وليد عبد الحي: لبنان وتقدير الموقف:أحلاهما مُرُ
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
مع تزايد الرهان على احتمال الإعلان عن اتفاق في لبنان بين المقاومة الاسلامية واسرائيل ، لا بد من قراءة موضوعية للواقع القائم على النحو التالي:
اولا: الاطار العام للاتفاق:
يبدو ان القاعدة التي تتكئ عليها المفاوضات الحالية هي العودة الى قرار 1701 الذي جرت صياغته بعد حرب 2006، والذي تم الاتفاق عليه بين الطرفين ، لكن الواقع القائم بعد عام 2006 لا يشير الى أي تنفيذ له ، فالحديث عن “العودة” الى اتفاق 1701 لا يتم لو كان الاتفاق مطبقا ، فبعد 18 سنة من الاتفاق ، فإن اسرائيل لم تنسحب من الاراضي اللبنانية التي حددها الاتفاق بانها حدود 1949( ما تزال اسرائيل تحتل قرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا، ومجموع هذه المساحة تفوق 250 كيلومتر مربع اي ما يعادل مساحة تصل حوالي ثلثي قطاع غزة)( الفقرة الثانية من القرار) ولم تلتزم اسرائيل بعدم انتهاك الحدود البرية والجوية والبحرية اللبنانية، فهي تخترق هذه الحدود بشكل شبه يومي ( الفقرة الخامسة من القرار) وتدل المعطيات اللبنانية ان اسرائيل خرقت الاجواء اللبنانية من 2006 الى ما قبل طوفان الاقصى حوالي اكثر من واحد وعشرين الف مرة حسب عدد كبير من المصادر العربية والغربية والاممية ، من ناحية اخرى ،لم ينسحب حزب الله من الجنوب بل زاد قوته وتسليحه في هذه المنطقة ، بل تزايد عديد قواته جنوب الليطاني ناهيك عن عدم نزع سلاحه بل تزايد عددا وعدة (الفقرة 8 من القرار).
ماذا يعني ذلك؟ انه يعني احياء اتفاق لم يطبق اصلا في بنوده الاساسية. وهو ما يستدعي التساؤل التالي: ما هو الضمان لتنفيذ الطرفين لاتفاق لم يلتزموا به أصلا؟ بل ان ظروف عدم الالتزام اصبحت أكثر مساحة من المرة السابقة، مع الاخذ في الاعتبار ان نسبة الثقة المتبادلة بين الطرفين (محور المقاومة واسرائيل) هي دون الصفر، مما يجعل التأويل السلبي لاي طرف من الطرفين هو السائد لدى الطرف المقابل.
ثانيا: إذا صح ما تواتر من اخبار بان الاتفاق يحدد مدة زمنية هي شهرين او اقل من ذلك حسب بعض المصادر، فهذا ليس اتفاقا بل ” هدنة” ، والقرار 1701 ينص على الوقف الفوري والتام بدون تحديد سقف زمني وليس الى هدنه، ويفرق القانون الدولي بين عدة مفاهيم (وقف اطلاق النار-Ceasefire والوقف المؤقت -Truce والوقف الشامل كخطوة لانهاء الصراع Armistic )، وهو امر قد يكون موضع التباسات تفتح الباب امام تأويلات متباينة.
ثالثا: ظروف طرفي الصراع:
أ- حزب الله: من الملاحظ ان ادبيات وخطابات وتصريحات الحزب والتي تكرر الالتزام بوصايا السيد نصر الله تتجنب اية اشارة لاشتراطه ” ربط وقف القتال في غزة بوقفه في لبنان”، ولا جدال في ان ضغوط خصوم الحزب في الداخل اللبناني –وهم قطاع ليس بالهين- يعملون في اتجاه عدم الربط بين الامرين، كما أن ضغوط الضربات الاسرائيلية والتي حققت نجاحات في بعض الجوانب بخاصة تصفية شريحة مركزية من قيادات الصف الاول شكلت فراغا يحتاج وقتا لترميمه ، ولعل ضغوط المدنيين والتهجير في دولة تعاني حتى قبل الحرب وضعا اقتصاديا كئيبا يمثل ضغطا لا يمكن تجاهله، ويبدو أن تصريحات أسامة حمدان حول تفهم المقاومة في غزة لأي اتفاق في لبنان يشير إلى محاولة امتصاص بعض تأثيرات وقع الاتفاق على جمهور المحور ليبدو وكأن الأمر يعكس موقف المحور ولا يشير لقرار انفرادي، كما أنه قد يكون مقدمة للسعي لتنفيذ وقف إطلاق نار قريب في غزة.
ولكن من زاوية مقابلة ، فان الوقف المنفرد للقتال دون توافق مع بقية اطراف المحور يثير تساؤلا: هل تم التنسيق مع بقية المحور ؟وكيف يتم التوفيق بين موقف حزب الله الذي يغض الطرف عن اية اشارة لغزة في فترة التفاوض –على الاقل في أدبيات التفاوض الحالية الجارية- وبين اقوال قيادات انصار الله والحشد الشعبي حول الترابط الوثيق بين غزة وجبهاتهم ، كما تلتزم ايران باشارات قابلة للتاويل في اكثر من اتجاه في موضوع الربط بين غزة ولبنان او موضوع وحدة الساحات؟
ب- من الواضح ان اسرائيل في مأزق لا يقل حرجا عن مأزق حزب الله، فهي عاجزة عن تحقيق اية مكاسب استراتيجية على الجبهة اللبنانية ، الى جانب عجزها عن وقف الهجمات التي طالت مراكز ثقلها العسكرية والمدنية ، وتهجير مئات الألاف والذي يتسبب في شلل اقتصادي يتضح في هروب 62% من الاستثمارات الاجنبية، وتزايد البطالة، وتوقف التجارة البحرية بمعدل حوالي 33% ناهيك عن الضغوط الناتجة عن الخلافات الواضحة بين وداخل المستويات العسكرية والسياسية الى جانب التصدع الذي يصيب خزان الاحتياطي البشري للجيش والتشققات في جدران المجتمع بين الهويات الفرعية، ثم ازداد الطين بلة مع ثقل قرارات المحكمة الجنائية وقبلها قرارات محكمة العدل الدولية، وصورة اسرائيل لدى الراي العام الدولي، وهو ما جعل وعود نيتنياهو بالنصر المطلق اقرب “للثرثرة”.
