نوفمبر 26, 2024آخر تحديث: نوفمبر 26, 2024

د. علي عزيزأمين

يبدو أن كل ما شاهدناه وسمعناه من امتعاض أمريكي وسخط إسرائيلي حول قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق شخصَي المجرمان نتنياهو وغالانت بعد طول تسويف وانتظار، ما هو إلّا مجرّد ضوضاء وفعاليات هوجاء مدروسة ومحبوكة بمنتهى الدقة والعناية، جرى هندستها والاتفاق عليها مسبقاً بين الإدارتين الصهيونيتين في واشنطن وتل أبيب، حيث أن كلتاهما لا تباليان أصلاً بتلك المحكمة، ولا تعتبرانها سوى أداة من أدوات الغرب الاستعماري المتنوّعة، يستخدمها هذا الغرب كما ومتى يشاء وفقاً لمصالحه الخاصة، والتي تقتضي الآن إظهار معاداته لها، وهذا شيء بديهي كون القرار الصادر ضدهم ويمس ساميّتهم المسمومة.

لكن ما خفي ليس أعظم، بل أقذر وأحقر!

جميعنا شهدنا قرار تلك المحكمة في شهر آذار من العام الماضي 2023 بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكيف تلقّى الخبر حينها عالمنا العربي، وبالتحديد فئتنا وبيئتنا القومية المقاوِمة، فنحن وهو ما كانت الإدارة الأمريكية متيقّنة منه، مؤمنين بأنه لا خلاص ولا مناص للعيش بسلام وأمان سوى بانتقال العالم إلى عالم التعددية القطبية، وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد بأن من يقود زمامه ويسير به هو الرئيس فلاديمير بوتين وإدارته التي تتحلى وتمارس أقصى درجات ضبط النفس، وهو ما جعله وإدارته عُرضة للانتقاد في العديد من المرات حتى مني شخصياً أحياناً ومن الأصدقاء الأكثر إخلاصاً وتفانياً أيضاً، ليس للانتقاد السلبي المراد منه الطعن والتشكيك والتشويه بل لأننا فعلاً وحقيقةً يجب أن يدركها الجميع بقارب واحد، ولكن هذا نابع من ما يحدث كل يوم من أهوال  مُشاهدة مناظر القتل والإجرام التي تمارسها بحقنا جيوش الغرب الاستعماري وعلى رأسهم أمريكا بشكل مباشر تارة، وعبر ذراعها الإسرائيلي تارات أخرى. خصوصاً وأن هؤلاء هم أنفسهم الذين يحاصرون الشعب الروسي، ويرسلون أسلحتهم الفتاكة لقتلهم عبر ذراعهم الأوكراني المتمثل بالمجرم المنحرف زيلينسكي وزمرته الصهيونية النازية.

ولعل هذا القرار الذي اتخذته تلك المحكمة والتي أصفها من وجهة نظري بأنها سيئة الصيت، يحاول الغرب من خلاله أن يساوي بين الرئيس بوتين ودراكولا العصر نتنياهو وعصابته، وبين روسيا الاتحادية و”الكيان” النازي صنيعة الغرب الاستعماري كما نظام كييف العميل له. مُوجهاً تلك الصورة البليدة ـ أي المقارنة المشوّهة ـ إلى شعوبنا، ليُحفزّها للإشادة بالقرار محاولاً إقناع السُذّج منهم: بأنكم يجب أن تعلموا أن بوتين الذي تحبونه وتعتبرونه الداعم الدولي القوي لما تعتبرونها قضيتكم المركزية فلسطين، وتأملون به خيراً، لا يختلف عن نتنياهو، فكلاهما مجرميْ حرب.

وفي الختام، فإن على عقلاء العرب والمسلمين وأحرار وشرفاء العالم أن يمتنعوا عن التطبيل والتهليل بما يصدر عن هياكل الغرب الاستعماري، وأن ينظروا لكل ما يصدر عنها بعين الشك والريبة، خاصة وأن هذه الهياكل جميعها لم تنصف الشعوب المظلومة في العالم، ولم تتمكّن من تنفيذ ما أقرته وكررته مراراً وتكراراً من قرارات تمس “الكيان” المجرم أو قيادات ودول الغرب الاستعماري التي فتكت بعشرات الملايين من الأبرياء، ولا تزال تسير على ذات المنوال. وليكن قرارنا الوحيد الأوحد أن نقاتلهم حتى آخر رمق، سواء في فلسطين أو لبنان وكلٌّ حسب موقعه حتى تحرير كل أراضي لبنان والجولان وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، أما دراكولا العصر، فوعداً سنسفك دمه الفاسد، ونرشه على قبره ونكتب: قبر دراكولا العصر، وفي ذلك حقّ وعدل.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الغرب الاستعماری

إقرأ أيضاً:

جيورجي بوريسينكو سفير روسيا في مصر يكتب: المعايير المزدوجة للمحكمة الجنائية الدولية

تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما، الذي دخل حيز النفاذ في عام 2002، كمؤسسة عدالة عالمية تهدف إلى محاكمة أولئك الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان. ومن أجل منحها وضعيتا خاصة قد تم اتخاذ القرار على نقل القضايا بشكل مباشر من مجلس الأمن الدولي إلى هذه الهيئة للنظر فيها.
وعلى أمل تحقيق أهداف المحكمة المعلنة انضمت إلى نظام روما أكثر من 120 دولة. وفي الوقت نفسه، لا تشارك في المحكمة الجنائية الدولية دول مهمة مثل مصر وفيتنام والهند وإندونيسيا والصين وباكستان والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وتركيا. كما ألغت روسيا توقيعها وانسحبت من المعاهدة الدولية ذات الصلة في عام 2016.

محام بالجنائية الدولية: ترامب يحاول اتخاذ مواقف مضادة تجاه المحكمةنتنياهو وأوربان يبحثان مع ترامب تطورات انسحاب المجر من الجنائية الدوليةأول تعليق من نتنياهو على الانسحاب المجري من المحكمة الجنائية الدوليةبالتزامن مع زيارة نتنياهو.. المجر تنسحب من المحكمة الجنائية الدوليةويرجع ذلك إلى عدم فعالية عمل هذه المؤسسة وطبيعتها المسيسة، فضلا عن حالات عديدة لإساءة استخدام السلطة من قبل قيادة المحكمة. وتعرض الإحصائيات على ذلك بشكل واضح فرغم ميزانيتها السنوية البالغة التي تبلغ الى 170 مليون دولار وطاقمها المكون من 900 موظف لم يتم اعلان سوى حوالي 40 شخصا مطلوبا خلال العشرين عاما الماضية ولم تصدر أكثر من 15 إدانة نهائية.
علاوة على ذلك، هناك تحيز جغرافي واضح في أنشطة المحكمة الجنائية الدولية، التي اختارت في البداية أفريقيا كهدف رئيسي لتحقيقاتها بروح التفكير الاستعماري الجديد للغرب. وفي الوقت نفسه، ظلت جرائم القوات المسلحة الغربية في العراق وأفغانستان دون عقاب. ولهذا السبب اعتمد الاتحاد الأفريقي في عام 2017 استراتيجية خروج دول القارة الأفريقية من هذه الهيئة.
إن الدليل الواضح على الدور التدميري الذي تلعبه المحكمة الجنائية الدولية هو تعاملها المتحيز مع أزمة دارفور، عندما في عام 2008 تم اصدار طلب اعتقال الرئيس السوداني السابق عمر البشير. إن الموقف الذي اتخذته المحكمة قد عرّض فعليا تنفيذ اتفاق السلام الشامل بين شمال وجنوب هذا البلد للخطر. وآنذاك رفضت جامعة الدول العربية اتهامات بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية الموجهة إلى الزعيم السوداني، كما انتقد مجلس وزراء الخارجية لدول الأعضاء في الجامعة هذه السابقة الخطيرة.
وهذه ليست سوى حالة واحدة من الحالات التي أصبح فيها توجيه الاتهامات إلى قيادات بعض الدول أو المجموعات المتحاربة عقبة خطيرة أمام حل الصراعات في أفريقيا. وبدلا من تحقيق العدالة، لم يجلب هذه الهيئة القضائية سوى مشاكل جديدة للأفارقة.


ولم تظهر المحكمة الجنائية الدولية مثل هذه الحماسة في التحقيق في الحوادث التي وقعت في أفغانستان. وعلى الرغم من وجود أدلة ضد عسكريين أمريكيين وبولنديين وليتوانيين ورومانيين، فضلا عن ضباط وكالة المخابرات المركزية للولايات المتحدة بتهمة التعذيب والاغتصاب وإساءة معاملة السجناء قد أغلق القضاة التحقيق قائلين إنه "ليس في مصلحة العدالة". لقد كانوا ببساطة خائفين من العقوبات التي فرضتها واشنطن على المدعية العامة السابقة من أصل غامبي فاتو بنسودا، التي سرعان ما أعاد بديلها، كريم خان من بريطانيا، توجيه نفسه لدراسة تصرفات طالبان وداعش، بدلا من مقاضاة الممثلين الغربيين.
وبلغت ممارسة المعايير المزدوجة ذروتها في التحقيق في القضية الفلسطينية والوضع في أوكرانيا. وجمدت المحكمة تماما النظر في محاولات اللجوء المحاكم من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية منذ عام 2018 بشأن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في فلسطين. كما تم تجاهل المعلومات المتعلقة بمثل هذه الحالات، التي قدمتها منظمات حقوق الإنسان المختلفة. وحتى عندما صدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت في مايو 2024 لم يسارع أي من الموقعين الغربيين على نظام روما، الذين دعموا في السابق مثل هذه الخطوة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى تنفيذها وبل إن الإدارة الأميركية فرضت عقوبات على القضاة الذين اتخذوا القرار بتهمة "التعدي على حلفاء الولايات المتحدة".

