جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-29@21:37:40 GMT

"سراج" ووقف التعليم

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

'سراج' ووقف التعليم

 

جاسم بني عرابة

 

اهتم العُمانيون منذ القدم بالوقف، ومارسوه بشكل مُستمر في جميع مناحي حياتهم؛ إذ يذكر الدكتور خالد الرحبي في كتابه "الوقف في نزوى وأثره في الحياة الثقافية والاجتماعية" أن لم تخلُ منطقة واحدة في عُمان -على اختلاف الحدود التاريخية لها- من أوقاف في أحد الجوانب المتعلقة به؛ سواءً الاجتماعية أو الثقافية أو الصحية أو الاقتصادية أو الأمنية وغيرها".

ومن أهم أوجه الأوقاف في التاريخ العُماني، هو الوقف التعليمي الذي يُمكن إيجاد الأمثلة عليه منثورة في الكتب، فقد أوقف الشيخ خميس بن سعيد الشقصي مكتبته، وأوقف كثير من أغنياء الرستاق أموالًا وبيوتًا لكتب الشيخ ناصر بن سليمان اللمكي وحفظها وإصلاحها، ووقف مكتبة بني عوف في بهلاء، ثم تتزايد الأمثلة في المكتبات الموقوفة مثل مكتبة بدية العامة، ومكتبة وقف الحمراء، ومكتبة الشيخ نور الدين السالمي، ومكتبة بني سيف، ومكتبة حمد بن ناصر الريامي.

ومن الأمثلة أيضًا على الوقف التعليمي: وقف الكُتب، فقد أجاب الإمام مُحمد بن عبد الله الخليلي عن مسألة ما يُفعل بالكتب المنضدة في الصناديق ما يُفعل بها؟ فكان من جوابه أن "الوقف فيما يصلح له، ولا نرى صلاحاً في ترك الكتب منضدة لتأكلها الأرضة، والأحسن أن يقرأ الرجل فيها، وإن أراد غيره أن يقرأ فليردها إليه"، وقد اهتم العلماء بوقف الكتاب اهتماماً كبيراً كان من ضمنهم عبد الله بن محمد بن بركة، وخميس بن سعيد الشقصي، وسالم بن عبد الله البوسعيدي، وعبد الله بن خلفان الخليلي، وخلف بن سنان الغافري الذي قال:

لنا كتب في كل فنٍّ كأنها/ جنان بها من كل ما تشتهي النفس

ثلاث مئينِ ثم سبعون عدها/ وتسعة آلاف لها ثمن بخس

هي الكنز لا الإنفاق منها بناقص/ هي الفخر لا العيش المدغفل واللبس

وهيهات بعدي أن تباع وتشترى/ كما يشترى من ربه العير والعنس

ولكنها وقفٌ على كل مسلم/ فلا غافر فيها يخص ولا عبسُ

كما اهتم بها الأئمة والسلاطين، فقد أوقف بلعرب بن سلطان مدرسة حصن جبرين، وأوقف سيف بن سلطان الأول تسعة وثلاثين أثراً من ماء الفلج لطلب العلم، وأوقف السلطان برغش بن سعيد جميع مطبوعات المطبعة السلطانية في زنجبار، وكلما تقدم الزمان زادت الأوقاف التعليمية أكثر وزاد تنظيمها.

ومن أوجه المأسسة للوقف التعليمي في سلطنة عُمان نجد المؤسسة الوقفية لدعم التعليم "سراج"، وتخصيص بعض الأسهم للمؤسسة الوقفية لدعم التعليم "سراج". وتعمل المؤسسة على رفد مؤسسات التعليم العالي الخاصة والحكومية بالموارد اللازمة لتنمية الطلاب المُعسرين والمحتاجين؛ حيث عملت المؤسسة على القيام بالعديد من المبادرات من ضمنها مبادرة كفالة طالب جامعي، والتي من خلالها يتم إعطاء علاوة شهرية للطلاب المعسرين لتغطية احتياجاتهم الأساسية (مثل المأكل والمشرب والسكن والنقل وغيرها) طول فترة دراستهم. إلى جانب تفعيل بطاقة "مزايا سراج" بالتعاون مع شركة "ثواني"، والتي تمنح الطلبة والعاملين في مؤسسات التعليم العالي الخاصة خصمًا يصل إلى 60% في مختلف الاحتياجات.

وتهدف المؤسسة إلى الاستدامة في أعمالها الوقفية؛ إذ تعمل على استثمار الأموال التي لديها من أجل الوصول إلى حالة من الاستقرار في المبادرات والمشاريع التي تعمل عليها.

