«درس البيانو» والرقصة المميزة
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
«... من أجل هذه الأعداد المتزايدة من المشاهدين السود، أصبح من الممكن صنع أفلام خاصة بهم، يُخرجها زنوج ويُمثلها زنوج، وتدور موضوعاتها حول المسائل التي تهم الزنوج...».
(رؤوف توفـيق، السود فـي السينما: رحلة طويلة من السخرية إلى الاعتراف، مج الدوحة، العدد 4، 1980م)
(1)
لا شك فـي أن الأمريكيين السود قد أدوا دورًا كبيرا فـي تطور السينما الأمريكية وقضاياها، والناظر إلى الفـيلم الذي عرضته قناة نتفليكس مؤخرًا (درس البيانو) بتوقيع أسرة الممثل الأمريكي دينزل واشنطن، سُيدرك المدى الذي تعكسه سينما أمريكية سوداء متطورة وتقدمية فـي أطروحاتها وعن طريق سعيها لتأسيس سينما مغايرة، تُفكك ما سعت إلى تكريسه سينما الرجل الأبيض لموضة أفلام تستند إلى بطولات خارقة وتهميش للآخر واستعلاء ضد الأقليات، ويمكن القول إن سينما الرجل الأسود دفعت السوق الأمريكي، وأرغمته لإفساح المجال ليقدم قضاياه، ويروي ملاحمه وسيرته وتاريخه المبني على الاستعباد والاسترقاق ومحو ثقافته وهُويته وقيمه، وكل ذلك يتضّاد مع صورة الرجل الكاوبوي أو الآلي ومقولة الحُلم الأمريكي الخادعة.
بين فـيلم (مولد أمة - 1915م) للمخرج الأمريكي (ديفـيد جريفـيث) وفـيلم (درس البيانو- 2024م) لمخرجه (مالكوم واشنطن) هناك كفاح طويل بذله السود ليحققوا الاعتراف بهم إنسانيًا وإنتاجيًا، وما أن انتهيت من مشاهدة الفـيلم حتى زفرت زفرة حارقة! ألهذه الدرجة يستفزنا الميراث المحقّر للعبودية؟
«درس البيانو» هي فـي الأصل مسرحية ألفها أوجست ويلسون فـي عام 1987م، بينما تجري أحداثها فـي عام 1930م، ونستعيد هنا بإعجاب هائل قدرة الفن السينمائي الانتقال بحرية وبهجة وجمال ليضع المشاهد فـي داخل حال من التوتر على إثر الصراع الحاصل ما بين ماضي الشخصيات الذي لم ينقطع والحاضر الذي لا يريد أن يمضي بسهولة ويُسر، وإذا كان هذا هو حال السينما، فإنّ للمسرح قوله الفاصل.
البيانو كآلة «اخترعت فـي نهاية القرن السادس عشر، ومعناها بالإيطالية (لين)؛ الآلة الجميلة التي تليّن القلب، وتسلب المشاعر بدق العازف على اللونين الأبيض والأسود، فـيمكن لعمر كامل أن يُختزل فـي لحن، وقد ترتبط أحزان بشر وأفراح حضارات على نغماته». (نهى محمود، البيانو.. عزف المصير ونغمات القدر، جريدة الفنون العدد 168/ 2015م)، وبناء على ذلك، نسأل أنفسنا: كم من أعمار مرت على (بيرنيس) التي ظلت ترفض نسيان الماضي وعدم التضحية بمكتسبات الحاضر كلها، فتعلّم ابنتها (ماريثا) وتحرص على أن تكون فتاة متعلمة تعليمًا جيدًا، وتلتزم بالإتيكيت، إن بيرنيس تدخل فـي صراع مع زمن العبودية والاسترقاق، استنادًا إلى جملة المؤلف التي جاءت على لسان عمها (دوكر) القائلة: «بيرنيس لن تبيع البيانو؛ لأنّ أباها مات بسببه».
