"معجم باوزير".. بين الدارجة الظفارية واللهجات البربرية
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
سعيد بن عبدالله الدارودي
ذهبت إلى محاضرة للدكتور مرتضى فرح علي، وهو أستاذ مشارك في جامعة ظفار، وكانت حول معجم «مفردات العربية الدارجة في ظفار» للأستاذ الباحث حامد باوزير، ولقد كانت محاضرة ثرية وممتعة ألهمتني لكتابة هذا المقال الذي تأخَّر كثيرًا لانشغالي بكتابات لغوية أخرى كنت مستعجلًا في إنجازها.
وما يلاحظ أن الباحث أورد في معجمه ألفاظًا وجموعًا تكاد تكون مهجورة؛ ومن ذلك أنَّ المَطْرق وجمعه مطارق هو السَّمَك الجافُّ، ومن ذلك أيضًا أنَّ كلمة الشوَّاف التي تعني العَرَّاف، يجهل الكثير منّا أنَّ لها مصدرًا هو «الشُّوْف»، وكلمة العصيدة تلك الأكلة العربية الشهيرة؛ معظم النَّاس لا تعرف أن الحُفرة التي تكون وسطها ويوضع بها الإدام من سمن أو دبس ونحوهما تُسَمَّى «الحُقَّالة»، ولا يعرف أغلبنا أنَّ المَصَافة، وهي المكنسة، جمعها «مصايف»، وأنَّ كلمة الكُلان، التي تعني الرَّجُل ما دام في عُرْسِهِ، جمعها «كِنَّة»، وذكرَ الباحثُ كلمةَ «تَكَاوي» جمعًا لكلمة تِكواية، وتعني السَّمَكة الزرقاء، وأضيف أنَّ اسم الجنس لهذا الصنف من الحوت هو «التَّكْوا»، واخترتُ أيضًا لكم من هذا المعجم: «غُفْرُوا» التي تعني ظفروا ونالوا، وأيضًا أخترتُ «فُرُوْد»: الشخص الذي يراقب سقي الزَّرْع وكذلك «قَمِيحَة»، وجمعها قَمَايح: شيء تافه لا قيمة له، و«الكِزْيَة»: أمواج صغيرة متلاحقة تهزُّ القارب اهتزازًا سريعًا، و«المُجْعُوب»: اللبن الفاسد، و«أُم الخَرايَب»: البومة.
ويورد باوزير لفظ «الدوم» ويقول إنَّه ثمر شجر السدر الذي يُسَمَّى في اللغة العربية النَّبَق؛ ويُشير إلى أنَّ شجرة ثمار الدوم في الدارجة تُسمَّى «العِلْب»، وجمعها عَلُوْب؛ ولكن جاء في معجم لسان العرب: «... وَذَكَرَ أبو زياد الأعرابي أنَّ من العرب من يُسَمِّى النَّبَقَ دَوْمًا». وأمّا العِلْب فهيا أيضًا فصيحة؛ ففي اللغة العربية العِلْب هو مَنْبَت شَجَر السِّدر وجمعه عُلُوب.
ولكوني باحثًا مختصًا في المقارنات بين لهجاتنا الظفارية واللهجات البربرية في المغرب العربي، ومتوسعًا في هذه المقارنات لتشمل اللغات العُرُوبيَّة بصفة عامَّة؛ سأشير على عُجالة إلى بعض جذور المفردات البربرية التي وجدتها في معجم {مفردات العربية الدارجة في ظفار} للباحث باوزير:
في الدارجة الظُفارية يُوْقَد: يطبخ، اِسْتاقَد: انطبخ الطعامُ، يستاقد: يُطبخ الطعامُ. وفي البربرية إكدْو: اِنطبخَ اللحمُ ونحوه، إسّكدْو: طَبَخَ اللحمَ ونحوه.
في الدارجة الظُفارية مصافة: المِكْنَسة التقليدية تُصنع من سعف النخيل ونحو ذلك، وفي البربرية تاصفت: المِكْنَسة.
في الدارجة الظُفارية تفرجش، ومضارعها يتفرجش: تفتّتَ وتكسَّرَ إلى قطع أو حُبيبات تُسمَّى فراجيش، وتُقال غالبًا في ما هو طعام غير رخو. وفي البربرية إفرخش: كَسَّرَ الشيءَ تكسيرًا، كتكسير السَّكّر أو الحَجَر، وكذلك نجد الفعل إفركُش: كَسَرَ الخُبْزَ خاصّةً، كَسْرُ الخُبْزِ: أفركُش، كِسْرَة الخُبْزِ خاصّةً: تافركوشت، الكِسْرَة عامَّةً: أفروكّش.
في الدارجة الظُفارية الفَجْر: البُسْتان الملحق بالمسجد، والبستان الصغير عامَّةً. وفي البربرية البُسْتانيُّ: أنفجور.
