«COP28».. الإمارات تحشد العالم للانتقال من مرحلة التعهدات المناخية إلى التنفيذ
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
يتطلع العالم بالكثير من الأمل والتفاؤل إلى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، وذلك لإحراز تقدم ملموس بشأن العمل المناخي العالمي، وإعطاء دفعة كبيرة للجهود الدولية الساعية إلى تنفيذ التعهدات والالتزامات الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية.
وتحت شعار "نتحد، ونعمل، وننجز"؛ تتطلع دولة الإمارات عبر "COP28" إلى التعاون مع جميع دول العالم وكافة الأطراف المعنية لتحقيق نتائج ومخرجات متوازنة وطموحة وشاملة للجميع لتكون إرثًا يمنح الأمل للأجيال القادمة، وبهدف التوصل إلى حلول تحقق هدف الدولة في جعل المؤتمر قمة للتنفيذ، وليس للتعهدات فحسب.
كما تسعى رئاسة دولة الإمارات للمؤتمر إلى استعادة الزخم اللازم لتحقيق التقدم في العمل المناخي، والوصول إلى إجماع عالمي، وتقديم خريطة طريق لتحقيق تحول جذري في نهج العمل المناخي في المستقبل والوصول إلى مخرجات حاسمة عبر ركائز خطة عمل المؤتمر وهي: تسريع تحقيق انتقال منظم وعادل ومسؤول في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، والتركيز على جهود التكيف لتحسين الحياة وسُبل العيش، واحتواء الجميع بشكل تام في منظومة عمل المؤتمر.
ولعل أبرز دلائل أهمية قمة المناخ القادمة، هو ما أكده أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، أن العالم لا يملك رفاهية الوقت لحماية المناخ، وضرورة العمل على تحقيق العدالة المناخية، مشددًا على أن القمة التي ستعقد في دولة الإمارات هي «قمة للطموح المناخي»، داعيًا الدول وكافة الأطراف الفاعلة لتضافر الجهود من أجل حماية المناخ وتحسين ظروف حياة الدول والمجتمعات النامية والأكثر تأثرًا.
وكثفت دولة الإمارات جهودها لضمان نجاح استضافة الدولة لـ «COP28»، حيث تعمل دولة الإمارات على تحقيق أوسع مشاركة في فعاليات القمة عبر الدعوات الموجهة من قبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة إلى قادة الدول، والتطلع إلى مشاركات نوعية في إثراء أجندة هذا الحدث العالمي البارز.
كما تم تشكيل لجنة وطنية عليا برئاسة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، للإشراف على أعمال التحضير لمؤتمر الأطراف من خلال منهجية شاملة ومتكاملة تتماشى مع تركيز دولة الإمارات على التنمية المستدامة ومد جسور التواصل والتعاون مع المجتمع الدولي وتسهيل التوصل إلى حلول عمليّة تعود بالفوائد الاقتصادية والاجتماعية طويلة الأمد على المنطقة والعالم كله.
ويأتي تشكيل اللجنة العليا تأكيدًا على أهمية مؤتمر الأطراف في دفع وتوجيه مسار المفاوضات المناخية بين دول العالم، وتهيئة الفرص المتكافئة لمشاركة جميع الأطراف في إيجاد حلول مناخية فعّالة، والاستفادة من المؤتمر كمنصة متميزة تسهم في تعزيز النهج الاستباقي الذي اعتمدته دولة الإمارات في مسيرة العمل المناخي لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وفي سبيل تحقيق المستهدفات العالمية خلال «COP28»؛ أعلنت دولة الإمارات عن تكليف فريق رئاسة مؤتمر الأطراف، ونال ذلك إشادة دولية وترحيبًا واسعًا من عدد كبير من قادة الحكومات والهيئات والمؤسسات الدولية ورواد قطاعات الطاقة والعمل المناخي وأبرز وسائل الإعلام العالمية، حيث تم تكليف معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، رئيسًا معيَّنًا للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، كما جرى تكليف كل من شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة تنمية المجتمع بصفتها رائدة المناخ للشباب في المؤتمر، ورزان المبارك رئيسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بصفتها رائدة المناخ في المؤتمر.
