قلق صيني من التقارب المتسارع بين كوريا الشمالية وروسيا.. ما السبب؟
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
أصبحت الصين أكثر قلقا على مدى العقد الماضي بشأن تراجع نفوذها على كوريا الشمالية وعدم قدرتها على كبح طموحات بيونغ يانغ النووية في ظل تقارب الأخيرة مع روسيا بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، حسب تقرير نشره موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت".
وقال الموقع في تقرير ترجمته "عربي21"، إن هذه المخاوف تزداد مع تعزيز كوريا الشمالية علاقاتها مع روسيا، مشيرا إلى أن كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين وقعا في حزيران /يونيو الماضي وقعا اتفاقية تحالف جديدة تتعهد بتقديم الدعم العسكري المتبادل في حال تعرض أي من البلدين لـ"عدوان".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أرسلت بيونغ يانغ قوات إلى روسيا للمشاركة في القتال ضد أوكرانيا، بعد أشهر من شحنات الأسلحة والذخائر التي كانت تقدمها لموسكو منذ آب/ أغسطس 2023، حسب التقرير.
وأشار الموقع إلى أن الحكومة الصينية لم تعلق علنا على التحالف الجديد بين كوريا الشمالية وروسيا أو دعمها العسكري في أوكرانيا. ومع ذلك، من المحتمل أن تكون المناقشات حول فقدان الصين زمام المبادرة في علاقتها الثلاثية مع كوريا الشمالية وروسيا محتدمة في بكين.
سؤال محوري
بالنسبة للدبلوماسيين والمؤرخين، فإن إحياء التحالف العسكري بين كوريا الشمالية وروسيا يمثل خطرا كبيرا على الاستقرار الإقليمي في شمال شرق آسيا، كما أنه يثير سؤالا محوريا وهو: هل تتلاعب بيونغ يانغ وموسكو بالصين للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب الكورية في حزيران/ يونيو 1950؟
وذكر الموقع أن السجلات التاريخية تُظهر أن ماو تسي تونغ والقيادة الجديدة لجمهورية الصين الشعبية كانت لهما أولوية واضحة أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وهي إعادة تايوان إلى البر الرئيسي للصين، ولم تكترث كثيرا بدعم طموحات كيم إيل سونغ في شبه الجزيرة الكورية. وقد سعى كل من ماو وكيم إلى الحصول على دعم ستالين، واختار الزعيم السوفييتي في النهاية دعم أجندة بيونغ يانغ.
وأضاف الموقع أن الزعيم الكوري الشمالي الذي شعر آنذاك بالمرارة من تردد ماو في دعمه، أخفى استعداداته لشن الهجوم على كوريا الجنوبية عن بكين، قبل أن يبلغ القادة الصينيين بالهجوم بعد ثلاثة أيام من بدايته.
غضب ماو وقال: "إنهم جيراننا، لكنهم لم يتشاوروا معنا قبل أن يبدأوا الحرب. ولم يخطرونا حتى الآن". مع ذلك، عندما واجهت قوات كيم القوات الأمريكية بعد إنزال إنشون في أيلول/ سبتمبر 1950، شعر ماو أنه ليس لديه خيار سوى إنقاذ كوريا الشمالية من خلال الدخول في حرب فرضها عليه كيم وستالين.
وقال الموقع إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القيادة الصينية الحالية تشعر بخيانة مماثلة بسبب تحالف كوريا الشمالية العسكري مع روسيا، مضيفا أن كيم جونغ أون -على غرار جده في 1950- لم يُظهر أي اهتمام بمصالح الصين في تحوله نحو بوتين.
وأضاف الموقع أن الموقف الصيني السلبي من تقارب بيونغ يانغ وموسكو ملفت للنظر باعتبار أن بكين هي الطرف الأقوى في هذا المثلث. وعلى عكس حقبة ماو، لا تحتاج القيادة الصينية اليوم إلى مباركة بوتين لقراراتها الاستراتيجية، كما أن المصالح الثورية التي كانت تربط بين بكين وبيونغ يانغ قد تفككت منذ فترة طويلة.
