صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-07@01:34:46 GMT

خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر

خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر

د. النور حمد

في الأيام القليلة الماضية أرسل لي أحد الأصدقاء الأعزاء بضع تقاريرَ صحفيةٍ، تحدثت وأوردت فيلمًا قصيرًا يصور معالم النهضة المتوثبة في دولتيْ إثيوبيا وغانا. وقد حرَّكت هذه التقارير في ذهني ما ظللت حائرًا فيه منذ بداية مقاومة الكيزان الشرسة لثورة ديسمبر المجيدة.

وهو: لماذا يصر الكيزان في السودان على العودة إلى الحكم؟ ولماذا أشعلوا هذه الحرب الضروس وحمَّلونا هذه الكلفة الباهظة التي لم يُبتلى بها شعبٌ آخرٌ، بهذا القدر؟ تقول بعض التقارير، إن أعداد من أخرجتهم هذه الحرب من بيوتهم قد بلغت 14 مليونًا، وأن من أصبحوا في قبضة المجاعة قد بلغت أعدادهم 25 مليونًا. فما هو الإنجاز البارز الذي قام به الكيزان على مدى 35 عامًا وجعلهم ينخرطون في مقاومة الثورة وفي محاولة القضاء عليها بكل هذه الشراسة واللامبالاة، وجعلهم حريصين على العودة إلى الحكم مهما بلغت كلفة تلك العودة؟ إن المرء ليحار حقًا في الطريقة التي تشكَّلت بها عقول الكيزان.

أظهرت تلك التقارير العمل الجاري ليل نهار في إعادة بناء كل الشوارع في مدينة أديس أبابا على أحدث الطرز، ومن عمل للأرصفة، على أحدث المواصفات وأكثرها جودة. وأيضًا، ما صاحب ذلك من تشجيرٍ وتزهيرٍ للطرقات ومن إضاءة، لتصبح أديس أبابا عاصمةً تتناسب مع وجود مقر الاتحاد الإفريقي فيها، ولتصبح نموذجًا للعواصم الإفريقية الحديثة الدالة على نهضة إفريقيا الجديدة. وقد أظهر الفيديو القصير العمارات السوامق ذات المظهر الحديث التي أخذت تنبت بسرعة البرق مكان بيوت الصفيح، التي كانت تشكِّل غالبية أحياء أديس أبابا الشعبية، التي تحتل مساحاتٍ معتبرةً من وسط المدينة. ما جرى عرضه في الفيديو القصير يجعلك تحس وكأنك ترى مشاهد من مدن الصين الجديدة. وفي تقرير صحفي آخر، ظهر أنموذج لمطار أديس أبابا الجديد، قيد الإنشاء، الذي تبلغ كلفته 5 بلايين دولار، ليتناسب مع أعداد المسافرين المتزايدة. فالمتوقع أن يبلغ عدد المسافرين الذين سيمؤون من خلاله كل سنة، حوالي 25 مليون راكبا. ولا غرابة، فقد تعدَّت أعداد طائرات أسطول الخطوط الجوية الأثيوبية 150 طائرة. كما أن هذه الخطوط مؤسسةٌ مملوكةٌ كليًّا للحكومة الإثيوبية، تحمل طائراتها إسم إثيوبيا على جنباتها، وتصل به إلى مئات المدن في كل قارات العالم الست.

بقيت عصابة الكيزان في السلطة لثلاثين عامًا، أضاف إليها البرهان، وهو أسوأ ما أنتجه هذا التنظيم الشيطاني من شخصيات، خمس سنوات أخرى. في هذه السنوات الخمس والثلاثين اختفى إسم سودانير ولم تعد تملك غير طائرة أو طائرتين. وحلَّت محل سودانير أمساخٌ كيزانيةٌ سُمِّيت شركات طيران. وهي شركات تستخدم بضع طائرات بوينغ 337، مستعملة مستهلكة دخلت في عداد الأناتيك، إذ أن تاريخ صنعها يعود لعقود القرن الماضي. هذا، في حين ضم أسطول الإثيوبية الذي تعدى 150 طائرة، ولأول مرة وسط شركات الطيران في إفريقيا، طائراتٍ من أحدث ما أنتجته شركة أيربص الأوروبية، وهي طائرات: A350-900 وA350-1000 .

أما مطار الخرطوم الجديد المزعوم، فقد اقترضت عصابة الكيزان باسمه ثلاثةَ قروضٍ، لم يتعد مبلغ أكبر قرضٍ منها مليار دولار. وقد اختفت هذه القروض الثلاثة، جميعها، ولم ير الشعب منها سوى شارع أسفلت دائري هزيل، أحادي المسار طوله بضع كيلومترات. إضافة إلى لافتةٍ بائسةٍ منصوبةٍ في العراء جنوب حي الصالحة، تقول: هذا هو موقع المطار الجديد. وهذا، بطبيعة الحال، نموذجٌ واحد للتدمير الشامل الذي قام به الكيزان، الذي لم يترك مرفقًا من المرافق لم يطله، وأيضًا، للسرقات الوقحة التي لا عدَّ لها. أما التقرير الثاني وما صحبه من فيلم قصير، فقد تحدث عن غانا وعن ما يجري في مدنها من تحديث لافت. وكذلك، ما يجري في جامعاتها من تطوير، خاصة في المرافق الطبية الجامعية التي أصبحت تضاهي ما يجري في الدول الصناعية الكبرى.

