أكد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام أن إدارة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب "ستعيد فور تسلم مهامها، تحريك ملف السلام في الشرق الأوسط، ومن ضمن أولوياته السعي لتوقيع اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل"، مرحبا بـ"عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض".

وأشار لـ"أندبندنت عربية"، الى أن "معالم الخطة الأميركية للملف اللبناني بعد انتهاء الحرب، تتألف من ثلاث نقاط تشمل: انتخاب رئيس للجمهورية ليفاوض على الاتفاقات الدولية وتشكيل حكومة جديدة، وتحصين الجيش ودعمه عسكريا وأمنيا وإعادة انتظام العمل القضائي في البلاد".



ولفت الى أن "هناك تفاهمات دولية بدأت تظهر ملامحها، بين واشنطن وطهران تحديدا، حول تموضع "حزب الله" في الداخل اللبناني"، موضحا أن "التفاهمات تقضي بأن يتحول الحزب من حزب عسكري إلى حزب سياسي".
 
وعن الجهود الدولية لوقف الحرب في لبنان، كشف سلام أنه خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الأميركية واشنطن، عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين أميركيين ومستشاري الرئيس ترامب، وقال: "ما لمسناه في واشنطن نية حقيقية لدى الإدارة المقبلة لدعم استقرار لبنان. فقد أكد مستشارو ترامب، بمن فيهم مسعد بولس، أن لبنان سيكون ضمن أولوياتهم".

أضاف: "فريق الرئيس الجمهوري ينظر إلى لبنان كجزء من استراتيجية إقليمية أوسع تهدف إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. والإدارة الأميركية الجديدة ترى أن بلادنا يمكن أن تكون نموذجا للاستقرار إذا تم التعامل معه بجدية".

وأعرب عن تفاؤله بـ"إمكانية أن يشهد عام 2025 بداية جديدة للبنان رغم التحديات"، وقال: "مع تغيير الإدارة الأميركية، ووجود دعم دولي وإقليمي واضح، يمكن أن يكون عام 2025 نقطة تحول إيجابية. ولكن النجاح يعتمد على قدرتنا كلبنانيين على اتخاذ قرارات حكيمة ومسؤولة".

وتطرق وزير الاقتصاد الى موضوع الخسائر الاقتصادية نتيجة الحرب التي شهدها لبنان لعام وشهرين تقريبا، فأشار الى أن "البلد يحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات ليتعافى من الحرب التي أعادته 10 سنوات إلى الوراء".

وقال: "ان حجم الأضرار التي لحقت بلبنان نتيجة الحرب المستمرة، تجاوزت كل التوقعات. ان الأرقام التي كشف عنها البنك الدولي، وقدرت الخسائر بنحو 10 مليارات دولار، لا تمثل سوى جزء من الصورة الكاملة. نحن نعتقد أن الخسائر الفعلية، بما في ذلك الأضرار المباشرة وغير المباشرة، تتراوح بين 15 و20 مليار دولار".

أضاف: "هذه الأرقام تشمل الدمار في البنى التحتية، وتضرر القطاعات الاقتصادية الكبرى مثل الزراعة والصناعة والسياحة، إضافة إلى الانعكاسات الاجتماعية الخطرة. نحن نتحدث عن نزوح أكثر من مليون شخص، مع ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. فقط خلال الأشهر القليلة الماضية، فقد أكثر من 400 ألف شخص وظائفهم، مما زاد من حدة الأزمة الاقتصادية".

وتابع: "هذه الأرقام مرشحة للارتفاع في ظل استمرار النزاع، مما يجعل الحاجة إلى وقف إطلاق النار أمرا ملحا. كل يوم يمر في ظل الحرب يعيدنا سنوات إلى الوراء، ويزيد من الأعباء التي ستواجهها أي جهود لإعادة الإعمار".

وعن تداعيات الحرب على الأوضاع الاجتماعية، أوضح أن "الأزمة الحالية أضافت أعباء جديدة إلى وضع اقتصادي كان يعاني الانهيار أصلا".

وقال: "نحن أمام كارثة إنسانية حقيقية. النزوح الجماعي والبطالة المتزايدة جعلا من الصعب على اللبنانيين تأمين حاجاتهم الأساسية. حتى القطاع الصحي يواجه ضغوطا هائلة في ظل نقص الموارد".