شدني إلى الفـيلم مستويات متداخلة؛ كالسيناريو، وأداء الممثلين وزوايا التصوير واختيار كادرات معبرة عن العودة بالزمن إلى الخلف، والحوارات الطويلة الأقرب إلى المونولوجات، والموسيقى، ولا أقلل من استمتاعي بأداء عمّيها (دوكر وواينينج بوي)، وأخيها (بولي ويلي)، وصديقه (لايمون) لأغنية «يا إلهي بيرتا» حيث كانوا يدقون على الأرض بأقدامهم وفق إيقاع تنغيمي ألهب الكلمات شرارة، وجعل حناجرهم المشحونة بالآهات والأحزان لا يضاهيها أي غناء، وحسنا فعل المخرج أن أفرد للأغنية تلك المساحة الأقرب إلى المسرح.
(2)
حمّل المخرج الممثلة (دانييل ديدوايلر) التي أدت شخصية (بيرنيس) بعضا من حمولة التيار النسوي، فهي تبعًا لمنظور الفـيلم رسمت بانفعالاتها وتوترها أفكار التيار عن طريق إحساسها بعبء الصراع التاريخي الأسود المنقوش بالصور على البيانو، وإذ نشاهدها مرات عدة تقف شامخة ظاهريًا تدافع بقوة عن تمسكها بقيم الماضي، لكنها تخفـي انكسارًا وهشاشة داخليين لا يمكن التقليل من تأثيرهما فـي شخصيتها وهي تعيش مع أشباح الرجل الأبيض (ساتر) الذي أُلقي به فـي البئر دون معرفة الفاعل، وبالتوازي نشاهد كيف أن اللعنة التي تسكن بيتها متصلة بالبيانو نفسه الذي سرقه والدها، الذي ظل يعتقد حتى قبل وفاته «أن البيانو حكاية عائلتنا كلها وطالما أن ساترًا يَملكه فهو يملكنا، كان لا يزال يستعبدنا».
وتبعًا لمنظور تيار النسوية، إن صراع (بيرنيس) الفعلي يتمثل فـي نظرتها إلى ذكور عائلتها، الذين تدينهم جميعا فـي حوارها مع أخيها: «أنظر إلى البيانو، لمّعت أمنّا أولا هذا البيانو بدموعها لمدة 17 عاما؛ كانت تنظفه وتلمعه حتى نزفت يداها... تذكرُ دوما أباكَ، لكنكَ لا تُفكر أبدًا فـي الثمن الذي دفَعتُه أمك بسبب حماقته... أنظرُ إليكَ وأجدُك مِثلهَم تماما، مثلكَ مثلُ أبينا بوي تشارلز، واينينج بوي، ودوكر، وكراولي، كلكم سواء، كل هذه السرقات والقتل، وإلى أين قادكم ذلك؟ إلى المزيد من القتل والسرقات، بلا أيّ فائدة، يحترق الناس ويُردون ويَسقطون فـي آبارهم، ولن يتوقف الأمر أبدًا»، فالرجال تبعا للفقرة السابقة يتزاحمون للوصول إلى أفعال السرقة والقتل، فهم عبيد لما يجعلهم أكثر امتلاكًا وقوة، وانطلاقًا من هذه الرؤية يرفض أخوها الحفاظ على البيانو؛ بسبب «القيمة العاطفـية» التي تدافع عنها أخته، فـي المقابل وعلى نحو المتيقن الذي يضرب بالقيمة تلك إلى عرض الحائط يقول للطفلة (ماريثا) ابنة بيرنيس بكلمات بليغة: «النقوش هي عائلتك ودمك».
وينبغي ألا نذهب بعيدا، فأخوها هدفه تحويل الأشياء والقيم إلى سلعة، إنه ابن اللحظة التاريخية التي يملكها الرجل الأبيض، وتعصف أمواله ونفوذه بالحضارة كلها، ولهذا كان على بيرنيس الدفاع عن البيانو؛ لأن نقش صور أجداد طفلتها ماريثا سيمنع محاولات التحريف أو التشويه التي يمكن للأبيض فعلها كما يفعل بشكل دائم تجاه الأقليات.
