لجريدة عمان:
2025-03-03@18:53:21 GMT

حينما يصير رواد الأعمال أبطالا في السينما

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

حينما يصير رواد الأعمال أبطالا في السينما

الترجمة عن الفرنسية: حافظ إدوخراز

لقد أصبحت ريادة الأعمال مصدرًا مهمًا للإلهام والدخل لصنّاع السينما أكثر من أي وقت مضى، ففي عام 2023 صدرت ثلاثة أفلام كان رواد الأعمال موضوعا لها: «إير» (Air) و«تتريس» (Tetris) و«بلاك بيري» (BlackBerry). في هذه الأفلام، كما في أفلام صدرت من قبل مثل «الشبكة الاجتماعية» (The Social Network) أو «المؤسس» (The Founder) أو «ستيف جوبز» (Steve Jobs) أو «والت قبل ميكي» (Walt Before Mickey)، يتم تقديم رواد الأعمال كشخصيات رائعة تصبو نحو الكمال، وتتّصف بكونها مرنة ومضطهَدة ومندفعة ومتمردة، وتعيش حياةً استثنائية.

تشكّل المغامرات الحقيقية لرواد الأعمال، سواء أكانوا محبوبين أم مكروهين، مادةً مثالية لكتاب السيناريو. ولقد فاز أحد هؤلاء الكتاب بجائزة أوسكار إلى جانب جائزتي «غولدن غلوب» (Golden Globe) و«بافتا» (British Academy Film Awards) لأفضل سيناريو عن فيلم «الشبكة الاجتماعية»، وجائزة «جولدن جلوب» أخرى عن فيلم «ستيف جوبز»، ويتعلق الأمر بكاتب السيناريو «آرون سوركين» (Aaron Sorkin).

لا ريب أن هذه الأفلام التي يكون رواد الأعمال أبطالها ليست بأفلام وثائقية، ويمكن بالتالي أن تأخذ بعض الحرية وتتصرّف في الواقع لكي تكون أكثر تسلية. غير أنه وعلى الرغم من أنها أعمال خيالية، إلا أن هذه الأفلام تكشف عن خصائص أساسية لعالم ريادة الأعمال.

ثمّة الكثير من أوجه التشابه بين الشخصيات والمسارات والمآثر والصعوبات التي واجهها الأبطال في هذه الأفلام، وتسمح باستخلاص دروس كثيرة والتحذير أيضا من أمور عدّة.

ذوو رؤية وجريئون

تُظهر لنا الأفلام التي تتحدث عن بعض رواد الأعمال أنهم ليسوا بالضرورة وراء الأفكار الرائعة التي صنعت نجاحهم. يتمتع رواد الأعمال في الواقع خصوصًا بالقدرة على اكتشاف الفرص بناءً على تحليل البيئة المحيطة بهم. ثم يبذلون قصارى جهدهم من أجل تحقيق الإمكانات الهائلة التي تنطوي عليها هذه الفرص، والتي غالبًا ما يكونون وحدهم من أبصروها.

يعرض فيلم «بلاك بيري» (BlackBerry) كيف تمكن جيم بالسيلي (Jim Balsillie) عام 1996 من التعرف على فكرة رائعة خلال عرض استثماري (Pitch) فاشل قام به مايك لازاريديس (Mike Lazaridis)، الرئيس التنفيذي اللامع للشركة الناشئة «Research in Motion»، والذي قدّم عرضًا أمامه حول مشروع الهاتف الحاسوب. وعلى الرغم من أن «لازاريديس» يتمتع بمعرفة استثنائية بخصوص تقنيات الاتصالات، إلا أنه كان يفتقر إلى الكاريزما والحسّ التجاري.

