الدراسة الجامعية.. عتبة أولى لصناعة العلماء والمفكرين
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
أعلن مركز القبول الموحد عن نتائج الفرز الأول، وحصل عشرات الآلاف من الطلبة العمانيين على مقاعد في مؤسسات جامعية عمانية وعلى بعثات في أرقى الجامعات العالمية.. كانت تلك اللحظة مهمة جدا وحاسمة في حياة آلاف الطلاب، عملوا من أجلها طويلا. ولا شك أنها لحظة فاصلة أيضا، من أجل المستقبل الذي يحلمون به وتشاركهم أسرهم في تلك الأحلام والتطلعات.
ومع أهمية هذه اللحظة للطالب بوصفه فردا، فإنها أيضا مناسبة للتفكير الجمعي في أهمية التعليم العالي ليس فقط في حياة الأفراد وتاريخهم ولكن في حياة الدول والشعوب.
إن تقدم الدول وازدهارها كان مرهونا على الدوام بتقدم وازدهار مؤسسات التعليم العالي التي لم تكن في يوم من الأيام مجرد مبان فارهة أو قاعات كبيرة، بل هي حاضنات للأفكار، ومراكز للابتكار، ومساحات تُعد فيها أجيال الغد وقادته، وكل طالب يخطو خطوة في مؤسسة تعليم عال يحمل معه مشروعا من أجل وطنه ومن أجل مستقبله، ومن أجل الإنسانية جمعاء.
إن المقولة التي تتردد اليوم في مختلف أرجاء الدنيا "إن العالم اليوم هو عالم العلم" مقولة حقيقية أكثر من أي وقت مضى، فالعالم الذي نعيشه اليوم يقوم في كل ركائزه على التكنولوجيا التي تتطور بشكل سريع جدا إلى الحد الذي يتلاشى فيه الخيط الفاصل بين الخيال العلمي وبين الواقع المعاش. وهذا التطور المتسارع يؤكد أهمية وجود نظام تعليمي قوي وقادر على المنافسة، حيث ترتبط مخرجات الأنظمة التعليمية بما يمكن أن نكون عليه جميعا في الغد سواء في مجال التقنية أو الصناعة أو الاقتصاد بكل تفاصيله وتجلياته.
وفي الحقيقة إن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (يشار إليها غالبًا باسم STEAM) ليست مجرد مواضيع؛ إنها أدوات تجهز عقول الشباب لفك تعقيدات العالم الحديث وإيجاد مسارات حياة أكثر أمانا وأسهل على الفهم.
لكن علينا أن نؤمن أيضا أن التعليم العالي الذي ينضم إليه عشرات الآلاف سنويا من أبناء هذا الوطن العزيز لا يتعلق فقط بالتدريب المهني أو فرص العمل، ولكنه يتعلق قبل كل ذلك ببناء وعي جديد ومنظور عالمي ننطلق منه باتجاه المستقبل.. وإذا لم يستطع التعليم العالي أن يجعلنا نغير من واقعنا ومن فهمنا لكل ما حولنا فإن علينا أن نعيد التفكير في جودة هذا التعليم.
إننا ننتظر من الطلاب الذين حصلوا أمس -على سبيل المثال- على فرص تعليمية في الجامعات والمعاهد أن يخرج من بينهم بعد خمس سنوات نقّاد ومفكرون وأسماء لها وزنها على المستوى العالمي في المجالات العلمية والتكنولوجية وأن تكون لهم بصمات واضحة في كل ما حولنا من مسارات حياة.. إنهم جميعا بكل بساطة حاملو راية المستقبل، المستقبل الذي ننشده لنا في عمان وللإنسانية في كل مكان.
وإذا ما نظرنا إلى التعليم بهذا المنظور الأوسع فلا يمكن أن نتجاوز فكرة أن التعليم، خاصة عند الحديث عن البعثات الخارجية، يقوم بدور بناء الجسور الثقافية بين الحضارات، والعالم الذي نعيشه اليوم في أمسّ الحاجة إلى بناء هذه الجسور، فما زالت هناك فجوة كبيرة بين الشرق والغرب ليس على مستوى السياسات المعقدة ولكن على مستوى الأفراد، فما زال فهم الشعوب بعضها لبعض دون الحد الأدنى، الأمر الذي يستمر معه بناء التصورات عن الآخر على جهل وليس على علم حقيقي.
إن الرسالة التي يمكن أن نقولها لهؤلاء الطلاب الذين يعيشون الآن لحظة الفرح، اغتنموا هذه الفرصة من أجل بناء وعي جديد خلال سنوات دراستكم، كل طالب منكم يستحق أن يكون مشروع عالم أو مفكر أو ناقد كل في مجاله من اللحظة الأولى التي تعبرون فيها عتبة المؤسسة الجامعية التي ستنتمون لها.. ولا بدّ أن تعيشوا هذا الشعور وما يحتاجه من مسؤولية حتى يستطيع كل واحد منكم أن يحقق ذاته وكيانه القادم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التعلیم العالی من أجل
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي: ندعم مبادرات البحث في مجال السرطان
أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، دعمه الثابت للمُبادرات التي تُعزز البحث في مجال السرطان والتعليم ورعاية المرضى.
جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر العلمي الحادي عشر لقسم علاج الأورام والطب النووي بكلية الطب جامعة عين شمس، بحضور الدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس جامعة عين شمس.
وأوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي أهمية الاستثمار المُستدام في هذا المجال، وتعزيز التعاون ودعم الابتكار والإبداع وضمان ألا يواجه أحد هذا المرض بمفرده.
وأشار وزير التعليم العالي إلى الالتزام المُشترك بمواجهة أكثر التحديات إلحاحًا والكفاح المُستمر ضد السرطان، مُوضحًا أن مرض السرطان يمس كل مجتمع، وكل أسرة، وكل فرد بطريقة ما.
وزير التعليم العالي يشيد بمبادرات مكافحة السرطانولفت وزير التعليم العالي إلى الدور الذي تقوم به الجامعات مثل جامعة عين شمس، ومعهد أبحاث كلية الطب (MASRI)، باعتبارها مراكز للمعرفة والبحث والابتكار؛ بما يُسهم في تشكيل أرض خصبة للأفكار التي يُمكن أن تُغير مشهد الوقاية من السرطان وتشخيصه وعلاجه، فضلًا عن تدريب الجيل القادم من العلماء والأطباء وصانعي السياسات في مجال علم الأورام لمواصلة هذا العمل الحيوي والهام.
وأعرب وزير التعليم العالي عن تقديره العميق للمُبادرة الرئاسية لمكافحة السرطان، بما لديها من قُدرات على إحداث تغيير جذري في هذه المعركة، من خلال إعطاء الأولوية للوقاية من السرطان، والبحوث، والعلاج، وتأثير هذه المُبادرة على الخريطة البحثية في مصر، وارتباطها بالإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي وخُطة وأهداف التنمية المُستدامة.
ونوه وزير التعليم العالي بأن مؤتمر طب عين شمس يكتسب أهمية كبيرة، حيث يُعد منصة علمية مُتميزة ليس فقط لتبادل المعرفة، ولكن أيضًا كدعوة للعمل الجماعي الذي يجمع نُخبة من الخبراء والباحثين من مصر ومُختلف دول العالم؛ لمُناقشة أحدث المُستجدات الطبية في مجال تشخيص وعلاج الأورام.