العراق تحت قبضة الدولار.. ما تأثير ذلك على المواطنين؟
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
بغداد- يواجه اقتصاد العراق تحديات كبيرة نتيجة لارتباطه الوثيق بالدولار الأميركي، فالتقلبات في سعر الصرف، وسيطرة مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) على النظام المالي، تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي في العراق.
وانعكس هذا التأثير بشكل مباشر على حياة المواطن العراقي من جهة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتآكل قيمة الأجور، وانخفاض القدرة الشرائية.
أكّد رئيس المركز الوطني للمراقبة والتقييم في العراق، محمد البغدادي، أن قضية الدولار تعتبر من الملفات الشائكة والمعقدة في الاقتصاد العراقي، مشيرا إلى أن هذا الملف يرتبط بمحورين رئيسيين، هما سيطرة البنك الفدرالي الأميركي على التعاملات بالدولار، والعرض والطلب.
وقال البغدادي -في حديث خاص للجزيرة نت- "إن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كامل على موضوع الدولار وسعر صرفه، مبينا أن العملة الأميركية ترِد إلى العراق عن طريق بيع النفط، لكن، للأسف، هذه الأموال تكون في حسابات خاضعة لسيطرة الحكومة الأميركية".
وأضاف أن العراق يواجه صعوبات كبيرة في السيطرة على موضوع الدولار، وقال: "العراق بلد مستهلك، وخلال عملية بيع الدولار لمحال الصرافة والبنوك، يتم سحب كميات كبيرة منه وبيعها على شكل حوالات خارجية لتمويل الواردات العراقية".
الدولار يعادل 1320 دينارا عراقيا بالسعر الرسمي ويتراوح بين 1490 و1510 دنانير بالسعر الموازي (الجزيرة)وتابع أن موضوع سيطرة الاحتياطي الفدرالي الأميركي على هذه التعاملات المالية يضع قيودا كبيرة على العراق في هذه العمليات، لافتا إلى أن سعر الصرف يعتمد بشكل كلي على كمية العرض والطلب.
ورغم مضي نحو 3 سنوات على بدء عمل منصة إلكترونية لمراقبة حركة الدولار، فإن أسعار صرف الدينار مقابل العملة الأميركية لا تزال تشهد تفاوتا كبيرا بين السعر الرسمي المعلن من البنك المركزي والبالغ 1320 دينارا عراقيا للدولار الواحد، وسعر السوق السوداء أو ما يعرف بالسعر الموازي الذي يتراوح بين 1490 و1510 دنانير عراقية مقابل كل دولار.
دول الجواروشدد البغدادي على أن الحكومة المركزية تحاول السيطرة على تدفق رؤوس الأموال من العراق إلى دول الجوار لتمويل الواردات، لكنه أمر صعب جدا بسبب تهريب كميات من النقد.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي كاظم جابر أن التقلبات الحادة في سعر صرف الدولار في العراق لا تقتصر أسبابها على دول الجوار، بل تمتد لتشمل تأثيرات النظام المالي الدولي، خصوصا نظام سويفت (للتحويلات المالية) والسياسات النقدية لبنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي.
ولفت جابر -خلال حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذا النظام يفرض قيودا صارمة على حركة الأموال نحو الدول، مما يجعلها عرضة للتأثيرات الخارجية.
وفي الرابع من سبتمبر/أيلول الماضي أعلن البنك المركزي العراقي إنهاء العمل بالمنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية، مطلع العام المقبل.
ويقوم عمل المنصة، في مرحلته الأولى، على إعادة تنظيم التحويلات المالية بما يؤمِّن الرقابة الاستباقية عليها بدلا من الرقابة اللاحقة من خلال تدقيق الاحتياطي الفدرالي الحوالات اليومية.
تكتل بريكسورأى جابر أن محاولات الحكومة العراقية السيطرة على سعر الصرف تواجه تحديات كبيرة بسبب الاعتماد الكبير على نظام سويفت، مشيرا إلى أن العراق يسعى جاهدا لتحقيق مزيد من الاستقلالية المالية عن النظام المالي العالمي الحالي من خلال السعي للانضمام إلى تكتل بريكس الاقتصادي الذي يهدف إلى بناء نظام مالي بديل يعتمد على سلة من العملات، ما يقلل من هيمنة الدولار ويمنح الدول الأعضاء خيارات أوسع في التعاملات المالية الدولية.
