“مأساة غزة” وحكايات الصمود في وجه التجويع والتهجير
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
يمانيون../
على بساط الأراضي المحتلة، وتحديدًا في قطاع غزة، تتجلى قصص إنسانية تحمل في طياتها صمود الأرواح على الرغم من قسوة الظروف. واحدة من هذه القصص هي قصة عائلة “أبو سعيد”، التي تواجه مصيرًا مأساويًا وتعاني من ويلات العدوان المستمر. تعيش هذه العائلة في خيمة متواضعة على شاطئ البحر، حيث يلتقي الموج بالرمال في مشهد ينطق بالألم وفقدان الأمل.
“أبو سعيد”، الرجل الذي غمر الحزن حياته بعد فقدانه طفليه في غارات عنيفة، يجلس على امتداد الشاطئ، محاطًا بأطفاله الباقين وزوجته الحبيبة التي رغم كل الصعوبات لا تُفارق الابتسامة وجهها. تتطاير أشعة الشمس على شفتيها، لكن عيونها تعكس متاعب الأيام.
في عمق المعاناة التي تعاني منها غزة، يصرخ “أبو سعيد” في وجه وسائل الإعلام والصحافة العالمي: “مين بحس فيكو؟” عبارة يرددها “أبو سعيد” بصوت مليء بالأسى، مضيفًا “روني حدا بحس؟ تعال، أنا هنا… قاعد هان، أولادي وزوجتي!” ينظر إلى المكان الذي أصبح وطنًا لهم وكان في يوم ما مليئًا بالذكريات الجميلة، قبل أن تتقوض أحلامهم بفعل العدوان. ثم يُشير إلى الأرض حيث ينامون، قائلاً: “شوفوا وين قاعدين؟ خلي العالم كله يشوف القضاء علينا، هي فراشنا!”.
تتصاعد كلماته كصرخة في وجه العالم، مبينًا كيف قضى على عائلته، “ولادي اثنين استشهدوا، كلهم في سبيل الله. يكفي! يكفي لما يحدث لنا ولأطفالنا!” تتساقط دموعه على الرمال، وكل قطرة تحمل معها آلام ذكرى أولاده، لكن عزيمته تبقى راسخة.
يخرج أبو سعيد كل يوم باحثًا عن أي طعام قد يخفف من معاناة أسرته، ولكن رؤية العائلات الأخرى، التي تعاني من نفس المصير، تمنحه بعض الأمل. “صار لنا سنة وحنا صامدين… بإذن الله، بدع عز عزيز أو بذل ذليل، لكننا صامدون.” كلماته ليست مجرد حديث، بل هي وثيقة مقدسة للتحدي والاستمرار.
ورغم كل ما فقدوه، يتجمع الأمل والحب بين أفراد هذه العائلة. “أبو سعيد” يلتفت إلى أطفاله، يراهم يلعبون برغم الظروف، ويتنهد برضا مؤلم. في كل لحظة، تدور في ذهنه أحلامهم المسلوبة، ولكنه يعلم أنه مهما كان الألم، فإن الكرامة والصمود هما الطريق نحو المستقبل.
قصته، قصة “أبو سعيد”، ليست مجرد حكاية مأساوية، بل هي شهادة على قوة الروح البشرية وقدرتها على مواجهة التحديات، مهما كانت قاسية. إنما تبقى كلمات سلوى الأمل في أذن العالم: نفكر في غدٍ أفضل، فنحن هنا، صامدون في أرضنا، نرفع أصواتنا عالياً من أجل السلام.
“كلو في سبيل الله. بدي أقول للعالم: بكفي! بكفي! صار لنا سنة وحنا صامدين عالحق، بإذن الله.” كلمات تخرج منه كصرخة في وجه الواقع، يطلب العون والمساعدة، لكنه في ذات الوقت يُظهر صموداً لا يُعبر عنه بالكلمات.
مخاطر الإغلاق التام للمخابز: حصار إسرائيلي يزيد المعاناة
وهناك، في جنوب غزة، حيث تتشابك معاناة الحياة اليومية مع الصمود، تعيش “زينات, الأم الفلسطينية الأربعينية”، مع أفراد أسرتها في مدرسة عبد القادر الحسيني بخان يونس، بعد أن نزحوا من شمال القطاع. منذ شهور، لم يتذوقوا طعم الخضار الطازجة أو اللحوم، وأصبح الحصول على الخبز مهمة شبه مستحيلة.
زينات، الأم والجدة التي تعيل أسرة مكونة من 15 فردًا، اضطرت لبيع بعض مقتنياتها الشخصية لتوفير المال لاحتياجاتهم الأساسية في ظل ارتفاع هائل في أسعار الدقيق والسلع الشحيحة المتوفرة في الأسواق.
