خبراء إيرانيون: هكذا سينعكس وقف إطلاق النار بلبنان على عملية الوعد الصادق 3
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
طهران- بعد ترقّب وانتظار طويلين وبلوغ العمليات العسكرية على بيروت وتل أبيب ذروتها قبيل الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي ولبنان، ترى الأوساط الإيرانية في دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ "هزيمة للجانب الإسرائيلي الذي فشل في إعادة المستوطنين إلى البلدات الواقعة شمال الأراضي المحتلة".
فعلاوة على رغبة الرئيس الأميركي جو بايدن وخلفه الرئيس المنتخب دونالد ترامب في وضع حد للعمليات القتالية في جبهة جنوب لبنان، يرى مراقبون في إيران أن مساعي الدبلوماسية والميدان كانا قد وضعا تطورات جبهة جنوب لبنان على سكة خفض التصعيد تمهيدا لتطبيق النموذج لاحقا في قطاع غزة.
"إيلام العدو"
في غضون ذلك، يعلّق الباحث السياسي الإيراني مهدي عزيزي، على وقف إطلاق النار في لبنان بأنه تحقق بفضل معادلة الردع "حيفا مقابل الضاحية الجنوبية، وتل أبيب مقابل بيروت" التي تبناها حزب الله. موضحا أن بلاده سبق أن ربطت حدة عمليات "الوعد الصادق 3″ -التي تحضر لتنفيذها ردا على الهجوم الإسرائيلي الشهر الماضي- بقبول الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير عزيزي إلى أن تصعيد فصائل المقاومة جاء متناسبا وتقديراتها بشأن الجبهة الداخلية الإسرائيلية وضغطها على قادة الاحتلال الإسرائيلي، وكشف عن إرسال بلاده تصورا مكونا من عدة خطوات "بشأن إيلام العدو الإسرائيلي" انطلاقا من جنوب لبنان وإرغامه على القبول بالهدنة من دون السماح بتحقيقه أيا من أهدافه في الجبهة الشمالية.
ووفقا للمتحدث، فإن غرفة عمليات فصائل المقاومة كانت أقرت خطة محكمة وأبلغتها مؤخرا للجهات المعنية في جنوب لبنان للتصعيد الممنهج لشل كبرى المدن الإسرائيلية من جهة وزيادة أعداد النازحين من جهة أخرى ليكونوا عبئا مضافا على الحكومة الإسرائيلية.
وعما إذا كان قبول حزب الله بوقف إطلاق النار في لبنان من دون غزة تراجعا من المقاومة اللبنانية أمام الضربات الإسرائيلية، يقول الباحث الإيراني إن فتح جبهة جنوب لبنان جاء إسنادا لغزة و"حزب الله ضحى بأغلى ما يملكه من أجل هذا الهدف النبيل، والهدنة ليست سوى خطوة تكتيكية لإعادة تموضعه وتأهيل قوته البشرية والتسليحية".
وتابع عزيزي، أن ما قبِل به حزب الله مؤخرا ليس جديدا بل عودة إلى القرار الأممي (1701) المتفق عليه إثر حرب تموز عام 2006، مستدركا أن "الكيان الإسرائيلي هو الذي خرق هذا القرار"، متوقعا تكرار خروقاته خلال الفترة المقبلة ما سيحتم على حزب الله اتخاذ "خطوات رادعة"، واستدرك أن الأخير لديه أوراق قوة قد "تَجرّع مرارتها" الجانب الإسرائيلي، وأنها ستكون ضامنا لصمود الهدنة هذه المرة.
وأضاف الباحث السياسي، أن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي قد حمّل كبير مستشاريه علي لاريجاني رسالة إلى الجهات المعنية في بيروت تؤكد وقوف الجمهورية الإسلامية إلى جانب المقاومة اللبنانية على شتى الصعد، وأن حق الموافقة على وقف إطلاق النار أو رفضها بيد قادة حزب الله فقط.
ورأى أن قدرات المقاومة اللبنانية ستختلف عما هي عليه في اليوم التالي من وقف إطلاق النار؛ ذلك أن أحد المسوغات للقبول بالهدنة إعادة تنظيم وتأهيل وتطوير قدرات الحزب، مؤكدا أن وتيرة التنظيم والتسليح والتدريب ستبدأ وفقا لمتطلبات المرحلة.
وبعد مرور نحو شهرين على إلغاء رحلاتها إلى بيروت، أعلنت الخطوط الجوية الإيرانية -قبيل دخول اتفاق وقت إطلاق النار حيز التنفيذ- استعدادها لاستئناف الرحلات الجوية إلى لبنان.
"هزيمة لإسرائيل"
ونقلت وكالة أنباء تسنيم المقرّبة من الحرس الثوري عن حسام قربان المتحدث الرسمي باسم شركة الطيران الوطنية (هما) قوله إنه في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، فإن أسطولنا الجوي مستعد لاستئناف رحلاته إلى بيروت والقيام بواجبه الوطني وفقا للقوانين الدولية وتنفيذا لتوجيهات الحكومة الإيرانية.