ووفقا للموقع، يرى عدد من المحللين أن حرب بوتين الطاحنة في أوكرانيا حولت روسيا إلى "حليف صغير" في علاقتها مع الصين، على عكس سنة 1950 عندما كان الاتحاد السوفييتي يتفوق على الصين بشكل حاسم في كل مقاييس القوة الصلبة.
كما أن كوريا الشمالية مازالت تعتمد بشكل كبير على الصين اقتصاديًا، إذ تشكل مبادلاتها مع بكين 90 بالمائة من تجارتها، كما تستورد منها الجزء الأكبر من حاجياتها من الطاقة منذ نهاية الحرب الباردة.
نقاط تشابه
اعتبر الموقع أن هناك تشابها كبيرا بين ما عاشته الدول الثلاث في 1950 وما تمر به في الوقت الراهن، مما يجعل الحرب الكورية درسا مفيدًا للصين في مأزقها الحالي مع كوريا الشمالية وروسيا. سنة 1950، انقسمت منطقة شمال شرق آسيا إلى معسكرين متنافرين، وهما كتلة الاتحاد السوفييتي التي ضمت الصين وكوريا الشمالية، في مواجهة تحالف الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وقد حصل كيم إيل سونغ على دعم ستالين لخطة توحيد شبه الجزيرة الكورية بسبب هذا الانقسام العسكري والأيديولوجي الحاد.
وحسب الموقع، فإن منطقة شمال شرق آسيا تقف اليوم مرة أخرى على حافة مواجهة ثنائية. وعلى الرغم من أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين لا تشبه إلى حد كبير فترة بدايات الحرب الباردة، إلا أن تدهورها منذ ولاية الرئيس ترامب الأولى قد خلق فرصة استغلتها بيونغ يانغ وموسكو. وتدرك العاصمتان أن الصين ترفض بشدة نشوب حرب باردة جديدة مع الولايات المتحدة، إلا أنهما تعوّلان على أن تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين يجعل الصين أكثر تمسكا بالتحالف معهما.
وأضاف الموقع أن هذا الضغط يشتد بالنظر إلى علاقات الصين التاريخية العميقة مع البلدين ومصالحها الأمنية الحيوية في كليهما، حيث تبقى العلاقات المستقرة مع موسكو وبيونغ يانغ حاسمة بالنسبة لبكين لتأمين حدودها المترامية معهما.
وأدت هذه الديناميكية إلى تقييد خيارات الصين الاستراتيجية، بينما وسّعت مجال المناورة أمام موسكو وبيونغ يانغ اللتان تؤمنان بوجود فرصة للاستفادة من خوف بكين المتزايد من العزلة في مواجهة واشنطن، حسب التقرير.
موقف يثير الدهشة
أكد الموقع أن أوجه التشابه بين الوضع الحالي والحرب الكورية في الخمسينيات له حدود، لا سيما أن موازين القوى مختلفة جوهريا في الوقت الراهن، حيث أن الصين تتمتع الآن بقدرات هائلة تفوق كلا من روسيا وكوريا الشمالية، مما يجعل موقفها السلبي من تقارب حليفيها مثيرا للدهشة.
واعتبر الموقع أن فشل بكين في اتخاذ موقف حاسم لا ينبع من ضعفها، بل من تردد واضح في استخدام قوتها، حيث يبدو أنها لا تريد أن تتحدى بوتين أو كيم.
وقد يكون موقف بكين السلبي نابعا من ثقافة استراتيجية عميقة الجذور تعتمد على مبدأ تحليل الاتجاهات الهيكلية الواسعة قبل اتخاذ أي قرار، ولا يمكن لأي استراتيجي خبير أن يتجاهل مثل هذه القيود، لكن هذا الانشغال غالبًا ما يولد سياسات مفرطة في الحذر والتحفظ، وقد يجعل الصين في الوضع الراهن في موقف صعب أمام انتهازية كوريا الشمالية وروسيا، حسب التقرير.
