خذلتنا الأمم المتحدة.. مؤسس لـBDS يدعو لإصلاحات جذرية أممية تحمي من الاستعمار
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
أكد المؤسس المشارك لحركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS"، عمر البرغوثي، إن الأمم المتحدة كانت تعاني من ضمور في القوة والمصداقية وحتى الأهمية قبل وقت طويل من تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في كانون الثاني/ يناير 2025.
وقال البرغوثي في مقال نشره عبر صحيفة "الغارديان": إن "المنظمة الدولية واجهت العديد من التحديات منذ إنشائها في عام 1945 في ظل الفصل الأكثر فظاعة في التاريخ البشري الحديث، ومع ذلك، فإن فصولا قليلة من تاريخ الأمم المتحدة كانت أكثر قتامة من وقوفها موقف المتفرج بينما تبث إسرائيل الإبادة الجماعية ضد 2.
وأضاف الحائز مشاركة على جائزة "غاندي" للسلام عام 2017، أن حقيقة حصول الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها "إسرائيل" مسلحة وممولة ومحمية من المساءلة من قبل الدول الغربية القوية بقيادة الولايات المتحدة، جعلت هذا الإفلات من العقاب أكثر وضوحا من أي وقت مضى.
وأوضح أن "النفاق الغربي وصل في فرض أشد نظام عقوبات على روسيا على الإطلاق بعد غزوها لأوكرانيا في عام 2022، مع تمكين إسرائيل بالكامل من الإبادة الجماعية والنظام الاستعماري الاستيطاني والفصل العنصري والاحتلال العسكري غير القانوني الذي استمر لعقود من الزمان، إلى مستويات غير مسبوقة، مما يجعل ادعاء الغرب بأنه يهتم بحقوق الإنسان العالمية أمرا مثيرا للسخرية".
وأشار إلى أنه "في مناقشة حديثة للأمم المتحدة حول غزة، دعا وزير خارجية إندونيسيا الدول إلى عدم دفن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي تحت أنقاض المعايير المزدوجة وعجز الثقة ولعبة المحصلة الصفرية"، وقد صاغ عالم الاجتماع الكونغولي الأمريكي بيير فان دن بيرغ مصطلح "herrenvolk democracy"، أي ديمقراطية العرق السائد، ولكنها قامعة للمجموعات التابعة".
وأكد أن "القوة تساوي الحق" التي تحوم فوق الأنقاض ووسط الجثث الفلسطينية التي لا نهاية لها في غزة، إلى جانب صعود الفاشية في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى، تشكل تهديدا موثوقا به بانزلاق العالم إلى عصر من القانون الدولي الذي يمارسه الظالمون الأقوياء حصريا ضد من يمكن الاستغناء عنهم والمضطهدون الذين يجرؤون على مقاومة الخضوع والسعي إلى التحرر.
وذكر أن معاينة قد جاءت لهذا في وقت سابق من هذا العام، عندما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "إذا لم تكن على الطاولة في النظام الدولي، فسوف تكون على القائمة [قائمة الطعام]".
وفي هذا السياق، لم يكن إصدار المحكمة الجنائية الدولية لمذكرات الاعتقال التي طال انتظارها ضد بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر ليأتي في وقت أكثر ملاءمة، ورغم التأخر بعد سقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين ضحايا، فإن قرار المحكمة الجنائية الدولية يعطي بصيص أمل في أن يرى الفلسطينيون بعض مظاهر العدالة من لاهاي بعد سنوات من المراوغة واللامبالاة القاتلة.
وأوضح أن "الأمر الحاسم هنا هو أن قرار المحكمة الجنائية الدولية هذا، الذي يتحدى سنوات من التهديدات المروعة والبلطجة من جانب إسرائيل والولايات المتحدة، قد يساعد أيضا في إعادة تأهيل سيادة القانون الدولي، جزئيا على الأقل، عندما فقد كثيرون، وخاصة في الجنوب العالمي، ثقتهم به".
وأشار إلى أن "التعامل مع قرار المحكمة الجنائية الدولية المتأخر باعتباره انتصارا نهائيا للعدالة على القوة الغاشمة سيكون غير واقعي، إن لم يكن وهميا تماما، كما أنه من شأنه أن يحولنا جميعا إلى متفرجين على مسرحية حيث لا نلعب أي دور".