لم يأتِ إذن بالسيلي بفكرة جهاز «بلاك بيري» بنفسه، لكنه آمن بالفكرة كثيرًا لدرجة أنه عرض بيع الجهاز على شركة الاتصالات الأمريكية «فيرايزون» (Verizon) حتى قبل مباشرة إنتاجه، استنادًا فقط إلى نموذج أولي بدائي للغاية. سوف يصبح بالسيلي المدير المشارك للشركة الناشئة، وسيستثمر كل أمواله ويرهن منزله لكي يتمكن من إطلاق الجهاز المحمول الوحيد الذي سيسمح بإرسال الرسائل الإلكترونية، ثم تقديم خدمة البريد المجاني غير المحدود. لقد استحوذت شركة «بلاك بيري» في أوج نشاطها عام 2010 على ما يصل إلى 43% من سوق الهواتف الذكية، برقم مبيعات بلغ عشرين مليار دولار.

يسلّط فيلم «Air» الضوء على رجل الأعمال سونيه فاكارو (Sonny Vaccaro) الذي كان يعمل في شركة «نايكي» (Nike)، والتي كانت متخلفةً بشكل كبير عن منافستها «كونفرس» (Converse) و«أديداس» (Adidas) في سوق الأحذية الرياضية أوائل الثمانينيات من القرن الماضي. لقد كانت ميزانية قسم كرة السلة داخل الشركة محدودة لأنه لم يكن مربحًا. يُنظر إلى فاكارو اليوم باعتباره أسطورةً في مجال التسويق الرياضي، على الرغم من أنه كان عصاميًا. لقد تمكن بفضل مهاراته الخطابية وتصميمه من التميّز عن الآخرين وتحقيق ما لم يتخيل أحد بأنه ممكن.

سيتّبع سونيه فاكارو نموذج مضرب التنس الذي صنعته شركة «هيد» (Head) للاعب الأمريكي آرثر آش (Arthur Ashe)، والذي لعب به في بطولة ويمبلدون التي فاز بها. كان مايكل جوردن (Michael Jordan)، الذي لم يتجاوز عمره 21 عاما، أفضل لاعب كرة سلة شاهده فاكارو. وبدلا من توزيع ميزانية «نايكي» لكرة السلة على عدة مواهب مثلما كانت الشركة تفعل كل عام، سيصرّ «فاكارو» على المراهنة على مايكل جوردان بكل الميزانية، وعلى صنع حذاء يحمل اسمه ويكون مستلهمًا منه.

يُربط أحيانًا بين هذه الاستراتيجية وحب فاكارو للكازينوهات والمراهنات الرياضية، غير أنها تستجيب أيضًا لمنطق ريادة الأعمال. إن نجاح أنصاف الحلول والتسويات أقل احتمالا بكثير من الحلول الجذرية والجرّيئة. لقد حقق حذاء «إير جوردن» (Air Jordan) 162 مليون دولار من المبيعات في عامه الأول، مقارنة برقم متوقع حُدّد في ثلاثة ملايين دولار فقط. تمثل العلامة التجارية «إير جوردن» (Air Jordan) اليوم أكثر من خمس مليارات دولار من المبيعات، وأكثر من 250 مليون دولار كحقوق ملكية عادت على مايكل جوردن.

يُظهر فيلم «الشبكة الاجتماعية» (The Social Network) كيف أن مارك زوكربيرغ قد استلهم إلى حدٍّ كبير فكرة طلبة آخرين كانوا يدرسون بجامعة هارفارد. لقد طلب منه الأخوان التوأم تايلر وكاميرون وينكلفوس (Tyler & Cameron Winklevoss) وصديقهما ديفيا ناريندرا (Divya Narendra) مساعدتهما من أجل إتمام مشروع شبكة التواصل الاجتماعي «HarvardConnection»، والتي ستصبح فيما بعد «ConnectU». وبدلا من العمل على برمجة مشروعهم، أطلق زوكربيرغ مشروعه الخاص: «TheFacebook»، والذي سيسمى لاحقًا «Facebook».

