الشعب السوداني… واحتضار صوت النبض الحقيقي
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات
يعيش السودان اليوم لحظة تاريخية مفصلية، لحظة كشفت عن هشاشة النخب السياسية وتضخم الأنا لدى أرباب السلطة، الذين باتوا يرون أنفسهم حراسًا على عقل الأمة، دون أن يدركوا أن هذا العقل قد تشكل وعيه عبر دهور من الألم، والحرمان والنزوح والحرب والنزيف الدامع. الشعب السوداني، بمأساته الممتدة من دارفور إلى النيل الأزرق ومن الخرطوم إلى المنافي، هو المعلم الحقيقي في مدرسة الصمود والتحدي، بينما الساسة لا زالوا يغزلون من "طق الحنك" أوهامًا على نول السخرية
في كل زاوية من زوايا المشهد السوداني، تتراءى لنا مأساة هؤلاء الساسة الذين جاءت بهم رياح ثورة ديسمبر العظيمة.
هؤلاء الساسة، الذين تقاذفتهم موجات الثورة كأوراق خريف لا تعرف لها قرارًا، لم يروا في الديمقراطية سوى وسيلة لتحقيق مآربهم الشخصية. أين ذهب ذلك الحلم الكبير الذي حمله الشباب السوداني في صدورهم وهم يهتفون: "حرية، سلام، وعدالة"؟ بل أين تلك البرامج التي وُعد بها الناس لتحويل السودان إلى نموذج حي لدولة مدنية تقف على ركائز العدالة والمساواة؟ تحول المشهد إلى ما أسماه أفلاطون بـ*"المدينة التي يحكمها الجهال."*
خذوا مثالًا: كيف أن البعض ممن صعدوا إلى السطح بعد الثورة صاروا أسرى لخطاب الشعبوية، بينما ارتدت طموحاتهم إلى مجرد مناوشات على كراسي السلطة، وكأنهم تناسوا دماء الشهداء التي روت ميادين الثورة. إنها خيبة أمل كبيرة أن ترى من كانوا في الصفوف الأمامية يتحولون إلى خصوم للمبادئ التي ثاروا من أجلها.
ومع ذلك، يظل السؤال: كيف يمكن استعادة صوت الشعب السوداني إلى المشهد؟ الإجابة ليست في العودة إلى تلك النخب التي فقدت بوصلة المبادئ، بل في خلق "طريق ثالث" يقوم على الديمقراطية المجتمعية. هذا الطريق يستمد قوته من القاعدة الشعبية، من أولئك الذين عانوا وناضلوا وواجهوا صلف الحكام. طريق يحاكي ما طرحه الفيلسوف الألماني هابرماس حول "الفضاء العام" الذي يصبح فيه المواطنون شركاء حقيقيين في صنع القرار، لا مجرد متفرجين على مسرحية يكتب نصها الطغاة.
يجب أن نتعلم من تجارب العالم، من غاندي في الهند الذي قاد شعبه إلى الحرية عبر قوة المجتمع، ومن نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا الذي جعل من شعبه شريكًا حقيقيًا في بناء الدولة. الديمقراطية الحقيقية ليست صناديق انتخاب تُملأ بأصوات مغشوشة، بل هي مشاركة الناس في تحديد مصائرهم، وهذا ما افتقدته التجربة السودانية منذ بواكيرها ونعومة اظفارها.
السودان اليوم يحتاج إلى نهضة فكرية وثقافية وسياسية تعيد للشعب حقه في أن يكون الحَكَم الأول والأخير على مصيره. إن تجاهل هذا الوعي الشعبي المكتسب عبر سنوات الألم هو خيانة عظمى، لأن الشعب السوداني اليوم، كما وصف نيتشه الإنسان المتمرد، هو "القادر على قلب الطاولة على آلهة الكذب"
فلنُعِد للسودانيين صوتهم، ولنجعل من السودان نموذجًا لدولة تحتفي بوعي الشعب لا بغطرسة الساسة. فالمستقبل، وكما يقول التاريخ، لا يُصنع في قصور الحكام، بل في أزقة الناس وحناجرهم.
quincysjones@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
مصدر حكومي:السوداني يتبرع بنفط الشعب إلى حزب الله اللبناني
آخر تحديث: 26 نونبر 2024 - 1:18 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف مصدر مسؤول حكومي، يوم الثلاثاء، أن مجلس الوزراء العراقي سيعقد اليوم جلسته الاعتيادية برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لبحث جملة ملفات داخلية، واخرى تخص الأوضاع والتطورات في المنطقة.وقال المصدر المسؤول، إن المجلس سيناقش قراراً يقضي بإرسال كميات من الوقود إلى لبنان مجانا ، بالتنسيق مع الحشد الشعبي ، مع استحصال جميع الموافقات اللازمة لضمان وصولها بشكل منظم.ومنذ بدء الحرب بين حزب الله اللبناني وإسرائيل ، سارعت بغداد على المستويين الحكومي والحزبي، إلى إطلاق حملات إغاثة تشمل مواد غذائية ومحروقات، وأرسلت مئات الأطنان من المساعدات إلى حزب الله اللبناني.كما قرر مجلس الوزراء استقطاع واحد بالمئة من رواتب موظفي الدولة “اجبارياً” للتبرع بها إلى غزة ولبنان.