ويتيح تكليف سلطان الجابر برئاسة المؤتمر، الاستفادة من خبرته الطويلة في مجال الإدارة والاقتصاد وقطاع الطاقة التقليدية والمتجددة، حيث قام بدور محوري في تنمية محفظة أصول الطاقة المتجددة لدولة الإمارات وتطويرها وتوسعتها داخليًا وخارجيًا، كما قام بدور حيوي في أكثر من 9 من مؤتمرات الأطراف السابقة للمناخ، بما في ذلك مؤتمر COP21 الذي عقد في باريس عام 2015، والذي يمثل محطة مهمة في مسار مؤتمرات الأطراف.
وبصفته الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، يقوم بدور مهم لتقريب وجهات النظر وتوفيق الآراء للوصول إلى إجماع عالمي لرفع سقف الطموح المناخي، وذلك بالتعاون مع مجموعة واسعة ومتنوعة من الشركاء وأصحاب المصلحة بما في ذلك قطاع الأعمال والمجتمع المدني، كما يقوم بجولات عالمية بهدف الاستماع إلى الأطراف المعنية كافة والتواصل معها، بجانب استعراض أولويات جدول أعمال رئاسة دولة الإمارات للمؤتمر، وأحدث المستجدات بشأن التحضيرات التي تركز على احتواء الجميع.
ويأتي تكليف شما بنت سهيل المزروعي بمهمة رائدة المناخ للشباب، ورزان المبارك بمهمة رائدة المناخ بهدف الإسهام في حشد جهود شركات القطاع الخاص والمستثمرين والمدن والمناطق وجميع فئات المجتمع المدني، بما في ذلك الشباب، قبل انعقاد المؤتمر، حيث وتتولى شما المزروعي مهمة رائدة المناخ للشباب في مؤتمر الأطراف COP28، بهدف إيصال أصوات الشباب خلال المؤتمر وإعطاء الأولوية للاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم، كما تعمل مع المعنيين داخل الدولة وخارجها لدعم الشباب وخلق مزيد من الفرص لهم، إضافة إلى إنشاء آليات لتمويل ابتكارات الشباب في مجال العمل المناخي.
فيما تتولى رزان المبارك عبر مهمتها رائدة للمناخ لمؤتمر الأطراف COP28 مسؤولية تعزيز المشاركة وحشد الجهود من الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك القطاع الخاص والمدن، والحكومات المحلية، والشعوب الأصلية والمجتمع المدني.
كما اعتمد مجلس الوزراء تكليف وزارة التغير المناخي والبيئة للتنسيق مع الجهات الاتحادية والمحلية في الدولة لإعداد خطة استعداد الإمارات لمؤتمر «COP28»، بهدف ضمان مشاركة الجهات الحكومية الاتحادية في تنظيم هذا الحدث العالمي.
وضمن استعدادات الدولة لاستضافة «COP28»؛ اعتمد مجلس الوزراء مبادرات لمكافحة تغيّر المناخ وحماية البيئة، متضمنة أكثر من 78 مبادرة، من أهمها: الاستراتيجية الوطنية للتنمية منخفضة الكربون وطويلة الأمد، والنظام الإماراتي لتنظيم منتجات الطاقة الشمسية، ونظام العلامة البيئية الإماراتي، وأنظمة قياس البصمة الكربونية لقطاع الصحة، ومبادرة تنظيم إصدار السندات والأوراق المالية الخضراء والصكوك، واستراتيجية إدارة النفايات المتكاملة على مستوى الدولة، ومبادرة شرطة بلا كربون، وتقرير المساهمات المحددة وطنيًا.