وأضاف أنه من بين العديد من الأشياء التي تحتاج إلى إصلاح في هذا العالم لوقف الإبادة الجماعية في غزة ومنع أي قوة من تكرار ما حدث في غزة مع أي مجتمع ضعيف، فإن إنهاء الاستعمار من جانب الأمم المتحدة قد يكون على رأس الأولويات، وتولي زعيم مدمر للبيت الأبيض السلطة يجعل هذه المهمة أكثر إلحاحا.
وقال إن "إنهاء الاستعمار في الأمم المتحدة يعني عملية تحويلية تدمج وجهات نظر المجتمعات والأمم المهمشة والأكثر تضررا، وخاصة تلك التي لا تزال تعاني من وطأة الإرث الاستعماري، الذي تجلى في عبودية القروض، والتنمية غير المتكافئة، والنهب الصريح للموارد الطبيعية".
وبين البرغوثي أن "هذه العملية الجذرية التدريجية تهدف إلى استعادة الأمم المتحدة باعتبارها تراثا للإنسانية جمعاء، وباعتبارها المنظمة الوحيدة القادرة على تجسيد مبادئ العدالة والسلام والكرامة الإنسانية والخلاص الجماعي".
وقال إن "هذه العملية المتعددة الأوجه، والتي تتطلب قدرا استثنائيا من المتطلبات، تستلزم معالجة قضايا التمثيل الديمقراطي الشامل الحقيقي، وإلغاء حق النقض، وتجديد هيكل الأمم المتحدة المتضخم إلى حد كبير، وجعله أكثر رشاقة، وأكثر كفاءة، وبالتالي أقل فسادا وأقل اعتمادا على السخاء المشروط من واشنطن وغيرها من العواصم الغربية. إن الرواتب والمزايا المرتفعة بشكل مثير للسخرية التي يحصل عليها كبار المسؤولين في الأمم المتحدة من الغرب في الغالب يمكن أن تخفف من حدة الفقر في الدول الصغيرة".
وأكد أن "نقل مقر الأمم المتحدة من المنطقة التي سيحكمها ترامب قريبا إلى منطقة أكثر ديمقراطية وأقل استبدادا مثل جنوب إفريقيا قد يكون أمرا بالغ الأهمية في هذه العملية. وغني عن القول إن جنوب إفريقيا ليست يوتوبيا، لكنها ترمز إلى انتصار الإنسانية والديمقراطية على حقبة قاسية من الاستعمار الاستيطاني الغربي والفصل العنصري، على الرغم من الطريق الطويل الذي ينتظرنا لإنهاء الظلم الاقتصادي والاجتماعي".
وأوضح أنه "تحسبا لغضب الإمبراطور الحتمي في واشنطن، والخفض الشديد المتوقع لمساهمات الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وبروح إنهاء الاستعمار والديمقراطية، أقترح فرض ضريبة سنوية تصاعدية للأمم المتحدة على كل شخص بالغ في جميع أنحاء العالم، تحسب وفقا لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كل دولة وتدفعها الدول نيابة عن مواطنيها".
ولفت إلى انه من المتوقع أن يدفع مواطن سنغافورة أو قطر، على سبيل المثال، أكثر بكثير من مواطن جنوب السودان أو أفغانستان، لكن الجميع يساهمون في حكومة العالم. إن هذا الحق في إبداء الرأي في حوكمة الأمم المتحدة وفعاليتها للحفاظ على استقلالها وفعاليتها القصوى في التعامل مع التحديات الأكثر إلحاحا التي تواجه البشرية، والتعبير حقا عن شوق أغلب البشرية إلى عالم أكثر نظافة وأمانا واستدامة وأقل عسكرة وأكثر سلاما وعدالة. وسوف تحكم الشركات المتعددة الجنسيات قواعد صارمة تضع الناس والكوكب في المقام الأول قبل الجشع والربح الدموي.
وختم أنه قد يبدو كل هذا مثاليا للغاية، بل وحتى مستحيلا، نظرا لديناميكيات القوة السائدة في الأمم المتحدة والعالم بأسره. ولكن العديد من التغييرات في التاريخ بدأت بأفكار خارجة عن المألوف وغير تقليدية قد تبدو مستحيلة حتى تصبح ممكنة. ونحن، بقدرتنا على التصرف، نستطيع أن نجعلها ممكنة.
