بتعبير الكاتب اللبنانى غسان شربل، رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط، كانت لحظة فوز ترامب هى اللحظة التى ضبط العالم ساعته عليها، فى الكرملين جلس القيصر يعيد ترتيب الأوراق ويرسم سيناريوهات المعارك القادمة، وفى بكين جلس زعيم التنين الصينى مع مساعديه ليجهز البلاد لحرب اقتصادية شرسة وطويلة، أما فى الشرق الأوسط فاجتمعت الدول العربية فى قمة أسفرت عن رسالة موحدة بضرورة حل النزاعات، ووحده كان الخائف زيلينسكى الرئيس الأوكرانى الذى تلقى مكالمة استمرت 20 دقيقة مع ترامب كانت كلها طمأنة وتأكيداً على الدعم.

لكن فى تلك المكالمة، برز وجه آخر أثار التساؤل أكثر من اتصال ترامب نفسه، وهو وجه إيلون ماسك الذى شهد على المحادثة الهاتفية الخاصة، وخرجت صحف تتساءل عن دور ماسك فى الفترة المقبلة، فأغنى رجل فى العالم لم يكتفِ بدور رائد الأحلام، بل دخل حلبة السياسة ودعم ترامب الذى رد له الجميل بتعيينه وزيراً لكفاءة الحكومة، لكن كافة التقارير تؤكد أن دوره سيكون أكبر من ذلك بكثير، ولأن الجميع ضبط ساعته، فشركات الذكاء الاصطناعى بوجود ماسك فى الواجهة، كانت هى الأخرى تحاول التنبؤ بالمستقبل خلال السنوات المقبلة.

ولأن ترامب ليس رئيساً جديداً، وتولى تلك المهمة لمدة 4 سنوات من قبل، يمكننا استعراض سجله فى هذا القطاع فى الفترة من 2017 وحتى 2021 لنجد أنه أثَّر بشكل ملحوظ على قطاع التكنولوجيا من خلال سياسته التى كان أبرز ملامحها الحرب التجارية مع الصين والتى شكّلت أبرز العوامل التى أثرت على قطاع التكنولوجيا، إذ فرض ترامب عقوبات اقتصادية على شركات صينية مثل هواوى، ما دفع الشركات الأمريكية إلى البحث عن بدائل وتقوية سلاسل الإمداد المحلية.

كما شهد عصر ترامب توجيه استثمارات ضخمة لتطوير التكنولوجيا المحلية، فعلى سبيل المثال أطلق برامج لدعم الشركات الناشئة فى مجال الذكاء الاصطناعى والحوسبة الكمية، وشجّع شركات مثل مايكروسوفت وأمازون على الاستثمار فى البحث والتطوير، كما أدى تخفيض الضرائب على الشركات إلى زيادة الأرباح التكنولوجية مثل أبل وتسلا، ما منحها سيولة أكبر للابتكار والاستثمار.

هكذا كانت الفترة الأولى لترامب، خليطاً من الصفقات الكُبرى وتخفيضات الضرائب وتحفيز الابتكار، وهو ما يبدو استمراره فى الولاية الثانية التى ستبدأ رسمياً يناير المقبل، فنظرة واحدة إلى برنامج الرئيس الجديد تثبت أنه يركز على إعادة بناء الاقتصاد الأمريكى وفى القلب منه قطاع التكنولوجيا الذى يخطط ترامب إلى تحفيز الشركات المحلية على الاستثمار فيه، بجانب الأمن السيبرانى الذى يجسّد لديه أولوية لمواجهة التحديات المستقبلية، بجانب تشجيع ريادة الأعمال ودعم الشركات الناشئة وتقديم تسهيلات ضريبية للمستثمرين.

أما الذكاء الاصطناعى فيبدو أنه سيحظى بنصيب الأسد تحت قيادة ترامب، إذ من المتوقع أن يلعب هذا المجال دوراً مركزياً فى أى سياسة تكنولوجية أمريكية، ويُرجَّح أن يزداد التمويل الحكومى لمشروعات الذكاء الاصطناعى، خاصة تلك التى تخدم الصناعات الدفاعية والأمنية.

ويُعد تحالف ترامب مع إيلون ماسك أبرز الأدلة على ذلك، فمن المحتمل أن يتولى الأخير بخبرته تسريع خطط أمريكا لبناء مصانع متطورة ومراكز بحثية تعزز ريادتها فى الذكاء الاصطناعى، بالإضافة إلى توسيع مشروعات استكشاف الفضاء واستخدام الذكاء الاصطناعى فى الصناعات الفضائية والدفاعية، وتقديم حلول تقنية مبتكرة تجاه التغير المناخى.

رغم ذلك فإن هذا التحالف يواجه عدة تحديات، أبرزها أن بعض قطاعات التكنولوجيا تعارض ترامب، وظهر ذلك جلياً فى شركات عملاقة مثل جوجل وفيس بوك، كما أن سياسة ترامب المتساهلة تجاه الانبعاثات قد تتعارض مع توجهات التكنولوجيا الخضراء، وكذلك تحتاج أمريكا إلى تسريع وتيرة الابتكار للحفاظ على صدارتها أمام الصين والاتحاد الأوروبى.

