متى يدخل “نتنياهو” شباك لاهاي..!؟
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
يمانيون../
“نتنياهو يدخل نفسه شباك لاهاي”، هكذا عنونت “ليمانيتي” صفتحها الأولى، ولوّنت صورته بالأبيض والأسود، وكتبت الصحيفة الفرنسية بالخط العريض: “سجل التاريخ إعلان القرار يوم 21 نوفمبر 2024 ، في أنصع صفحاته”.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية من العاصمة الهولندية “لاهاي”، يوم الخميس 21 نوفمبر 2024، مذكرتَي اعتقال بحق رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، بتُهم ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وفق ميثاق المحكمة الجنائية الدولية؛ تشمل الجرائم، حرب الإبادة الجماعية، واستخدام الحصار وسلاح التجويع في الحرب، والقتل العمد والتعذيب، والعنف الوحشي، وحالات الاغتصاب، وتدمير الممتلكات؛ وأفعال أخرى غير إنسانية في غزة.
وفي اليوم الـ417 للعدوان الصهيوني، وحرب الإبادة الجماعية على غزة، ارتقى أكثر من 44 ألف شهيد و120 ألف جريح ومفقود؛ أغلبهم من الأطفال والنساء، في أكثر من 3 آلاف و900 مجزرة، وهُجر مليوني إنسان في القطاع، ودُمر كل شيء فيه بـأكثر من 100 ألف طن من المتفجرات.
ماذا يعني قرار الجنائية الدولية؟
في منظور الساسة وخبراء القانون الدولي، يعتبر قرار المحكمة الجنائية الدولية قرارا غير مسبوق، وإقرارا دوليا سحب خاصية شرعنة العدوان على غزة من حكومة الكيان؛ وأحرج حلفاءها؛ ووضع “إسرائيل” في دائرة الاتهام لأول مرّة.
برأي مدير مركز لندن لإستراتيجيات الإعلام، المحلل أحمد رمضان، أعطى قرار المحكمة الضوء الأخضر لأجهزة القضاء في الدول الأعضاء لملاحقة نتنياهو وجالانت، وهو ما سيُربك “إسرائيل”، ويحد من نشاطها الدبلوماسي، ويضع إدارة ترامب في مأزق قانوني وأخلاقي.
المؤكد -في نظر الخبير رمضان- أن القرار سيفرض عُزلة إضافية لـ”إسرائيل”، وينهى الحياة السياسية لنتنياهو، ويعطل محاولاته في البقاء بالسلطة.
هل تفلت “إسرائيل” من العقاب؟
بحسب رئيس المحكمة الجنائية الدولية السابق، الدكتور شيلي أوسوجي، لن تفلت “إسرائيل” من العقاب حتى لو لم تكن موقعة على ميثاق “روما” الأساسي المؤسس للمحكمة؛ لارتكاب مسؤوليها جرائم حرب وإبادة جماعية في دولة عضوة بالمحكمة.
لماذا لن تفلت “إسرائيل”؟
يجيب أوسوجي قائلاً: “لأن قرارات الاعتقال لنتنياهو وجالانت مبنية على عضوية فلسطين في المحكمة، وجرائم الحرب اُرتكبت في قطاع غزة والضفة الغربية في فلسطين”.. داعيا الدول الأعضاء (124 دولة) – الموقعة على ميثاق روما- إلى تطبيق قرارات المحكمة.
ما هو “ميثاق روما”، وما مهمة محكمة لاهاي؟
في 17 يوليو 1998، وافقت 124 دولة -في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في إيطاليا- على ما يُعرف بـ”ميثاق روما”، باعتباره قاعدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، في حين لم توقع روسيا والصين والولايات المتحدة والهند وكيان “إسرائيل”.
وفي 1 يوليو عام 2002، تم إعلان تأسيس المحكمة بصفة قانونية بموجب “ميثاق روما”، الذي نُفذ في 11 أبريل من العام نفسه، لمهمة وقف انتهاكات حقوق الإنسان عبر التحقيق في جرائم الإبادة، وجرائم الحرب.
