وفاة المحامي الفرنسي جيل دوفير مايسترو مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
باريس- توفي المحامي الفرنسي والدكتور في القانون جيل دوفير، اليوم الثلاثاء، وهو الذي قاد الجيش القانوني المؤلف من جمعيات حقوقية وأكثر من 500 محامٍ من كل أنحاء العالم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ويعتبر دوفير "المايسترو" رجل القانون الذي وقف وراء مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بطلب من المدعي العام كريم خان، منذ مايو/أيار الماضي، ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي يوم صدور المذكرات الذي اعتبره عيدا سعى لتحقيقه منذ سنوات، قال لابنه "الآن يمكنني أن أموت وأنا مرتاح"، ورغم ألم المرض الذي لم يفارقه حتى الرمق الأخير، أصرّ على التحدث عن هذا الانتصار القانوني الاستثنائي لوسائل الإعلام، وخصص تصريحاته الأخيرة بهذا الشأن على قناة الجزيرة.
مسيرة طويلة
على مدى 30 عاما، قسّم جيل دوفير نشاطه بين القطاع الصحي والاجتماعي والدفاع عن الأقليات في فرنسا والعالم، لكن القضية الفلسطينية كانت أولى أولوياته.
وولد دوفير في عام 1956، وهو محام في نقابة المحامين في مدينة ليون الفرنسية، وممرض سابق، ومحاضر في كلية الحقوق بجامعة "ليون 3".
وكان دوفير أحد المتحدثين باسم مجموعة مكونة من 350 منظمة غير حكومية، يمثلها 40 محاميا يتولون مسؤولية التعامل مع طلب العدالة المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، بشأن جرائم الحرب التي ارتكبت خلال حرب غزة بين عامي 2008 و2009، كما تم تكليفه من قبل السلطة الفلسطينية لتقديم شكوى نيابة عنها في يناير/كانون الثاني 2009.
كما قدم المحامي الفرنسي شكوى ضد إسرائيل في يوليو/تموز 2014 بشأن حربها على غزة بالعام نفسه، وهو ما أدى إلى تحرك إعلامي كبير وخلق ضغوطا على السلطة الفلسطينية ومحكمة العدل الدولية، نتج عنه انضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي، ووافقت الجنائية الدولية على فتح فحص أولي للحقائق التي جرت اعتبارا من 13 يونيو/حزيران 2014.
المحامي الفرنسي دوفير قدم مجموعة شكاوى ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية (الأناضول) المحامي الإنسانيصف الخبير في القانون الدولي عبد المجيد مراري الفرنسي دوفير بـ"المحامي الإنسان وصاحب المبادئ" الذي كرس حياته للدفاع عن القضايا الإنسانية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال مراري إنه تعلم منه الكثير، وأضاف "كان أستاذي في عدة قضايا لما يزيد على 15 عاما من العمل المشترك، وكان يرحب بالاختلاف في الآراء بصدر رحب، وبوفاته فقدنا قامة قانونية وحقوقية لا تقدر بثمن".
ورغم العقبات التي واجهت الفريق القانوني، ورفض الطلبات التي تقدم بها في ملف الجنائية الدولية، فإن دوفير تميز بإصراره في الاستمرار وعدم الاستسلام، لاعتباره أن "نخوة الشعب الفلسطيني أهم من نخوة المحامين".
وفي هذا الإطار، أكد مراري -الذي يعد من أقرب المحامين وأكثرهم عملا مع دوفيرـ أن المحامي الفرنسي انتصر للقضية الفلسطينية قبل إصدار مذكرات الاعتقال، "أي منذ أن أصبحت فلسطين عضوا في نظام روما، وعند صدور مذكرات الخامس من فبراير/شباط 2021، حيث كان يراجع ويساعد خبراء الجنائية الدولية في صياغتها".
وهدفت هذه المذكرات التاريخية إلى تأكيد اختصاص محكمة الجنائية الدولية، حيث أصدرت قرارا يؤكد ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها شرقي القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
"دينامو الفريق القانوني"
بدأ عمل المحامي الفرنسي الراحل على مذكرات الاعتقال منذ عام 2009، لكنه تحرك بشكل مكثف وبأسلوب مختلف على هذا الملف بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووصف مراري دوفير بـ"دينامو الفريق القانوني"، قائلا "كان يسأل عندما نتراخى، ويكتب مذكرات من مئات الصفحات عندما نتكاسل، وفي هذه القضية، مارس الضغط على أعضاء الفريق لجمع الأدلة، وعمل على تنسيق الأدوار فيما بينهم رغم كل المشاكل الصحية التي كان يعاني منها آنذاك".
وأضاف "بكى جيل دوفير على باب الجنائية الدولية عندما اعتذرت محامية فلسطينية عن الحضور، لأن كل أفراد عائلتها قُتلت في ليلة التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما ذهبنا لتقديم الدعوى في المحكمة، والتي كانت المحرك الرئيسي لصدور مذكرات الاعتقال".