هذان نموذجان لجهود التنمية والتحديث المتسارعة التي تجري في الأقطار الأفريقية. ومثل ذلك يجري، على قدمٍ وساقٍ أيضًا، في كينيا وفي يوغنده وفي تنزانيا، من مجموعة دول شرق إفريقيا. أما القعود والعجز والتراجع والتخريب المطرد فحالةٌ يجسدها بجدارة سودان عصابة الكيزان. فقد جلست هذه العصابة على دست الحكم لخمسة وثلاثين عامًا لم تصنع فيها غير الخراب والدمار. ولكي تخفي هذه العصابة الشيطانية عجزها الفاضح عن أي إنجاز يستحق الذكر، ولكي تتستَّر على لصوصيتها، وإجرامها، وتمحو كل سجلٍّ يشير إلى اولئك، عمدت إلى إشعال هذه الحرب اللعينة، لينطمس كل شيء، وليصبح أعلى ما يطمح السودانيون ويأملون فيه، هو مجرد أن تقف الحرب، لا أكثر! المدهش، أن هذه االعصابة الكيزانية الإجرامية الشيطانية قد شرعت في التفكير في الاستثمار في هذا الخراب الخرافي. فقد ظهر في الأخبار مؤخرً حديثٌ لبعض المسؤولين عن خطط للإعمار، وكأن الحرب قد انتهت. والأدهى أن الشركات المصرية هي المرشحة لتقوم بالدور الأعظم في جهود الإعمار المزعومة هذه. وهذا توجهٌ لفتح بابٍ جديدٍ لفسادٍ كبيرٍ سيفوق كل ما جرى في الخمسة وثلاثين عامًا الماضية، ولكن هيهات!!

elnourh@gmail.com

* نشر بمجلة “أفق جديد”

الوسومأديس أبابا إثيوبيا الاتحاد الأفريقي البرهان السودان الكيزان ثورة ديسمبر د. النور حمد غانا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أديس أبابا إثيوبيا الاتحاد الأفريقي البرهان السودان الكيزان ثورة ديسمبر د النور حمد غانا أدیس أبابا

إقرأ أيضاً:

إطلاق النار على خمسة أشخاص في مدرسة بوسط السويد

فبراير 4, 2025آخر تحديث: فبراير 4, 2025

المستقلة/- قالت الشرطة السويدية إن خمسة أشخاص على الأقل أصيبوا بالرصاص في مدرسة بمدينة أوريبرو بوسط السويد، وحذرت من أن الخطر لم ينته بعد.

وقالت الشرطة السويدية يوم الثلاثاء إن عملية “جارية” في المركز، محذرة من “جريمة عنف خطيرة مشتبه بها”. وقع إطلاق النار داخل مدرسة ريسبيرجسكا للبالغين في حرم يضم مدارس أخرى، بما في ذلك للأطفال.

وقال المتحدث باسم الشرطة لارس هيدلين إن تبادلا لإطلاق النار بين الشرطة والجاني وقع، وفقا لشبكة إكسبرسن التابعة لشبكة سي إن إن. ومن غير الواضح عدد الأشخاص الذين أصيبوا، لكن الشرطة قالت إنه لم يتم أصابة أي من الضباط.

وحثت العامة على تجنب المنطقة والبقاء في الداخل، وفقا لبيان.

وصف وزير العدل السويدي جونار سترومر عملية الشرطة بأنها “على قدم وساق” يوم الثلاثاء. وقال لوكالة الأنباء السويدية تي تي: “الحكومة على اتصال وثيق بالشرطة، وتتابع عن كثب التطورات”، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.

ويتم نقل الطلاب من المدارس المجاورة لموقع إطلاق النار في أوريبرو، التي تقع على بعد 160 كيلومترًا (100 ميل) غرب العاصمة السويدية ستوكهولم.

وقال بيان الشرطة: “الخطر لم ينته بعد. يجب على الجمهور أن يستمر في البقاء بعيدًا”.

ذكر أحد شهود العيان أصوات الرعب التي ملأت ممرات المدرسة، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس، نقلاً عن صحيفة إكسبرسن السويدية.

وقال أندرياس سوندلنج، 28 عامًا، أثناء تواجده في أحد الفصول الدراسية: “سمعنا ثلاثة انفجارات وصراخ. الآن نحن نجلس هنا في انتظار إخلائنا من المدرسة. المعلومات التي تلقيناها هي أنه يجب علينا الجلوس والانتظار”.

تقدم مدرسة ريسبيرجسكا دورات على مستوى المدرسة الابتدائية والثانوية العليا، وللطلاب الذين تبلغ أعمارهم 20 عامًا وما فوق – بما في ذلك الفصول الدراسية للمهاجرين، بالإضافة إلى التدريب المهني.

مقالات مشابهة

  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • غارة جوية تشعل منطقة القرن الأفريقي.. قذائف طائرة مسيرة تثير الجدل بين جيبوتى وإثيوبيا.. وأديس أبابا تلتزم الصمت
  • بكثير من الفرح والأمل.. نازحو ود مدني يعودون لبيوتهم التي هجروها بسبب الحرب
  • مقتل شخص وإصابة خمسة في حادث إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية
  • عاجل. إطلاق نار في مستودع بأوهايو يسفر عن إصابة خمسة أشخاص
  • 55 قتيلاً وجريحاً بهجوم روسي في شرق أوكرانيا
  • هل تقلل الأسواق المالية من خطورة الحرب التجارية التي أشعلها ترامب؟
  • إطلاق النار على خمسة أشخاص في مدرسة بوسط السويد
  • خمسة وزراء خارجية عرب في رسالة لواشنطن: لا لتهجير الفلسطينيين من غزة