جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-17@04:38:13 GMT

من عقبة العامرات إلى جسر هونغ كونغ

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

من عقبة العامرات إلى جسر هونغ كونغ

 

 

إبراهيم بن سالم الهادي

 

بينما كنتُ أعبرُ بالسيارة جسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو المُمتد، شعرتُ أنني أعيش في حاضر واقعي يوقظ روح المُستقبل؛ بل هو المستقبل نفسه، خاصة وأن التوقيت الزمني بين وجودي في طريق عقبة العامرات- بوشر في اتجاهي نحو مطار مسقط الدولي، لأشارك بكلمة ونقاشات في المؤتمر السياسي للشباب العرب والصينيين، وبين وصولي لهذا الجسر الذي أكتب المقال على مساره، مدة زمنية تقل عن 20 ساعة.

لم يكن المؤتمر قد بدأ أثناء كتابة المقال، وشهد نقاشات أكثر عمقًا عن مشروع "الحزام والطريق" الذي شرعت جمهورية الصين الشعبية بتبنيه وإنجازه، وقد يكون هذا الجسر الفائق الجمال أحد مسارات الطريق ليفصح عن معنى الإرادة التي تحلى بها الصينيون. الجسر طوله 55 كيلومترًا، ويربط 3 مدن عريقة تمثل وجهًا مُشرقًا من التقدم والابتكار في الصين ومحيطها المتمثل في هونغ كونغ. لحظات تذكرت معها عقبة العامرات-بوشر التي جئت منها في النهار نفسه- بسبب فارق التوقيت-، ذلك الممر الجبلي الوعر الذي يثقل كاهل السائقين ويمثل عقبة كما هو الاسم المصطلح عليه، على الرغم من كونه شريان حياة لربط ولايتي العامرات وقريات مع بقية ولايات محافظة مسقط، إضافة إلى ولايات جنوب الشرقية بعد ذلك.

إنها عقبة لا تعكس تحديًا جغرافيًا صعبًا، لكن واقعها هو التحدي الذي تصطف فيه الجبال الشاهقة على جانبي الطريق، مع الانحناءات الحادة والمرتفعات التي تأخذ الوقت والجهد فضلاً عن جملة الحوادث التي تقع عليه. عبوري هذا الجسر الصيني الضخم دفعني للتفكير في إمكانية تحويل عقبة العامرات بوشر إلى طريق أكثر سلاسة وحداثة يتمثل بالطبع في نفق جبلي لا يتجاوز طوله كيلومترًا واحدًا أو 2 كليومتر على أقصى تقدير، نفق يشق الجبال الراسيات ويختصر المسافة، ويختزل معاناة الصعود والهبوط التي لا تنتهي كون الكثافة السكانية في ازدياد مضطرد.

ما يُميز جسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو ليس فقط حجمه الهائل؛ بل روعة تصميمه الهندسي الذي يندمج مع البيئة البحرية التي يتوسطها؛ حيث تعبر السيارات على الجسر والسفن والبواخر على سطحه، بينما تشاهد الطائرات؛ وهي تحط في مدرجات مطار هونغ كونغ كل دقيقة، جسر يعكس براعة الهندسة الصينية في تجاوز الحواجز الطبيعية بأسلوب يتناغم مع البيئة ويخدم الإنسان وما يميزه أكثر هو سرعة إنجازه؛ فالقواعد التي بنيت للجزيرتين الصناعيتين في وسطه مثلاً لم تتجاوز السبعة أشهر لكل قاعدة، وهو ما يعطي مؤشرًا على أن إنشاء نفق جبلي لمسافة صغيرة جدًا لعقبة العامرات-بوشر لا يعد تحديًا مستحيلًا أو يتطلب عقوداً طويلة من أجل إنجازه إذا ما كانت الإرادة حاضرة، فهو مثال حي على التحديات الجغرافية التي يمكن التغلب عليها إذا ما توفرت العزيمة والإخلاص والنظرة الثاقبة في استشراف المستقبل

أدركت وأنا استعرض هذه المقارنة بين الجسر والعقبة، أن هناك الكثير مما يمكن تعلمه ثم تنفيذه، فجسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو لم يكن مجرد جسر يربط بين المدن؛ بل هو رمز للتنمية الشاملة ويعبر عن قدرة الإنسان على تجاوز الطبيعة وتحويلها إلى أداة من أدوات التطور بينما العقبة التي جئت وأعود إليها بعد المؤتمر على الرغم من كونها شاهقة وصعبة، إلا أن المستقبل القريب قد يحمل لها حلولًا مبتكرة فلنا أن نتخيل لو تم تحويل هذه العقبة إلى نفق جبلي مضاء بألوان عدة، كيف سيكون له الأثر الكبير في اختصار المسافات، وتقليص الزمن، وجعل التنقل أكثر سلاسة وراحة لمرتاديه.