اضاف: "الأزمة الاقتصادية الراهنة تعني أن لبنان لا يستطيع تحمل مزيد من الحروب أو النزاعات. نحن في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى خطة طوارئ لتخفيف العبء عن الجميع".
 

وأعلن أن "الحكومة تعمل على إنشاء منصة إلكترونية للتواصل مع القطاع الخاص لتقييم الأضرار ودعم المؤسسات المتضررة". وقال: "هذه المنصة ستتيح لنا جمع البيانات اللازمة لتقديم صورة شاملة عن حجم الأضرار، مما يسهل عملية جذب الدعم الدولي".

وعن خطط إعادة الإعمار، أكد سلام أن "المجتمع الدولي مستعد لدعم لبنان، شريطة التزامه بالإصلاحات الضرورية". وقال: "لقد ناقشنا في واشنطن إمكانية إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار، تشارك فيه كل من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والدول العربية. والفكرة هي توجيه المساعدات بصورة شفافة لضمان استخدامها في مشاريع تنموية حقيقية".

ولفت الى أن "إحدى الخطط التي يعمل عليها تشمل إعادة تشغيل مطار القليعات في الشمال، كجزء من مشروع أوسع لتحسين البنى التحتية وتعزيز النشاط الاقتصادي".

وانتقد "بشدة ممارسات بعض التجار الذين استغلوا الأزمة لتحقيق مكاسب غير مشروعة"، مشددا على أن "ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة ليس مبررا بالكامل بظروف السوق العالمية، فهناك استغلال واضح من قبل بعض تجار الأزمات الذين يضاعفون معاناة المواطنين".

وأكد سلام أن "وزارة الاقتصاد تعمل على تكثيف الرقابة ومعاقبة المخالفين"، وقال: "التكنولوجيا تلعب دورا مهما في تحسين أدوات الرقابة، وما نحتاج إليه الآن هو نظام رقابي أكثر كفاءة، لضمان عدالة الأسعار وحماية المستهلك".

وأقر بوجود "تحديات كبيرة تعرقل اتخاذ القرارات اللازمة لإنقاذ لبنان"، وقال: "لبنان يعيش حال انقسام سياسي حاد، تجعل من الصعب تحقيق توافق داخلي حول القضايا المصيرية. ولكن مع ذلك، نحن في حاجة إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة".

وفي ما يتعلق بدور "حزب الله" في المفاوضات، قال: "الحزب يلعب دورا محوريا في المشهد الحالي، ولا يمكن تجاهل حقيقة أنه أحد الأطراف الرئيسة في النزاع الحالي. لذا، فإن أي حلول يجب أن تأخذ في الاعتبار موقفه وقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية تصب في مصلحة لبنان ككل".

اضاف: "ان التحدي الأكبر يكمن في إيجاد صيغة توافقية تضمن الحفاظ على سيادة لبنان مع الالتزام بالقرارات الدولية، مثل القرار 1701. هذا يتطلب حوارا داخليا صادقا وإرادة سياسية قوية".

وعن المنطقة ومستقبلها، أكد سلام "أهمية رؤية السعودية 2030 وتأثيرها الإقليمي على مستقبل الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان"، معتبرا أنها "ليست مجرد خطة اقتصادية، بل استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي في المنطقة، إذ تمثل مشروعا طموحا يعكس نهجا جديدا في إدارة العلاقات الإقليمية، وأن لبنان لديه فرصة حقيقية لأن يكون جزءا من هذه الرؤية إذا أحسن إدارة قراراته الداخلية".

وأكد أن "الرؤية السعودية تعتمد على تحقيق نزاعات صفر في المنطقة كشرط أساسي لتحفيز التنمية الاقتصادية، وأن هذا المسار يشمل جميع الدول العربية، بما فيها لبنان، الذي يمكن أن يستفيد بصورة كبيرة إذا انضم إلى هذا القطار، إذ تشمل رؤية 2030 أيضا توفير بيئة سياسية مستقرة تخدم جميع شعوب المنطقة".

ورأى أن "لبنان لديه موقع استراتيجي يجعله بوابة بين الشرق والغرب، والأمر يتطلب منه القيام بخطوات إصلاحية واضحة أبرزها الالتزام بالقرارات الدولية، والعمل على إزالة التوترات الداخلية والخارجية المتصلة به".