تقدم حوارات بيرنيس الموجهة تجاه عائلتها، في لحظات قوة أو ضعف أو رعب وخوف، دفعة ضرورية بالوعي العرقي للمشاهد القابع أمام الشاشة. وجاء كلامها معهم في لغة احتجاج ممزوجة بنقد نسوي، وفي مشهد تُبين بيرنيس لابنتها وهما خارجتان من البيت ترتديان ثيابًا رسمية، أن تنتبه إلى مسح الدهان عن شعرها، في هذه الجملة: «ماريثا، اصعدي وأحضري محفظتي، وامسحي مرطّب الشعر عن جبهتكِ، هيا أسرعي»، وفي موضع آخر: «اذهبي واستعدّي لأصفف شعرك»، وحينما تخبرها ابنتها أن مرطّب الشعر قد نفد، تمنحها نقودًا لتشتري جديدًا.
إن عنصر الشعر الإفريقي المجعّد وسعي المرأة للبحث عن تنعيمه إحدى وسائل العناية الواجبة بالمظهر العام لطفلة عليها ألا تقع فـي نقد موجَّه إلى أي شيء فـيها شعرها ولونها، إنها أحد ظلال المعاني السلبية الخفـية فـي لا وعي بيرنيس.
من الجميل فـي الفـيلم أيضا، أن أصوات النساء السوداوات لا تظهر فـي الفـيلم، بل إننا لا نسمع صوتا لامرأة سوداء عدا بيرنيس، فإخفاء أصواتهن ومعهن إخفاء صوت أوفـيليا التي رغبة من زوجها (روبرت ساتر) أن يهديها بمناسبة زواجهما البيانو هدية، فاضطر بسبب عدم وجود المال معه إلى أن يقايض (نولاندر) مقايضة فـيأخذ زنجيا ونصف مقابل البيانو، وسيعطيه واحدا كبيرا وواحدا صغيرا! فهذه المرأة، لم تكن تفعل شيئا سوى النهوض فـي الصباح والتأنق والجلوس إلى البيانو وتعزف، إن إخفاء أصوات النساء جميعهن والاقتصار فـي ظهورهن على تقنية الفلاش باك أتاح لبيرنيس ومنظورها الذي تطلق منه تحت وطأة الشعور بثقل التاريخ أن تجسّد وحدها القيمة المعنوية لمعاناة السوداوات، وما قدمته؛ أمهاتها وقريناتها من وظائف ومهن وأدوار عبر التاريخ الشائن، لأجل نيل حريتهن.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ماهر الأسد.. وثائق تكشف خبايا إمبراطورية "الرجل الخفي"
تكشف مجموعة وثائق اطلعت عليها وكالة "فرانس برس" داخل عدد من مواقع الفرقة الرابعة المهجورة في سوريا، النقاب عن امبراطورية اقتصادية واسعة بناها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، لم تترك مجالا لم تتدخل فيه، من صنع الكبتاغون والاتجار به وصولا إلى فرض إتاوات على المعابر الحدودية والحواجز.
ولطالما اتهمت حكومات غربية ماهر الأسد وأعوانه بتحويل سوريا إلى "دولة مخدرات" أغرقت الشرق الأوسط بأقراص الكبتاغون.
لكن بعيدا من التجارة التي تقدّر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار، تُظهر المستندات التي تفحصتها "فرانس برس" كيف تغلغلت الفرقة الرابعة في الكثير من مفاصل البلد، ما جعلها أشبه بـ"مافيا".
أنفاق وخزنات
في صلب هذه الشبكة الفاسدة، تربّع المقر الخاص لماهر الأسد فوق متاهة أنفاق محفورة في قلب جبل يعلو دمشق، يتسع بعضها لمرور شاحنة.
وقاد حارس ملثم تابع للسلطة السورية الجديدة فريق "فرانس برس" عبر الأنفاق، كما لو أنه دليل سياحي مشيرا إلى حمام هنا وغرفة نوم هناك، وما بدا أشبه بمسارات خروج في حالات الطوارئ.