ومثلت أولى فعاليات «الطريق إلى COP28» التي نظمتها رئاسة المؤتمر في «مدينة إكسبو دبي» في مارس الماضي محطة مهمة للشباب والمجتمع في مسيرة زيادة الوعي وحشد الجهود نحو مؤتمر الأطراف COP28، حيث يتماشى «الطريق إلى COP28» مع سعي المؤتمر لتعزيز وتسريع العمل المناخي العالمي، من خلال تعاون جميع المعنيين وفئات المجتمع بهدف تحقيق التعهدات التي قطعها العالم على نفسه من أجل الأجيال المقبلة.
وأطلقت رئاسة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) العديد من المبادرات والبرامج الهادفة لوضع أجندة طموحة خلال المؤتمر، حيث أطلقت رئاسة المؤتمر برنامجًا دوليًا بعنوان «برنامج مندوبي الشباب الدولي للمناخ» بهدف تمكين الشباب للمشاركة بفعالية في عمليات المؤتمر.
ويستهدف البرنامج إعلاء أصوات شباب العالم، وعرض وجهات نظرهم وأولوياتهم المتنوعة في المؤتمر، حيث يعمل البرنامج على إتاحة الفرصة لـ 100 شاب معظمهم من البلدان الأقل نموًا والدول الجُزرية الصغيرة النامية، للمشاركة في مفاوضات المناخ ومبادرات الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص ذات الصلة، كما يستهدف البرنامج الشعوب الأصلية ومجموعات الأقليات، ويقدم الدعم المالي وتدريبات بناء القدرات للمندوبين الشباب المختارين للالتحاق بالبرنامج.
كما أطلق «مركز الشباب العربي» شبكة العمل المناخي الشبابي الهادفة لإشراك الشباب العربي من مختلف التخصصات في أنشطة وبرامج مواجهة التغيّر المناخي وتحقيق الاستدامة بالتزامن مع استعداد دولة الإمارات لاستضافة «COP28» العام الجاري.
وتمثل حملة «استدامة وطنية»، التي تم إطلاقها مؤخرًا تزامنًا مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28«، منصة مثالية للتوعية بمبادرات ومشاريع الاستدامة في الدولة.
وتهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولًا إلى مجتمع واع بيئيًا.
وتغطي الحملة الإعلامية محاور عدة، أبرزها «إرث الوالد المؤسس» الذي يسلط الضوء على نهج وإرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في مجال الاستدامة، ومحور «أبطال العمل المناخي» الذي يهدف لإبراز المشاركات الفردية في مبادرات مبتكرة في مجال العمل المناخي لبناء مجتمع أكثر استدامة، ومحور «الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي» الذي يستعرض جهود دولة الإمارات في مواجهة التغير المناخي من أجل تحقيق أهداف الحياد المناخي.
وفي إطار مبادرات دولة الإمارات لوضع أجندة طموحة خلال «COP28»؛ أعلنت الدولة في يونيو الماضي أنها تخطط- بصفتها مستضيفة لمؤتمر الأطراف «COP28»- لتخصيص يوم «الصحة، والإغاثة، والتعافي، والسلام»، ضمن أجندة المؤتمر العالمي، حيث يعد هذا اليوم الأول من نوعه في تاريخ مؤتمرات الأطراف، ويهدف إلى تسليط الضوء على ترابط قضايا تغير المناخ والسلام والأمن، من أجل اقتراح حلول عملية لمكافحة تغير المناخ، والحد من تأثيره على الاستقرار؛
وسيتضمن هذا اليوم عقد مؤتمر وزاري للصحة والمناخ لأول مرة في تاريخ المؤتمر، انطلاقًا من منظور الدولة الإنساني لمختلف التحديات، وحرصًا على تكاملية عناصر التنمية المستدامة.
ويمثل اختيار دولة الإمارات «مدينة إكسبو دبي» لاستضافة (COP28) رفعًا لسقف التوقعات بنجاح هذا الحدث العالمي المرتقب، بناء على النجاح الكبير الذي حققته الدولة عندما جمعت العالم كله في «إكسبو 2020 دبي»، حيث يشترك الحدثان في تحقيق الاستدامة وتعزيز العمل الدولي لما له من أهمية في مواجهة التحديات العالمية.