وخلص الى أن "لبنان أمام خيارين: أولهما الانضمام إلى رؤية 2030 والاستفادة من الاستقرار الإقليمي، أو البقاء رهينة النزاعات والفوضى. لبنان أمام فرصة تاريخية للخروج من أزمته، لكن الوقت ينفد والمطلوب الآن قرارات شجاعة من الجميع، وتغليب مصلحة الوطن على الحسابات الضيقة".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ما يجب أن ينتبه له المسلمون في كندا

تجري يوم الاثنين 28 أبريل/ نيسان الجاري الانتخابات التشريعية رقم 45 في كندا وسط توقعات بفوز الحزب الليبرالي بعهدة رابعة على التوالي بقيادة الزعيم الجديد للحزب ورئيس الحكومة ماك كارني، خلفًا لجاستن ترودو الذي استقال من منصبه يوم 9 مارس/ آذار الماضي بعد ضغوط كبيرة ومطالبات واسعة من أعضاء حزبه بالتنحي وأزمة سياسية لم يجد لها حلًّا.

السياقات والرهانات

تكتسي هذه الانتخابات أهمية بالغة بالنسبة لعموم الكنديين باعتبار السياقات التي تأتي فيها ولطبيعة الرهانات والتحديات التي يعيشها الكنديون.

من حيث السياقات، تأتي هذه الانتخابات في سياق وضع سياسي واقتصادي معقد. سياسيًّا، تواجه كندا تحديات داخلية بعضها من نتائج حكم رئيس الوزراء ترودو التي أجبرته على الاستقالة من منصبه بعد فضائح وتوترات داخل حزبه وخلافات على مستوى تحالفه البرلماني مع حزب "الديمقراطيون الجدد".

يضاف إلى ذلك ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، مما أثّر على القوة الشرائية للمواطنين، وأزمة السكن التي ألهبت أسعار البيوت والشقق، وأثقلت كاهل المستأجرين بما يفوق قدرتهم.

كما يعتبر التغير المناخي واحدًا من أهم تحديات ورهانات هذه الانتخابات نتيجة ما تشهده كندا من تعاظم التأثيرات على البيئة والتغير المناخي مثل حرائق الغابات والفيضانات.

إعلان

من الرهانات الأخرى الهامة التي لا تغيب تقريبًا عن كل انتخابات، ملفّ سياسات الهجرة الذي عاد في السنة الأخيرة ليثير نقاشات حول التوازن بين تلبية احتياجات سوق العمل، والحفاظ على الهُوية الثقافية والاجتماعية للبلاد، وملف الصحة العامة والرعاية الصحية، خاصة بعد جائحة "كوفيد-19″، مع التركيز على تحسين الخدمات وتقليل فترات الانتظار في المشافي الكندية.

في سياق آخر، عرفت كندا في ظل حكم ترودو تراجعات كبرى على مستوى موقعها وتأثيرها في العلاقات الدولية في ظلّ التوترات والتحولات الجيوسياسية العالمية، بدءًا بالحرب الروسية الأوكرانية وانتهاءً بالحرب على غزة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة والصين، ودور كندا في المنظمات الدولية.

يضافُ إلى كلّ ذلك مشكلة الرسوم الجمركية التي فرضتها في الفترة الأخيرة إدارة الرئيس ترامب على البضائع الكندية المصدرة إلى الولايات المتحدة الأميركية (25%)، ما جعلها أبرز تحدٍّ وأكبر رهان لهذه الانتخابات.

الديمغرافيا المسلمة في كندا

يبلغ عدد المسلمين في كندا حسب مؤسسة "إحصائيات كندا" الحكومية لسنة 2021 ما جملته مليون و800 ألف نسمة، ما يمثّل 4.9% من سكان كندا، في تطور لافت نتيجة عوامل عديدة منها الهجرة، وارتفاع نسبة الولادات.

ويتوزع المسلمون على أغلب المقاطعات الكندية، مع كثافة أكبر في مقاطعتي أونتاريو (Ontario) الإنجليزية، وكيباك (Québec) الفرنسية.