وبسبب النقص الحاد في الدقيق، حيث تعمل 3 مخابز فقط من أصل 8 مدعومة من الأمم المتحدة في جنوب القطاع بطاقة منخفضة، ومع كل يوم يمر، تزداد المخاطر حيث تتهدد هذه المخابز بالإغلاق التام في حال نفاد الوقود والدقيق. فما زال الحصار الإسرائيلي مشددًا، ولا تلوح في الأفق أي بوادر لتخفيف القيود المروعة، مما يزيد من معاناة الأهالي ويعرضهم لخطر أكبر.
الأسر الغزاوية تكافح من أجل تدبير شؤون أفرادها في ظل اشتداد المجاعة جنوب قطاع غزة. تقول زينات: “والله خسيت النص”، مشيرة إلى أنها خسرت الكثير من وزنها بسبب المجاعة. تتناول يوميًا 10 حبات من الدواء للقلب والضغط والسكر، ولا يتوفر الطعام اللازم لمثل حالتها الصحية. تعتمد وأسرتها يوميًا على طعام توزعه بالمجان تكية خيرية، وتقول: “إذا في تكية بناكل، وإذا ما في ما بناكل ونقضي يومنا بالجوع”.
لأكثر من 4 أشهر، لم تتذوق زينات طعم الطماطم، وصارت أسعار الخضار جنونية وغير مسبوقة. تساءلت بحرقة: “من يستطيع شراء كيلو البندورة بـ50 شيكلًا (نحو 13 دولارًا)، وكيلو البصل بـ45 شيكلًا (قرابة 12 دولارًا)؟ حتى النباتات الموسمية، التي كانت في متناول الجميع، أصبحت بعيدة عن أحلامنا، فثمن كيلو السلق وصل إلى 10 شواكل (نحو دولارين ونصف)، وكيلو الحمصيص بـ22 شيكلًا (قرابة 6 دولارات)”.
تقول زينات النمروطي بصوت مفعم بالألم: “احنا في مجاعة مثل الشمال”، لتفضح بذلك المزاعم الإسرائيلية عن وجود “مناطق إنسانية وآمنة”، والتي تهدف لتهجير من تبقى من سكان شمال القطاع نحو الجنوب، بينما الحقيقة معاناة لا تُحتمل.
“والله مش قادرين نعيش، طيب لوقتيش حنقدر نتحمل؟”، تتساءل زينات، مضطرة منذ الساعة الثالثة فجرًا للوقوف في طوابير طويلة أمام المخبز الوحيد في خان يونس للحصول على ربطة خبز واحدة، وفي خضم ذلك تواجه الدفع والجذب وأحيانًا الضرب، وسقطت أرضًا أكثر من مرة.
آخر مرة استلمت فيها “زينات” الدقيق من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كانت قبل أن تجبر على النزوح من مدينة رفح في مايو، حين اجتاحت القوات الإسرائيلية المدينة.
القيود التعسفية وأثرها على المساعدات والبضائع
تعيش غزة أزمة إنسانية خانقة نتيجة النزاع المستمر، حيث يُقدر عدد النازحين بأكثر من 1.5 مليون شخص. تفتقر الأسر إلى وسائل الراحة الأساسية، بما في ذلك الطعام والمياه النظيفة والمأوى. تُظهر بيانات الأمم المتحدة أن 70% من المتضررين هم من الأطفال، مما يستدعي التحرك الفوري لتقديم مساعدات إنسانية.
تفرض سلطات الاحتلال حصارًا معيشيًا خانقًا بقصد التجويع، مما يضطر السكان إلى الهجرة تحت قصف وحشي وإبادة جماعية وإجراءات قسرية. في المقابل، تواجه الفصائل الفلسطينية هذا العدوان بمواجهات دامية ومن المسافة صفر.
وفي ظل نقص حاد يهدد حياة السكان المحاصرين كل يوم، يتمنى هؤلاء أن يحالفهم الحظ في الحصول على ربطة خبز مدعومة من هيئات دولية، سعرها 3 شواكل (أقل من دولار)، لكن هذه الفرصة تعترضها صعوبات، حيث يعيد البائعون بيعها بأسعار فلكية تصل إلى 45 شيكلًا. وارتفع سعر كيس الدقيق لأكثر من 200 دولار حاليًا ولا يتوفر في الأسواق، في حين كان سعره لا يزيد على 3 دولارات في سبتمبر الماضي.