إنها لحظة تأمل حقيقية، ندرك فيها كيف يمكن للإرادة والطموح والوطنية أن تكون أدوات تغيير قوية في مواجهة التحديات الجغرافية فجسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو، ذلك العمل الهندسي العظيم، ما هو إلا صورة حيَّة لرؤية تدمج بين الماضي والمستقبل، علينا إذاً استكشاف كيفية استخدام تلك الرؤى لتحويل العقبات الطبيعية إلى فرصٍ عظيمة للتقدم كون النفق الجبلي يفتح آفاقاً اقتصادية وسياحية واجتماعية، الوطن يحتاج إلى همم لا إلى نقاشات وتصميم شعارات فنحن في زمن نحتاج فيه إلى صدق العمل والتخطيط ثم التنفيذ فالوقت سريع وثمين جداً ولأننا مسؤولون أمام الله ثم أمام الأجيال اللاحقة عن ما قدمناه لهم التاريخ سيشهد بالأحداث وسيدون الإنجازات ولا يتغافل عن الإخفاقات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بلدية عجمان تنجز جسري مشاة بتكلفة 6 ملايين درهم

 أعلنت دائرة البلدية والتخطيط-عجمان، عن إنجاز جسري مشاة بتكلفة 6 ملايين درهم، حيث يقع الجسر الأول بالقرب من تقاطع الروضة، بينما أنجز الجسر الآخر عند تقاطع شارع الشيخ عمار مع شارع الاندلس، وذلك انسجامًا مع الهدف الاستراتيجي المتمثل في تطوير بنية تحتية متكاملة. 

وأكد المهندس عبدالله مصطفى المرزوقي مدير إدارة الطرق والبنية التحتية بالدائرة، أن الجسرين تم إنجازهما في أماكن حيوية وتشهد حركة دائمة وكثيفة على مدار الساعة لتأمين عبور آمن للمشاة، حيث يبلغ طول الجسر الأول37 متراً، وعرض4 أمتار، بينما يبلغ طول الجسر الثاني 57 متراً، وعرض 4 أمتار بين طرفي الشارع، متحدثًا عن العدد الإجمالي لجسور المشاة في الإمارة والذي بلغ 14 جسر. 

أخبار ذات صلة عمار النعيمي يحضر أفراح الفلاسي والحبروش راشد بن حميد يُتوج أبطال «تحدي الإمارات» للجولف

وقال : إن الدائرة تسعى لرفع مستوى السلامة المرورية في الطرق، وخفض نسب حوادث الدهس للوصول إلى "صفر" وفيات، وذلك من خلال توفير البنية التحتية المتكاملة، ووسائل نقل آمنة لمستخدمي الطريق وكذلك لمستخدمي الدراجات الهوائية، بالإضافة لتعزيز جودة الحياة في الإمارة. 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • آرسنال يهزم ريال مدريد من جديد في عقر داره
  • دوري أبطال أوروبا: أرسنال يُقصي ريال مدريد.. وإنتر يتجاوز عقبة بايرن ميونخ
  • من ساعتين إلى دقيقة واحدة.. أعلى جسر في العالم يقترب من الافتتاح
  • مليارديرة تلغي رحلتها في استكشاف حطام تايتانيك وتطالب باسترداد أموالها
  • ضاحي خلفان يلتقي قنصل عام الدولة في هونغ كونغ
  • تدشين عمليات حصاد القمح بمشروع عقبة المقاودة بالقولد
  • اتفاقية لتمويل معدات طبية متقدمة لمستشفى البريمي بـ250 ألف ريال
  • بلدية عجمان تنجز جسري مشاة بتكلفة 6 ملايين درهم
  • السيب والعامرات يكسبان الجولة الثانية في دوري ناشئي السلة
  • حرب الرسوم.. ما أكثر السلع الصينية التي يعتمد عليها الأميركيون؟