وشدد على أن اللجوء إلى السوق الموازي قد يكون حتميا لتلبية احتياجات القطاع الخاص في ظل هذه الظروف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاحتیاطی الفدرالی إلى أن
إقرأ أيضاً:
140 امرأة تُقتل يومياً بالعالم… والبيت العراقي ليس بعيداً عن الخطر
25 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في زقاق ضيق بأحد أحياء بغداد القديمة، وقفت أم حسن تبكي بحرقة أمام منزلها المتواضع. جارتها أم علي، التي تحاول مواساتها، تحدثت بحرقة قائلة: “لو أنها اشتكت منذ البداية، لما حدث هذا”. كانت تشير إلى مأساة ابنة أم حسن، التي قضت على يد زوجها بعد سنوات من العنف المستمر الذي تجاهلته العائلة خشية “الفضيحة”.
تحليل اجتماعي أجراه الباحث علي الساعدي يشير إلى أن العنف الأسري في العراق يشكل ظاهرة معقدة، إذ يقول: “إن الجذور الاجتماعية للعنف ترتبط بالنظام القبلي والموروثات الثقافية التي تعطي الشرعية أحياناً لتصرفات غير مقبولة، تحت مسمى الحفاظ على الشرف أو تأديب الزوجة”.
ونشرت الأمم المتحدة، الاثنين، إحصاءات تؤكد ان “85 ألف امرأة وفتاة ُقتلت على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن على أيدي أفراد عائلاتهنّ، موضحة أن بلوغ جرائم قتل النساء “التي كان يمكن تفاديها” هذا المستوى “ينذر بالخطر”.
ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن “المنزل يظل المكان الأكثر خطورة” للنساء، إذ إن 60% من الـ85 ألفاً اللواتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل 10 دقائق، وقعن ضحايا “لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ”.
في الأيام الأخيرة، تداول ناشطون على منصة “إكس” تغريدات تتناول قضايا العنف الأسري، منها تغريدة للكاتبة العراقية زينب الحيدري التي كتبت: “كم من أمثال أم حسن في مجتمعنا؟ كم من امرأة تعيش بين جدران الألم لأن صوتها لا يجد صدى؟”. هذه التغريدة كانت بداية لحملة إلكترونية طالبت بتعديل التشريعات الخاصة بالعنف الأسري في العراق.
تقارير تفيد أن الشكاوى المتعلقة بالعنف الأسري زادت بنسبة 25% خلال عام 2023 مقارنة بالأعوام السابقة. ووفق بيانات الوزارة، فإن معظم الحالات تتعلق باعتداءات جسدية تتراوح بين الضرب المبرح والطرد من المنزل، بالإضافة إلى حالات القتل التي غالباً ما تُصنف كـ”جرائم شرف”.
لكن المشكلة لا تقتصر على القانون وحده. ناشطة حقوق الإنسان، ليلى الجبوري، ترى أن “الثقافة المجتمعية أكبر عقبة أمام التغيير. النساء لا يثقن بالنظام القانوني، وبعضهن لا يملكن الجرأة للشكوى لأنهن يعرفن أن القانون قد لا ينصفهن”.
وفي تدوينة أخرى على فيسبوك، كتب الناشط حسن الكاظمي: “الحل يبدأ من التعليم. إذا استمررنا في تعليم الأطفال أن الرجل هو السيد والمرأة تابعة، فستظل هذه الجرائم مستمرة”. هذه الكلمات فتحت نقاشاً واسعاً حول دور التربية والتعليم في ترسيخ أو تفكيك الصور النمطية التي تبرر العنف.
يقول المحامي علي العبودي، المتخصص في قضايا الأسرة، إن العراق لا يزال يفتقر إلى قانون رادع للعنف الأسري على الرغم من المناقشات البرلمانية الطويلة. وأضاف: “حتى القوانين الموجودة، مثل قانون العقوبات العراقي، تُستخدم أحياناً لتبرير العنف، ما يعقد الأمور أكثر”.
وعلى الرغم من الصورة القاتمة، فإن هناك بصيص أمل. تحدثت الناشطة زينب السامرائي عن مبادرات بدأت في الجنوب، حيث تعمل مجموعات من الشباب على توعية الأسر بضرورة الحوار الأسري والتخلي عن الأساليب العنيفة. وقالت: “هذه المبادرات بسيطة لكنها مؤثرة. التغيير يحتاج إلى وقت وصبر”.
وفقاً لتحليل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن العنف الأسري في العراق ليس حالة استثنائية في المنطقة، بل جزء من نمط متكرر يطال بلداناً عديدة، إلا أن استمراره عند مستويات مرتفعة يشير إلى فجوات عميقة في السياسات والتشريعات.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts