أعلن مركز القبول الموحد عن نتائج الفرز الأول، وحصل عشرات الآلاف من الطلبة العمانيين على مقاعد في مؤسسات جامعية عمانية وعلى بعثات في أرقى الجامعات العالمية.. كانت تلك اللحظة مهمة جدا وحاسمة في حياة آلاف الطلاب، عملوا من أجلها طويلا. ولا شك أنها لحظة فاصلة أيضا، من أجل المستقبل الذي يحلمون به وتشاركهم أسرهم في تلك الأحلام والتطلعات.

ومع أهمية هذه اللحظة للطالب بوصفه فردا، فإنها أيضا مناسبة للتفكير الجمعي في أهمية التعليم العالي ليس فقط في حياة الأفراد وتاريخهم ولكن في حياة الدول والشعوب.

إن تقدم الدول وازدهارها كان مرهونا على الدوام بتقدم وازدهار مؤسسات التعليم العالي التي لم تكن في يوم من الأيام مجرد مبان فارهة أو قاعات كبيرة، بل هي حاضنات للأفكار، ومراكز للابتكار، ومساحات تُعد فيها أجيال الغد وقادته، وكل طالب يخطو خطوة في مؤسسة تعليم عال يحمل معه مشروعا من أجل وطنه ومن أجل مستقبله، ومن أجل الإنسانية جمعاء.

إن المقولة التي تتردد اليوم في مختلف أرجاء الدنيا "إن العالم اليوم هو عالم العلم" مقولة حقيقية أكثر من أي وقت مضى، فالعالم الذي نعيشه اليوم يقوم في كل ركائزه على التكنولوجيا التي تتطور بشكل سريع جدا إلى الحد الذي يتلاشى فيه الخيط الفاصل بين الخيال العلمي وبين الواقع المعاش. وهذا التطور المتسارع يؤكد أهمية وجود نظام تعليمي قوي وقادر على المنافسة، حيث ترتبط مخرجات الأنظمة التعليمية بما يمكن أن نكون عليه جميعا في الغد سواء في مجال التقنية أو الصناعة أو الاقتصاد بكل تفاصيله وتجلياته.

وفي الحقيقة إن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (يشار إليها غالبًا باسم STEAM) ليست مجرد مواضيع؛ إنها أدوات تجهز عقول الشباب لفك تعقيدات العالم الحديث وإيجاد مسارات حياة أكثر أمانا وأسهل على الفهم.

لكن علينا أن نؤمن أيضا أن التعليم العالي الذي ينضم إليه عشرات الآلاف سنويا من أبناء هذا الوطن العزيز لا يتعلق فقط بالتدريب المهني أو فرص العمل، ولكنه يتعلق قبل كل ذلك ببناء وعي جديد ومنظور عالمي ننطلق منه باتجاه المستقبل.. وإذا لم يستطع التعليم العالي أن يجعلنا نغير من واقعنا ومن فهمنا لكل ما حولنا فإن علينا أن نعيد التفكير في جودة هذا التعليم.

إننا ننتظر من الطلاب الذين حصلوا أمس -على سبيل المثال- على فرص تعليمية في الجامعات والمعاهد أن يخرج من بينهم بعد خمس سنوات نقّاد ومفكرون وأسماء لها وزنها على المستوى العالمي في المجالات العلمية والتكنولوجية وأن تكون لهم بصمات واضحة في كل ما حولنا من مسارات حياة.. إنهم جميعا بكل بساطة حاملو راية المستقبل، المستقبل الذي ننشده لنا في عمان وللإنسانية في كل مكان.

وإذا ما نظرنا إلى التعليم بهذا المنظور الأوسع فلا يمكن أن نتجاوز فكرة أن التعليم، خاصة عند الحديث عن البعثات الخارجية، يقوم بدور بناء الجسور الثقافية بين الحضارات، والعالم الذي نعيشه اليوم في أمسّ الحاجة إلى بناء هذه الجسور، فما زالت هناك فجوة كبيرة بين الشرق والغرب ليس على مستوى السياسات المعقدة ولكن على مستوى الأفراد، فما زال فهم الشعوب بعضها لبعض دون الحد الأدنى، الأمر الذي يستمر معه بناء التصورات عن الآخر على جهل وليس على علم حقيقي.

