أنغيلا ميركل تكشف أسرار 16 عامًا من القيادة في مذكراتها الأولى
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
نوفمبر 26, 2024آخر تحديث: نوفمبر 26, 2024
المستقلة/- بعد ثلاث سنوات من مغادرتها الساحة السياسية، تصدر المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل مذكراتها الأولى، كاشفةً فيها النقاب عن 16 عامًا من القرارات الحاسمة التي اتخذتها أثناء قيادتها لألمانيا.
تجمع ميركل في هذا الإصدار بين التبرير لبعض خياراتها، والأسف حيال أخرى، لكنها تركز بشكل لافت على قلقها العميق إزاء مستقبل العالم في ظل التحديات الراهنة.
في كتابها، تعود ميركل بالزمن إلى طفولتها في ألمانيا الشرقية، وتشارك محطاتها الحاسمة في مواجهة أزمات مفصلية مثل الأزمة المالية العالمية، أزمة اللاجئين في 2015، وضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014. بأسلوبها الصريح والمعهود، تتناول الزعيمة السابقة هذه القضايا التي شكلت ملامح السياسة الدولية، معبرةً عن رؤيتها وتأملاتها بشأن ما ينتظر العالم.
ميركل، التي لقبت بـ”زعيمة العالم الحر” بعد خطابها الشهير عن الوحدة عام 2016 في أعقاب انتخاب دونالد ترامب رئيسًا، غادرت منصبها عام 2021 وسط احترام واسع وشعبية كبيرة تجاوزت حدود ألمانيا.
ورغم الانتقادات التي واجهتها خلال فترة حكمها، ظلت نموذجا للقائدة التي أثبتت حكمة وحنكة في إدارة أزمات معقدة وضعت بصمتها على التاريخ الحديث.
“لن تعتذر”
تعرضت ميركل لانتقادات- خاصة في أوكرانيا-، بسبب نهجها تجاه روسيا خلال فترة ولايتها. ويُلقى عليها اللوم بشكل خاص لتشجيعها العدوان الروسي من خلال كونها “لينة بشكل مفرط” في التعامل مع موسكو، بالإضافة إلى اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي الرخيص.
نفت الزعيمة الألمانية السابقة أن تكون قراراتها قد حالت دون اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، بعد أن غادرت منصبها. وتشير ميركل إلى قمة هامة في عام 2008 بشأن محادثات انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، حين قطعت ميركل الطريق على انضمام كييف إلى عضوية الناتو.
وقالت إنها مقتنعة بأن السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو في وقت سابق كان سيؤدي إلى استفزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينئذ. وأوضحت أنها “لن تعتذر” عن موقفها من روسيا خلال فترة ولايتها.
وقالت أورسولا فايدنفيلد الصحفية التي ألفت سيرة ذاتية سابقا لأنغيلا ميركل، إن الزعيمة السابقة كانت مدفوعة بالبراغماتية قبل كل شيء. وأضافت الكاتبة أن مبدأ أنغيلا ميركل السياسي هو: “أنا أتصرف عندما أستطيع التصرف وليس عندما أريد أن أتصرف”.
وفي مكان آخر من كتابها، ذكرت مقتطفات حصلت عليها صحيفة “الغارديان”، أن ميركل “تعذبت” من نتائج استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، عندما صوتت المملكة المتحدة بأغلبية ضئيلة على الخروج من الاتحاد.
وشعرت بالفزع من فكرة أنه كان يمكنها أن تبذل المزيد من الجهد، خلال المفاوضات التي سبقت الاستفتاء مع رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون، الذي كان هو نفسه حريصًا على بقاء بلاده في الكتلة.
ترامب وماسك.. والتوازن الاجتماعي
وجهت ميركل انتقادات حادة لترامب -الذي من المقرر أن يبدأ ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة- في كتابها الجديدة.
وكتبت ميركل عن ترامب الذي تعاملت معه سابقا عندما كانت في منصب المستشارة: “يبدو أن هدفه الرئيسي كان جعل الشخص الذي يتحدث إليه يشعر بالذنب”. وفي موضع آخر، تقول إن ترامب كان مدفوعًا بالمظلومية وكان “يتعامل بأسلوب المعاملات” عند التفاوض.
طالت انتقادات ميركل الملياردير إيلون ماسك، الذي تم تكليفه بقيادة وزارة أمريكية، وقالت: “يجب على السياسة أن تحقق التوازن الاجتماعي بين الأقوياء والمواطنين العاديين”، مضيفة أن التأثير القوي للشركات على السياسة كان “تحديًا غير مسبوق”.
مستقبل الاتحاد الديمقراطي المسيحي
ومن المقرر أن ينشر كتاب ميركل في وقت تواجه فيه ألمانيا انتخابات في 23 شباط/ فبراير المقبل. وقد تم تقديم موعدها بعد انهيار الائتلاف الحاكم الذي كان يقود الحكومة بقيادة أولاف شولتس.
ويستعد الحزب الذي تنتمي إليه -وهو الاتحاد الديمقراطي المسيحي- لتولي السلطة في ألمانيا مرة أخرى. إذ يتصدر بنسبة 32% وفقًا لآخر استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة الألمانية.