ماذا بعد قرار لاهاي؟
حسب قانون الجنائية الدولية “ICC”، بعد إصدار القرار تلتزم الدول الأعضاء الموقّعة على “ميثاق روما” باعتقال نتنياهو الملقب بـ”الملك بيبي”، وغالانت، في حال سافرا إلى 124، وتسليمهما إلى مقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.
ودعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أعضاء محكمته إلى التزام تنفيذ القرار وفقاً لـ”ميثاق روما”.
كيف أستقبل نتنياهو وغالانت وبايدن وترامب القرار؟
أدان نتنياهو القرار، واعتبره يوما أسود في تاريخ المحكمة والشعوب.. واصفاً إياه بالمخزي والمعادي للسامية، في حين انتقده الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وأكد دعمه لـ”إسرائيل” في الدفاع عن نفسها.. فيما اعتبره غالانت سابقة خطيرة ضد حق الدفاع عن النفس، ويشجّع الإرهاب.
وقال مايكل والتز -المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب: “توقعوا ردا قويا، في يناير المقبل، على تحيّز الجنائية الدولية المعادي للسامية”، في إشارة إلى موعد تسلَّم ترامب منصبه رسميًا.
ما موقف “إسرائيل” وأمريكا؟
وفي حين عبّرت أمريكا رفضها قرار المحكمة بشكل قاطع، ووصفته “إسرائيل” باللحظة السوداء في تاريخها، أكد عمدة مدينة ديربورن، بولاية ميشيغان الأمريكية عبدالله حمود، تنفيذ أوامر المحكمة باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا حدود مدينته.
وتلاحق نتنياهو -قبل مذكرة لاهاي- تُهم الرشوة والاحتيال، وخيانة الأمانة والسرقة، غير اتهام زوجته سارة بسرقة 100 ألف دولار من المال العام.
.. وما أبرز ردود الأفعال؟
لاقى إعلان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وغالانت ردود أفعال مختلفة، أبرزها ترحيب حماس بالقرار، واتهامها واشنطن بمحاولة تعطيله بترهيب القضاة المحكمة بشكل يؤكد ضلوعها في سبيل حماية المجرمين الصهاينة.
وأكدت منظمة العفو الدولية أن لا أحد فوق القانون الدولي، ودعت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان إلى تنفيذه.
وإذْ اعتبره ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إجراءً قانونيًا، أكدت بريطانيا وفرنسا وكندا وأيرلندا الالتزام به، وأعلنت إيطاليا وسويسرا اعتقال نتنياهو وتحويله إلى المحكمة إذا دخل البلاد.
وبينما لوّحت جمهورية التشيك بتعليق عضويتها في المحكمة الجنائية، اعتبرت صحيفة “الغارديان” قرار الجنائية مجرمي الحرب زلزالا قانونيا عالميا ووصمة عار يصعب على نتنياهو الخلاص منها.
وهكذا ستكون النهاية..!
إنها مسألة وقت، ويكون مجرما “إسرائيل” (نتنياهو وغالانت) داخل شباك محكمة لاهاي، وستتحقق عدالة السماء، وما أدراك ما عدالة السماء؟!! فإن غابت عدالة الأرض، فهي لا تغيب، فويل لقاضي الأرض من قاضي السماء، وويل لمن يسفك الدماء، ولا يخشى غضب الله وبطش جبروته، وما النصر إلا صبر ساعة..
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}..
————————————-
السياسية – صادق سريع
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة نتنیاهو وغالانت
إقرأ أيضاً:
المقاومة مستمرّة: “إسرائيل” تحت مجهر القانون
يمانيون../
يستمر العدو الصهيوني في عدوانه الوحشي على غزة ولبنان في ظل صمت عربي ودولي فاضح، تجاوز حدود “الحيادية” بأشواط ليبلغ حدود التآمر والمشاركة في العدوان، وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية الدور الأبرز في تشكيل خط الدفاع الأول عن حليفتها “إسرائيل” على مستوى المحافل الدولية، لا سيما أمام القضايا القانونية المرتبطة بجرائم الحرب والإبادة.
هذا الواقع فرض نفسه على الساحة القانونية والحقوقية، وكان محور اهتمام ومتابعة من قبل العديد من القانونيين والناشطين في المجال الحقوقي وضد العدوان الصهيوني، وفي هذا السياق كانت التحديات والقضايا المرتبطة بهذا الواقع محط دراسة ومتابعة في جدول أعمال الندوة التي نظمها المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، تحت عنوان “حقوقيون ضد العدوان، في المواجهة القانونية.”
