عقيدة روسيا النووية الجديدة وما بعدها
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
حمد الناصري
سأبدأ مقالي بالمثل الإيطالي المأثور باللاتينية "إذا أردت السِّلم فاستعد للحرب" والذي قاله يوليوس قيصر.. ويستخدم هذا المثل كشعار وهدف على نطاق واسع عالميًا، كالبحرية الملكية البريطانية التي ترفعه كشعار رسمي لها.
ومن خِضم التطورات العالمية والتي أصبحت تتفاعل وتتسارع كاشفة عن أحداث مُؤثرة وخطيرة تشكل تحديات ليس فقط لصانعي القرار في الدول الكبرى بل يَمتد تأثيرها إلى العالم كله ومنطقتنا بالذات.
وآخر ما طرأ من تلك الأحداث وبعد تداعيات انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المُتحدة واستحواذ حزبه الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ وبعد إعطاء أمريكا وبعض دول الناتو الضوء الأخضر لأوكرانيا باسْتخدام صواريخ "ستورم شادو" متوسطة المدى في قصف أهداف داخل العُمق الروسي، وأصدر الكرملين بيانَا يُؤكد فيه أنّ سياسات حلف الناتو أصبحت تُشكل تهديدًا رئيسيًا ومُباشرا لروسيا الاتحادية، لذلك أجرت روسيا تغييرًا في عقيدتها النووية وصادق عليها الرئيس الروسي قبل أيام قليلة ونشرتها وسائل الإعلام الروسية والعالمية وكان أول رسالة وجّهتها روسيا لدول الناتو هي استخدام صاروخ روسي مُتطور فرط صوتي ومُتعدد الرؤوس لقصف هدف كبير في أوكرانيا مِمّا أثار هلع المُحللين والسياسيين الأوربيين على حد سواء.
وقصفت القوات الروسية المُجمع الصناعي الأوكراني بمدينة "دينيبروبيتروفسك" لأول مرة، مِمّا أدى إلى تدمير المُجمع الصناعي كاملًا وانقطاع الكهرباء عن العاصمة كييف وثلاث مُدن كبرى في أوكرانيا، واستغرقت رحلة الصاروخ من شرق روسيا إلى العاصمة كييف الأوكرانية وتقدر بأكثر من 1000 كيلومتر 5 دقائق فقط.
ونقلًا عن مدير شبكة أبحاث الجُغرافيا السياسية الجديدة ميخالو ساموس، فإنّ روسيا باستخدامها لهذا الصاروخ لأول مرة فإنها تنقل الحرب لمستوى جديد تمامًا، وتُرسل رسالة غير نووية مُحملة على صاروخ مُصمم لحمل الرؤوس النووية لكل قادة أوروبا، مَفادها أنّ روسيا ستستخدم هذه الصواريخ من الآن فصاعدًا وفي كل مكان بعد انسحاب أمريكا من معاهدة عدم استخدام تلك الصواريخ في عام 2019، وأنّ كافة مدن وعواصم دول الناتو ستكون تحت رحمة الصواريخ الاستراتيجية الروسية، سواءً كانت مُحملة برؤوس تقليدية أو نووية، وإنِّه يجب على قادة أوروبا أن يراجعوا حساباتهم جيدا، وأنه إذا تمادت أوكرانيا مجددًا وقصفت المدن الروسية، فسيتم استبدال رؤوس تلك الصواريخ وفي أي لحظة برؤوس نووية، وسيكون الهجوم الروسي أقوى بكثير وأكثر فتكًا وتدميرًا.
كل تلك الأحداث إضافة إلى تسريب روسيا لتفاصيل عن "عملية اليد الميتة" والتي هي عبارة عن برنامج ردع نووي يعمل دون الحاجة إلى قرار من أي جهة وفي حالة مُبادرة أمريكا والناتو بقصف روسيا وتدمير مُدنها ومقتل كل القيادات الروسية حينها سيتم تفعيل البرنامج وإطلاق أكثر من 4000 صاروخ نووي على مُدن وقواعد دول الناتو والولايات المتحدة مِمّا سيؤدي بالضرورة إلى دمار نصف الكرة الأرضية ودخول ما تبقى من الدول في شتاء نووي مُميت وكالح.
لذلك بادر الرئيس المنتخب ترامب وفي مُحاولة لنزع فتيل حرب عالمية ثالثة لا تُبقي ولا تذر بالتصريح أنّ فترته الرئاسية ستنهي كل الحروب وتفاعل معه بوتين إيجابيًا فيما تسببت تصريحاته بصدمة لحكام دول الناتو.