من جانبه، يقرأ الباحث السياسي جلال جراغي، قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الذي كان يتحدث عن تغيير خارطة الشرق الأوسط- بوقف إطلاق النار "من دون أن يتمكن من إعادة سكان شمالي الأراضي المحتلة إلى منازلهم" في سياق اعترافه الضمني بالهزيمة، وأن تهديداته ضد إيران ليست سوى هروب إلى الأمام.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح جراغي أنه لا يمكن إبعاد عناصر حزب الله إلى وراء نهر الليطاني ذلك "لأن سكان المناطق الجنوبية للنهر حتى حدود فلسطين المحتلة يشكلون حاضنة كبيرة جدا للمقاومة اللبنانية".
ورأى، أن الهدنة تفوّت على نتنياهو تسجيل إنجاز في عدوانه على لبنان، وتُفشل "محاولته الرامية إلى افتعال مؤامرة داخلية في هذا البلد متعدد الطوائف"، واعتبرها نجاحا للمقاومة؛ "إذ سدّت الطريق على تل أبيب في استدراج الحلقات الأخرى إلى حرب واسعة".
ويرجّح الباحث الإيراني أن يكون قبول حزب الله بوقف إطلاق النار في لبنان من دون غزة نابعا عن تلقيه وعودا من الوسطاء الغربيين بالعمل على وقف القتال في القطاع في الخطوة المقبلة.
وتابع، أن سكان شمال إسرائيل "حتی وإن عادوا في اليوم التالي للهدنة إلى منازلهم فإنهم سيعيشون كابوس الهجوم المباغت على غرار عملية طوفان الأقصى، ناهيك عن أن أعدادا كبيرة منهم لن يعودوا إلى منازلهم".
ورأى جراغي أن بلاده تعمل على المستويين الرسمي والشعبي لإعادة إعمار المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، موضحا أنه لا تغيير في الدعم الإيراني للمقاومة وأن تجربة إعمار جنوب لبنان ما بعد حرب يوليو/تموز 2006 ستتكرر بعد اليوم.
ولدى إشارته إلى أن طهران تعتبر حزب الله جزءا من أمنها القومي، خلص إلى أن الدعم الإيراني للمقاومة اللبنانية سيتناسب وعقيدة الجمهورية الإسلامية للأمن القومي، مؤكدا أن طهران "لم ولن تتخلى عن حلفائها".
"مجرم حرب"وعلى منصات التواصل الاجتماعي، فقد كتب مدير "المركز العربي للدراسات الإيرانية" محمد صالح صدقيان، على منصة إكس، أن "نتنياهو وافق على وقف إطلاق النار في لبنان في إطار تنفيذ القرار 1701 من دون أن يحقق أهدافه الإستراتيجية التي وعد بها".
وتابع، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إنه يريد التفرغ لمواجهة التهديدات الإيرانية "وهو يعلم جيدا أن الرد الإيراني لا يزال على الطاولة وينتظر الزمان المناسب، وأن أية حماقة منه تعني استعجال الرد، خصوصا أنه الآن مجرم حرب مطارد من قبل المجتمع الدولي".
أما أستاذ العلاقات الدولية مصطفى نجفي، فلا يستبعد استئناف الحرب في جبهة جنوب لبنان خلال الفترة المقبلة انطلاقا من إمكانية خرق وقف إطلاق النار، وتوقع أن يؤدي ذلك إلى تسريع تنفيذ إيران ردّها العسكري على إسرائيل، معتبرا أن مفاوضات الهدنة شكلت سببا رئيسا لتأجيل بلاده هذا الرد.
وفي سلسلة تغريدات على منصة إكس، خلص نجفي إلى أن وقف إطلاق النار في لبنان لا يعني بالضرورة خفض التوتر في المنطقة، وإنما قد يرفع التصعيد المباشر بين إيران وإسرائيل.
ورأى، أنه مع الهدنة في لبنان سيركز الجيش الإسرائيلي على جبهة غزة، كما أن وقف إطلاق النار في جبهة الشمال قد يعرّض نتنياهو إلى أزمة سياسية داخلية، لأن أطيافا مختلفة في إسرائيل تعتبرها "هزيمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار فی لبنان جبهة جنوب لبنان حزب الله على وقف إلى أن من دون
إقرأ أيضاً:
غارة إسرائيلية تقتل شخصين وتصيب عاملين سوريين بجنوب لبنان
أودت غارة جوية إسرائيلية على بلدة زبقين في جنوب لبنان، اليوم الأحد، بحياة شخصين على الأقل، فيما أصيب عاملان سوريان، وفق مصادر رسمية ومحلية.
وكشفت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن الغارة الإسرائيلية استهدفت حفارة تعمل في استصلاح الأراضي، بالإضافة إلى سيارة مجاورة، ما أدى إلى مقتل سائق الحفارة وصاحبها، بينما أصيب العاملان السوريان اللذان كانا في موقع العمل.
وتأتي هذه الضربة ضمن سلسلة استهدافات متواصلة تشهدها مناطق متفرقة من جنوب لبنان وشرقه، على الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار -الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- حيز التنفيذ.
من جهته، زعم المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على منصة "إكس" أن الغارة استهدفت "عنصرين من حزب الله" كانا يعملان -وفق الرواية الإسرائيلية- على "إعادة بناء بنى تحتية إرهابية" باستخدام آلية هندسية في منطقة زبقين.
وحتى السبت، ارتكبت إسرائيل 1384 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار، مخلفة 117 قتيلا على الأقل و366 جريحا، وفق البيانات الرسمية.
وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان في 23 سبتمبر/أيلول 2024، قتلت خلاله أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت 17 ألفا آخرين، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
إعلان