الندوة تخللها العديد من المداخلات حول قضايا وأفكار متشعبة تصب جميعها في قالب واحد، وهو المواجهة القانونية لجرائم العدو الصهيوني باختلاف طبيعتها، وقد نتج عنها مجموعة من التوصيات التي يتعزّز عبرها المسار القانوني لهذه المواجهة، ومساءلة “إسرائيل” في المحافل الدولية بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.
البداية مع نائب مدير المركز ورئيس “مرصد قانا لحقوق الإنسان” الدكتور محمد طيّ الذي أوضح أنه وقبل الحديث عن طبيعة جرائم العدو، لا بد من تحديد المنهجية التي على أساسها تعالج هذه الجرائم، بمعنى أنه لا يجب أن ننجر إلى معالجتها على طريقة الأوروبيين، لأن هؤلاء معترفون أساسًا بالعدو الصهيوني كـ”دولة”، لكننا نرى أن هذا الكيان زُرع لهدف معين يخدم الدول الأوروبية من جهة، ويحقق مصالح خاصة بالصهاينة من جهة أخرى.
جرائم “إسرائيل” بالطبع، لم تبدأ اليوم، وهي ليست وليدة العدوان الحالي، وبالتالي يجب أن تعالج على ضوء تاريخيّتها، بمعنى أنها جرائم متواصلة ومستمرة ولها أهداف محدد. هدفها القريب هو كسر المقاومة، أما الغاية الكبرى فهي إخلاء الأرض من سكانها للاستيلاء عليها.
لهذه الجرائم تصنيف يستند إلى طبيعة كل منها. البداية مع الأخف خطورةً وهي جريمة الحرب، لا سيما وأن “إسرائيل” تستهدف المدنيين وتقتل الأسرى، وجريمة الفصل العنصري، وقصف المدن والقرى غير المحمية، وهي سياسة ممنهجة ومتّبعة وهادفة إلى إخلاء الأرض والاستيلاء عليها، ولا تنطوي أبدًا تحت مسمى “خسائر حرب تبعيّة”، كما يحاول بعضهم تصنيفها.
نوع آخر من الجرائم يسمى “جرائم ضد الإنسانية”، وذلك حين نشهد استهداف مدنيين على نطاق واسع وبشكل مبرمج، وهذا الأمر لا يجري صدفةً بل هو مخطط ومبرمج، أما جريمة “إبادة جنس بشري” وهي تعدّ أخطر، فهي تعني التوجه إلى مجموعة من الناس من أجل إهلاكها كليًا أو جزئيًا، على أن تكون هذه الجماعة قومية أو دينية أو إثنية أو عرقية، ولا يقال عنها جريمة إبادة جماعية، لأن وطأتها وخطورتها هي أكبر من ذلك بكثير، وهذا التغيير في المسمى، أو تعديل المصطلح يصب بالطبع في مصلحة العدو لأنه يخفف من وطأة إجرامه.
أخيرًا وليس آخر، تأتي جريمة “إلغاء وطن” وهي جريمة خطيرة رغم أن بعض المتخصصين يصنفها جريمة سياسية، وإقامة ما يسمى بالكيان “الإسرائيلي” على أنقاض وطن آخر كفلسطين، هي الحقيقة الأكثر تطابقًا مع هذا النوع من الجرائم، وهذا ما يجب علينا أن نفرضه ونبيّنه ونشرحه للرأي العام العالمي.
وفيما يرتبط بالتوصيات والآليات المعتمدة لتنفيذها، فإن أهمها، ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية القيام به من التحرك لمخاطبة المنظمات الدولية، كمجلس حقوق الإنسان والمنظمات المختصة بالطفولة والنساء وغيرها، بالإضافة إلى ما هو مطلوب من الحقوقيين على صعيد التواصل مع نقابات المحامين في أرجاء العالم خاصة في الدول الصديقة، ومنظمات الحقوقيين، مثل جمعية الحقوقيين العرب والجمعية العربية للعلوم السياسية، وسائر الجمعيات التي تهتم بالجانب الحقوقي.