وخلاصة القول، أن نجاح ترامب قد يعيد تشكيل مشهد التكنولوجيا بالكامل فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالى فى العالم أجمع، خاصة مع تحالفه مع إيلون ماسك، لكن تكلفة هذه التحولات ستعتمد فى المقام الأول على كيفية إدارة هذا التشكيل ومدى قدرة وفاعلية التحوّل بحيث يؤدى فى النهاية إلى فوائد اقتصادية قد تكون ضخمة حال تنفيذها بفاعلية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي ترامب إيلون ماسك الذکاء الاصطناعى

إقرأ أيضاً:

خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء

#سواليف

أصبح #الذكاء_الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من مختلف جوانب حياتنا، وقد حقق تقدماً كبيراً في #مجالات_متعددة.

إلا أن هذه التقنية تثير بعض المخاوف المتعلقة بالسلامة والأمان، كما يخشى البعض من أن تحل محل البشر في بعض #الوظائف.
والذكاء الاصطناعي هو عملية محاكاة نظم الحاسوب لعمليات الذكاء البشري، بهدف تحقيق أمر ما. وقد حذَّرت مجموعة من الخبراء في دراسة جديدة من أن هذه التقنية تجعل البشر أغبياء.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد حلَّل الخبراء عدداً من الدراسات السابقة التي تُشير إلى وجود صلة بين التدهور المعرفي وأدوات الذكاء الاصطناعي، وخصوصاً في التفكير النقدي.

مقالات ذات صلة ثورة علمية.. الذكاء الاصطناعي يحل لغزا حيّر العلماء لأكثر من مئة عام 2025/04/29

وتُشير إحدى الدراسات التي تم تحليلها إلى أن الاستخدام المنتظم للذكاء الاصطناعي قد يُسبب ضموراً في قدراتنا المعرفية الفعلية وسعة ذاكرتنا، بينما توصلت دراسة أخرى إلى وجود صلة بين «الاستخدام المتكرر لأدوات الذكاء الاصطناعي وانخفاض قدرات التفكير النقدي»، مُسلِّطة الضوء على ما أطلق عليه الخبراء «التكاليف المعرفية للاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي».

وأعطى الباحثون مثالاً لذلك، باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؛ حيث تُحسِّن هذه التقنية كفاءة المستشفيات على حساب الأطباء، والذين تقل لديهم القدرة على التحليل النقدي لحالات المرضى واتخاذ القرارات بشأنها.

ويشير الخبراء إلى أن هذه الأمور تؤدي مع مرور الوقت إلى زيادة غباء البشر؛ لافتين إلى أن قوة الدماغ هي مورد إن لم يتم استخدامه فستتم خسارته.

وأكد الخبراء أن اللجوء لتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي» في التحديات اليومية مثل كتابة رسائل بريد إلكتروني مُعقدة، أو إجراء بحوث، أو حل المشكلات، له نتائج سلبية للغاية على العقل والتفكير والإبداع.

وكتب الخبراء في الدراسة الجديدة: «مع ازدياد تعقيد المشكلات التي يُحمِّلها البشر لنماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة، نميل إلى اعتبار الذكاء الاصطناعي «صندوقاً سحرياً»، أي أداة شاملة قادرة على القيام بكل ما نفكر فيه نيابة عنا. وهذا الأمر تستغله الشركات المطورة لهذه التقنية لزيادة اعتمادنا عليها في حياتنا اليومية».

إلا أن الدراسة حذَّرت أيضاً من الإفراط في التعميم وإلقاء اللوم على الذكاء الاصطناعي وحده في تراجع المقاييس الأساسية للذكاء في العالم، مشيرين إلى أن هذا الأمر قد يَنتج أيضاً لتراجع اهتمام بعض الحكومات بالتعليم، وقلة إقبال الأطفال على القراءة وممارسة ألعاب الذكاء.

مقالات مشابهة

  • ترامب: ماسك يريد التنافس بطريقة شريفة
  • خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء
  • خالد بن محمد بن زايد يؤكد أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في الابتكار واستشراف المستقبل
  • سؤال التلقي والتفاعل الجمالي - الذكاء الاصطناعي يكتب .. فهل يهم مَن المؤلف أم كيف نقرأ؟
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
  • “عراب الذكاء الاصطناعي” يثير القلق برؤيته حول سيطرة التكنولوجيا على البشرية
  • مهرجان الإسكندرية يسلط الضوء على أفلام الذكاء الاصطناعي
  • كيف خسرت آبل عرش الذكاء الاصطناعي لصالح ميتا؟
  • أخبار التكنولوجيا| تطبيق Manus AI يثير الضجة في عالم الذكاء الاصطناعي.. Perplexity تخطط لمنافسة جوجل بـ الإعلانات
  • عسكرة الذكاء الاصطناعي .. كيف تتحول التكنولوجيا إلى أداة قتل عمياء؟