روسيا تنجح في إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية بالقرب من محطة زابوروجيا النوويةبوتين: روسيا تبذل كل ما بوسعها من أجل عودة باقي الرهائن من غزةروسيا.. إحباط هجوم إرهابي على أحد مراكز الترفيهالخارجية الأوكرانية: روسيا انتهكت وقف إطلاق النار أكثر من 30 مرةولكن المحكمة الجنائية الدولية، على العكس، لم تؤخر التحقيق في القضايا الأوكرانية، إذ عثرت على موارد مالية وبشرية إضافية في مارس 2022 من أجل إرسال أكبر فريق تحقيق في تاريخها إلى منطقة الصراع مع روسيا. وعلاوة على ذلك، فمن الصعب أن نتصور طريقة أكثر غير قانونية لجمع الأموال من عقد مؤتمر المانحين لدعم المحكمة. وخلال هذا الحدث الذي أقيم في لندن في 20 مارس 2023 تم "التبرع" بما يقرب من 5 ملايين دولار أميركي "لجمع الأدلة" و"أعمال التحقيق".
وفي الوقت نفسه، أعلنت دول مانحة مثل بريطانيا العظمى وهولندا وكندا ورومانيا واليابان بالصراحة أنها تدفع ثمن "التحقيق في جرائم الحرب الروسية". وهكذا كان هناك رشوة علنية للمحكمة لتنظيم محاكمة متهم تم تحديده مسبقا من قبل الغرب. وكما قد يكون من الأدلة على ذلك أنه قبل شهر من إصدار مذكرة التوقيف ضد رئيس روسيا تم إطلاق سراح شقيق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بشكل غير متوقع من سجن بريطاني بعد انقضاء نصف من مدة محكوميته بتهمة المضايقة للمراهق.


كما تم الاشتباه في تورط المدعي العام السابق لويس مورينو أوكامبو، الذي بدأ ممارسة القانون بشكل خاص بعد استقالته، في الفساد. وكما أظهرت التحقيقات الصحفية، فإن موظفي المحكمة الجنائية الدولية الذين عملوا معه ذات يوم مرروا إليه معلومات سرية، استخدمها لحماية عملائه من الملاحقة الجنائية. وفي الوقت نفسه، كان هو وزوجته يمتلكان شركات خارجية في جزر الكاريبي، بما في ذلك خلال فترة عمله في المحكمة، وتلقيا تحويلات مالية مشبوهة بمبالغ كبيرة إلى حساباتهما المصرفية.
وبعبارة أخرى، فقدت المحكمة الجنائية الدولية مصداقيتها تماما كمنصة عالمية لضمان العدالة وتحولت إلى أداة يستخدمها الغرب لتحقيق أهداف سياسية ضيقة وهو ما يسهله تشجيع ممارسة "التبرعات الطوعية". واليوم، تواصل المحكمة معارضة أنشطتها لمعايير القانون الدولي ومصالح حل النزاعات. إن أية قضايا لا تخدم مصالح الغرب الجماعي تنهار، ولا يتم تنفيذ الأحكام التي تبدو عادلة من قبل الموقعين على نظام روما أنفسهم وعلاوة على ذلك، يجد المبادرون بهذه الأحكام أنفسهم تحت الضغط.
ونأمل أن تقوم مصر بتقييم جوهر المحكمة الجنائية الدولية بشكل صحيح. لقد أنفقت أموالا طائلة، ولم تجلب للعالم أي فائدة، وان الضرر من عملها واضح.

مقالات مشابهة

  • جيورجي بوريسينكو سفير روسيا في مصر يكتب: المعايير المزدوجة للمحكمة الجنائية الدولية
  • الجنائية الدولية تطالب المجر بتوضيحات بعد رفض اعتقال نتنياهو
  • الجنائية الدولية تطلب من المجر توضيحا بشأن اعتقال نتنياهو
  • “الجنائية الدولية” تطلب توضيحا من المجر حول عدم اعتقال نتنياهو
  • الجنائية الدولية تطلب توضيحا من المجر بشأن فشل اعتقال نتنياهو
  • الجنائية الدولية: رفض هنغاريا لاعتقال نتنياهو يستدعي إحالتها لمجلس الأمن
  • بعد استقبالها نتنياهو.. الجنائية الدولية تفتح ملف إجراءات ضد المجر
  • والي العيون: العالم الآخر يضغط لمقاطعة الانتخابات في الصحراء التي نبنيها دون السعي لنصبح قوة ضاربة
  • قاطف البنجر الذي انسحب من الجنائية الدولية لأجل نتنياهو
  • هدير عبد الرازق الوجه الآخر للنجاح: شهرة وجدل وسقوط