سيظل ستيف جوبز بطبيعة الحال أحد أعظم الأمثلة على رواد الأعمال، والذي صدر فيلمان يتناولان حياته: «Jobs» للمخرج جوشوا مايكل ستيرن (Joshua Michael Stern) والذي صدر عام 2013، و«Steve Jobs» للمخرج داني بويل (Danny Boyle) والذي صدر عام 2015. ستيف جوبز هو مؤسس شركات «آبل» (Apple) و«نيكست» (NeXT) و«بيكسار» (Pixar)، ومخترع حواسيب «ماكينتوش» (Macintosh) و«ماك بوك» (MacBook) وجهازي «آيبود» (iPod) و«آيفون» (iPhone). وإذا كان جوبز يملك 241 براءة اختراع مسجّلة باسمه كمخترع مشارك، فقد قام أيضًا بالجمع بين كثير من الأفكار والميزات المتوفرة بالفعل في المنتجات الأخرى وتحسينها.

«لا» قد تعني «نعم»

يُبدي رواد الأعمال الأبطال في الأفلام السينمائية تصميمًا استثنائيًا ولا يستسلمون حتى عندما يقابَلون بالرفض أو يفشلون في أعمالهم، فبالنسبة إليهم «لا» ليست أبدًا نهائية. في فيلم «والت قبل ميكي»، يتم تقديم والت ديزني كعامل مجتهد وعنيد للغاية، ليس مكترثًا للمال وإنما مهووسًا بجودة إنتاجاته. وحتى عندما كانت ظروفه قاسية، فقد رفض التخلي عن التزامه بالجودة من أجل الحصول على المزيد من الربح.

لقد قرّر الشاب والت ديزني، الشغوف بالرسم، إنشاء استوديو خاص به للرسوم المتحركة (Laugh-O-Gram)، بعد طرده من استوديو آخر بمبرّر قلة الإبداع. لم يكن لديه في بداية مشواره موظفون ولا أموال ولا زبائن، غير أنه سيتمكن مع الوقت من توظيف مساعدين والعثور على مستثمرين ومشترين، وسيطور أشكالًا جديدة من الرسوم الكاريكاتورية الفكاهية من أجل التميز عن منافسيه. لكن نقص معرفته في مجال إدارة الأعمال سيؤدي به إلى الإفلاس.

ومع أنه أفلس إلا أنه بقي مصممًا على «تحويل حلمه إلى حقيقة»، فأنشأ استوديو آخر وحاول بيع أفلامه إلى موزعٍ سوف يرغب في الاستيلاء على حقوق ملكيتها. ولكي يظل والت ديزني مالكًا لإبداعاته، فإنه سيحرر نفسه من قواعد السوق وسيقرر القيام بالأشياء على طريقته. لقد كان والت يعيش في عزّ محنته الكبرى عندما خطرت بباله فكرة إبداع شخصية «ميكي ماوس». تشرح العبارات الأخيرة في الفيلم كيف أن كل عقبة واجهها والت في مشوار حياته كانت بالنسبة إليه وسيلةً للتعلم ولتقوية نفسه. وهذا ما أهّله للفوز بستٍّ وعشرين جائزة أوسكار من أصل تسعة وخمسين ترشيحًا، وهما رقمان قياسيان تاريخيان.

وفي فيلم «المؤسس» (The Founder)، تدور الأحداث حول شخصية رائد الأعمال «راي كروك» (Ray Kroc)، بائع آلات صنع مخفوق الحليب الذي يدور على المحلات من باب إلى آخر، والذي اعتاد أن يسمع كلمة «لا» كردٍّ من الصباح إلى المساء. عندما علم راي أن ثمّة مطعمًا يريد طلب ثمانية من آلاته القادرة على صنع خمسة أكواب من مخفوق الحليب في الوقت نفسه، كان الأمر بمثابة مفاجأة له فقرّر القيام بزيارة إلى المطعم. سيكتشف راي محلًا للوجبات السريعة أسّسه الأخوان ديك وماك ماكدونالد (Dick & Mac McDonald)، وقد انبهر ببساطة المحل وكفاءته وجودة مأكولاته كما بسعرها. لقد كان مفتونًا جدًا بالمحل لدرجة أنه قال لاحقًا إنه كان حبًّا من النظرة الأولى.