يبلغ عدد المسلمين في أونتاريو 943 ألف نسمة، ما يمثّل 6.7% من سكان المقاطعة، منهم 626 ألفًا في مدينة تورنتو (10.2% من عموم سكان المدينة)، بينما يبلغ عددهم في كيباك 422 ألف نسمة، ما يمثل 5.1% من عموم سكان المقاطعة، منهم 366 ألف نسمة في مونتريال يمثلون 8.7% من عموم سكان المقاطعة. ويمثّل مجمل عدد المسلمين في المقاطعتين قرابة 80% من عددهم الإجمالي في كندا.

إعلان الموقف من غزة قاعدة للفرز

إضافة إلى الرهانات والتحديات العامة، يجد المسلمون في كندا أنفسهم أمام رهان خاص بهم، هو الموقف من الحرب على غزة الذي يرى فيه الكثير من النشطاء وقادة الرأي فرصة هامة لتثمين صوتهم الانتخابي، ربما لأول مرة، على قاعدة موقف الأحزاب الكبرى المتنافسة من هذه الحرب بين التأييد والإدانة.

كانت هذه الانتخابات فرصة "تاريخية" لإثارة جدل مهمّ، ربّما غير مسبوق، في أوساط المسلمين الكنديين يتعلق بتحديد وجهة الصوت المسلم في هذه الانتخابات.

رغم الاتفاق الغالب على اعتبار موقف الأحزاب المتنافسة من الحرب على غزة، بين من أيّد وبين من أدان، عنصرًا مهمًّا في تحديد وجهة الصوت المسلم، يسود المسلمين الكنديين خلافٌ بين من يرى أن الموقف من الحرب هو واحد من بين اعتبارات أخرى في تحديد وجهة التصويت، مثل الوعود الانتخابية في مجالات محدّدة مثل السكن والهجرة والصحة والسياسات الخارجية، وبين من يعتبره المعيار الوحيد في تحديد وجهة الصوت المسلم، حيث يرى أصحاب هذا الرأي أن التصويت يجب أن يكون له عنوان واحد هو غزة، أي لصالح الحزب الذي عبّر عن إدانته لحرب الاستئصال في غزة، وعارض سياسات ومواقف حكومة ترودو التي لم تخفِ دعمها جهرًا للحرب على غزة.

يرى أصحاب هذا الرأي أن هذه الحرب يجب أن تكون عنصر فرز حقيقي وحيد في تحديد وجهة الصوت المسلم في هذه الانتخابات، فرز بين من فعل وقال كل شيء لدعم إسرائيل، وصمت على انتهاكها العهود والمواثيق والقوانين الدولية، وأغمض عينيه على مشاهد التدمير اليومي لأسباب الحياة في غزة أولًا، ثم في الضفة لاحقًا، ولم يكترث بمشاهد قتل الأطفال والنساء والمسنين المدنيين العزل.

الأحزاب والموقف من الحرب على غزّة الحزب الليبرالي (الحاكم) لم يخفِ مساندته لإسرائيل واعتبارها شريكًا مهمًّا ومميّزًا في الشرق الأوسط، ولذلك لم يتأخر في إعلان دعمه لها دون تحفظ تقريبًا، قبل أن يضطر إلى تليين موقفه قليلًا لاحقًا أمام تمسك إسرائيل بالحرب وتوسعها في استهداف المدنيين العزل، وفي تدمير كل مظاهر الحياة في غزة، في تحدٍّ صارخ للقوانين والمواثيق الدولية، ما جعلها دولة مارقة، وجعل قادتها السياسيين والعسكريين مطلوبين بالاعتقال عن طريق مذكرات صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. إعلان

رغم هذا، لم يتراجع الحزب الليبرالي عن إسناده لإسرائيل، بل أكّد في أكثر من مرة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حماس، ووصل الأمر بزعيمه السابق ترودو إلى حد التصريح بأيام قليلة قبل مغادرته منصبه بأنه "صهيوني ويفتخر"، دون أن نرى أو نسمع من يعترض على ذلك من قادة وأعضاء حزبه وحكومته.

لم تتوقف حكومة الليبراليين، زمن ترودو، عن تقديم الدعم العسكري لإسرائيل في عدة مناسبات، عبر إرسال آليات أو معدات دفاعية غير قاتلة، إضافة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي.

