تسرب مقلق في محطة الفضاء الدولية يحدث شرخا بين روسيا وأميركا
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
تواجه محطة الفضاء الدولية تحديا كبيرا يهدد استمراريتها خلال السنوات القليلة القادمة بعدما كشف تقرير صادر عن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أن ثمة تسريبا غامضا للهواء منذ عام 2019 في وحدة "بي آر كي" الروسية، التي تربط بين وحدة الخدمة "زفيزدا" والهيكل الرئيسي للمحطة.
وعلى الرغم من الجهود المشتركة بين وكالتي الناسا وروسكوزموس -وكالة الفضاء الاتحادية الروسية- خلال السنوات الماضية، فإن سبب التسريب لا يزال مجهولا.
ووفقا للتقرير الحديث، فإن التسريب يزداد خطورة ويهدد خطة تشغيل المحطة حتى عام 2030. وأشار رئيس لجنة استشارات المحطة الدولية في الناسا بوب كابانا إلى احتمال حدوث "فشل كارثي" إذا لم يتم التعامل مع المشكلة بجدية. في المقابل، قللت روسكوزموس من أهمية الأمر، مؤكدة أن العمليات المستقبلية للمحطة لن تتأثر. ويعكس هذا التباين في التقديرات الاختلاف في التقييمات الهندسية وأيضا تعقيدات العلاقات الدولية في مجال الفضاء.
وتعد المحطة الفضائية الدولية مشروعا تعاونيا بين العديد من البلدان، وتساهم الولايات المتحدة بمكونات رئيسية، بما في ذلك وحدة مختبر ديستني وأنظمة الطاقة (مثل المصفوفات الشمسية) وتمويل كبير، وتوفر وكالة الناسا بعثات منتظمة إلى محطة الفضاء الدولية عبر مركبات فضائية تجارية.
أما روسيا فقد طوّرت وتشغّل وحدات مثل زاريا (أول وحدة أطلقت في عام 1998) وزفيزدا، التي توفر دعم الحياة في المحطة وأنظمة الدفع.
وكانت مركبات الفضاء الروسية من طراز سويوز، لسنوات عديدة، الوسيلة الأساسية لنقل رواد الفضاء من وإلى محطة الفضاء الدولية، وخاصة بعد انتهاء برنامج المكوك الفضائي الأميركي في عام 2011.
مستقبل مجهول لأعظم الإنجازات التقنيةتعمل محطة الفضاء الدولية بشكل مستمر منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2000، وتواجه بنيتها الأساسية تحديات تهدد عمرها الهندسي الافتراضي، فالعديد من أنظمتها يتجاوز عمرها 25 عاما، مما يجعلها عرضة للتلف التدريجي.
ومن المرجح أن تكون الإجهادات الميكانيكية المتراكمة، إضافة إلى اصطدامات النيازك الدقيقة والحطام الفضائي، قد ساهمت في ظهور شقوق صغيرة في جدران الوحدة الروسية.
يتسرب حاليا الهواء بمعدل كيلوغرام واحد يوميا، مع ارتفاع مؤقت بلغ 1.6 كيلوغرام في أبريل/نيسان الماضي. وبينما اتفقت الناسا وروسكوزموس على إغلاق الوحدة إذا تجاوز التسرب معدلا محددا، لم يتم الاتفاق بعد على تعريف هذا المعدل. ومن جهتها، تتخذ الناسا تدابير إضافية مثل تخصيص مقاعد إضافية في مركبات "سبيس إكس كرو دراغون" للطوارئ.
ومن المتوقع أن تُنهي محطة الفضاء الدولية خدمتها بحلول عام 2030، حيث ستدخل إلى الغلاف الجوي الأرضي لتتحلل وتتفتت بشكل آمن، ووفقا لوكالة الناسا، لا توجد خطط حالية لبناء محطة بديلة. وبدلا من ذلك، تركز الوكالة على مهمات مأهولة نحو القمر والمريخ، مما يمثل تحولا في أولويات استكشاف الفضاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات محطة الفضاء الدولیة
إقرأ أيضاً:
مشهد سياسي مقلق في مالي مع تسلم العسكر قيادة الحكومة
تعيش دولة مالي حاليا على وقع أزمات أمنية واقتصادية وتفاقم الأوضاع الإنسانية، إذ أصبح أكثر من 7 ملايين شخص في عموم البلاد يحتاجون إلى المساعدات والتدخلات الإنسانية العاجلة، بالإضافة إلى أكثر من 161 ألف طفل يعانون من المجاعة وسوء التغذية.
وفي ظل تلك الأوضاع وعلى وقع الخلاف المتصاعد بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي، أقال الجنرال آسيمي غويتا رئيس الوزراء المدني شوغيل كوكالا مايغا، وعين مكانه عضو المجلس العسكري الانتقالي اللواء عبد الله مايغا في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ولم يكن هذا التغيير الوزاري من الإجراءات العادية وإنما له أبعاد ودلالات متعددة، إذ جاء في سياق تأسيس حكومة معارضة في المنفى، بالإضافة إلى تزايد المطالب الداخلية بضرورة وضع فترة زمنية للمرحلة الانتقالية والعودة للمسار الديمقراطي.