خلاصة القول.. إننا لسنا بعيدين عمّا يحدث والتطورات المُتلاحقة زادت كثيرًا من حِدة التضخم الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار الذهب والنفط والغذاء والبيتكوين وأنّ مِن الحكمة التهيؤ لأسوأ الاحتمالات في منطقتنا وفي الوطن العربي والاستمرار على سياسة عدم التحيز إلى أي جهة من الأطراف المُتصارعة والنأي بدولنا وشُعوبنا عن تلك الصراعات المدمرة.
ويجب أنْ نتوقع بأنّ العالم سيكون فعلًا على شفير حرب عالمية ثالثة.؛ أو على الأقل عودة الحرب الباردة وقد يكون مطلوبًا من كافة الدول أنْ تتخذ موقفًا مع أو ضِد وهو ما ليس في مصلحة دولنا وسيكون الوقوف على التل ومُراقبة الأحداث هو الموقف الأكثر اعتدالًا وحِكمة.
حفظ الله بلادنا وكافة بلاد المُسلمين والعالم من شرّ الفِتن والحروب.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: دول الناتو
إقرأ أيضاً:
“فايننشال تايمز”: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا وتقوض أمن الناتو
الولايات المتحدة – أفادت صحيفة “فايننشال تايمز” إن سعي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإبرام اتفاق مع روسيا يهدد ضمانات الناتو الأمنية في أوروبا وخاصة بريطانيا التي يشكل الحلف حجر أساس في أمنها.
وجاء في منشور الصحيفة نقلا عن مسؤول بريطاني: “لقد أثار ترامب الشكوك حول الضمانات الأمنية لأوروبا من قبل الولايات المتحدة.. قد لا ينسحب الرئيس المنتخب من حلف شمال الأطلسي، لكن حرصه على التوصل إلى اتفاق مع (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين من شأنه أن يؤدي إلى تقويض استقرار التحالف بشكل خطير”.
وأشار المسؤول إلى أن “حلف شمال الأطلسي يعتبر حجر الزاوية الأساسي في أمن بريطانيا” لافتا إلى أن “بريطانيا لا تمتلك سياسة دفاعية فعالة بعيدا عن الحلف”.
ورأت الصحيفة أن “النظام الدولي يواجه حالة من الانهيار بسبب الصراع في أوكرانيا، بما جعل العالم في وضع أكثر خطورة منه في أي وقت مضى، منذ نهاية الحرب الباردة”.
وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو” خلال ولاية ترامب الأولى، الذي انتقد الحلف واتهم أعضاءه الأوروبيين الذين يكافحون أصلا للسيطرة على الدين الحكومي في بلدانهم بإنفاق القليل جدا على الدفاع.
وأكد ترامب أنه لا يجب على الولايات المتحدة الدفاع عن دول الناتو التي لا تدفع مستحقاتها للحلف.
وصور حلفاء الناتو وكأنهم “طفيليات” على جسم الجيش الأمريكي، وتساءل علنا عن قيمة التحالف الذي شكل السياسة الخارجية الأمريكية لعقود.
ومع فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية ازدادت مخاوف الناتو، بسبب تهديداته خلال فترة رئاسته السابقة بانسحاب بلاده من الحلف، وهو ما من شأنه بحسب الكثير من القادة الأوروبيين أن يزعزع الضمانات الأمنية لدول الحلف في أوروبا، ويشكل تهديدا وجوديا للتحالف الذي تأسس عام 1949، وخاصة مع دخول الصراع في أوكرانيا عامه الثالث، واعتماد كييف على تدفق ثابت من المساعدات العسكرية والمالية المقدمة من الغرب.
يشار إلى أن ترامب كرر مرات عديدة خلال حملته الانتخابية أنه يعتزم حل النزاع في أوكرانيا حتى قبل تنصيبه، كما أنه وصف زيلينسكي في أحد مهرجاناته الانتخابية بأنه “أفضل مساوم في التاريخ”، حيث يغادر بمليارات الدولارات في كل مرة يزور فيها الولايات المتحدة.
من جانبها أكدت روسيا أن هذه مشكلة معقدة للغاية بحيث لا يمكن إيجاد حل بسيط كهذا لها، وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن موسكو ستحكم على موقف ترامب، الذي أعلن رغبته في إحلال السلام في أوكرانيا، من خلال خطواته الملموسة الأولى كرئيس.
وأعربت موسكو مرارا عن استعدادها لإجراء مفاوضات مع أوكرانيا، إلا أن فلاديمير زيلينسكي قطع طريق المفاوضات منذ 2023، كما وقع على قانون يمنع التفاوض مع روسيا.
المصدر: “فايننشال تايمز”+ RT