صفر تسامح.. حراك مدني لمناهضة العنف ضد النساء في المغرب
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
أكدت هيئات نسائية ومنظمات حقوقية بالمغرب استمرار ظاهرة العنف ضد النساء رغم الجهود المبذولة في هذا المجال، مسجلة انتقاداتها لـ"تأخر" تفعيل قوانين وسياسات حماية النساء وضمان المساواة و"غياب آليات فعالة" لضمان محاسبة مرتكبي العنف ضد المرأة.
ويشهد المغرب زخما مدنيا بارزا في إطار الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء، التي تمتد من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر، إذ أطلقت هذه الهيئات الحقوقية والنسائية أنشطة تحمل شعارات مختلفة لمحاربة العنف ضد النساء، من بينها "صفر تسامح" و"مدن آمنة".
وشددت المنظمات على ضرورة "عدم التسامح مع مرتكبي العنف ضد النساء" و"أهمية تسريع وتيرة الإصلاحات التشريعية لإدماج مقاربة النوع في جميع السياسات العمومية لضمان بيئة آمنة وعادلة للنساء".
وفي هذا السياق، أكدت المتحدثات في الأيام المفتوحة لـ"الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب" والندوة الصحفية لـ"جمعية التحدي للمساواة والمواطنة" بالدار البيضاء على "استمرار معاناة" النساء المغربيات من أشكال متعددة من العنف، أبرزها العنف الاقتصادي والاجتماعي والرقمي.
وأوضحن أن "ضعف التبليغ" عن حالات العنف يعود إلى "هشاشة الوضع الاقتصادي للنساء"، إذ أن 85 في المئة منهن خارج سوق العمل، "ما يدفع العديد منهن إلى قبول العنف أو التطبيع معه لغياب البدائل".
وشددت الأصوات النسائية والحقوقية المشاركة في فعاليات الأيام الأممية لمحاربة العنف ضد النساء، على أن "استمرار الصور النمطية والعقليات الذكورية يعرقل تقدم الجهود الرامية إلى تحقيق المساواة وإنصاف النساء"، مشيرة إلى ضعف الموارد البشرية والمالية المخصصة لمناهضة هذا العنف وقلة مراكز الإيواء والخلايا المتخصصة لاستيعاب جميع الحالات.
جريمة لا ظاهرة
وفي تعليقها على الموضوع، تشدد رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، ياسمين زاكي، على أن "العنف جريمة وليس مجرد ظاهرة، مما "يستدعي مقاربة شاملة تجمع بين التوعية المجتمعية وترسانة قانونية قوية تحدد بدقة أنواع العنف وتعاقب عليها بصرامة"، لافتة إلى أن "شعار عدم التسامح يعكس أبعادا حقوقية وقانونية ومجتمعية متكاملة".
شهادات صادمة تكشف واقع العنف الرقمي ضد النساء في المغرب "أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"أصوات مغاربية"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".وتتابع زاكي في حديثها لـ"الحرة" موضحة أن "غياب تعريف واضح لأنواع العنف سواء على المستوى المحلي أو وفق المعايير الدولية، يضعف الجهود المبذولة لمكافحته"، مطالبة المؤسسات المنتخبة والهيئات المختصة إلى اتخاذ تدابير صارمة للحد من هذه الجريمة.
ودعت المحامية والحقوقية إلى "تحقيق العدالة المجالية لأن النساء في المناطق القروية والجبلية يعانين بشكل أكبر مقارنة بنظيراتهن في الحواضر الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط"، مؤكدة أن "هذه الفجوة الجغرافية تعكس ضرورة وضع سياسات تستهدف النساء في مختلف مناطق المغرب مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجه الفئات الأكثر تهميشا في البلاد".