ويكتسب «COP28» أهمية خاصة، حيث سيشهد المؤتمر أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس للمناخ 2015، ما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الرؤى والاستجابة للتقارير العلمية، التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030، للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، وسيسهم إنجاز الحصيلة العالمية في تحقيق الزخم اللازم لمفاوضات هذا المؤتمر ومؤتمرات الأطراف المستقبلية.
كما سيشكل «COP28» نقطة فارقة في مسيرة الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغيّر المناخي، وزيادة التمويل، ورفع سقف الطموحات والالتزامات للبلدان تجاه تحويل تحديات المناخ إلى فرص اقتصادية وتنموية مستدامة، تعزّز الإجراءات العالمية بتخفيف تداعيات التغيّرات المناخية.
وتأتي أهمية انعقاد «COP28» في دولة الإمارات لدورها الرائد والمتميز على صعيد العمل المناخي الدولي، حيث تقدم الدولة إحدى أفضل النتائج العالمية في إطار الالتزام بحماية المناخ، وتتصدر العمل على تحقيق الالتزامات الدولية المعنية بتضافر الجهود لحماية الدول والمجتمعات الإنسانية من آثار وتبعات انعدام العدالة المناخية، وبالتزامها كأول دولة في المنطقة تصادق على اتفاق باريس للمناخ لعام 2015، ووضع استراتيجية وطنية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، واستثمار ما يزيد على 100 مليار دولار في مشروعات للطاقة النظيفة في 70 دولة، إلى جانب استضافتها للأحداث العالمية المعنية بحماية المناخ، بالإضافة إلى التزامها بمكافحة تغير المناخ ضمن منظومة متكاملة من الاستراتيجيات والتشريعات والمبادرات والمشاريع الخاصة بحماية المناخ والبيئة ومكافحة التغير المناخي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تغير المناخ الامارات مؤتمر الأطراف COP28 لمؤتمر الأطراف العمل المناخی دولة الإمارات رائدة المناخ بما فی ذلک فی مجال من أجل
إقرأ أيضاً:
منصة دولية: هل يحمل اليمن الحل المناخي المتمثل في القهوة كأجودها بالعالم؟ (ترجمة خاصة)
"في عالم التكنولوجيا، يقال إن الذكاء الاصطناعي يحمل مفتاح المستقبل، في حين تقود السيارات الكهربائية الفصل التالي لصناعة السيارات. وفي عالم القهوة، يعتقد البعض أن مستقبل السلعة يمكن أن نلقي نظرة عليه من خلال النظر إلى حقول اليمن" هكذا بدأت منصة " Global Coffee Report"، المتخصصة بالقهوة العالمية تقريرها عن مناخ اليمن وجودة البن فيه.
وقال مركز "القهوة العالمي" في تقريره الذي تردمه للعربية "الموقع بوست" إن إنتاج القهوة في اليمن يكتنفه الغموض. فكيف يمكن لواحدة من أكثر البيئات جفافاً على هذا الكوكب، والتي تتميز بالتحولات بين الحرارة الشديدة والبرودة، وواحدة من أدنى معدلات هطول الأمطار السنوية على مستوى العالم، أن تحتوي على أشجار قهوة لا تنجو فحسب بل وتزدهر؟
وأفاد التقرير أن القهوة عادة تحتاج إلى 1000 مليمتر من الأمطار سنويًا لتنمو. وتتلقى مناطق القهوة في اليمن، في المتوسط، 200 إلى 350 مليمترًا من الأمطار سنويًا. ومع ذلك، تنمو القهوة.
وأضاف "قد يبدو من المبتذل أن موطن زراعة القهوة قد يحمل الإجابات على محنة النبات، لكن أحد الشخصيات الرئيسية التي تربطها علاقات عميقة باليمن يقول إنه على الرغم من أن البلاد ومزارعيها كانوا روادًا في زراعة القهوة لقرون، إلا أنه تم تجاهلها باعتبارها لاعباً مركزياً في تشكيل الصناعة العالمية.