وقبل أن تحول الموجة الصاعدة من الفاشية والجنون الإمبريالي الأمم المتحدة إلى هيئة في غيبوبة حقا، وقبل أن ينتهي الأمر بمزيد من الدول إلى "القائمة"، يتعين علينا جميعا أن نتخيل واقعا مختلفا وأن نسعى بكل ما أوتينا من قوة لتحقيقه. فليس لدينا سوى عالم واحد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية عمر البرغوثي الأمم المتحدة فلسطيني الأمم المتحدة فلسطين الاحتلال حركة المقاطعة عمر البرغوثي المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الجنائیة الدولیة الإبادة الجماعیة فی الأمم المتحدة فی غزة
إقرأ أيضاً:
خطوة أممية جديدة لمواجهة الجرائم الدولية
تبنت اللجنة القانونية في الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار تاريخي يمهد الطريق لصياغة أول معاهدة دولية تهدف إلى مكافحة الجرائم ضد الإنسانية ومعاقبة مرتكبيها.
القرار، الذي حظي بإجماع الدول الأعضاء، يمثل نقلة نوعية في الجهود الأممية لتعزيز القانون الدولي الإنساني.
وفي سياق هذه الخطوة، وضمن فقرات برنامج غرفة الأخبار في "سكاي نبوز عربية" ناقش الخبير القانوني الدولي أيمن سلامة أبعاد القرار، الذي أوضح أهمية هذه المعاهدة وتحديات تنفيذها على أرض الواقع.
الجمعية العامة أم مجلس الأمن: أين يُصنع القانون الدولي؟
استعرض أيمن سلامة الفرق بين الجمعية العامة ومجلس الأمن في التعامل مع مثل هذه القضايا.
وأوضح أن الجمعية العامة، التي تضم 193 دولة، هي الهيئة التي تتولى صياغة المعاهدات الدولية ومناقشة القضايا التشريعية الكبرى.
في المقابل، أشار إلى أن مجلس الأمن يتمتع بصلاحيات تنفيذية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لكنه يخضع في كثير من الأحيان لاعتبارات سياسية خاصة بالدول دائمة العضوية.
وأضاف سلامة أن هذا المشروع يُظهر أهمية الجمعية العامة كمنصة تشريعية تمثل الإرادة الجماعية للدول الأعضاء.
هل ستكون للمعاهدة أنياب؟
تساءل سامي قاسمي عما إذا كانت المعاهدة المرتقبة ستُحدث تغييرًا ملموسًا أم ستظل إطارًا قانونيًا دون تطبيق فعلي. ورد أيمن سلامة بأن القانون الدولي نفسه قوي ومتقدم، لكن المشكلة تكمن في الدول التي تلتف على هذه القوانين أو تتجاهلها.
وأشار إلى أن انتهاكات إسرائيل الصارخة للقانون الدولي تمثل تحديًا واضحًا، حيث تستخدم إسرائيل قوتها العسكرية لتجاوز المعاهدات الدولية دون محاسبة.
وأكد أن تنفيذ المعاهدات يتطلب إرادة سياسية دولية، فضلًا عن آليات قوية لضمان الالتزام بها.
لماذا الانتظار حتى 2029؟
ناقش البرنامج سبب التأخير المتوقع في اعتماد المعاهدة حتى عام 2029.
وأوضح أيمن سلامة أن المصالح الذاتية للدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، تعرقل التقدم السريع في هذا المجال.
وأضاف أن هناك أمثلة عديدة على تأخر التصديق على المعاهدات الدولية، مثل اتفاقية الإبادة الجماعية التي استغرق التصديق عليها عقودًا، وإسرائيل التي ترفض حتى الآن التوقيع على البروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف لعام 1977.
ما الذي ستضيفه المعاهدة؟
تطرق النقاش إلى ما يمكن أن تضيفه المعاهدة الجديدة، إذا ما تم تنفيذها، حيث أشار سلامة إلى أن المعاهدة ستؤسس إطارًا قانونيًا يجرم أفعالًا مثل الإبادة، الاستعباد القسري، وغيرها من الجرائم الكبرى، سواء في أوقات السلم أو النزاع.
ورغم ذلك، شدد على أن القانون الدولي لا يملك أدوات تنفيذية مثل الجيوش أو القوة المادية لفرض قوانينه، مما يجعل الالتزام الدولي شرطًا أساسيًا لنجاح أي معاهدة.
ختام الحلقة: آفاق جديدة للقانون الدولي
اختتم سامي قاسمي الحلقة بالتأكيد على أهمية هذه المعاهدة كخطوة نحو تعزيز العدالة الدولية ومواجهة الجرائم ضد الإنسانية.
واعتبر أن تبني مثل هذه المعاهدات يبعث برسالة قوية ضد الإفلات من العقاب، رغم العقبات التي تواجه التنفيذ.