وكان المجلس العسكري الذي تولى مقاليد السلطة بشكل رسمي في باماكو عام 2021 قرر تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في مارس/آذار 2024، لكنه عدل عن قراره دون الرجوع إلى الأطراف المدنية التي كانت تدعمه، الأمر الذي جعل رئيس الوزراء المقال يعبر عن استيائه ويقول إن الاستمرار في الحكم العسكري قد يدخل البلاد في أزمات عميقة.
شوغيل مايغا: الاستمرار في الحكم العسكري قد يدخل البلاد في أزمات عميقة (الفرنسية) الاستقرار الأمنيمع وصول الجيش للحكم عام 2021، لم يطرح قادة المجلس العسكري مسألة الخروج من الحكم ضمن أجنداتهم، وهذا جعل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" تفرض قيودا صارمة على التبادل التجاري مع باماكو.
وبعد فترة من الحصار استجاب المجلس العسكري لمطلب العودة للحياة الدستورية وقرر إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية عام 2024.
لكن حركة الانقلابات في الدول المجاورة، ودخول مالي في تشكيل ما بات يعرف بـ"تحالف دول الساحل" خلق ذريعة جديدة للعسكريين في البقاء على رأس المناصب السياسية، وقرروا تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى.
وعندما أرادت الأحزاب السياسية النزول للميدان أصدر رئيس الفترة الانتقالية مرسوما يقضي بتجميد عدد من الأحزاب والجمعيات معتبرا أنها تقوم بأعمال تخريبية. وحينها، قال رئيس الوزراء شوغيل مايغا إن تنظيم الانتخابات وتسليم السلطة للمدنيين مرهون بالاستقرار الأمني، وإكمال السيادة الوطنية على كامل الحدود.
وتماشيا مع توجيهات العسكريين آنذاك، قال شوغيل إن "من يريد الانتخابات في ظل التوترات الأمنية هم أعداء للوطن ولا يبحثون عن مصالحه"، وبحسب رأيه، فإن قرار تأجيل الانتخابات يشير إلى أن العسكريين لا يولون للديمقراطية قيمة مقابل البحث عن الاستقرار، والمواصلة في مشروع إكمال السيادة الذي جعل منه قادتهم في منطقة ليبتاكو غورما شعارا رئيسا لمشروعهم.
ومن جهته، يقول مدير إذاعة الصحراء محمد ولد سيد أحمد في حديث للجزيرة نت إن "العسكريين في مالي يركزون على تحقيق الاستقرار الأمني قبل التفكير في إعادة السلطة إلى المدنيين أو تنظيم انتخابات ديمقراطية".
آسيمي غويتا رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي (الفرنسية-أرشيف) إبعاد المدنيينومع مجيئهم للحكم، لم يخف أعضاء المجلس العسكري عدم اهتمامهم بالتكتلات والقوى السياسية من أحزاب وتيارات وجمعيات.
فبعد الانقلاب على إبراهيم بوبكر كيتا عام 2020 سلم الجيش رئاسة البلاد للمدنيين حيث تم تنصيب باه نداو رئيسا للدولة، ومختار وان رئيسا للوزراء.
لكن سرعان ما غير العسكر إستراتيجيتهم وأطاحوا بالحكومة المدنية في مايو/أيار 2021، وتسلم الجنرال آسيمي غويتا رئاسة البلاد وعين شوغيل مايغا رئيسا للوزراء من الجناح المدني، ولكن بعد 3 سنوات تحدث مايغا عن الانتخابات والعودة للمسار الديمقراطي، فأبعد عن قيادة الحكومة.
ويعتقد المحلل السياسي الحسين ولد حمود أن تصريحات رئيس الوزراء المقال بشأن العسكريين سببها الشعور بإبعاده كطرف مدني من رسم المسار السياسي لمستقبل مالي، حيث قال إنه لم يكن على علم بقرار تمديد الفترة الانتقالية قبل أن يسمعه في الإعلام مثل الجميع.
وفي حديث للجزيرة نت، قال ولد حمود إن إقصاء المدنيين من تسيير المرحلة الحالية هو نتيجة طبيعية لمسار الأحداث التي وقعت في فترة العسكريين، إذ تم فيها استخدام السياسيين الذين كانوا معارضة للرئيس السابق كيتا من أجل تشريع الانقلاب وتسويقه فقط.
وأضاف ولد حمود أن تباين الرؤى في "الحرب على الإرهاب" بين رئيس الوزراء المدني المقال وأعضاء المجلس العسكري كانت من الأسباب الرئيسة للقطيعة بين السياسيين والعسكريين.
وكان شائعا في الأوساط الإعلامية والسياسية أن العسكريين قلّصوا صلاحيات رئيس الوزراء ولم يكن ممسكا بكافة الملفات الحكومية.
وفي مرحلة مبكرة من الانقلاب العسكري، كشفت حركات سياسية عن نية القوات المسلحة في الالتفاف على الحكم، ففي عام 2020 حذر الإمام محمد ديكو من تفرد العسكريين برسم مستقبل البلاد ودعاهم إلى التخلي عن السياسة.
