القراءة على أساس من القواعد الفكرية
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
علينا أن نجعل مناهجنا وتعليمنا يصلان بالشباب إلى مستوى ثقافي مناسب
ما تزال ثقافتنا المعاصرة تفتقر إلى قُرَّاء حقيقيين يطلعون على المصادر الأولى للمعرفة، ويتشربون أمهات الكتب، فليس من قبيل المصادفة أن الثقافة العربيَّة تعاني من انحسار القراء الجادين، في هذا السياق، هذا رغم هذا الكم التراكمي الإبداعي من الأكاديميين وأرباب الفكر والعلماء، لكن أين هم الشباب من قراءة هذا المنتج الفكري؟ ولمن يورث هذا الميراث العظيم؟ ثم أين هو ذلك القارئ الحصيف القادر على التغيير والتفاعل الخلاق؟.
إنه ليؤسفني أن قول إن الواقع لا يبشِّر بجيل مثقَّف وجادٍّ وعميق، ولا يبشر بجيل يستطيع أن يرسم مستقبلًا جديدًا للأدب العربي أو للثقافة العربية الحديثة؛ هو بكل المقاييس جيل مختلف عن كل جيل، فالمسؤوليَّة جسيمة على من يقطنون في منتصف العالم- الشرق الأوسط-؛ ليحملوا مشاعل التنوير ويصبحوا رعاة الفكر في منطقة تعتبر مهد الحضارات الإنسانيَّة العريقة، والتي يقوم أساسها على المعرفة، وتعتمد لغتها الحيَّة وآدابها على التراكم الإبداعي والروحي والفكري، وكتابها الكريم يدعو إلى العلم والقراءة والمعرفة.
دعونا نناقش ونتساءل بعمق عن دور «معارض الكتاب» في تفعيل «القراءة العميقة» وعن واقع الحال من عزوف عامٍّ عن فعل القراءة ذات الطابع النقدي والفكري، وتراجعها في العصر الرقمي، وعن مصير النتاج الأدبي الأصيل بعد أن رحل قراءه وابتعدوا عن عالم الضوء، على سبيل المثال: فعند تجوالك بين أروقة معارض الكتب ستلاحظ مدى الانحسار الكبير في الإقبال على حيازة المجلدات العظيمة، ما عدا الأكاديمين وأرباب الفكر والمختصين.
إن هذه الكتب القابعة على الرفوف بين أروقة المعارض، أراها كلما أحضر هذه الفعاليات، فلا أرى ذلك التفاعل مع الروائع التاريخيَّة والحضاريَّة والأدبيَّة، ولا يتعامل القارئ المعاصر مع نتاج مبدعيهم، وخاصة التراثي منه، بالتقدير الذي يليق به، حيث لا تثير في نفوسهم ذلك الفضول المعرفي المرغوب.
أخشى على مجتمعاتنا من المستقبل، وأخاف ألا نستطيع اللحاق بالحضارة ومواكبة التطور؛ فى ظل عزوف الشباب عن مرافقة الكتاب العظيمة، خاصة مع التطور التكنولوجي الذى يشهده العالم، وسهولة الوصول إلى المعلومة من خلال التقنيات الحديثة، والانتشار السريع للمعلومات، ووفرة الوسائط المعرفية والمعلوماتية وتنوُّعها.
هناك أزمة هوية لغوية تتفاقم لدى الخريجين على كل المحاور، تتمثل في فراغ فكري وثقافي ولغوي، وابتعاد عن ثقافته العربية الأصيلة، مما يدفعه تجاه هوية أخرى يتكيف معها في الشكل والمضمون، مما يؤصل فيه الرفض والتمرُّد على ثقافته، والإذعان لثقافة الآخر، تلك الثقافة المغايرة التي تجلب عاهات من الانحراف السلوكي والقيمي، وقد يكون أحيانًا ضحية الترف والرفاهية، ووسائل التواصل الاجتماعي التي تُصيب العقول بالبلادة والخمول، فهي دوافع قوية للعزوف عن التزود بالقراءة العميقة والمحسوبة.
لا بدَّ أن نقف مع أنفسنا وقفة؛ وعلينا أن نجعل مناهجنا وتعليمنا يصلان بالشباب إلى مستوى ثقافي مناسب؛ ليكون شبابًا مفكرًا يمتلك الأدوات الكاملة التي تعينه على الانخراط في المجتمع العالمي.
ولكي يتحقَّق ذلك لا بدَّ من استخراج الكنوز الثقافيَّة العظيمة بطريقة أو بأخرى، من حيث تفكيك هذا الموروث الحضاري من الكتب والمخطوطات إلى لغة عصرية مبسطة، تحافظ على مكنون التراث بطريقة علمية سليمة، لخلق قارئ حصيف، ولتصحيح المعايير الفكريَّة وضبط المفاهيم الأساسيَّة بكل المجالات الحيوية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات
إقرأ أيضاً:
«بناء الوعي وحُروب الفكر» ندوة توعوية في مركز إعلام بنها
نظم مجمع إعلام بنها اليوم الأحد، بالتعاون مع إدارة خدمة المجتمع وتنمية البيئة بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها ندوة تثقيفية تحت عنوان «بناء الوعي وحُروب الفكر من منظور الأمن القومي المصري»، تحت رعاية الدكتور أحمد محمد يوسف عليق، عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها، في إطار اهتمام الهيئة العامة للاستعلامات، وسعيها الدائم لتنمية ورفع الوعي بكل التحديات التي تُواجه الدولة من خلال عقد لقاءات جماهيرية.
حاضر في الندوة الدكتور أحمد محمد يوسف عليق، عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها، وأحمد إبراهيم كركيت، دكتوراة الإدارة الاستراتيجية واستشاري إعداد القادة والتنمية الذاتية، والاقتصاد الرقمي والدكتورة منى على هدهد، مُدير إدارة خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
الأمن القومي المصري قضية مشتركةبدأ اللقاء بكلمة ريم حسين عبدالخالق، مدير مجمع إعلام بنها، مُؤكدة أن الأمن القومي المصري قضية مشتركة بين شعب يمتلك الوعي والعزيمة والرغبة في النهضة ومُؤسسات الدولة وقيادتها المُخلصة، فإذا كانت الجمهورية الجديدة تبني استراتيجيتها وفلسفتها على بناء البشر والحجر في آن واحد، فإن من أولويات بناء البشر هُو ترقية الوعي الوطني، والفهم المُجتمعي بصورة تتناسب مع العصر، والتحديات الدولية والإقليمية التي تشهدها بلدنا، والإمكانيات المتاحة ونشر الحقائق بكل شفافية.
بناء الوعي هي القضية الفارقة في المرحلة الحاليةتحدث الدكتور أحمد محمد يوسف الذي رحب بالحضور، مؤكدا أن بناء الوعي هي القضية الفارقة في المرحلة الحالية، فبناء الوعي له دور كبير في عملية البناء والتنمية، لمُواجهة أي تزييف يستنزف قدرات وطاقات المجتمع، ويأتي كذلك دور الشباب كأحد أهم الأدوار الفاعلة في البناء الحضاري.
ضمان استقرار الدولة وحمايتهاوأوضح الدكتور أحمد كركيت، أن الأمن القومي المصري، هُو مزيج من الاستراتيجيات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تتكامل لضمان استقرار الدولة، وحمايتها من التهديدات والتحديات، من خلال الاستثمار في القوة العسكرية، وتعزيز الاستقرار السياسي، وتحقيق التنمية الاقتصادية، لذلك تسعى الدولة إلى تحقيق أمن مستدام يُعزز من قوتها ومكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.