وبحسب فارس شيباني، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة Qima Coffee التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، فإن فك شفرة القصة الجينية وراء أشجار البن اليمنية والاحتفاء بممارسات الزراعة المحلية قد يكون بمثابة دليل على إنتاج البن الدولي في المستقبل.
ويقول شيباني: "كانت اليمن أول دولة تسوق البن تجارياً منذ 700 عام. وكانت أول دولة تعالج البن وتبيعه، وكانت هي التي ولدت ثقافة "مشروب القهوة"، مما جعلها رائدة في تجارة البن".
وأضاف "إذا انتقلنا إلى الوقت الحاضر، فإن اليمن، في رأيي، لا تزال رائدة".
بعد أن رأى الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها أشجار البن اليمنية، أسس شيباني شركة Qima Coffee في عام 2016، وهي شركة تدير سلسلة القيمة من المزرعة إلى المقهى.
ويقول: "لقد انجذبت إلى جمال العلاقة بين اليمن وتاريخها في مجال القهوة، ومع ذلك، أدركت أيضًا أن البن اليمني لم يتم تصديره إلى الأسواق الدولية المتميزة على الإطلاق، على الرغم من تراثه الغني وإمكاناته".
ويضيف أن تحديات جلب السلعة إلى السوق الدولية كانت كبيرة. فبالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي يجعل من الصعب تنمية الصناعة - ناهيك عن صناعة معقدة مثل القهوة - كانت هناك تحديات لوجستية كبيرة حيث أن اليمن لديها بنية تحتية محدودة.
ويقول شيباني: "الطرق سيئة، وقد يستغرق السفر لمسافة 100 كيلومتر فقط من ست إلى ثماني ساعات. وهذا جعل من الصعب للغاية نقل القهوة من المزارع إلى الأسواق".
بالإضافة إلى ذلك، يقول إن سلسلة توريد البن اليمني، على الرغم من عمرها الذي يمتد لقرون، كانت تعاني من مشاكل الشفافية والجودة. أحب مشتري القهوة، وخاصة المشترين الدوليين، فكرة البن اليمني لكنهم غالبًا ما أعربوا عن مخاوفهم بشأن إمكانية التتبع. ولم يتمكنوا من تتبع مصدر القهوة وكانت الجودة غير متسقة، وهو ما كان يشكل عائقًا أمام الاعتراف بقهوة اليمن في السوق العالمية.
كان النظام الحالي معيبًا بممارسات المعالجة الرديئة، والاختلاط بالقهوة من مناطق أخرى، بما في ذلك الواردات غير القانونية من القهوة الإثيوبية التي تم تصنيفها بعد ذلك بشكل خاطئ على أنها قهوة يمنية، والافتقار إلى مراقبة الجودة. ويقول شيباني إن الطريقة الوحيدة للمضي قدمًا هي البدء من جديد.
ويتابع: "لقد بدأنا بالعمل مباشرة مع المزارعين عند بوابة المزرعة. وركزنا على ضمان قطف أفضل الكرز فقط وإبقائه منفصلاً عن منتجات المزارع المجاورة".
"ومن هناك، تمكنا من إدارة كل خطوة من سلسلة القيمة بأنفسنا: من الإشراف على الحصاد إلى المعالجة والتجفيف وفي النهاية تصدير القهوة. وقد تطلب هذا استثمارًا كبيرًا - كان علينا بناء البنية التحتية الخاصة بنا، بما في ذلك محطات التجفيف والمطاحن ومراكز جمع الكرز".
كما ركزت Qima Coffee على تثقيف المزارعين حول معايير معالجة ما بعد الحصاد للقهوة المتخصصة، حيث كانوا بالفعل مزارعين خبراء لكنهم يفتقرون إلى المعرفة في معالجة القهوة المتخصصة. وكان الهدف هو ضمان أن تفي كل خطوة، من المزرعة إلى التصدير، بمعايير الجودة العالية مع إمكانية التتبع الكامل والشفافية.