فقد زوّدت كندا إسرائيل بمساعدات إنسانية، وببعض الصادرات الدفاعية التي تشمل تكنولوجيا طبية ومعدات أخرى عسكرية. أثار هذا الدعم العسكري جدلًا في كندا، خاصة مع تصاعد العنف والتدمير وقتل المدنيين في غزة.

حزب المحافظين التقدمي الذي لا يخفي تأييده ودعمه لإسرائيل، معتبرًا إياها "شريكًا ديمقراطيًّا" في الشرق الأوسط. كما يعلن تأييده الكامل لما يسميه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حماس "الإرهابية"، كما يسمّيها، داعيًا المنتظم الدولي إلى تصنيفها (حماس) "منظمة إرهابية"، وإلى اتخاذ إجراءات حازمة ضدها لوقف اعتداءاتها على إسرائيل. حزب الكتلة الكيبيكية الذي اعتاد أخذ مواقف من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تميّزه عن الحزبين السابقين، تجمع بين تأكيد حقوق الشعب الفلسطيني ونقد العمليات الإسرائيلية ضدّه، وخاصة المدنيين، دون أن يخفي تأييده لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

كما أن الحزب لم يعترض على مواقف وسياسات الحزب الليبرالي الحاكم الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة. ويبقى المشكل في مواقف هذا الحزب الحادة والسلبية من قضايا المسلمين، وخاصة في مقاطعة كيباك، في مسائل الهوية مثل الحجاب والصلاة، إلى الحدّ الذي يرى فيها العديد من نشطاء المسلمين نوعًا من الإسلاموفوبيا. لذلك فقد تعوّد المسلمون عدم التصويت لمرشحي هذا الحزب.

إعلان حزب "الديمقراطيون الجدد" الذي عادة ما تكون مواقفه في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ناقدة لإسرائيل وفيها نوع من التضامن مع الفلسطينيين.

فقد دعا الحزب أكثر من مرة إلى وقف الحرب والاعتداءات على غزة، وإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، واحترام القوانين والمواثيق الدولية المنظمة للنزاعات والحروب، والضامنة لحقوق الإنسان والشعوب.

فقد أبدى الحزب قدرًا من التمايز عن المزاج السياسي العام في كندا في العلاقة بالحرب على غزة، حيث وقّع حتى كتابة المقال 153 من مرشحيه لهذه الانتخابات على رسالة وجهها ناخبون لمرشحي كل الأحزاب على منصة "صوّت فلسطين" تدين بوضوح الحرب على غزة، أي بما يعادل 68% من عدد المرشحين الـ224 الذين وقّعوا على الرسالة، يأتي بعدهم 58 من مرشحي حزب الخضر بنسبة 26%، بينما لا يوجد من بين الموقعين أي مرشح عن حزب المحافظين، ومرشح واحد عن حزب "الكتلة الكيبيكية"، و12 من مرشحي الحزب الليبرالي، بما نسبته 5.3% من المرشحين الموقعين. للإشارة، يبلغ عدد الدوائر الانتخابية الفدرالية 338 دائرة.

تبدو مواقف الأحزاب السياسية الكندية متباينة بشأن الحرب في غزة، بناءً على تنوّع خلفياتها الأيديولوجية وتوجهاتها السياسية، لكن يتفق الجميع على أهمية الدبلوماسية والعملية السياسية في حلّ النزاع.

ومع ذلك، هناك تباين كبير في درجة الدعم المقدم لإسرائيل والفلسطينيين، حيث تميل الحكومة الليبرالية والحزب المحافظ إلى دعم إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها وحماية أمنها، مع الدعوة إلى حماية المدنيين الفلسطينيين، بينما يدعو حزب "الديمقراطيون الجدد" والكتلة الكيبيكية إلى حل أكثر توازنًا، مع التأكيد على حقوق الفلسطينيين وإدانة العنف الإسرائيلي.

التصويت لغزة

تبدو الصورة واضحة أمام المسلمين الكنديين الذين يجدون أنفسهم من حيث المبدأ الأخلاقي والتضامن الإسلامي والإنساني أمام معيار واحد فقط لتحديد وجهة تصويتهم في هذه الانتخابات، هو الموقف من حرب الإبادة على غزة.