سلطة القوانين
ومن جانبها، نبهت الناشطة الحقوقية، خديجة الرباح، إلى أن "القوانين والتشريعات المغربية المتعلقة بالنساء كالقانون الجنائي ومدونة الأسرة وقانون مناهضة العنف "لا تزال غير كافية للتصدي للعنف ضد النساء"، إذ "تستمر في شرعنة بعض الممارسات مثل الاغتصاب الزوجي، ولا تسهل ولوج النساء الناجيات إلى العدالة مما يحد من قدرتها على الحد من الظاهرة".
وتعتبر الرباح في تصريح لـ"الحرة" أن السياسات الحالية في البلاد "لا تزال بعيدة عن تحقيق الهدف المنشود"، مبرزة أن أرقام المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة إحصاء رسمية) تشير إلى أن العنف ضد النساء "في تنام مستمر".
Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.
وقالت إن "معالجة العنف تتطلب إصلاحا شاملا للترسانة القانونية لتحقيق المساواة والمناصفة وإلغاء التمييز في جميع المجالات"، منتقدة "تأخر تفعيل هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز التي يفترض أن تكون ملاذا مؤسساتيا للنساء عند غياب الإنصاف في القضاء".
"عقليات ذكورية"
ومن جهة أخرى، تطرقت رئيسة "جمعية التحدي للمساواة والمواطنة"، بشرى عبدو، إلى العنف الذي تتعرض له النساء البائعات في الفضاء العام بالمغرب، موضحة أنه "يأخذ أشكالا متعددة منها التحرش الجنسي والسب والشتم والإهانة والعنف الجسدي وتصوير النساء والتشهير بهن في الفضاء الرقمي".
وتقول عبدو في تصريح لـ"الحرة" إن "هذا العنف يمكن أن يتطور من مجرد معاكسة أو تحرش إلى إيذاء جسدي مباشر للنساء والفتيات في الفضاء العام"، مؤكدة أن "الفضاء العام الذي يفترض أن يكون مشتركا بين النساء والرجال، يحتاج إلى حماية حقيقية ليصبح آمنا من جميع أشكال العنف لأن هناك عقليات ذكورية ترى في وجود النساء بهذا الفضاء تجاوزا غير مقبول".
وأشارت المتحدثة ذاتها إلى التأثير السلبي للعنف في الفضاء العام على التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء، خصوصا البائعات المتجولات، مسجلة أن "العنف اللفظي والجسدي والتحرش يؤدي إلى تراجع النساء عن ممارسة أنشطتهن الاقتصادية مما يهدد مصدر رزقهن".
ظروف قاسيةوأوضحت الكاتبة العامة لـ"النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ"، لبنى نجيب، أن العاملات في هذا القطاع، خاصة في المؤسسات التعليمية والمستشفيات، يعانين من "استغلال كبير وظروف عمل قاسية"، مشيرة إلى أن أجورهن لا تتجاوز 1200 درهم (حوالي 120 دولارا) رغم أنهن يشتغلن لساعات طويلة تصل إلى 14 ساعة يوميا.
وتضيف نجيب لـ"الحرة": "العاملات بالقطاع يتعرضن لاستغلال مهني وجنسي ويتم تكليفهن بمهام خارج اختصاصاتهن مثل التنظيف في منازل المدراء وأن رفضهن لهذه المهام قد يؤدي إلى طردهن في ظل غياب حماية قانونية فعالة"، مؤكدة أن "هذا الاستغلال يحدث في مؤسسات عمومية يفترض أنها تلتزم بالقانون إلا أن شركات المناولة تلعب دور الوسيط لتغطية الانتهاكات فيما تتنصل المؤسسات المشغلة من مسؤولياتها".