ووفقًا لشيباني، كان هذا أمرًا ضروريًا لمشاركة إمكاناته مع بقية العالم.
حل مستدام
مع تهديد المخاوف المناخية للمزارع في جميع أنحاء العالم، أصبحت الأصناف الجينية أكثر أهمية. وبسبب التنوع الجيني المنخفض، فإن ما لا يقل عن 60 في المائة من أنواع البن العربي البري مهددة بالانقراض بسبب الضغوط المناخية.
يقول شيباني: "يعتبر اليمن أحد أكثر مناطق زراعة البن تنوعًا وراثيًا على هذا الكوكب. إنه نظام بيئي". "إنه مثل عالم مصغر للأصناف المزروعة في العالم في بلد واحد - فهو يحمل كل التنوع الجيني في العالم".
وإدراكًا لأهمية رسم خريطة لهذا التنوع الجيني، تعاون شيباني وQima Coffee مع الدكتور كريستوف مونتانيون، مؤسس ورئيس تنفيذي لشركة RD2 Vision والرئيس العلمي السابق لمؤسسة World Coffee Research، لتحديد الملف الجيني لأشجار البن اليمنية.
يقول شيباني: "على مدى السنوات الخمس الماضية، أجرينا أبحاثًا وتطويرًا مكثفًا، ونشرنا أوراقًا مع العديد من المنظمات". "لقد تم نشر عملنا في مجلات علمية محترمة، ليس فقط لمشاركة نتائجنا ولكن لأننا نعتقد أن المعرفة التي اكتسبناها قيمة لمجتمع القهوة العالمي."
في عام 2021، أجرى شيباني والدكتور مونتاجنون دراسة لتفصيل التنوع الجيني لقهوة أرابيكا في اليمن، والتي يقول إنها لم تُجرَ من قبل. وكجزء من الدراسة، تمت دراسة 137 عينة من قهوة أرابيكا من ثلاث مجموعات: العينات الإثيوبية، والأصناف العالمية، ومجموعات تربية قهوة يمنية. حدد فريق البحث مجموعة فريدة من نوعها في اليمن.
أطلق الفريق على هذه المجموعة اسم اليمن الجديد أو اليمنية، وهي مجموعة أم جديدة ضمن أنواع قهوة أرابيكا الموجودة حصريًا في اليمن وتمثل إمكانات وراثية غير مستغلة. وهي الآن تنضم إلى مجموعات أمهات أخرى بما في ذلك العينات الإثيوبية Typica وBourbon وSL-34 وSL-17.
يقول شيباني: "هناك الكثير من التنوع في المواد الوراثية في اليمن والتي يمكن استخدامها في نهاية المطاف لصالح 12.5 مليون مزرعة لزراعة البن في العالم". "يمكن استخدامها لصالح المزارعين الآخرين الذين يواجهون انقراض المحاصيل بسبب الضغوط المناخية".
ونظرًا لأن هذا التنوع الجيني في اليمن أصبح الآن معترفًا به عالميًا، يقول شيباني إن الخطوة التالية هي التعمق في فهم هذه الأصناف المحلية وفحص سماتها وخصائصها.
"بمجرد تحديد صنف يتميز بتنوع وراثي كبير، نحتاج إلى تقييم أدائه. ويشمل ذلك عوامل مثل الجودة، والمرونة المناخية، ومقاومة الآفات، وتحمل الأمراض"، كما يقول. "هذه الخصائص بالغة الأهمية، لأنها يمكن أن تقدم رؤى قيمة ليس فقط للمزارعين اليمنيين ولكن للمزارعين في جميع أنحاء العالم".