لقد كان مفتاح نجاح المحل في تنظيم المطبخ الذي وصفه ديك ماكدونالد بكونه «سيمفونيةً من الكفاءة حيث لا حركة تضيع»، والذي يسمح بالحصول على شطيرة «البرغر» في ثلاثين ثانية بدلا من ثلاثين دقيقة». لقد آمن راي كروك بهذا المشروع كثيرًا لدرجة أنه أعلن أن «بإمكان مطاعم ماكدونالدز أن تصير هي الكنيسة الأمريكية الجديدة». وبذل جهده من أجل تنظيم بيع حق استغلال العلامة التجارية، فعمل على وضع أفضل الممارسات في هذا المجال: اختيار أصحاب امتياز متواضعين ومجتهدين في العمل بدلا من الأثرياء، وتأجير المطاعم بدلا من بيعها، والحصول على رعاية شركة كوكا كولا مقابل توزيع مشروباتها حصريا في المطاعم.

وفي ختام الفيلم، يشرح راي كروك نفسه كيف أنه تمكّن وهو في عمر الثانية والخمسين من بناء إمبراطورية تتكون من ألفٍ وست مائة مطعم موزّعين على خمسين ولاية في أمريكا وخمس دول أخرى، تدرّ دخلًا سنويا قدره 700 مليون دولار. يقول راي إن السر في كلمة واحدة: «المثابرة. لا شيء في هذا العالم يمكن أن يحل مكان المثابرة بما في ذلك الموهبة، فما أكثر الرجال الموهوبين الذين ينتهي بهم المطاف إلى الفشل. ولا العبقرية كذلك، فالعبقرية غير المعترف بها هي عمليًا مجرد كليشيه. ولا التعليم، فالعالم مليء بالأغبياء المتعلمين. تكمن القوة فقط في المثابرة والتصميم».

لم يقم هنك روجرز (Henk Rogers)، الشخصية الرئيسية في فيلم «تتريس» (Tetris)، بتطوير لعبة «تتريس» بنفسه، بل اكتشفها خلال زيارته لمعرض الإلكترونيات الاستهلاكية الذي نُظم في لاس فيجاس عام 1988. لقد اعتقد على الفور أنها اللعبة المثالية، فهي تسبب الإدمان لدرجة أنها تلازم اللاعب حتى بعد توقفه عن اللعب. وبعد ذلك بفترة وجيزة، سيقوم هنك روجرز باختبار النموذج الأولي لما سيصبح لاحقًا جهاز التحكم بالألعاب «Gameboy». لقد اقتنع في الحين بأن الربط بين هذا الجهاز ولعبة «تيتريس» سيمكنه من تحقيق رقم هائل من المبيعات، فقرّر بذل كل ما في وسعه من أجل الحصول على حقوق اللعبة.

غير أن كل شيء كان يسير ضد إرادته. فلقد توجّب عليه الذهاب إلى روسيا للتفاوض بشأن حقوق اللعبة، وكانت حينها دولة معادية للولايات المتحدة. ولكي يوفر الوقت على نفسه، فقد سافر بتأشيرة سياحية، وهي جريمة كان من الممكن أن تؤدي به إلى السجن. لقد كان جهاز الاستخبارات الروسي يراقبه باستمرار، كما أن بعض رجال الدولة الفاسدين في روسيا كانوا يهددونه ويسيئون معاملته من أجل إخافته وإجباره على المغادرة. وفضلا عن ذلك، فقد حاول شركاؤه تجاوزه والحصول على الحقوق قبله، كما ثارت ثائرة زوجته لأنه هجر عائلته وخاطر بكل ما يملكون من أجل بلوغ هدفه.

وفي فيلم «إير» (Air)، ذهب سونيه فاكارو عكس رأي مؤسس شركة «نايكي» ورئيسها التنفيذي فيليب نايت (Philip Knight) ومديره ونائب الرئيس روب ستراسر (Rob Strasser)، ووكيل مايكل جوردن ووالديه، وحتى مايكل جوردن نفسه الذي كان من كبار المعجبين بشركة «أديداس». كما أن أول نموذج لحذاء كرة السلة «إير جوردن» (Air Jordan) كان يُنتج دون الالتزام بقواعد الدوري الأمريكي للمحترفين فيما يخص الألوان، والتزمت شركة «نايكي» بدفع الغرامات الواقعة على مايكل جوردان في كل مباراة.