المغرب.. مؤسسة رسمية تتحدث عن "تمييز جنسي" في سوق العمل قالت مؤسسة مغربية رسمية إن التمييز بين المرأة والرجل واقع راسخ في سوق الشغل بالبلاد ما يؤدي إلى تفاقم فجوة الأجور بين الجنسين رغم المؤهلات المتساوية بينهما.وذكرت نجيب أن غالبية العاملات أميات وغير مدركات لحقوقهن مما يزيد من معاناتهن، وقالت إن "الوزارات الوصية مطالبة بإصدار مذكرات صارمة تلزم الشركات باحترام دفاتر التحملات وتطبيق القوانين الاجتماعية بشكل فعلي، لأن مسؤولية الدولة تكمن في ضمان الحقوق الأساسية لهذه الفئة التي تواجه ظروفا صعبة دون تدخل حقيقي لإنصافها".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: العنف ضد النساء الفضاء العام النساء فی فی الفضاء فی هذا إلى أن
إقرأ أيضاً:
جامعة سمنود تشارك في الملتقى التنسيقي لمناهضة العنف ضد المرأة
شاركت جامعة سمنود التكنولوجية، اليوم الاثنين 25 نوفمبر 2024، في الملتقى التنسيقي السابع لوحدات مناهضة العنف ضد المرأة بالجامعات المصرية، الذي نظمته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
تضمن الملتقى كلمات افتتاحية من ممثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والسيدة جيرمين حداد، الممثل المساعد لصندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر. كما ألقت الدكتورة منى هجرس، الأمين العام المساعد بالمجلس الأعلى للجامعات، كلمة استعرضت فيها دور الجامعات المصرية في التصدي لقضايا العنف ضد المرأة.
كما شهد الملتقى عرض اختصاصات وحدات مناهضة العنف ضد المرأة والنتائج المحققة حتى الآن، قدمته الأستاذة شيماء نعيم، مدير عام الإدارة العامة للاستراتيجية ومسؤول متابعة جهود الوحدات. وفي جلسة مخصصة، تحدثت الأستاذة سالي ذهني، رئيس فريق قضايا المساواة بين الجنسين بصندوق الأمم المتحدة للسكان، عن العنف الذي تيسره التكنولوجيا وأدوات دعم الناجيات.
كما تناول الملتقى جلسة حول مناهضة العنف ضد النساء في البيئة الجامعية، أدارها نخبة من الخبراء، بينهم الأستاذة الدكتورة نسرين البغدادي، عضوة المجلس القومي للمرأة وأستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، والأستاذة مها الهلالي من الجمعية المصرية لتقدم الأشخاص ذوي التوحد والاضطرابات النمائية المشابهة (ADVANCE).
تطرقت النقاشات إلى دور مكتب شكاوى المرأة وتفعيل وحدات مناهضة العنف ضمن مسار الإحالة الوطني، حيث قدمت الأستاذة أمل عبد المنعم، مدير عام مكتب شكاوى المرأة، عرضًا توضيحيًا حول هذا الموضوع. كما استعرض الأستاذ أحمد جمعة، المحامي بمكتب شكاوى المرأة، القوانين المعدلة التي تعزز حماية المرأة من العنف.
حيث أكد الأستاذ الدكتور منتصر دويدار، رئيس جامعة سمنود التكنولوجية، على أهمية دور الجامعات في توفير بيئة تعليمية آمنة، قائلًا:
"تلتزم جامعة سمنود التكنولوجية بتعزيز قيم المساواة والاحترام من خلال دعم وحدات مناهضة العنف، والعمل على توعية الطلاب والطالبات، وإطلاق مبادرات مبتكرة لحماية المرأة وتمكينها، بما يسهم في تحقيق بيئة تعليمية متكاملة وآمنة."
وخلال الملتقى، قدمت الدكتورة هبه الفوطي - مدرس بقسم تكنولوجيا صيانة وتشغيل ماكينات الغزل والنسيج بكلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة بجامعة سمنود عرضًا، تناول أبرز جهودها في مناهضة العنف ضد المرأة، بما في ذلك تنظيم ورش العمل التوعوية، وإطلاق برامج دعم نفسي وقانوني للناجيات، وتطوير آليات للإبلاغ عن حالات العنف باستخدام التكنولوجيا.
اختُتم الملتقى بتوصيات لتعزيز دور الوحدات الجامعية، مع التأكيد على أهمية التشبيك مع الجهات المعنية لتقديم الدعم المتكامل، وضمان بيئة جامعية قائمة على العدالة والمساواة.