ويعد زعيمه الجديد فريدريك ميرتس، أكثر تمثيلاً بشكل عام للجناح المحافظ في الحزب. وتقول فايدنفيلد: “كانت ميركل شخصًا يتمتع بنوع من الثبات ورباطة الجأش. وأعتقد أن ذلك أقنع الكثير من الناس أنها كانت شخصًا جيدًا لقيادة هذا البلد خلال الأزمات المختلفة التي حدثت خلال فترة توليها المنصب”.
وأضافت “إنه (أي ميرتس) مستشار من نوع مختلف عن أولاف شولتس، وبالتأكيد مزاج مختلف تمامًا عن أنغيلا ميركل. فهو متهور، وسريع الانفعال والاندفاع، وحساس على المستوى الشخصي”.
المصدر: يورونيوز
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: خلال فترة
إقرأ أيضاً:
سنوات ترامب العجاف!
فى حدود المواقف والسياسات التى صدرت عن الرئيس الأمريكى ترامب حتى الآن بعد نحو أسبوعين له فى السلطة، أعتقد أن العالم كله، وليس منطقتنا العربية فقط، يجب أن تعد العدة لأن تعيش أربع سنوات عجافًا، إذا كان مقدرًا لترامب أن يبقى فى كرسى الحكم. فضلاً عن ذلك، فمن الواضح أن تجربته ستخضع لدراسة طويلة، وربما بدأ ذلك فى السياق الأمريكى، ومن بين ما سيكون موضعًا للتناول سلوكه خلال فترة رئاسته الأولى، وذلك الذى يتبناه خلال الفترة الثانية. يبدو ترامب أكثر ثقة، وأقل هيبة من الآخر، أيًا كان هذا الآخر حليفًا أم صديقًا أم عدوًا. من الواضح أن الفكرة التى تسيطر على ترامب، وهى فكرة بالغة الخطأ، وربما لم ترد على ذهن أى من سبقه، أنه الحاكم الآمر فى النظام الدولى الراهن رغم أن معطيات القوة الخاصة بتوازن القوى على صعيد هذا النظام تشير إلى أن التطورات ليست فى صالح مزيد من الهيمنة الأمريكية.
فى تقديرى أن الرئيس ترامب بما يقدم عليه من سياسات، سيكرس نتيجتين أساسيتين ربما لم تشهدهما الولايات المتحدة من قبل، كلتا النتيجتين مرتبطتان ببعضهما البعض، الأولى هى أن رئاسته الفريدة من نوعها فى غياب فرضية دولة المؤسسات، الثانية أنه للمرة الأولى يتم تسيير الأمور فى تلك الدولة العظمى وفق هوى الحاكم، تلك السبة التى كانت توجه للدولة النامية أو دول العالم الثالث. صحيح أن هناك مقاومة وتكاد أن تكون شرسة لهذا الاتجاه، والأرجح أنها ستؤتى أكلها، لكن ذلك لن يمر دون جروح أو ندبات على وجه السياسة الأمريكية.
فى حدود ما صدر من ترامب حتى الآن واستكمالًا لما أشرنا اليه الأسبوع الماضى، يمكن رصد جوانب بالغة الاستثنائية فى سياساته منها تنحية القواعد والأعراف الدولية التى تم الاستقرار عليها فى التعامل بين الدول، وهو ما يسبب نوعًا من الشعور بالإهانة لدى الخصوم ينعكس فى رد عنيف سواء على مستوى الفعل أو القول، ولعل فيما وجهه رئيس كولومبيا لترامب أبلغ مثال على ذلك.
من الملامح الأخرى للأسف الطابع الهوجائى غير المدروس للكثير من القرارات، وهو ما ينعكس فى التراجع عنها أو عن أغلبها بعد وقت ليس بالطويل، مثل قرار تجميد المنح، وتلك القرارات المتعلقة بالتعريفة الجمركية على السلع التى ترد من دول لا تنصاع أو تتجاوب مع مواقفه ومثال ذلك كندا وغيرها.
أما مواقفه التى تتجاوز المعقول وتعبر عن نوع من الغطرسة التى فات أوانها فى العلاقات الدولية فهى تلك المتعلقة بالصراع العربى الإسرائيلى. ينطلق ترامب، كما هو واضح، من تصور أن المنطقة أضعف ما يكون، وأن ذلك ييسر مهمة أن تكون تصوراته وأفكاره أوامر. لكن المشكلة أنه يسعى لما قد يعجز عنه أكثر حلفائه فى المنطقة عن التجاوب معه، وهو ما قد يقوض سلطته، بل هيبته كرئيس أمريكى. يأتى فى هذا السياق حديث ترامب عن تهجير أهالى غزة والضفة إلى مصر والأردن. وحسنًا فعلت مصر وباقى الدول العربية من مواقف تؤكد مواجهتها لمثل هذا التوجه، وإن كانت المشكلة تبقى فى دلالة ذلك الطرح من ترامب على نمط تفكيره وتعامله مع الأمور فى المنطقة خلال سنوات حكمه. آخر اللا معقول فى مواقفه فى هذا الصدد تعبيره عن عدم رضائه عن كون إسرائيل تبدو كرأس قلم فى خريطة المنطقة أو شىء من هذا القبيل فى تأكيد لدعوته عن ضرورة توسيع إسرائيل.
لكل ذلك أعتقد أننا سنظل– شئنا أم أبينا– فى حالة تركيز مع ترامب وسياساته باعتبارها الأخطر علينا من أى رئيس أمريكى فات!
[email protected]