الجانب المظلم من ريادة الأعمالفي الأفلام المختلفة التي خُصّصت لهم، يظهر والت ديزني وستيف جوبز وهنك روجرز وجيم بالسيلي كأشخاص حادّي الطّباع يمكن أن يتعرّضوا لنوبات غضب وعنف، مما يدل على طبعٍ مندفعٍ وعجزٍ عن ضبط النفس. لقد كانوا متطلّبين للغاية ومسيطرين بشكل مفرط، ووضعوا موظفيهم تحت ضغطٍ لا يُطاق. إنهم اعتقدوا بأنه إذا أراد الإنسان أن يكون عظيمًا فعليه تقديم التضحيات في سبيل ذلك، وفرضوا على الآخرين من حولهم أيضًا القيام بنفس التضحيات.

لقد سلك بعض رواد الأعمال مسلكًا غير أخلاقي أو حتى احتياليّ في بعض الأحيان. سوف يخون سونيه فاكارو ثقة وكيل أعمال مايكل جوردن إذ تجاوزه ومضى للتفاوض مباشرةً مع والدي اللاعب. وسيقوم جيم بالسيلي باستقطاب بعض من أفضل المواهب التقنية إلى شركة «بلاك بيري» مثل بول سانتوس (Paul Stannos) من شركة «جوجل» (Google) وريتشي تشونغ (Ritchie Cheung) من شركة «موتورولا» (Motorola)، لكنه سيفعل ذلك من خلال إغرائهم بخيارات أسهم مؤرّخة بتاريخ أقدم بشكل غير قانوني.

وسوف يخدع راي كروك الإخوة ماكدونالدز ويجبرهم على بيع حقوق ملكيتهم الفكرية بما في ذلك اسمهم الذي تعيّن عليهم إزالته حتى من مطعمهم الخاص، إذ كان هناك مطعم ماكدونالدز سيفتح في الجهة المقابلة له، مما دفعهم إلى الإفلاس. ووعدهم بدفع حقوق ملكية قدرها 1٪ من رقم المبيعات غير أنهم لن يحصلوا أبدًا على مستحقاتهم. كما أنه سوف يخون زوجته التي كانت سندًا له على الرغم من كل المحن التي مرّوا بها والتي قادته إلى النجاح.

وهاب علال شريف أستاذ محاضر بمدرسة نيوما لإدارة الأعمال بفرنسا

عن موقع The Conversation

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ریادة الأعمال رواد الأعمال على الرغم من هذه الأفلام والت دیزنی ستیف جوبز لدرجة أنه فی فیلم غیر أنه لقد کان غیر أن على ما من أجل

إقرأ أيضاً:

صرخة من الفضاء| 5 كلمات تحمل رسالة رواد الفضاء الأخيرة العالقين في المحطة الدولية

في حدث نادر يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها رواد الفضاء، أجرى الرائدان الأمريكيان سونيتا ويليامز وبوتش ويلماور مقابلة تلفزيونية ناقشا خلالها أوضاعهما الصحية واللوجستية، وسط إقامة غير مخطط لها على متن محطة الفضاء الدولية (ISS). 

اللقاء، الذي تم بثه عبر برنامج "Good Morning"، أتاح للعالم فرصة للاستماع مباشرة إلى طاقم الفضاء، بعد شهور من العزلة عن الأرض، مما زاد من اهتمام الجمهور والمجتمع العلمي بوضعهما الفريد.

إقامة غير مخطط لها في الفضاء

وكان من المفترض أن تستمر مهمة ويليامز وويلماور لمدة ثمانية أيام فقط بعد وصولهما إلى المحطة في 6 يونيو الماضي، إلا أن بقاءهما امتد إلى أكثر من 266 يومًا حتى الآن، بسبب تعقيدات تقنية وسياسية لم تكن متوقعة. 

ومع استمرار هذه الإقامة الطويلة، تبرز تساؤلات حول الآثار الجسدية والنفسية على الطاقم، لا سيما في ظل بيئة الفضاء القاسية التي تتطلب تكيفًا مستمرًا للحفاظ على الصحة والأداء البدني والعقلي.