لقد أجبرت قيود الاحتلال المفروضة على حركة المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية الكثير من التكايا الخيرية على الإغلاق مؤقتًا لعدم قدرة القائمين عليها على توفير احتياجات إعداد الطعام، خاصة مع ازدياد الحاجة لها وقد باتت الملاذ الوحيد للجوعى. تقول المنظمات العاملة في الإغاثة الإنسانية: “تأخر وصول الوقود والدقيق يؤدي إلى تفاقم الأزمة، ويترك عددًا لا يُحصى من الناس دون الحصول على خبز”.
القيود المشددة التي تفرضها سلطات العدو الإسرائيلي منذ أكتوبر الماضي على دخول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب شرقي غزة، أدت إلى نفاد كل شيء من الأسواق وارتفاع الأسعار بشكل جنوني. بسبب هذه القيود، “نهشت” المجاعة أجساد زهاء مليوني فلسطيني من السكان والنازحين في جنوب القطاع.
على رغم الظروف القاسية، يقف الفلسطينيون في غزة صامدين في وجه الغطرسة الصهيونية والتجاهل الدولي والخذلان العربي الإسلامي. إنهم يكافحون يوميًا من أجل البقاء، معتمدين على أنفسهم وعلى المساعدات الشحيحة التي تصلهم، في مشهد درامي يعبر عن قوة الإرادة والصمود في وجه الظلم والاضطهاد.
تعتمد أكثرية الأسر في غزة على الطعام المجاني الذي تقدمه التكيات الخيرية، وتصف حالتها بمرارة: “إذا في تكية بناكل، وإذا ما في ما بناكل ونقضي يومنا بالجوع”. هذه الكلمات تتجاوز الأحاديث الرقمية أو الحقائق؛ إنها صرخة إنسانية تنشد العالم والإنسانية للتحرك الفوري.
مجاعة غزة في أعين العالم
في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي”، يتناول الكاتب هوارد دبليو فرينش الوضع الإنساني المتدهور في غزة، حيث يعاني السكان من مجاعة حادة. يصف فرينش الظروف الصعبة التي يعيشها سكان غزة بسبب نقص الغذاء والمساعدات الإنسانية، وينتقد التغطية الإعلامية العالمية المحدودة للأزمة، داعياً إلى زيادة الوعي العالمي بمعاناة الفلسطينيين.
يشير الكاتب إلى دور السياسات الدولية في تفاقم الأزمة، بما في ذلك القيود التي تفرضها إسرائيل على توصيل المساعدات الغذائية والإغاثية. ويقارن الوضع في غزة بأزمات إنسانية سابقة، مثل المجاعة في بيافرا، مبرزاً التشابهات في كيفية تعامل العالم مع هذه الأزمات.
في ختام المقال، يدعو فرينش المجتمع الدولي إلى التدخل بشكل أكثر فعالية لمساعدة سكان غزة وتخفيف معاناتهم، مؤكداً أن “وسائل الإعلام العالمية ليس لديها أي عذر لتحويل نظرها عن هذه الأزمة”.
في سياق متصل، يبرز التساؤل المؤلم: هل سيتحرك العالم لإنقاذ هؤلاء الأبرياء؟ مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، قال: “إن الظروف الإنسانية في غزة وصلت إلى مستويات مروعة. يجب على المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل لتقديم المساعدات الفورية وحماية حقوق المدنيين”. وأكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، قائلاً: “المجاعة التي تنتشر في غزة هي نتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي. نطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ الأرواح وتقديم المساعدات”.
ومع تزايد الحاجة، تطلق الأمهات والأطفال المناشدات للعالم: “لا تنسوا غزة، نحن بشر نستحق الحياة الكريمة”. وهل يمكن لهذا الإعلام الذي يحبس أنفاسه أن يعلو صوت أسرتي “أبو سعيد” و”زينات” ومئات الآلاف من الأسر الفلسطينية في سعيهم المستمر نحو نيل الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس؟
أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، قال: “إن المجاعة التي تنتشر في غزة هي نتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي”، مناشدا المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ الأرواح وتقديم المساعدات.
فيما دعا نشطاء حقوق الإنسان جميع الدول والمنظمات الدولية إلى الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في غزة. مؤكدين “إنهم بحاجة ماسة إلى الدعم والمساعدة.”
تساؤلات السعي المستمر
رغم كل التحديات، يبقى الأمل شعلة تنير دروب الفلسطينيين. قصة “أبو سعيد” وحكاية “زينات” ليستا مجرد قصص فردية، بل هي جزء من قصص أمة صامدة نهضت بـ “طوفان الأقصى” تنشد حقها في التحرر من براثن الاحتلال الصهيوني للأرض والإنسان. هذه الأمة وجدت نفسها وحيدة في مواجهة ضارية، مع قدرات تسليح وحرية حركة وصلت حد الاختناق.
التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة: هل يجب على وسائل الإعلام العالمية إطلاق حملات توعوية تهدف لتعريف العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني من خلال نشر القصص الإنسانية المؤثرة؟ وهل يتعين عليها حث العالم على توفير مواد إغاثة فورية بالتعاون مع المنظمات المحلية والدولية؟ هل يمكن لهذا الإعلام الذي يحبس أنفاسه أن يعلو صوت أسرتي “أبو سعيد” و”زينات” ومئات الآلاف من الأسر الفلسطينية في سعيهم المستمر نحو نيل الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس؟ ألا يستحق شعب يباد، بكل تفاصيله، بالقتل والتجويع والتهجير الدعم والتضامن العالمي لتحقيق حقوقهم المشروعة وإنهاء معاناتهم اليومية؟ تساؤلات لابد أن تعكس التطلع المستمر في قلوب الفلسطينيين، وتتأصل استحقاقاته بالصمود الذي يظهرونه في وجه الظلم والتجاهل الدولي والخذلان العربي.
———————-
موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المجتمع الدولی أبو سعید فی وجه شیکل ا فی غزة
إقرأ أيضاً:
“في خيمة واحدة”
تلتقي الجدران مع السقف، وتثبت الخشبة بجسدها النحيل تفزع العدو وتحمي قلوب النازحين، لكن ليس بوسعها دفع الغارات القادمة إلى هذا المكان، يتفاهم الجميع مع شظايا الحرب، ويعيشون ضمن المتاح. هناك ترقد جذور المعاناة في الأرض، بينما تتكرر المحاولات للوصول إلى مهد السماء.
ينبعث صوت من كل خيمة، ينادي الجثث الطاهرة بأن تقاتل معهم، ويطالب المركبات حولها بالالتفات نحوها لتحتضن بأذرعها المتربة عشرات الأسر الغزاوية، خيمة واحدة تولد شمسا صغيرة وتفرش طبيعة بلا ألوان. تطهو طعامًا غير مرئي يُنتظر بلا أمل. يتصاعد الدخان، لكنه يحمل دلالات ثقيلة على عبثية البقاء، تتقلص أمعاؤهم في صبر الانتظار، ولا مجال للهزيمة على أية حال.
تتنامى المأساة في عيونهم الغارقة، وأجسادهم البارزة. تتوسع قمصانهم وتتبدل ملامحهم، فيما تبقى أسماؤهم كما هي: أحمد هو أحمد، ياسين هو ياسين، وفاطمة هي فاطمة؛ لكن علامات النزوح استعمرت خلاياهم، فأصبحوا غرباء بين آلاف البشر. تأوي الخيام وحدها جميع النازحين، تشغلهم عن الموت، ولكنها لا تستطيع إطلاق أي رصاصة أو دك مستعمرات المحتل.
تمتلئ بالخدوش والدخان الأسود، وطسوتها المفتوحة تتشابه مع المغلقة، تشتركان في النظرة الفارغة إلى اللا شيء. لكنها لا تزال تستر جزءًا من معاناتهم، وتذكرهم بأنهم لا يزالون بين الأحياء المجاهدين.
حياتهم في تلك المساحة الضيقة لا تعترف بالشعور ولا بالتفكير، ولا حتى بالهروب، فكل الدول خائنة، وكل الوجوه تشارك شيطانًا أخرس يسبح في الصباح، ويشارك في قتلهم بالمساء. السواعد العربية مقطوعة الأصابع تجيد فقط الرقص على مرأى أحزانهم، بينما يبارك إعلامهم المعيب فسادهم السنوي.
تعيش قلوبهم في لحظة ممتدة، ولا علاقة للوقت بما هو قادم. يعرفون أن مصاصي الدماء سيهبون في أي غارة بلا شفقة، وليس هناك من يمنعهم. تلك القلوب مدهونة بالشقاء، تتأمل مصابيح معتمة بلا جدوى، لكنها تُبدع معجزة البقاء في خيمة واحدة. المسافات صغيرة لا تكفي لمرور شخص واحد، لكنها تكفي لتصنع صبرًا مقاومًا يغنيهم عن فقاعات العالم. لا مجال للمبيت أو حتى الاستلقاء بعد كل فاجعة، فالنار وحدها تشتعل، وتحاول العيش لأجلهم، وهم يحاولون ضم كل منهم الآخر دون أي صوت.
العالم كبيرٌ حولهم في غزة، والدول الأخرى تضج بالحياة وتنعم بالرخاء. الأذان يرتفع فوق كل مسجد، ويتعلم الناس حب الفضيلة كأنه الطريق الوحيد إلى الجنة. ولكن ماذا عن النازحين في غزة؟ أصبحت الخيمة مؤتمنة على كل روح، أكثر من أي دولة أخرى.