وعندما تم تعليق عمل الأحزاب، دعت الكثير من الشخصيات الدينية والسياسية إلى العصيان المدني واعتبرت أن الحكومة الانتقالية بعد 26 مارس/آذار 2024 لم تعد مؤهلة للتحدث باسم الشعب.
الإمام محمد ديكو كان قد حذر من تفرد العسكريين برسم مستقبل البلاد ودعاهم إلى التخلي عن السياسية (رويترز- أرشيف) أزمات إنسانيةيشير ولد حمود إلى أن خروج شوغيل مايغا عن مسار العسكريين يعتبر بمثابة القفز من السفينة قبل الإغراق، لأنه كان مناصرا لقادة المجلس العسكري، لكنه يعرف حجم التحديات وما ستؤول إليه الأوضاع، واختار المناورة والبقاء في المشهد السياسي من باب المعارضة والوقوف مع بقية الأحزاب السياسية التي ترى أن العسكر يجب أن يرجعوا للثكنات ويتركوا قصور الحكم للمدنيين.
وقال إن القرارات السياسية التي اتخذها المجلس العسكري في الفترات الأخيرة توحي بأن البلاد قد تدخل في مسار واسع من الفوضى، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية المرتبطة بحياة الناس مثل الماء والكهرباء والأسعار أصبحت مشاكل يومية لسكان العاصمة باماكو والعديد من المدن الحيوية.
وفي حديثه لعدد من مناصريه، قال رئيس الوزراء المقال إن الاستمرار في الحكم العسكري ومواصلة الحرب قد يدخل البلاد في فوضى غير محمودة العواقب.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن الاشتباكات الأمنية التي تحدث في أجزاء واسعة من الشمال المالي تسببت في تفاقم الأوضاع الإنسانية، حيث أظهرت إحصائية صدرت نهاية 2023 أنه يوجد أكثر من 9 ملايين شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، في حين وصلت المساعدات إلى 1.2 مليون فقط.
وأشارت اليونيسيف إلى أن أكثر من نصف مليون طفل تأثروا بالأوضاع الجارية في مالي، وتم تعطيل 1500 مدرسة من أصل 9 آلاف.
اليونيسيف: أكثر من نصف مليون طفل تأثروا بالأوضاع الجارية في مالي وتم تعطيل 1500 مدرسة (الفرنسية) المواجهةوبالتزامن مع تفاقم الأوضاع المعيشية للسكان وتضييق الخناق على الأحزاب السياسية خسر المجلس العسكري "ائتلاف 5 يونيو-تجمع القوى الديمقراطية" -بقيادة مايغا- والذي كان المعارضة السابقة في عهد الرئيس كيتا وظل يعتمد عليه في تسويق نفسه داخليا.
وبعد سنوات من مشاركة الحراك في حكومة العسكريين، خرجت الخلافات للعلن واعتبر الجناح المدني أن العسكريين لا يريدون الوفاء بالتزاماتهم بشأن تسليم السلطة للمدنيين.
وفي سياق المطالبة بعودة العسكر للثكنات، أعلنت المعارضة في الخارج تشكيل حكومة مدنية مؤقتة في جنيف برئاسة محمد شريف كوني.
وجاءت حكومة المنفى متسقة مع مواقف "ائتلاف 5 يونيو ـ تجمع القوى الديمقراطية" الذي رفع شعار معارضة تمديد الفترة الانتقالية واستمرار القوات المسلحة في إدارة الشؤون السياسية.
ورغم أن الحوار الوطني الذي نظم في مايو/أيار الماضي أوصى بتمديد الفترة الانتقالية حتى عام 2027 وترشيح غويتا رئيسا للبلاد، فإن العسكريين لم يوقعوا على مخرجاته ولم يتحدثوا عن موضوع العودة للمسار الديمقراطي.
ولد حمود: الفترة القليلة القادمة ستشهد مواجهة بين القوى السياسية والمجلس العسكري (الأناضول)ويعتقد المحلل السياسي الحسين ولد حمود أن الفترة القليلة القادمة ستشهد مواجهة بين القوى السياسية والمجلس العسكري، ويتوقع خروج مظاهرات قوية لأن شوغيل مايغا وأنصاره أخذوا مواقعهم من جديد في معارضة العسكريين.
ويمتلك حراك 5 يونيو/حزيران تجربة في تنظيم الاحتجاجات، إذ سبق له أن قاد الاعتصام والمظاهرات ضد الرئيس الأسبق إبراهيم كيتا حتى تمت الإطاحة به عبر انقلاب عسكري عام 2020.
وفي مشاركة مع الجزيرة نت، قال المحلل السياسي سلطان البان إنه إذا لم يحدث انفراج في المشهد السياسي، فإن المنظمات والأحزاب في باماكو ستخرج في مظاهرات مطالبة برحيل حكومة العسكريين.
ولا يستبعد البان أن تفتح المواجهة بين المدنيين والعسكريين الباب أمام الضباط الراغبين في السلطة إلى مسح الطاولة بزملائهم والعودة لمربع الانقلابات من جديد.