دعم الجمهور والجدل السياسي

وعبّر ويلماور خلال المقابلة عن امتنانه للدعم الكبير الذي تلقاه هو وزميلته من الجمهور، مؤكدًا أن الاهتمام الواسع بمصيرهما يعكس أهمية رحلات الفضاء المأهولة.

لكنه واجه سؤالًا حساسًا يتعلق بتصريحات الملياردير إيلون ماسك، الذي زعم أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن "تخلت عن الطاقم في الفضاء لأسباب سياسية". 

وفي رده على هذه الادعاءات، أكد ويلماور أنه غير مطلع على مثل هذه المعلومات، قائلاً: "أسباب سياسية؟ لم أسمع بذلك، ولست متأكدًا من أن هذا قد يكون الحال بناءً على ما أعرفه". 

وهذه التصريحات زادت من الجدل الدائر حول التحديات السياسية التي قد تؤثر على مستقبل البعثات الفضائية.

هل الطاقم "عالق" في الفضاء؟

ورغم القلق المتزايد بشأن مصيرهما، شدد رواد الفضاء على أنهم لا يشعرون بأنهم "عالقون" في الفضاء، بل يواصلون أداء مهامهم بكفاءة عالية. 

ومع ذلك، فإن التحديات اللوجستية التي تسببت في تأخير عودتهما لا تزال موضع نقاش.

ووفقًا للخطة الحالية، من المقرر أن يعودا إلى الأرض في مارس المقبل على متن مركبة فضائية تابعة لشركة "سبيس إكس"، مما يعني أنهما سيقضيان ما يزيد عن تسعة أشهر في الفضاء، وهي مدة أطول بكثير من المخطط لها، ما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على صحتهما ومستقبلهما المهني.

أهمية التخطيط الدقيق لمهمات الفضاء

وتأتي هذه التطورات في وقت حساس بالنسبة لبرامج الفضاء الأمريكية، حيث يُنظر إلى تأخير عودة الطاقم على أنه اختبار لقدرات "ناسا" وشركائها في ضمان سلامة رواد الفضاء في ظل التحديات التقنية والبيروقراطية.

كما أن هذه القضية تسلط الضوء على أهمية التخطيط الدقيق للمهمات الفضائية، خاصة مع تصاعد المنافسة في مجال استكشاف الفضاء بين القطاعين الحكومي والخاص.

وتبرز مقابلة ويليامز وويلماور كفرصة للجمهور لفهم التحديات التي يواجهها رواد الفضاء، ليس فقط على المستوى العلمي والتقني، ولكن أيضًا من الناحية النفسية والسياسية. 

وبينما ينتظر العالم بفارغ الصبر عودتهما إلى الأرض، فإن هذه المهمة غير المتوقعة تشكل درسًا هامًا حول أهمية الاستعداد لمواجهة أي سيناريو محتمل في رحلات الفضاء المستقبلية.

مقالات مشابهة

  • ابن طوق: 15500 شركة صينية تعمل في السوق الإماراتية
  • بن طوق: 15500 شركة صينية تعمل في السوق الإماراتية
  • علامة HONOR تكشف عن استراتيجيتها المؤسسية الجديدة التي تسعى من خلالها لإتمام انتقالها إلى شركة متخصصة في نظام الأجهزة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • صرخة من الفضاء| 5 كلمات تحمل رسالة رواد الفضاء الأخيرة العالقين في المحطة الدولية
  • وزير الداخلية: ما "العمل الجليل" الذي قدمه الفنانون للكويت؟
  • الأبحاث العلمية: تعاون مع شركة لتنفيذ التحول الأخضر فى برج العرب ووادي النطرون
  • هنأ الزاهد تبهر متابعيها بالذكاء الاصطناعي.. شاهد
  • حمادة هلال : مسلسل المداح خارج الصندوق .. وبحب الكوميديا في السينما
  • يصير قلبك.. فيفي عبده تنعى والدة باسم سمرة بهذه الكلمات
  • نيابة دبي تكرّم الموظفين والشركاء في «رواد التميز»