هناك سبب وجيه جدًا يجعل طلبة الجامعات يتوقفون عن القراءة
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
ترجمة: بدر بن خميـس الظفري
ففي عام 2011، قمتُ بتدريس مقرر دراسي جامعي حول معنى وقيمة العمل. كان مقررًا تعليميًا عامًا، من النوع الذي يقول الطلبة إنهم يجب أن «يتجاوزوه» قبل الانتقال إلى مقرراتهم الرئيسية. كان عدد قليل من الطلبة متحمسين للقراءة، وكان العديد منهم يشغلون وظائف تقيّد وقت دراستهم.
لقد كلفتـُهم بقراءة تسعة كتب.
بعد 13 عامًا مرت خلالها جائحة كورونا وظهور الذكاء الاصطناعي، تبدو قائمة القراءة هذه ليست طموحة فحسب، بل وعبثية أيضًا، فأنا لم أكلف الطلبة بقراءة كتاب كامل منذ أربع سنوات.
على مستوى البلاد، يتحدث أساتذة الجامعات عن انخفاض حاد في رغبة الطلبة وقدرتهم على القراءة بأنفسهم. للتكيف مع الوضع، يكلف المعلمون الطلبة بقراءة أقل ويمنحون الطلبة وقتًا في الفصل لإكمالها.
من السهل أن نحزن على غياب مسار موثوق به للتعلم وحتى المتعة. لكنني بدأت أعتقد أن الطلبة الذين لا يقرأون يستجيبون بشكل عقلاني لرؤية الحياة المهنية التي يقدمها لهم مجتمعنا. في هذه الرؤية، لا تعتمد الإنتاجية على العمل، ولا علاقة لكمية الراتب بالموهبة أو الجهد. لعقود من الزمان، قيل للطلبة أن الدراسة في الكلية تتعلق بالاستعداد للحصول على وظيفة ولا شيء آخر. إن فهم وتحليل أفكار كاتب ما لا يبدو مفيدًا في عالم يعتمد فيه النجاح غالبًا على الصور والهاشتاقات.
اشترك في نشرة (أوبينيون توداي) الإخبارية، واحصل على تحليل خبير للأخبار ودليل للأفكار الكبيرة التي تشكل العالم كل صباح من أيام الأسبوع. احصل عليه في الصندوق الوارد الخاص بك.
إن الإعلانات الأخيرة التي أطلقتها شركة آبل للذكاء الاصطناعي توضح هذا المنظور بوضوح. ففي أحد الإعلانات، تستخدم الممثلة بيلا رامزي الذكاء الاصطناعي للتعويض عن عدم قراءة العرض الذي أرسله لها وكيلها. وتنجح الاستراتيجية، ويتقدم المشروع إلى الأمام. وسواء كان المشروع جيدًا حقًا أم لا، فإن الانطباع الذي يخلقه يكفي لإنجاحه.
في مقاطع الفيديو مثل «يوم في حياتي» على تيك توك والتي كانت شائعة قبل بضع سنوات، تظهر الحياة العملية على أنها سهلة وممتعة، مع القليل من الحاجة إلى التفكير الجاد. يبدو أن الوظائف المؤسسية الأولية تدور حول الحفلات على أسطح المنازل والطعام المجاني وفعاليات بناء الفريق، أكثر من الاستمتاع بأسلوب حياة أكثر من القيام بعمل حقيقي. الوظيفة التي كان يحلم بها العديد من الناس هي أن يكونوا مؤثرين، وهي فكرة تنتشر بسرعة البرق.
إن الطلاب الجامعيين الأكثر وضوحًا هم الرياضيون الكبار، الذين يمكنهم في هذه الأيام كسب المال، في بعض الحالات، ملايين الدولارات، من خلال صفقات الرعاية. ولكن مهما بذل هؤلاء الطلاب من جهد، فإن مكاسبهم رسميا ليست لعملهم في الميدان ولكن لتسويقهم خارجه.
بمجرد تخرج الطلاب، فإن الوظائف التي يرغبون فيها بشدة تكون فيما يطلقون عليه بفخر مجالات «البيع» في التمويل والاستشارات والتكنولوجيا. وبالنسبة للغرباء، فإن هذه الصناعات مجردة وغير شفافة، وتتاجر بالثرثرة والمصطلحات الغريبة. ولكن هناك أمرا واحدا مؤكدا: وهو أن المال موجود هناك. وفي المجمل يبدو الأمر وكأن النجاح لا يأتي من المعرفة والمهارة بل من الحظ والدعاية والوصول إلى الشركات المناسبة. وإذا كان هذا هو الاقتصاد الذي يعتقد الطلبة أنهم يبحثون عنه، فلماذا إذن يبذلون جهدا في القراءة؟ وفي هذا السياق، كيف يمكن لأي جهد في المدرسة أن يعدهم لمهن لا يكافأ فيها الجهد جيدًا على ما يبدو؟
مع وضع كل هذا في الاعتبار، من السهل أن نشعر بالإحباط إزاء قيمة التعلم والتعليم، والجامعات، في الوقت نفسه، لا توفر الطمأنينة بهذا الخصوص. فهي تؤكد في كثير من الأحيان على أن الحصول على درجة علمية يتعلق في الأساس بزيادة إمكانات الكسب. بل إن العديد منها تتبنى ثقافة المؤثرين ومن المرجح أن تستفيد من الاتجاهات المنتشرة حاليا مثل برنامج (بهاما رَشْ)، ومن المؤكد أنها لا ترفض شركات التوظيف التقليدية.
