق كتير في حياتي».. مي فاروق تتحدث عن زوجها محمد العمروسي
  • باكستان.. ضرب امرأة حامل حتى الموت أثناء "طرد الأرواح الشريرة"
  • مصر تتحدث عن موعد تشغيل معبر رفح بعد تفعيل المراقبة الأوروبية
  • داليا مصطفى تتحدث عن طفولتها في "واحد من الناس"