بعد النزول عبر سلم شديد الانحدار مؤلف من 160 درجة، توجد غرف موصدة ببوابات مصفحة.
ويقول الحارس إنه أحصى 9 خزنات داخل إحدى الغرف.
ويوضح كيف أن الخزنات تعرضت "للكسر" والنهب على أيدي أشخاص اقتحموا المكان في 8 ديسمبر، بعد ساعات قليلة على إطاحة فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام بحكم عائلة الأسد التي قادت سوريا بقبضة حديد لأكثر من 5 عقود.
في المجمع تحت الأرض، تبدو الفوضى جلية، خزنات مفتوحة وصناديق ساعات رولكس وكارتييه فارغة مرمية في كل ناحية. ولا يتضح ما إذا كانت الخزنات قد أُفرغت من الأموال قبل نهبها أم لا.
ويشير الحارس إلى مكتب، يقول إنه "المكتب الأساسي" لماهر الأسد، مؤلف من "طابقين فوق الأرض وتحته أنفاق تضم غرفا مغلقة لا يمكن فتحها".
إلى جانب خزنة مهجورة داخل ممر، يمكن رؤية جهاز تغليف حراري جرى استخدامه على الأرجح لتغليف الأوراق النقدية.
ثروات مخفية
في أحد المستندات التي تفنّد بالتفصيل النفقات كافة، يظهر أنه كان هناك حتى الرابع من يونيو سيولة نقدية قدرها 80 مليون دولار، و8 ملايين يورو، و41 مليار ليرة سورية.
وتوثّق مئات المستندات احتفاظ ماهر الأسد ومكتب الأمن بمبالغ شبيهة في الفترة الممتدة بين العامين 2021 و2024.
الرجل الخفي
لطالما كان ماهر الأسد شخصية غامضة تثير الخوف في سوريا. ويُنظر إليه على أنه الرجل الذي تولّى تنفيذ "الأعمال القذرة للنظام".
ومع أن صوره غُلّقت داخل كل مقر للفرقة الرابعة، لكنه نادرا ما كان يظهر في الأماكن العامة.
ورغم اتهامه من منظمات حقوقية بإصدار أوامر لقتل متظاهرين عزل في سوريا منذ العام 2011، وربط اسمه باغتيالات، لكنه بقي بمثابة "الرجل الخفي"، وفق ما يقول مصدر مقرب من عائلة الأسد لفرانس برس.
ويوضح المصدر "ستجد قلة من الأشخاص يقولون إنهم يعرفونه" شخصيا.
وكانت الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد بمثابة القبضة الحديد للنظام وارتبط اسمها بسلسلة طويلة من الفظائع.
رجال المال
وتمّ إحراق آلاف المستندات والملفات، على ما يبدو، لكن العديد من الوثائق السرية التي نجت تحمل في طياتها معلومات كثيرة.
من بين الأسماء البارزة المذكورة في بعض الوثائق والتي ساهم أصحابها في تمويل الفرقة الرابعة، تبرز أسماء رجال أعمال مدرجين على لوائح العقوبات، على غرار خالد قدور ورئيف القوتلي، والأخوين قاطرجي المتهمين بجني مئات الملايين من الدولارات لصالح الحرس الثوري الإيراني والحوثيين في اليمن، عبر بيع النفط الإيراني إلى سوريا والصين.
وبحسب مصادر أمنية ومن قطاع الأعمال، تولى القوتلي إدارة نقاط تفتيش ومعابر، حيث "فُرضت أتاوات" على بضائع أو جرت مصادرتها.
ونفى قدّور الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات لدعمه ماهر الأسد ماديا في تهريب الكبتاغون والسجائر والهواتف، أن يكون له أي تعامل مع ماهر الأسد حين سعى لأن تُرفع العقوبات الأوروبية عنه عام 2018.
لكنّ قائمة إيرادات المكتب الأمني لعام 2020، أظهرت أنه وفّر نحو 6.5 ملايين دولار في ذاك العام لصالح المكتب.