لكن التدريس مهنة مفعمة بالأمل بطبيعتها، وبقدر ما يقلقني الطلبة، فإنهم يمنحونني الأمل أيضًا. غالبًا ما أرى طلابي في الكتابة يدفعون أنفسهم إلى ما هو أبعد من السهل أو العقلاني. إنهم متحمسون لمشاريعهم البحثية؛ وأحيانًا يفكرون حتى في ما إذا كان عليهم استخدام النقطة أو الفاصلة المنقوطة لفصل جملتين.
الحقيقة هي أن ليس كل الطلبة راضون عن مجرد الانجراف مع التيار. يطمح البعض إلى القيام بعمل يقدم أكثر من مجرد مكافآت مالية. حتى أن بعض المتخصصين في التمويل يشتركون في هذه العقلية. ثم هناك أولئك، بارك الله فيهم، الذين تدفعهم الرغبة في التعلم ويتركون المخاوف بشأن حياتهم المهنية المستقبلية لوقت لاحق.
في نهاية المطاف، يعود الأمر إلى الطلبة في اختيار ما إذا كانوا سيقاومون الركود الفكري أم لا. ويتلخص دوري في أن أظهر لهم أن الانخراط العميق أمر يستحق الجهد المبذول، مثل: القراءة والتأمل والتفكير النقدي والمراجعة وإعادة القراءة والمناقشة وصقل أفكارهم. وخلال الوقت الذي يقضونه في صفي، أستطيع أن أمنحهم الفرص لتحدي عاداتهم ورؤية النتائج بأنفسهم.
أعلم أنني بحاجة إلى البدء في تكليف الطلبة بقراءة الكتب مرة أخرى. ربما تكون تسعة كتب أكثر مما ينبغي، ولكن مع كتاب واحد؟ هم قادرون على التعامل مع كتاب واحد. وفي الفصل الدراسي المقبل، سوف يكونون قادرين على قراءة كتاب واحد فقط.
• جوناثان ماليسيك مؤلف كتاب "نهاية الإرهاق". وهو يدرس مهارة الكتابة في جامعة ساوثرن ميثوديست.
** خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بعد مائة عام سيدة تعيد كتاب استعاره جدها من مكتبة
نيويورك
اكتشفت سيدة تدعي ماري كوبر في بلدة بيركلي بولاية نيوجيرسي الأميركية، عندما من منزلها إلى منزل آخر، قطعة أثرية متمثلة في كتاب استعير من مكتبة وتأخر موعد عودته 99 عاماً.
وأحضرت كوبر البالغة من العمر 81 عاماً، أثناء انتقالها صناديق تحتوي على متعلقات والدتها الراحلة إلى منزلها الجديد، وبفرز هذه المتعلقات بعد الانتقال، اكتشفت ذلك الكتاب الثمين.
وقالت كوبر، لشبكة سي إن إن: “كنت أتصفح الكتب ووجدت كتاباً عن كيفية صنع الألعاب للأولاد والبنات، فكرت هذا كتاب أنيق ربما يعجب ابني، فهو يحب بناء الأشياء”.
وعندما فتحت كوبر كتاب الذي يحمل عنوان “الألعاب المصنوعة منزلياً للفتيات والأولاد” للكاتب نيلي هول، أدركت أنه تمت استعارته في مارس 1926، من مكتبة بمقاطعة أوشن في نيوجيرسي، في العام السابق لوفاة جدها تشارلز تيلتون.
وكان جد كوبر الذي استعار الكتاب من الأساس لديه اهتمام بالحرف اليدوية، حيث كان يعمل نجاراً وصانع قوارب.
ويعد الكتاب الذي نُشر في عام 1911، دليل تعليمات مصورة للألعاب البسيطة المصنوعة من الخشب والمعادن والأدوات المنزلية، وقالت كوبر: “كانت لديه فتاة صغيرة، أمي… أتخيل أنه كان يرغب في صنع بعض الألعاب لها”.
وتتذكر كوبر أن والدتها فإن والدتها كانت تشاركها قصصاً عن جدها فهي ليس لديها أي ذكريات شخصية مع جدها لأنه توفي قبل ولادتها، وقالت لها أمها ذات مرة إنه بنى لها قوارب شراعية خشبية، والتي تبرعت بها كوبر لاحقاً لجمعية تاريخية في نيوجيرسي.
وأدركت كوبر عندما وجدت الكتاب أنه حان الوقت لإعادته، وعند دخول فرع المكتبة، لم تتوقع كوبر ماذا سيحدث، لكنها كانت تأمل في أن ترغب المكتبة في استعادة الكتاب.
لم تتخيل كوبر أبداً الإثارة التي قد تُحدثها، وكانت قلقة أيضاً من أن المكتبة ستفرض عليها رسوم تأخير، والتي مازحها الموظفون بأنها ستصل إلى 18 ألف دولار إذا أرادوا فرض غرامة.
وأشارت كوبر إلى أن موظفة المكتبة قالت لها عندما رأت الكتاب: “يا إلهي، هذا الكتاب عمره 100 عام تقريباً… لا تتحركي… لا تذهبي إلى أي مكان”، وجاء ما لا يقل عن 10 أشخاص وأرادوا رؤية الكتاب ولمسه.
يذكر أن الكتاب الآن معروض ليراه أي شخص ومحفوظ في صندوق مقفل مع تذكارات أخرى بالمكتبة.