وخلص الموقع المتخصص بالقهوة العالمية إلى القول "بمجرد تحديد خصائص هذه الأصناف الأصلية، ستشمل المرحلة التالية تطبيق هذه المعرفة لصالح مجتمع المزارعين العالمي، والذي يمكن القيام به من خلال مبادرات بحثية مثل برامج التربية التي تركز على المناخ. تتطلب هذه الأنواع من المبادرات مشاركة الحكومة اليمنية، ويأمل شيباني أن يرى الصناعة الأوسع تركز المزيد من الموارد نحو فهم أصناف البن.
بصرف النظر عن النظام البيئي الفريد الذي يشكل البن اليمني، يقترح شيباني أن مزارعي البن في جميع أنحاء العالم يمكن أن يتعلموا الكثير من ممارسات الزراعة التقليدية للمزارعين اليمنيين، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمكافحة الضغوط المتزايدة للإجهاد المناخي.
"لقد كانوا يزرعون البن في مثل هذه البيئة القاسية لأكثر من 600 عام ونجحوا في القيام بذلك؛ "هناك الكثير مما يمكن تعلمه من ممارسات المزرعة التقليدية"، كما يقول شيباني.
على سبيل المثال، في بيئة اليمن القاسية التي تعاني من ندرة المياه، يجب أن تكون نباتات البن قادرة على الوصول إلى طبقات أعمق من التربة حيث قد تكون الرطوبة أكثر استقرارًا وتوافرًا، خاصة خلال فترات الجفاف. من خلال زراعة أشجار البن على عمق أكبر، يضمن المزارعون أن النباتات يمكنها الوصول إلى المياه من مصادر أعمق، مما يسمح لها بتحمل فترات طويلة من الجفاف أو هطول الأمطار غير المنتظمة.
ومع ذلك، في المناطق ذات هطول الأمطار الأكثر ثباتًا والمناخات الأكثر اعتدالًا، مثل كولومبيا، يكون هناك ضغط أقل مباشرة على النباتات لتطوير مثل هذه الأنظمة الجذرية العميقة. ونتيجة لذلك، لا تحتاج الأشجار إلى أن تُزرع بعمق.
يقول شيباني: "على سبيل المثال، عندما يحفر المزارع حفرة لبذرة قهوة لشجرة جديدة في كولومبيا، فإنه يحفر حفرة بحجم 30 سنتيمترًا مكعبًا. في اليمن، سيكون حجمها مترًا مكعبًا".
العامل النسائي
بالإضافة إلى ممارسات الزراعة المبتكرة هذه، يسلط شيباني الضوء على الدور المهم الذي تلعبه المرأة في جميع أنحاء سلسلة قيمة القهوة في اليمن - وليس فقط في الزراعة. ويأمل أن تعترف صناعة القهوة العالمية بهذا المثال وتتبعه.
في العديد من مناطق زراعة القهوة - بما في ذلك اليمن - تلعب النساء دورًا رئيسيًا في زراعة القهوة، وغالبًا ما يتحملن المسؤولية الأساسية عن مهام مثل الري وقطف القهوة والصيانة العامة للمزرعة، حيث أظهرت الدراسات في اليمن أن النساء مسؤولات عن 60 إلى 80 في المائة من العمالة المشاركة في زراعة القهوة. ولكن عندما يتعلق الأمر بشراء وبيع القهوة، فإن الرجال عادة ما يتعاملون مع المعاملات.
هذا التفاوت بين الجنسين ليس فريدًا من نوعه في اليمن: إنه ظاهرة عالمية.
يقول شيباني: "كانت المرأة اليمنية جزءًا لا يتجزأ من زراعة القهوة لقرون. ومع ذلك، وعلى الرغم من دورها المهم، نادرًا ما يتم الاعتراف بمساهماتها أو مكافأتها، سواء تاريخيًا أو في الوقت الحاضر".
