جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-03@07:11:53 GMT

من عقبة العامرات إلى جسر هونغ كونغ

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

من عقبة العامرات إلى جسر هونغ كونغ

 

 

إبراهيم بن سالم الهادي

 

بينما كنتُ أعبرُ بالسيارة جسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو المُمتد، شعرتُ أنني أعيش في حاضر واقعي يوقظ روح المُستقبل؛ بل هو المستقبل نفسه، خاصة وأن التوقيت الزمني بين وجودي في طريق عقبة العامرات- بوشر في اتجاهي نحو مطار مسقط الدولي، لأشارك بكلمة ونقاشات في المؤتمر السياسي للشباب العرب والصينيين، وبين وصولي لهذا الجسر الذي أكتب المقال على مساره، مدة زمنية تقل عن 20 ساعة.

لم يكن المؤتمر قد بدأ أثناء كتابة المقال، وشهد نقاشات أكثر عمقًا عن مشروع "الحزام والطريق" الذي شرعت جمهورية الصين الشعبية بتبنيه وإنجازه، وقد يكون هذا الجسر الفائق الجمال أحد مسارات الطريق ليفصح عن معنى الإرادة التي تحلى بها الصينيون. الجسر طوله 55 كيلومترًا، ويربط 3 مدن عريقة تمثل وجهًا مُشرقًا من التقدم والابتكار في الصين ومحيطها المتمثل في هونغ كونغ. لحظات تذكرت معها عقبة العامرات-بوشر التي جئت منها في النهار نفسه- بسبب فارق التوقيت-، ذلك الممر الجبلي الوعر الذي يثقل كاهل السائقين ويمثل عقبة كما هو الاسم المصطلح عليه، على الرغم من كونه شريان حياة لربط ولايتي العامرات وقريات مع بقية ولايات محافظة مسقط، إضافة إلى ولايات جنوب الشرقية بعد ذلك.

إنها عقبة لا تعكس تحديًا جغرافيًا صعبًا، لكن واقعها هو التحدي الذي تصطف فيه الجبال الشاهقة على جانبي الطريق، مع الانحناءات الحادة والمرتفعات التي تأخذ الوقت والجهد فضلاً عن جملة الحوادث التي تقع عليه. عبوري هذا الجسر الصيني الضخم دفعني للتفكير في إمكانية تحويل عقبة العامرات بوشر إلى طريق أكثر سلاسة وحداثة يتمثل بالطبع في نفق جبلي لا يتجاوز طوله كيلومترًا واحدًا أو 2 كليومتر على أقصى تقدير، نفق يشق الجبال الراسيات ويختصر المسافة، ويختزل معاناة الصعود والهبوط التي لا تنتهي كون الكثافة السكانية في ازدياد مضطرد.

ما يُميز جسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو ليس فقط حجمه الهائل؛ بل روعة تصميمه الهندسي الذي يندمج مع البيئة البحرية التي يتوسطها؛ حيث تعبر السيارات على الجسر والسفن والبواخر على سطحه، بينما تشاهد الطائرات؛ وهي تحط في مدرجات مطار هونغ كونغ كل دقيقة، جسر يعكس براعة الهندسة الصينية في تجاوز الحواجز الطبيعية بأسلوب يتناغم مع البيئة ويخدم الإنسان وما يميزه أكثر هو سرعة إنجازه؛ فالقواعد التي بنيت للجزيرتين الصناعيتين في وسطه مثلاً لم تتجاوز السبعة أشهر لكل قاعدة، وهو ما يعطي مؤشرًا على أن إنشاء نفق جبلي لمسافة صغيرة جدًا لعقبة العامرات-بوشر لا يعد تحديًا مستحيلًا أو يتطلب عقوداً طويلة من أجل إنجازه إذا ما كانت الإرادة حاضرة، فهو مثال حي على التحديات الجغرافية التي يمكن التغلب عليها إذا ما توفرت العزيمة والإخلاص والنظرة الثاقبة في استشراف المستقبل

أدركت وأنا استعرض هذه المقارنة بين الجسر والعقبة، أن هناك الكثير مما يمكن تعلمه ثم تنفيذه، فجسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو لم يكن مجرد جسر يربط بين المدن؛ بل هو رمز للتنمية الشاملة ويعبر عن قدرة الإنسان على تجاوز الطبيعة وتحويلها إلى أداة من أدوات التطور بينما العقبة التي جئت وأعود إليها بعد المؤتمر على الرغم من كونها شاهقة وصعبة، إلا أن المستقبل القريب قد يحمل لها حلولًا مبتكرة فلنا أن نتخيل لو تم تحويل هذه العقبة إلى نفق جبلي مضاء بألوان عدة، كيف سيكون له الأثر الكبير في اختصار المسافات، وتقليص الزمن، وجعل التنقل أكثر سلاسة وراحة لمرتاديه.

