ضياع البوصلة الدبلوماسية السودانية: قراءة في استقبال أديس أبابا الفاتر
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
في سابقة تُظهر حجم التحديات التي تواجه الدبلوماسية السودانية، شهدت زيارة وزير خارجية السودان إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا استقبالًا فاترًا يعكس برود العلاقات الثنائية، وواقعًا دبلوماسيًا مُقلقًا. اختُصر اللقاء بينه وبين نظيره الإثيوبي إلى أقل من عشرين دقيقة، في خطوة نادرة تُظهر أن هناك رسائل غير معلنة.
هل هو ضياع البوصلة أم أزمة تصريحات؟
يبدو أن الدبلوماسية السودانية تعيش حالة من التراجع والانفصال عن التقاليد التي صنعت مكانتها تاريخيًا. الحديث عن "ضياع البوصلة" ليس مبالغة؛ إذ باتت التصريحات العشوائية والخطاب المتناقض علامة فارقة للسياسة الخارجية السودانية. بعض التصريحات الأخيرة خرجت عن سياق العقلانية السياسية، ما أدى إلى عزل السودان عن محيطه الإقليمي والدولي. في عالم يعتمد على البراغماتية والتفاهمات، أصبحت هذه المواقف عبئًا على السودان، بدلًا من أن تكون أدوات للدفاع عن مصالحه.
مواقف السودان الدولية ورفضه الانصياع للضغوط الدولية
المجتمع الدولي وجه رسائل واضحة لجميع أطراف الصراع في السودان، مفادها أن استمرار الحرب ليس خيارًا مقبولًا. لكن بدلاً من التجاوب مع هذه الرسائل، يبدو أن السودان اختار مواجهة المجتمع الدولي بمواقف متصلبة وغير متزنة. عدم الانصياع لمطالب وقف الحرب ليس فقط خيارًا خطيرًا، بل هو موقف يضع السودان في عزلة دولية متزايدة، ويفقده حلفاء محتملين كان بإمكانهم تقديم الدعم في هذه المرحلة الحرجة.
الدبلوماسية السودانية: من الإرث إلى الأزمة
لطالما كانت الدبلوماسية السودانية محل تقدير، حيث امتازت بالقدرة على بناء التفاهمات الإقليمية والدولية. لكنها الآن تبدو وكأنها تفقد هذا الإرث. استقبال إثيوبيا الفاتر ليس مجرد حادثة بروتوكولية؛ بل هو مؤشر على تراجع الثقة الإقليمية بالسودان، الذي كان يُنظر إليه كجسر للتواصل بين أفريقيا والعالم العربي.
الطريق إلى إصلاح الدبلوماسية السودانية
لكي تستعيد الدبلوماسية السودانية مكانتها، يجب أن تُبنى سياساتها على أسس واضحة:
وقف الحرب كأولوية وطنية ودبلوماسية: السودان بحاجة إلى إرسال رسائل إيجابية إلى المجتمع الدولي والإقليمي، تؤكد التزامه بالسلام.
إعادة ضبط الخطاب الدبلوماسي: يجب أن يكون خطاب المسؤولين السودانيين عقلانيًا ومتوازنًا، بعيدًا عن التصريحات التي تفتقر إلى الدقة أو الواقعية.
إحياء الشراكات الإقليمية: تعزيز العلاقات مع دول الجوار والاتحاد الأفريقي من خلال مبادرات حقيقية تعكس اهتمام السودان بمحيطه الإقليمي.
العمل على توافق داخلي: لا يمكن أن تنجح الدبلوماسية السودانية دون أرضية سياسية داخلية مستقرة تدعم مساعيها الخارجية.
إن استقبال وزير الخارجية السوداني في إثيوبيا بهذه الطريقة يعكس أزمة أعمق من مجرد لقاء بروتوكولي مختصر. إنها أزمة هوية دبلوماسية بحاجة إلى إعادة بناء، وأزمة مواقف تحتاج إلى رؤية واضحة تعيد السودان إلى موقعه الطبيعي في الساحة الإقليمية والدولية.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدبلوماسیة السودانیة
إقرأ أيضاً:
حكومة السودان تُعرب عن أسفها واستنكارها لرفض السلطات التشادية السماح بإقامة إمتحانات الشهادة السودانية
(سونا) أعربت حكومة السودان عن أسفها واستنكارها لرفض السلطات التشادية السماح بإقامة إمتحانات الشهادة السودانية لأكثر من ستة آلاف طالب وطالبة من اللاجئين السودانيين من ولاية غرب دارفور وغيرها من الولايات المتضررة بالحرب كما بذلت وزارة الخارجية كل الجهود الممكنة عبر التواصل المباشر مع وزارة الخارجية التشادية وعبر المفوضية السامية للاجئين لإقناع السلطات التشادية بإقامة الامتحانات، حتي لا يتضرر الطلاب اللاجئون بسبب التقديرات السياسية.
وفيما يلي تورد سونا نص البيان التالي.
تُعرب حكومة السودان عن أسفها واستنكارها لرفض السلطات التشادية السماح بإقامة إمتحانات الشهادة السودانية لأكثر من ستة آلاف طالب وطالبة من اللاجئين السودانيين من ولاية غرب دارفور وغيرها بسبب انتهاكات المليشيا المتمردة.
لقد بذلت وزارة الخارجية كل الجهود الممكنة عبر التواصل المباشر مع وزارة الخارجية التشادية وعبر المفوضية السامية للاجئين لإقناع السلطات التشادية بإقامة الامتحانات، حتي لا يتضرر الطلاب اللاجئون بسبب التقديرات السياسية الخاطئة للسلطات التشادية، دون جدوي.
ياتي هذا الموقف امتداداً لنهج السلطات التشادية العدائي من السودان، إذ ظلت تقدم كل انواع الدعم لمليشيا الجنجويد، خدمة لأجندة الرعاة الإقليميين للمليشيا الإرهابية.
إن حرمان الطلاب الأبرياء من حق التعليم وتهديد مستقبلهم يمثل خرقا واضحا لاحد مبادئ حقوق الإنسان الاساسية التي نص عليها القانون الدولي، وتنكرا للعلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين الشقيقين، وسابقة السودان في إتاحة فرص التعليم لأبناء الشعب التشادي.
سيظل حرمان ابنائنا من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية نقطة سوداء في سجل السلطات التشادية وسياستها العداونية تجاه الشعب السوداني.