لقد أدركنا هذا الخلل واعتقدنا أنه من المهم تصحيحه. منذ عام 2019، نعمل على إشراك مجتمعات زراعة البن اليمنية وتسليط الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه المرأة في إنتاج البن. كان هدفنا إيجاد طرق للاعتراف بمساهماتهن ومكافأتها، مع احترام الحساسيات الثقافية وديناميكيات الذكور والإناث في المجتمعات المختلفة.
بعد سنوات من بناء الثقة، يقول شيباني إن قهوة قمة تمكنت من الحصول على دعم من المجتمعات - ليس فقط من النساء - ولكن من وحدة الأسرة بأكملها. كانت النتائج إيجابية، وللمرة الأولى، تم الاعتراف بالمزارعات على عملهن.
في كل عام، تستضيف قمة مزاد أفضل ما في اليمن حيث يتم بيع البن الفائز من مسابقة جودة البن في قمة بالمزاد. في عام 2024، تم إنتاج أفضل مجموعة من قبل مجموعة مزارعات.
يقول: "كانت لحظة فخر لنا وللنساء اليمنيات اللاتي كن العمود الفقري لزراعة البن لفترة طويلة. نحن متحمسون للمستقبل ونأمل أن يستمر هذا التقدير في النمو".
عالم جديد من النكهات
مع تزايد اهتمام العالم بالقهوة المتخصصة، يقول شيباني إن النكهات المميزة لليمن يمكن أن تقدم طريقًا جديدًا ومثيرًا لعشاق القهوة في كل مكان.
ويقول: "ستجد نكهات مميزة حقًا في اليمن لا يمكنك العثور عليها في أي مكان آخر".
يوصف القهوة اليمنية بأنها ذات جودة جريئة تشبه النبيذ، مع ملاحظات من الفاكهة والتوابل والظلال الزهرية التي نادرًا ما توجد في القهوة من مناطق أخرى. ويرجع هذا جزئيًا إلى أصناف القهوة التراثية التي تم زراعتها في البلاد لأجيال، والعديد منها أصلي في المنطقة ولا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر في العالم.
ويشير شيباني إلى أن ملف النكهة فريد من نوعه. تعود أصول قهوة Qima إلى كولومبيا والإكوادور، لكنه يقول إنه لا يوجد شيء مثل النكهات اليمنية.
"نحن نعمل في عدد من المنشأ الآن ولا يزال يتعين علي أن أقول إن هناك قهوة سأتذوقها في اليمن بنكهة مميزة للغاية لا يمكنني العثور عليها في أي مكان آخر"، كما يقول.
خلال ندوة تذوق القهوة، يقول شيباني إن قهوة قمة عرضت 10 أنواع مختلفة من القهوة من 10 مناطق مختلفة في اليمن. ومع ذلك، كانت ملفات النكهة متنوعة للغاية لدرجة أن الذواقين اعتقدوا أن القهوة من 10 دول مختلفة.
يقول: "هذا يوضح تنوع القهوة اليمنية". "هناك الكثير من التنوع بحيث يمكنك العثور على مجموعة كبيرة من ملفات النكهة، مثل ملاحظات الكراميل الجوزية، والقهوة الرقيقة أو الزهرية أو الفاكهية".
"تتمتع قهوة اليمن بمجموعة واسعة من ملفات النكهة بحيث توجد نكهات تناسب الذوق الأمريكي، والذوق الأوروبي، وأيضًا التفضيلات الشرق أوسطية، أو اليابانية، أو التايوانية".
من خلال جلب هذه النكهات الفريدة إلى جمهور عالمي، يعتقد شيباني أنه سيوفر الدعم المناسب للمجتمعات الزراعية المحلية ويعترف بمساهماتها التي تعود إلى قرون.
ويقول: "إذا كان هؤلاء الناس، هذه المجتمعات، قد ساعدوا في الحفاظ على المادة الوراثية للبن العربي لمدة 600 عام، فإنهم يفعلون ذلك منذ أجيال. وأعتقد أنه من العدل أن يتم مكافأتهم على ذلك الآن، وأن يعترف العالم بثقافة القهوة الفريدة في اليمن ويتفاعل معها".