إنها لحظة تأمل حقيقية، ندرك فيها كيف يمكن للإرادة والطموح والوطنية أن تكون أدوات تغيير قوية في مواجهة التحديات الجغرافية فجسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو، ذلك العمل الهندسي العظيم، ما هو إلا صورة حيَّة لرؤية تدمج بين الماضي والمستقبل، علينا إذاً استكشاف كيفية استخدام تلك الرؤى لتحويل العقبات الطبيعية إلى فرصٍ عظيمة للتقدم كون النفق الجبلي يفتح آفاقاً اقتصادية وسياحية واجتماعية، الوطن يحتاج إلى همم لا إلى نقاشات وتصميم شعارات فنحن في زمن نحتاج فيه إلى صدق العمل والتخطيط ثم التنفيذ فالوقت سريع وثمين جداً ولأننا مسؤولون أمام الله ثم أمام الأجيال اللاحقة عن ما قدمناه لهم التاريخ سيشهد بالأحداث وسيدون الإنجازات ولا يتغافل عن الإخفاقات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجسر السعودي لسوريا.. دعم متواصل للشعب الشقيق للتعافي من سنوات الحرب

اتخذت المملكة العربية السعودية، موقفًا ثابتًا منذ اليوم الأول للأحداث التي شهدتها سوريا في العام 2011م، تمثلت في أهمية ضمان أمن سوريا ووحدة أراضيها بعيدًا من التدخلات الأجنبية والتأثيرات الخارجية.
ويأتي موقف المملكة تجاه الدولة السورية إيمانًا منها بأن سوريا للسوريين، مع التأكيد أن السوريين هم الأحق بإدارة شؤونهم وتقرير مصيرهم وفق حوار داخلي يفضي إلى الخروج من الأزمة في كامل منعطفاتها.مقيمون لا لاجئون
أخبار متعلقة "نزاهة" تجري 390 تحقيقًا وتوقف 145 شخصًا في 6 وزارات خلال ديسمبرانطلاق أولى طلائع الجسور الإغاثية السعودية للشعب السوري الشقيقوخلال السنوات الماضية، أظهرت المملكة انحيازها في كامل قراراتها ومواقفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق الذي عانى مطولاً من حالة الحرب وعدم الاستقرار.
وظهر هذا الانحياز عبر استضافة المملكة لثلاثة ملايين سوري بصفتهم مقيمين لا لاجئين، مع توفير متطلبات الحياة الأساسية من تعليم وعلاج بالمجان، وأتاحت لهم ممارسة العمل، وأعادت دمجهم بالمجتمع.
وخلال سنوات المعاناة التي شهدتها سوريا ولدت أجيال كاملة من السوريين على أرض المملكة في 13 عامًا ماضية، لم يشعروا خلالها يومًا بأنهم غرباء في وطنهم الثاني الذي كان لهم وطنًا أولَ، في ظل ما تشهده بلادهم من حالة فوضى وعدم استقرار.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } انطلاق أولى طلائع الجسور الإغاثية السعودية المقدمة للشعب السوري الشقيق
جسور الإغاثة لسوريا دعم متواصل
وانطلقت حملة جديدة لإيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية المقدمة إلى الشعب السوري الشقيق، عبر جسرين إغاثيين (بري وبحري)، كامتداد للدعم المتواصل المقدم من المملكة إلى الأشقاء في سوريا، منذ اندلاع الثورة في العام 2011 وحتى الآن.
وكانت المملكة، من أوائل الدول التي وقفت مع الشعب السوري في محنته التي بدأت في العام 2011 عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إذ قدمت المنح والمساعدات الإغاثية والإنسانية إلى النازحين في الداخل وفي دول الجوار بسبب الصراع المسلح، وكذلك إلى المتضررين جراء الزلزال المدمر الذي طالت أضراره بعض المحافظات الواقعة في شمال سوريا في فبراير 2023.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } المساعدات في طريقها لسوريا وتركيا (واس)
تعكس المساعدات التي قدمتها المملكة للشعب السوري منذ 2011 إلى غاية العام الحالي 2024، حرص المملكة قيادة وشعباً على دعم الأشقاء في سوريا، حيث تجاوزت القيمة الإجمالية لتلك المساعدات 854 مليون دولار.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } انطلاق أولى طلائع الجسور الإغاثية السعودية المقدمة للشعب السوري الشقيقجهود سعودية استثنائية
تقوم المملكة بجهود إنسانية استثنائية لتلبية مختلف الاحتياجات الإنسانية الطارئة في مناطق دولية عديدة، عبر تسيير جسور جوية وأخرى بحرية وقوافل برية، وذلك انطلاقاً من قيم راسخة لديها في إغاثة الملهوف، ومد يد العون لجميع المحتاجين ومساعدة الإنسان لأخيه الإنسان.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } مركز الملك سلمان يقدم مساعداته- واس مركز الملك سلمان يقدم مساعداته- واس var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
تأتي المملكة العربية السعودية في صدارة الدول المانحة والمقدمة لأنواع المساعدات الإغاثية والإنسانية والتي وصلت إلى 106 دول حول العالم عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
لا تفرق المملكة حين تقديمها للمساعدات الإنسانية بين المستفيدين مهما كانت انتماءاتهم الدينية أو العرقية أو الثقافية.

مقالات مشابهة

  • 692 راميًا يشاركون في مسابقة الرماية بالعامرات
  • كأس السوبر الإيطالي|الليلة.. إنتر يسعى لتخطي عقبة أتلانتا الباحث عن كتابة التاريخ
  • الصينية هونغ تعتزل اللعب الدولي
  • وصول أول طائرة مساعدات إنسانية سعودية إلى دمشق والجسر البري غدا
  • استمرار أعمال توسعة وتهيئة الطرق بحي باب شيحا في درنة
  • وصول أولى مساعدات الجسر الجوي السعودي إلى سوريا
  • الجسر السعودي لسوريا.. دعم متواصل للشعب الشقيق للتعافي من سنوات الحرب
  • عقبة كبرى تواجه هانسي فليك مع برشلونة
  • محمد الدرمكي: رغم صعوبة المنافسة تمكنا من الفوز بلقب أغلى الكؤوس
  • تخطيط فني وإداري ناجح يتوّج العامرات بكأس جلالة السلطان للهوكي