وأخيرًا.. يمكن القول إن الوقف مُتجذّرٌ في التاريخ العُماني، على مر العصور، ويؤكد رغبة الإنسان العُماني في أن تظل أعمال الخير متواصلة ومُستدامة، بما يضمن استفادة أكبر عدد من الأفراد منه، وكذلك حصاد الثواب لصاحب الوقف.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ملتقى المؤسسات الوقفية يناقش تطبيق الحوكمة لتعزيز المعايير المحاسبية

نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الدينة صباح اليوم ملتقى المؤسسات الوقفية الأول الذي ناقش عددا من المحاور منها تحديات المؤسسات الوقفية وتطبيق الحوكمة ومقياس الامتثال في المحاسبة، رعى افتتاح الملتقى سعادة أحمد بن صالح الراشدي وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

وقال سعادته في تصريح خاص لـ "عمان": يُعد هذا اللقاء الأول من نوعه، الذي تنظمه الوزارة بهدف الاجتماع بالمؤسسات الوقفية العامة والخاصة، كما يشكل مساحة واقعية يلتقي فيها المعنيون بالمؤسسات الوقفية من حيث التنظيم والرقابة والتنفيذ، وذلك لمناقشة التحديات التي تواجه هذه المؤسسات، والبحث عن الحلول المقترحة، مشيرا إلى أن الحلول تأتي من داخل المؤسسات الوقفية نفسها، كونها الأقرب للميدان والأقدر على فهم التحديات الواقعية والعمل على حلها، وهذا أمر في غاية الأهمية، وتخلل اللقاء مشاركة من بنك نزوى لتقديم دورة حول معايير "الأيوفي" في النظام المحاسبي الإسلامي، التي تمثل إضافة مهمة في جانب الرقابة، نظرًا لكون المؤسسات الوقفية مطالبة بتقديم قوائم مالية مدققة وفق معايير الأيوفي".

وأضاف: "الوزارة أطلقت من خلال اللقاء مبادرة بعنوان "قياس جاهزية المؤسسات الوقفية"، وهي معنية بقياس نضج تجربة المؤسسات الوقفية في سلطنة عُمان، حيث ستتناول جاهزية هذه المؤسسات في عدة محاور، مثل: تشكيل مجالس الإدارة، ووجود إدارات تنفيذية، وحجم الاستثمارات، ومدى زيادتها في رأس المال، والأثر الفعلي للمؤسسة في المجتمع، وستعمل المبادرة على قياس مستوى النضج والمؤسسات التي تحتاج إلى الدعم لتعزيز أدائها، كما ستكشف المبادرة مساحات التحسين والتطوير، فعلى سبيل المثال: إذا واجهت المؤسسات تحديًا مشتركًا كصعوبة تعيين مدقق خارجي للحسابات، فسنعلم أن هذا تحدٍ جماعي يتطلب تدخلًا من الوزارة لتوجيه الجهود نحو معالجته"

وأوضح سعادته أن اللقاء هو باكورة سلسلة لقاءات تسعى الوزارة إلى تنظيمها بشكل دوري، بمعدل لقاء كل ستة أشهر مع إمكانية مراجعة هذه الوتيرة حسب الحاجة، مما يمثل اللقاء فرصة لعقد شراكات وتعاقدات استراتيجية بين المؤسسات الوقفية، مثل التعاقد الجماعي مع مدقق حسابات مشترك لتقليل التكاليف وزيادة الكفاءة المالية، وفي الوقت نفسه رفع جودة الخدمة بسبب تراكم خبرة المدقق في التعامل مع طبيعة هذه المؤسسات، ويمكن توسيع هذا النموذج ليشمل مجالات أخرى، كالمحاسبة والاستشارات المالية "

المعيار المحاسبي

وألقى د، محمد فخري صويلح، مدير أول الاستثمار الوقفي ببنك نزوى محاضرة "المعايير المحاسبية للقطاع الوقفي" تناول فيها المعيار المحاسبي للأوقاف، الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، والذي يمثل أول إصدار من نوعه يُعنى بالتقارير المالية الخاصة بالأوقاف.

وأوضح أن المعيار جاء لسد فراغ تشريعي محاسبي كانت تعاني منه المؤسسات الوقفية، حيث لم تكن هناك مرجعية موحدة تنظم كيفية عرض وتقديم القوائم المالية للوقف، مما تسبب في تفاوت كبير في الممارسات المحاسبية.

وأكد أن المعيار الجديد يُلزم الوحدات الوقفية المستقلة بتطبيقه عند إعداد بياناتها المالية، خاصة إذا كانت تعتمد على القوائم المالية كوسيلة للتقارير والإفصاح، لافتا إلى أنه يُطبّق على الوقف بشقيه: الأهلي والعام، بما في ذلك الأوقاف المرتبطة بالجهات الرسمية أو الجمعيات.

وأشار إلى أن المعيار ينطبق على الوقف باعتباره وحدة محاسبية مستقلة عن الجهة المشرفة عليه، وأن القوائم المالية للوقف يجب أن تُقدَّم باسم الوقف ذاته لا باسم الجهة الناظرة أو المشرفة، تعزيزًا لمبدأ الاستقلال المالي والإداري للوقف.

كما استعرض أبرز المبادئ التي يقوم عليها المعيار، ومنها: الإيضاحات المالية المتعلقة بالوقف، بما في ذلك توضيح طبيعة الأصول الوقفية، والعوائد المتحققة منها، وآليات التوزيع أو الصرف على المستفيدين، وعرض الإيرادات والأرباح بصورة تعكس أهداف الوقف المحددة في وثيقته التأسيسية، وإظهار الفرق بين أصول الوقف وبين الموارد التابعة للجهة المشرفة عليه.