رابعا: المأزق:
يبدو ان كل طرف من طرفي الصراع (واستنادا لحساباتهما الداخلية والاقليمية والدولية) يراهن على تحميل الطرف الآخر فشل التوصل الى اتفاق ، أو إذا توصلا الى اتفاق تحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل في الالتزام بتنفيذ الاتفاق ، والشيطان يكمن في التفاصيل..وهو درس يتكرر باستمرار في كل الاتفاقيات التي تمت في الشرق الاوسط.
ويبدو ان مرحلة ترامب بعد حوالي شهر قد تعزز ما يتم التوصل له ،وقد تفتح بوابات جديدة للخلاف بخاصة بعد تصاعد الخلاف بين ايران ووكالة الطاقة الدولية حول مدى الالتزام الايراني ، ثم رد ايران بتصعيد سياساتها في هذا الاتجاه وصولا الى احتمال تغيير عقيدتها النووية كما هدد كمال خرازي.
الخلاصة:
سواء تم الاتفاق او لم يتم، فما على المنطقة الا الاستعداد لجولات صراع جديدة، فمنطقتنا تتوفر فيها كل عوامل تجديد التفجير، فاسرائيل تريد تفريغ فلسطين من اهلها لان هذا هو المخرج الوحيد لها بخاصة مع تنامي ثقل اليمين الديني في هيئات صنع القرار الاسرائيلي، فالحزب الذي وقع أوسلو ليس له الآن الا أربعة مقاعد من بين 120 مقعدا، ولعل نشر الخرائط والحديث عن عام 2025 لضم الضفة الغربية والحديث عن تفريغ غزة …الخ يؤكد هذا التوجه، ناهيك عن ان البيئة العربية بدت غير معنية بما يجري الا في حدود الشجب العلني والتآمر السري، ويتغذى كل ذلك على عدم استقرار سياسي جعل منطقتنا تقف على راس الاقاليم التسعة في العالم من حيث درجة عدم الاستقرار وبنسبة تصل الى ضعف النسبة العالمية، وإذا عاد ترامب لسياسات رئاسته الاولى ، سيتسع الموقد ويزداد المشهد قتامة، وكثيرا ما كان افتعال الصراعات الخارجية مخرجا لامتصاص الاحتقانات الداخلية.
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي حزب الله
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يتهم حماس بتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
اتهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حركة حماس بالكذب والتراجع عن التفاهمات السابقة في رده على البيان الصادر عن الحركة بخصوص تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وكانت حماس قد أعلنت الأربعاء عن تأجيل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بسبب "شروط جديدة" وضعتها إسرائيل على الاتفاق.
في بيان صدر عن مكتب نتنياهو، اعتبرت الحكومة الإسرائيلية أن حركة حماس تواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات وتبتعد عن التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقًا، وأضاف البيان: "حماس تواصل الكذب والتراجع عن التفاهمات السابقة التي كانت قد تم الاتفاق عليها، وتستمر في وضع العراقيل أمام أي تقدم في المفاوضات"، وأكد البيان أن إسرائيل ستواصل جهودها بلا كلل من أجل إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة.
وكانت حماس قد أصدرت بيانًا في وقت سابق من اليوم الأربعاء أكدت فيه أن المفاوضات حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى التي تتم في العاصمة القطرية الدوحة تسير بشكل جاد تحت وساطة قطرية ومصرية، وأشارت الحركة إلى أنها أبدت مرونة ومسؤولية في المفاوضات، لكنها في الوقت نفسه أكدت أن "إسرائيل وضعت شروطًا جديدة تتعلق بالانسحاب من غزة ووقف إطلاق النار وعودة النازحين، مما أدى إلى تأجيل التوصل إلى الاتفاق".
حماس تعلن تأجيل اتفاق غزة بسبب "شروط إسرائيلية"
أعلنت حركة حماس، الأربعاء، تأجيل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وذلك بسبب "شروط جديدة" وضعتها إسرائيل على الاتفاق.
وقالت الحركة في بيان إن "مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة".
لكنها تابعت: "غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطا جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا".
وكانت محاولة جديدة للوساطة من جانب مصر وقطر والولايات المتحدة لإنهاء القتال وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب قد اكتسبت زخما هذا الشهر، ومع ذلك لم يتم الإعلان عن أي تقدم ملموس حتى الآن.
وكان الاتفاق المقترح للهدنة يتضمن 3 مراحل، حيث يتم في المرحلة الأولى إطلاق سراح بعض الرهائن من "الحالات الإنسانية"، مثل النساء والأطفال وكبار السن والمرضى.
وتريد حماس إنهاء الحرب، في حين تريد إسرائيل إنهاء إدارة حماس لقطاع غزة أولا.