إعلان

وتجعل قراءة خريطة مواقف الأحزاب من هذه الحرب، حزبَ "الديمقراطيون الجدد" الأجدر لنيل أصوات المسلمين، لأنه الحزب الوحيد الذي أدان بوجه مكشوف وصوت عالٍ الحرب على غزة. أما غيره من الأحزاب التي ساندت إسرائيل في حربها على غزة، أو امتنعت عن إدانتها، وخذلت النضال الفلسطيني باعتباره حركة تحرر وطني، وأصرَّت على وصمه بالإرهاب، فيجب ألا يكون لها حظ من أصوات المسلمين، وتجب مقاطعة اجتماعاتهم الانتخابية، وعدم فتح أبواب المساجد والتجمعات المسلمة أمامهم ليخاطبوا المسلمين ويطلبوا أصواتهم.

هذه الانتخابات فرصة تاريخيّة لتثمين الصوت الانتخابي المسلم وتثميره لخدمة قضية كبرى عادلة، هي حركة التحرر الفلسطيني. كما أنها فرصة هامّة لتجميع المسلمين باختلافاتهم حول قضية كبرى في حجم الحق الفلسطيني لتعزيز أسباب التقارب والوحدة، وتجاوز الاختلافات فيما دونها من القضايا الأخرى.

هذه الانتخابات أيضًا فرصة للفرز، حتى داخل الصف المسلم في كندا، بين أجيال تعوّدت على التصويت لصالح الحزب الليبرالي باعتبار سياساته في مادة الحريات والهجرة، ولتموقعه في الوسط السياسي في العلاقة بقضايا الهجرة والمهاجرين، مقابل الأحزاب الأخرى التي تنزع نحو اليمين الأخلاقي والاجتماعي مثل حزب المحافظين، أو اليمين السياسي مثل الكتلة الكيبيكية، وبين جيل من الشباب، سواء من مواليد كندا أو الوافدين عليها من باب الهجرة الحديثة، الذي تشكّلت لديه مقاربة سياسية تختلف عن مقاربة أسلافه، تجمع بين المبدئية والبراغماتية، جيل يتبنى مواقف متحركة بحسب المصلحة.

هذا الجيل هو الذي قاد ولا يزال كل التحركات من مظاهرات ومسيرات مساندة لغزة وللحق الفلسطيني، ومنددة بسياسات الحكومة الكندية الداعمة لإسرائيل، وهو الجيل الذي يقود الحملة من أجل التصويت لغزة.

فهل تكون هذه الانتخابات منعرجًا في الوعي السياسي لدى المسلمين الكنديين، ولحظة تاريخية لتجديد النخب المسلمة بميلاد جيل جديد بوعي جديد وبمقاربات جديدة تثمّن الصوت الانتخابي المسلم وتعطيه ثمنًا في سوق الانتخابات، يعزّز موقعهم ودورهم ويزيد من تأثيرهم لخدمة القضايا العامة للمجتمع الكندي وقضاياهم الخاصة بهم؟

إعلان

وهل يكون الموقف في هذه الانتخابات جسرًا يربط بين هذا الجيل المسلم الجديد، وبين الأحرار الكنديين الذين عبّروا في الساحات عن تنديدهم بسياسات كندا ورفضهم الحرب على غزة، وعن مساندتهم للحق الفلسطيني، معتبرين المقاومة حقًا وحركة تحرير وطني في حاجة إلى كل الدعم؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • سليمان: الشفافية تقضي بإعلان الجيش مجريات تسلم المراكز والاسلحة والاعتدة العسكرية
  • ما فحوى تحذير زعيم المعارضة من اغتيال سياسي محتمل في إسرائيل؟
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: مواد استخباراتية تشير إلى اغتيال سياسي محتمل
  • محلل سياسي يكشف الأوضاع الكارثية التي يمر بها الشعب الفلسطيني
  • سياسي كردي:عائلتي البارزاني والطالباني ترفضان صعود وجوه جديدة لقيادة الإقليم
  • بو الرايقة: التدخل الأمريكي انتقل من  دعم سياسي صامت إلى تموضع عسكري مباشر
  • اللواء سمير فرج: الحرب لن تتوقف إلا بزيارة ترامب للمنطقة
  • الرئيس المشاط يكشف عن نصر عسكري يضاهي قدرة روسيا والصين
  • ما يجب أن ينتبه له المسلمون في كندا
  • سموتريتش يجدد دعوته لاحتلال غزة وفرض حكم عسكري فيها