وأكد أن هذا المعيار لا يغني عن الالتزام بالمعايير المحاسبية الأخرى الصادرة عن الأيوفي، بل يُعد مكملًا لها، وعلى رأسها المعيار العام، وهو ما يستوجب فهمًا دقيقًا للسياق المتكامل لتطبيق معايير الأيوفي داخل المؤسسات الوقفية، وشدد الدكتور على أهمية التكوين المستمر للمحاسبين والعاملين في إدارة الأوقاف، لضمان تطبيق المعيار بطريقة صحيحة تنعكس إيجابًا على شفافية العمل الوقفي ومصداقية التقارير المالية، داعيًا إلى إقامة دورات تدريبية وورش عمل لتيسير فهم هذا المعيار الجديد.

تحديات القطاع

واستعرض الدكتور أحمد بن علي الكعبي، المدير العام للأوقاف والأموال وإعمار المساجد ومدارس القرآن الكريم بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، أبرز التحديات التي تواجه القطاع الوقفي في سلطنة عمان، مؤكدًا أن الوزارة تعمل على معالجتها بالتعاون مع المؤسسات الوقفية، ويشمل ذلك توظيف بعض الحلول المقترحة وتعديل آليات العمل لتحسين الأداء.

وأوضح الدكتور الكعبي أن أبرز التحديات تتمثل في تسجيل الأوقاف باسم الوزارة بدلاً من المؤسسات الوقفية، وهو ما تم معالجته بالتعاون مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، حيث تم التوصل إلى اتفاق يسمح بتسجيل الأوقاف باسم المؤسسات الوقفية مع ضرورة ذكر الموقوف عليه في سندات التملك، وأشار إلى أنه تم حل الإشكاليات المتعلقة بتسجيل الأوقاف.

كما تحدث الدكتور الكعبي عن التحديات الأخرى التي تشمل تأخير الموافقات من الوزارة في بعض الحالات، مثل طلبات البيع التي تحتاج إلى الرجوع إلى الهيئة الشرعية، مؤكدًا أن الوزارة تعمل على تسريع الإجراءات لتفادي التأخير، وأوضح أن بعض المؤسسات الوقفية تواجه صعوبة في تجديد سجلاتها التجارية بسبب التحديات التقنية التي تفرضها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، لكن تم التوصل إلى حل لهذه المشكلة.

وأضاف أن بعض المؤسسات الوقفية بدأت في توسيع نطاق عملها، مثل إنشاء شركات وقفية تمتلك قمرًا صناعيًا، وهو ما يعكس نجاح المؤسسات الوقفية في تطوير مشاريع مبتكرة، وذكر أن هناك جهودًا مستمرة لتحسين الحوكمة وتوسيع نطاق المؤسسات الوقفية العامة والخاصة، وفيما يخص التصرفات المالية، أكد الكعبي أن الوزارة لن تتدخل في قرارات المؤسسات الوقفية المتعلقة بالشراء أو التصرف في الأوقاف، ولكنها ستظل تتابع القاعدة البيانية للأوقاف في الوزارة.

وشدد على أهمية التعاون المستمر بين الوزارة والمؤسسات الوقفية لتحقيق أهداف القطاع الوقفي، مؤكدًا أن الوزارة تعمل على تعزيز الشراكة بين الطرفين لضمان نجاح المشاريع الوقفية في المستقبل، كما استعرض مجموعة من التحديات تتعلق بإثبات الملك وعدم تسجيلها باسم المؤسسة الوقفية، وحصول المؤسسات الوقفية على السجل التجاري الربحي، ورأس مال المؤسسات الوقفية، وازدواجية العمل بين الفرق الخيرية ولجان الزكاة والمؤسسة الوقفية، وتكلفة شركة التدقيق الخارجي مقارنة بحجم المال الوقفي.

مقالات مشابهة

  • فريق الخدمة الاجتماعية بكفر الشيخ يحصد بطولة الجمهورية بوزارة التعليم العالي
  • استعراض تحديات المؤسسات الوقفية ومقاييس الامتثال في لقاء مؤسسي
  • ملتقى المؤسسات الوقفية يناقش تطبيق الحوكمة لتعزيز المعايير المحاسبية
  • أطيب خلق الله.. أحمد الشيخ ينعى أمح الدولي بكلمات مؤثرة
  • القاهرة الإخبارية: لقاء مصري إسرائيلي لبحث الهدنة ووقف إطلاق النار في غزة
  • بوتين يعلن عن هدنة ووقف إطلاق النار مع أوكرانيا
  • الانتهاء من صيانة خط دير علي _ الشيخ مسكين خلال شهر
  • نائب ايراني يتهم إسرائيل بالوقوف وراء تفجير ميناء بندر عباس
  • إلغاء حكم ضد مفتش ري لصدوره بعد المعاش
  • وفاة خبير الطقس والفلك الشيخ ملفي شرعان الحربي (أبو شرعان)