وتتضمن الوثيقة لائحة طويلة من المبالغ بالليرة السورية ومصادرها المتنوعة، وبينها الدخان الوطني، و"ترفيق"، أي حماية صهاريج النفط، وبيع المصادرات.
"مافيا"
زارت فرانس برس مصنعا لإنتاج الكبتاغون داخل فيلا استولت عليها الفرقة الرابعة في بلدة الديماس بريف دمشق قرب الحدود مع لبنان.
وكانت غرفها مليئة بصناديق وبراميل من مواد الكافيين والإيثانول والباراسيتامول المستخدمة في صنع المخدر.
ويقول سكان محليون إنه لم يُسمح لهم أن يقتربوا من الفيلا، وكان يُمنع حتى على الرعاة التواجد في التلال المحيطة.
ويقول ضابط سابق أمضى جزءا من خدمته في مكتب الأمن دون الكشف عن اسمه، إن المكتب كان يتمتع بـ"حصانة وكان ممنوعا على أي جهة أمنية التعرّض لأي عنصر إلّا بموافقة ماهر".
ويضيف: "كانت مافيا، وكنت أعلم أنني أعمل لدى مافيا".
حصة الأسد لبشار
لم تسيطر الفرقة الرابعة على أي قطاع في الاقتصاد السوري بقدر سيطرتها على سوق المعادن.
ويروي الضابط في مكتب الأمن الذي رفض الكشف عن اسمه، كيف توافد عناصر من الفرقة إلى احدى ضواحي دمشق بمجرد سيطرة القوات الحكومية عليها حينها، وبدأوا يسحبون أسلاك النحاس والحديد من المنازل المدمرة.
ويقول رئيس غرفة الصناعة السابق فارس الشهابي إن أحد مصانع المعادن الذي كان يديره أحد شركاء ماهر الأسد، كان يحتكر السوق، وأُجبر الجميع على الشراء منه حصرا.
و"لم يعد بإمكان" العديد من المعامل العمل جراء هذا الضغط، وفق الشهابي.
ويوضح أن ماهر الأسد وأصدقاءه كانوا يسيطرون على حصة كبيرة من الاقتصاد السوري، لكن المستفيد الأكبر كان بشار الأسد.
ويقول الشهابي "كانت شركة واحدة... والقصر الرئاسي كان دائما المرجع".
ويؤكد الضابط السابق في مكتب الأمن أن حصة من الأرباح والمضبوطات كانت تذهب دائما الى القصر الرئاسي.
إرث سام
ورغم أنه لم يتبق من الفرقة الرابعة اليوم إلا مستودعات مهجورة ومقرات منهوبة، يحذر الخبير في الشأن السوري لارس هاوخ من مؤسسة "كونفلكت ميدييشن سولوشنز"، من أن إرثها قد يكون ساما جدا.
ويقول: "كانت الفرقة الرابعة لاعبا عسكريا، وجهازا أمنيا، وكيانا استخباراتيا، وقوة اقتصادية وسياسية، ومؤسسة إجرامية عابرة للحدود".
ويضيف: "مؤسسة ذات تاريخ يمتد لعقود، وقدرات مالية هائلة، وعلاقات وثيقة مع النخب، لا يمكن ان تختفي ببساطة".
وينبه إلى أنه "فيما فرّت القيادة العليا من البلد"، فقد تراجعت "نواتها الصلبة"، ومعظمهم من الموالين للحكم السابق، إلى المناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية، الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد.
وسعت السلطات الجديدة منذ وصولها إلى دمشق مرارا لطمأنة الأقليات بأنهم لن يتعرضوا لأي أذى، لكن أعمال عنف طالت العلويين في مناطق مختلفة، خصوصا في وسط البلاد وغربها.
ولا يستبعد هاوخ وجود أسلحة مخبأة في مخازن، تضاف إليها "مليارات الدولارات"، التي كانت موضّبة في خزنات الفرقة الرابعة.
وينبّه من أن "كل ما يلزم لتمرد طويل الأمد متوافر... إذا فشلت عملية الانتقال في سوريا في أن تكون شاملة بالفعل وتحقق العدالة الانتقالية".