وبصوت متأثر على وفاته، قال عبد المجيد مراري للجزيرة نت "قبل إجراء دوفير لأخطر عملية في المستشفى بساعات وهو بين الحياة والموت، كان ملف حي الشيخ جراح في القدس الشرقية آخر ما تحدث عنه".
وبدعوة من سفيرة فلسطين في فرنسا، سافر دوفير من ليون إلى باريس للاجتماع بهيئة الأسرى، بهدف إدخال ملف الأسرى الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية، رغم حصوله على رخصة المرض التي تستوجب عليه عدم السفر أو التحرك.
وختم صديقه وزميله مراري بالقول إن مذكرات التوقيف التي صدرت بحق نتنياهو وغالانت "كانت بمثابة الهدية التي سعى إليها لأكثر من 15 عاما، حيث رحل بضمير مرتاح، وسنكمل معركتنا القانونية بروح جيل دوفير لتنفيذ إرادته ووصيته، لأن العمل الحقيقي والأصعب بدأ فعليا بعد إصدار هذه المذكرات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجنائیة الدولیة المحامی الفرنسی مذکرات الاعتقال
إقرأ أيضاً:
ورحل جيل دوفير
يخطئ من يتصور أن التاريخ لن يرحم.. ويرتكب جرماً من يستهزئ بحساب الأيام والسنين.. حساب الزمن وتخليد التاريخ لذكرى البشر هو أمر لا جدال فيه.. وهناك من يسجل اسمه بحروف من نور تقديراً لما قدمه من أجل الحق والعدل والحرية والمبادئ والقيم.. وهناك من سيذهب إلى مزبلة التاريخ جزاء ما اقترفت يداه من جرائم فى حق البشر والإنسانية.
المحامى الفرنسى جيل دوفير دخل التاريخ مع الصنف الأول.. وهب الرجل حياته للدفاع عن الحق والعدل والحرية ومواجهة السفاحين الطغاة الذين ارتكبوا أبشع الجرائم فى حق الإنسانية.
رحل دوفير عن عالمنا منذ أيام لكن ذكراه ستظل خالدة فى التاريخ.. ولم لا فهو «مايسترو» إصدار مذكرات اعتقال السفاح نتنياهو ومجرم الحرب جالانت.
وهب محامى القانون الدولى الفرنسى جيل دوفير، أحد أكبر المدافعين عن القضية الفلسطينية فى المحاكم الدولية حياته للدفاع عن فلسطين وشعبها المظلوم، وتوجت مجهوداته بإصدار مذكرات الاعتقال بحق المجرمين.
قال عنه رفيقه المحامى عبدالمجيد مرارى، إن الراحل «عاش من أجل المبادئ، ومن أجل القضايا العادلة عموماً وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث كان يسعى إلى إصدار مذكرات اعتقال ضد مجرمى الحرب فى أى مكان».
ففى عام 2023، تقدم محامون عن الضحايا الفلسطينيين، بينهم دوفير بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، بشأن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقى، التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى بحق سكان قطاع غزة.
وأسس دوفير «اللجنة الدولية للمحامين»، وهى شبكة عالمية تضم أكثر من 500 محامٍ وخبير قانونى، ملتزمين بمحاسبة المسئولين عن جرائم الحرب.
وقد لعبت هذه اللجنة دوراً حيوياً فى تقديم قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية وهو ما أدى إلى إصدار مذكرات الاعتقال الأخيرة.
وسبق لدوفير أن تقدم بشكوى برفقة 400 محامٍ أمام المحكمة الجنائية الدولية، نيابة عن الشعب الفلسطينى، قائلاً: «من الواضح لى أنه فى حالة فلسطين لدينا جميع معايير القضايا المتعلقة بالإبادة الجماعية».
وأضاف: «يجب على الحكومات أن تختار المعسكر الذى ستنضم إليه، إذا كانت تدعم حقوق الإنسان أم الإبادة الجماعية.. لا يمكنهم إلقاء خطب حول القانون الدولى وحقوق الإنسان ثم قبول هجوم دون أن يفعلوا شيئاً».
وأضاف: «إذا لم تفعل المحكمة الجنائية الدولية شيئاً، فسيكون ذلك نهاية المحكمة».
كلمات خالدة قالها المحامى الفرنسى جيل دوفير.. كلمات سجلها التاريخ وستظل فى ذاكرة السنين تذكرها الأجيال جيلاً بعد جيل.. وستظل كلماته الخالدة حجة على المجتمع الدولى بأسره كاشفة عن أكبر جرائم التاريخ وهى اغتيال شعب ومصادرة أرض تحت مرأى ومسمع الدول العظمى التى شاركت الصهاينة فى إبادة الشعب الفلسطينى الأعزل.. سيظل التاريخ شاهداً على الجميع.. وأبداً لن تسقط هذه الجرائم بالتقادم وسينتصر الحق يوماً ما.