ورأى الموقع أن صانعي السياسة في بكين محقون في قلقهم من فقدان النفوذ على كوريا الشمالية وروسيا، والحل الواضح هو المبادرة واتخاذ موقف أكثر حسمًا والاستفادة من دروس الماضي عندما اكتفت برد الفعل وتجنبت المخاطرة في علاقتها مع بيونغ يانغ.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الصين كوريا الشمالية روسيا بوتين الصين روسيا بوتين كوريا الشمالية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کوریا الشمالیة وروسیا بیونغ یانغ الموقع أن
إقرأ أيضاً:
سي إن إن: صواريخ كوريا الشمالية المستخدمة ضد أوكرانيا تضم مكونات أميركية وأوروبية
نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين عسكريين أوكرانيين أن بلادهم تتعرض لموجة جديدة من الهجمات بالصواريخ الباليستية الروسية ثلثها أسلحة كورية شمالية تحوي أجزاء ومكونات غربية، على الرغم من العقوبات.
ونقلت الشبكة عن مسؤول دفاعي أوكراني قوله إن روسيا أطلقت على أوكرانيا نحو 60 صاروخا كوريا شماليا من طراز "كي إن -23" هذا العام.
ووفق تحليل لشظايا حطام هذه الصواريخ، قالت شبكة "سي إن إن" إنه من الواضح أن غالبية مكوناتها أميركية وأوروبية الصنع، وخاصة المتعلقة بأنظمة التوجيه.
وقال مسؤول في الاستخبارات الأوكرانية إن الغالبية العظمى من مكونات الصواريخ الكورية الشمالية هي مكونات غربية، وربما 70% منها أميركي من شركات معروفة، كما يستخدمون أيضا مكونات مصنوعة في ألمانيا وسويسرا.
وبحسب ما أورده تقرير لجنة مكافحة الفساد المستقلة في أوكرانيا، فإن المكونات الأساسية المستخدمة في الصواريخ الكورية الشمالية يتم إنتاجها من قبل 9 شركات غربية، بما في ذلك شركات مقرها في الولايات المتحدة وهولندا وبريطانيا، مما يشير إلى وجود خط تسليم سريع إلى كوريا الشمالية.
الاشتباه في الصينوأوردت شبكة "سي إن إن" عن خبراء تعقب الأسلحة أنه لا توجد معلومات موثوقة حول كيفية وصول هذه المكونات إلى كوريا الشمالية، لكن كل الدلائل تشير إلى أن الصين هي القناة المحتملة.
وبينما تؤكد أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون وجود آلاف الجنود الكوريين الشماليين على الأراضي الروسية، تلتزم روسيا وكوريا الشمالية الصمت حيال هذا الأمر.
وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين خلال المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وأفريقيا في مدينة سوتشي بإقليم قازان الروسي، يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني، أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعض السخرية في البداية، ثم أجاب أن "الأمر متروك للبلدين لاتخاذ قرار بشأن كيفية تنفيذ الاتفاق".
كما نفى مندوب كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة كيم سونغ، وجود أي جندي كوري على الأراضي الروسية، ووصف التقارير التي تتحدث عن إرسال جنود كوريين شماليين إلى روسيا بأنها "شائعات لا أساس لها".
غير أن وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي أكدت خلال زيارة لموسكو قبل نحو أسبوعين أن بلادها ستقف بجانب روسيا حتى تحقيق "النصر" بأوكرانيا.
وقالت تشوي سون هوي بعد محادثات أجرتها مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف "لا شك لدينا إطلاقا في أن الجيش والشعب الروسيين سيحققان انتصارا عظيما في نضالهما المقدّس للدفاع عن الحقوق السيادية وأمن دولتهما".