في الدارجة الظُفارية الزُّلقوم: مقدمة الوجه البارزة للأمام وتُقال لوجه الإنسان أوالحيوان. وفي البربرية أشلقوم: مقدمة الوجه البارزة للأمام.
في الدارجة الظُفارية القُبُل: عصا ضخمة أو خشبة كبيرة تُستخدم في بناء أسقف البيوت، الجمع: قْبال، قِبِيْل. وفي البربرية أقبّال: العصا.
في الدارجة الظُفارية البَّرْك: الكُناسة، القمامة. وفي البربرية: أبركا: الوَسِخُ القَذِرُ.
في الدارجة الظُفارية قُمْصُوص: حشرة صغيرة جدًا ـ تُعَد صِنْفًا من البَقِّ ـ تتطفل على الماشية فتلصق بجسمها وتمتص دمها حتى تدمى، جمعها: قَمَاصِيص. وفي البربرية قمشيش: صنف من البق يمتص الدم.
في الدارجة الظُفارية شَعْطُهْ: ضَرَبَه بالعصا (خاصَّة الخيزران ونحوه)، والضربة الواحدة يقال لها شَّعْطة، والشِعِيْط هو الضرب المبرح بالعصا، ونقول: يتشاعطون؛ بمعنى يضرب بعضهم بعضًا. وفي البربرية إشْحط: ضَرَبَهُ بعود الخيزران.
في الدارجة الظُفارية اِمْتاس: ذابَ، يمتاس: يذوب. وفي البربرية إمسي: اِختلطَ، امتزج.
لقد اكتفيت بهذه الكلمات العَشْر بصفتها مثالًا على مدى تجذّر اللسان البربري في اللسان العربي المشرقي، وأختم المقال بالتنويه إلى أنَّ للباحث، بالإضافة إلى هذا المعجم، كتابين هما (ديوان شعر المقود ـ الموروث الشعري الزراعي في ظفار) و(الحياة الاجتماعية في ظفار)؛ وفيهما وَثَّقَ قِسْمًا مُعتبَرًا من التراث الزراعي والاجتماعي في البلاد، جعل الله كل ذلك في ميزان حسانته، ووفَّقه في مشواره العِلمي ـ المنصبِّ في الحفاظ على تراثنا الشعبي من الاندثار.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"الزعيم" يخسر في الدقائق الأخيرة أمام النصر الإماراتي بـ"دوري أبطال الخليج"
الرؤية- أحمد السلماني
تلقى نادي ظفار خسارة في الدقائق الأخيرة في المواجهة التي جمعته على أرضه، أمام نادي النصر الإماراتي، ضمن لقاءات المجموعة الأولى من منافسات دوري أبطال الخليج للأندية؛ حيث فاز النصر بصعوبة بنتيجة 2- 1؛ ليُعزز بذلك موقعه على قمة ترتيب.
وأقيمت المباراة على أرضية إستاد مجمع السعادة بمدينة صلالة، في إطار الجولة الخامسة من البطولة، وسط حضور جماهيري ضعيف.
جاءت بداية المباراة حماسية من الطرفين؛ حيث سعى ظفار لاستغلال عامل الأرض لتحقيق نتيجة إيجابية تعزز من حظوظه في المنافسة. وبالفعل، تمكن زعيم الاندية العمانية من افتتاح باب التسجيل عن طريق مهاجمه حمود السعدي الذي أحرز هدفًا جميلًا في الدقيقة 38 بعد مجهود فردي رائع ليتقدّم فريقه مع نهاية الشوط الأول.
في الشوط الثاني، دخل النصر الإماراتي بعزيمة أقوى لتعديل النتيجة، حيث كثف من هجماته وفرض سيطرته على مجريات اللعب. ولم تدم أفضلية ظفار طويلًا، إذ تمكن المهاجم السويسري هاريس سيفيروفيتش من إدراك هدف التعادل في الدقيقة 60 مستغلًا خطأ دفاعيًا من أصحاب الأرض.
واصل النصر ضغطه الهجومي باحثًا عن هدف الفوز، وهو ما تحقق بالفعل عن طريق نفس اللاعب، سيفيروفيتش، الذي سجل هدفه الشخصي الثاني وهدف الفوز لفريقه في الدقيقة 79، ليقلب الطاولة على ظفار ويمنح فريقه ثلاث نقاط ثمينة.
وبهذا الانتصار، رفع النصر الإماراتي رصيده إلى 13 نقطة، ليؤكد صدارته للمجموعة الأولى ويحجز بطاقة العبور إلى الدور نصف النهائي، وهو التأهل الذي كان قد حسمه بشكل رسمي منذ الجولة الماضية. في المقابل، تجمد رصيد ظفار عند 4 نقاط في المركز الثالث، لتتعقد حساباته في المنافسة على بطاقة التأهل، مما يزيد من أهمية مواجهاته القادمة في البطولة.