الدكتور طي أكد أن نشر وتعميم ما تم التوصل إليه يعطي شرعية للدول التي تقاطع العدو الصهيوني، وأيضًا للحركات التي قامت ضد هذا العدو وما زالت تقوم في أوروبا وأميركا وغيرها، كما أن إظهار أحقيّة الشعوب في مواجهة وحشية العدو الصهيوني، يسقط عنها تهمة الإرهاب بوصفها حركات مقاومة، ويضغط على الحكومات التي تدعم العدو ويعرّضها لمساءلة شعبها، كما أن هذا الأمر يخلق حالة من الاضطراب في الساحة الداخلية للعدو ويعطي المقاومات بالمقابل زخمًا ويشجعها على مواصلة النضال وتشديده.
في سياق الندوة، شدد الدكتور عقل عقل على أن العدالة تنتزع ولا تطلب، وما نشهده اليوم من صمت عربي ودولي هو تواطؤ مكشوف يجب التصدي له بالأدوات القانونية والسياسية المتاحة، والتي تشمل المحكمة الجنائية الدولية، محكمة العدل الدولية، المحاكم الدولية بفضل الولاية القضائية العالمية، والتعاون مع المنظمات الدولية. وفي المقابل أشار الدكتور عقل إلى التحديات السياسية والقانونية التي تواجه لبنان في مسار محاكمة “إسرائيل”، والتي تتمثل بـ”الفيتو” الأميركي في مجلس الأمن، ونسف “إسرائيل” لكل مبادئ القانون الدولي، والضغط السياسي الدولي الذي تتعرض له المحاكم الدولية.
الدكتور عقل، أكد أنْ لا حصانة للعدوان، وأن على المجتمع الدولي أن يختار بين العدالة والتواطؤ، وملاحقة جرائم العدو هي واجب وليست خيارًا، وكل من يسعى لحجبها هو شريك في الجريمة.
مداخلة أخرى في الإطار عينه للدكتور حسن جوني الذي رأى فيها أن العدو “الإسرائيلي” ارتكب في عدوانه على فلسطين و لبنان كل الجرائم الدولية خصوصًا جريمة الإبادة الجماعية، وإبادة الأجناس البشرية التي تعتبر في القانون الدولي من أخطرها حسب المادة السادسة من نظام روما، وارتكابها يهدد السلم والأمن الدوليين.
الدكتور جوني أشار إلى أن العدو “الإسرائيلي” يلاحَق أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة، وقد اعتبرت المحكمة في تقريرها الاحترازي أن “إسرائيل” قد ارتكبت هذه الجريمة بحق أهل غزة الذين يشكلون مجموعة بشرية ثابتة في فلسطين المحتلة، كما أن عدة دول انضمت إلى دولة جنوب إفريقيا في ملاحقة المجرم “نتنياهو” وغيره من الصهاينة بتهمة ارتكاب هذه الجريمة.
أبرز المداخلات كانت أيضًا للدكتور خالد الخير، الذي تحدث فيها عن موضوع “المسؤولية الدولية” عن الجرائم “الإسرائيلية” المرتكبة، فحدد القواعد القانونية الدولية التي تحكم المسؤولية المدنية والتي بموجبها تكون دولة الاحتلال ملزمة بالتعويض العيني والمالي عن الأضرار التي تسببت بها وذلك استنادًا إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية أهمها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف 4 والبروتوكول الإضافي الأول وقرارات مجلس الأمن وغيرها، وهنا الحديث يشمل بالطبع كل من غزة ولبنان وسورية خاصة في ظل ما تشهده حالياً.
الدكتور خير تناول أيضًا قواعد المسؤولية الجزائية التي تنطبق على جرائم الاحتلال المتمثلة بجرائم الإرهاب والحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جنس بشري، وليس آخرها جريمة اغتيال القادة التي تعد من أخطر الأنواع، مؤكدًا أن العدو مارس كل هذه الجرائم بحق الشعوب في فلسطين ولبنان وسورية، منتهكًا كل القوانين والمواثيق والقرارات الدولية.
العهد الاخباري ـ سارة عليان