إن الرسالة التي يمكن أن نقولها لهؤلاء الطلاب الذين يعيشون الآن لحظة الفرح، اغتنموا هذه الفرصة من أجل بناء وعي جديد خلال سنوات دراستكم، كل طالب منكم يستحق أن يكون مشروع عالم أو مفكر أو ناقد كل في مجاله من اللحظة الأولى التي تعبرون فيها عتبة المؤسسة الجامعية التي ستنتمون لها.. ولا بدّ أن تعيشوا هذا الشعور وما يحتاجه من مسؤولية حتى يستطيع كل واحد منكم أن يحقق ذاته وكيانه القادم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التعلیم العالی من أجل

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي في اليمن تعلن أسماء الطلاب الفائزين بمنح التبادل الثقافي إلى 4 دول

أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة اليمنية المعترف بها، أسماء الطلاب الفائزين بمنح التبادل الثقافي للعام الجامعي 2024/2025، للدراسة في عدد من الدول من بينها الأردن، الجزائر، المغرب، ومصر. 

وذكرت الوزارة في بيان أنه تم إدراج بيانات الطلاب المقبولين عبر منصة التقديم على المنح الخارجية، مشيرة إلى أن جميع المسجلين يمكنهم استعراض أسماء وبيانات الطلاب الفائزين عبر الرابط: 

واشارت وزارة التعليم العالي الى إدخال بيانات الطلاب الفائزين بمنح التبادل الثقافي للعام الجامعي 2024/2025 في كلٍ من الأردن والجزائر والمغرب ومصر، عبر منصة التقديم على المنح الخارجية. 

وأوضحت الوزارة أن توزيع التخصصات جاء وفقاً لرغبات الطلاب المسجلة أثناء التقديم، وبما يتناسب مع المقاعد والتخصصات المتاحة في الدول المستضيفة، وأن تغيير التخصص بعد الوصول إلى بلد الدراسة غير مسموح، وأن إجراءات التسجيل ستُستكمل في نفس التخصص المعتمد.

وأشارت إلى أنها غير مسؤولة عن أي تبعات تتعلق بتأخر السفر، أو عدم الحصول على قبول جامعي، أو في حال إلغاء المنحة من قبل الدولة المانحة، وسيتم التواصل مع المقبولين عبر بيانات الاتصال المسجلة لإبلاغهم بالإجراءات اللاحقة لاستكمال الابتعاث. 

وفيما يتعلق بالتظلمات، أوضحت الوزارة أن لجنة المنح في ديوانها بمدينة عدن تستقبل الاعتراضات حتى نهاية دوام الأربعاء 10 يوليو، فيما يُغلق باب التظلم الخاص بمنح المغرب في 9 يوليو، ولن ينظر إلى أي اعتراضات بعد تلك المواعيد.

مقالات مشابهة

  • كوادر مهنية لمصر المستقبل.. تعديلات تشريعية تعيد هيكلة التعليم الفني
  • الخوذة التي تقرأ المستقبل.. الإمارات تُطلق أول جهاز توليدي بالذكاء الاصطناعي
  • «مجلس التعليم» يعتمد استراتيجية وزارة الأسرة
  • تنسيق الجامعات 2025.. وزارة التعليم العالي تعلن الكليات التي يشترط القبول بها اجتياز اختبارات القدرات
  • «التعليم العالي» تُعلن بدء تسجيل اختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة 2025
  • التعليم العالي في اليمن تعلن أسماء الطلاب الفائزين بمنح التبادل الثقافي إلى 4 دول
  • وفد من الجامعة الحديثة للإدارة عرض مع كرامي لواقع التعليم العالي
  • هل واقي الشمس يُغني عن تجاعيد المستقبل؟ الحقيقة التي لا يعرفها كثيرون
  • التعليم العالي تلاحق قناتين فضائيتين أساءتا للجامعات العراقية
  • «التعليم العالي»: مبادرة تحالف وتنمية" تجسد رؤية مصر 2030 في ربط الدراسة بخطة التنمية الشاملة