لجريدة عمان:
2024-07-23@05:57:48 GMT

ترمب ودفاعه الأجوف بدعوى حرية التعبير

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

في الرد على قرار الاتهام الفيدرالي الموجه إلى دونالد ترمب بدعوى التآمر لإسقاط انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2020 والبقاء في المنصب، يزعم محامو ترمب والمدافعون عنه أنه كان يمارس حقه في حرية التعبير عن رأيه بموجب التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة. لفهم هذه القضية إذن، يجب أن نفهم أين تنتهي حرية التعبير ويبدأ الـغِـش الجنائي.

صحيح أن أفعال ترمب في حالتنا هذه كانت تتألف من كلمات، لكن هذا لا يجعلها محمية دستوريا. بل على العكس من ذلك، نجد أن جرائم عديدة تقتضي ضمنا فرض قيود على الكلام. على سبيل المثال، من المخالف للقانون الكذب على مسؤولي إنفاذ القانون أو أمام هيئة محلفين، أو تحريف حقيقة مُـنتَـج ما على أنه آمن في حين أنه ليس آمنا. ولا يجوز لأي شخص التحريض عمدا على عنف، أو تشويه سمعة شخص ما عن قصد، أو تصوير قُـصَّـر على نحو صريح جنسيا. هذه وغيرها من القوانين التي تقيد المعلومات موجودة لسبب وجيه: فهي تحمي المجتمع من أضرار جسيمة. في ظل نظام ديمقراطي ليبرالي، قد يكون تقويض النظام الانتخابي عمدا أخطر أشكال الأذى على الإطلاق. هذا هو السبب وراء وجود قوانين تحمي شرعية ونزاهة الانتخابات من خلال نشر تصريحات كاذبة بوضوح عن دراية أو بإهمال. في عديد من الولايات، لا يجوز لأي شخص التدخل عمدا في حق الناخبين في التصويت من خلال الكذب حول كيفية الإدلاء بالصوت أو عن طريق إنشاء بطاقات اقتراع مزيفة. ولا يجوز لأي شخص الكذب بشأن الانتماء إلى حملة انتخابية أو الكذب في بيانات الحملة أو الإعلانات السياسية. في كل من هذه الحالات، قد يتبين أن تضليل الناخبين أو إرباكهم عمدا بشأن قضايا بعينها أو مرشحين ممارسة مخالِـفة للقانون. في حين لا ينبغي أبدا تثبيط الخطاب الـقَـيِّـم اجتماعيا من قِـبَل الحكومة، فإن أفعال الخطاب التي تشكل احتيالا أخلاقيا أو تجاريا ــ والتي تعمل في واقع الأمر على أنها "أفعال مناهضة لحرية التعبير" ــ يجب تثبيطها وربما يمكن حظرها من أجل منع أضرار اجتماعية وسياسية جسيمة. لا أحد قد يتصور أن الحرية الفردية تعاني لأن الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالية أو التصريح عمدا بادعاءات كاذبة بشأن أرباح شركات أو منتجات ممارسة مخالفة للقانون. الحق أن القيمة التي تقدمها سبل الحماية هذه للمجتمع تفوق كثيرا التكاليف المترتبة عليها. وكما ذكرت في مكان آخر، يتبع تنظيم أفعال الخطاب على النحو المصمم لتعطيل العملية الديمقراطية منطقا مماثلا. في كثير من الأحيان، تفوق المخاوف بشأن المخاطر المترتبة على تثبيط الخطاب المحمي الاحتياج الـمُـلزِم بذات القدر، لكنه موضع تنافس في بعض الأحيان، إلى الحفاظ على الحد الأدنى من الشروط لضمان سوق نشطة قوية للآراء والأفكار. في بعض الأحيان تتسبب تصرفات الدولة التي تهدد حرية التعبير في إحداث ضرر غير مقبول؛ ولكن في أحيان أخرى، كما هي الحال مع القوانين التي تنظم أفعال الخطاب الذي يحض على العنف أو التي تشكل احتيالا على الناس، يتطلب منع الضرر غير المقبول تقييد القدرة على الوصول إلى المعلومات أو تقييد حرية التعبير. تشكل صيانة سلامة ونزاهة العملية الانتخابية ضرورة حتمية تتجاوز أي انتماء حزبي. ومن حق المجتمعات الديمقراطية الليبرالية أن تتخذ الخطوات المناسبة لحماية نزاهة الانتخابات. من حقها أيضا إظهار عدم التسامح تجاه عدم التسامح، لأن الديمقراطية، على حد تعبير قاضي المحكمة العليا روبرت جاكسون، ليست ميثاق انتحار. يجب أن يكون التوجيه الأساسي لأي دستور عامل ترسيخ وحماية الحد الأدنى من الظروف اللازمة لبقاء وازدهار النظام الدستوري. إن أولئك الذين يفرطون في سلطة تنظيم الممارسات غير الليبرالية التي تحبط الممارسة الحقيقية لحرية التعبير يرتكنون إلى مُـفارَقة لا نستطيع قبولها ولا يجوز لنا قبولها.

الواقع أن تنظيم الأفعال المناهضة لحرية التعبير لا يدور حول مراقبة الأفكار غير الشعبية، أو قمع الآراء المستهجنة، بل يتعلق بتأمين البنية الأساسية للديمقراطية حتى يتسنى تداول مجموعة متنوعة من الآراء والأفكار بحرية. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تتقدم من خلالها المداولات المستنيرة (الجماعية والفردية). يجب أن تكون الأولوية الأولى في أي ديمقراطية ضمان نظام بيئي للتواصل يتمكن كل المواطنين من المشاركة فيه دون أن تعوقهم أو ترهقهم جهود متعمدة (خارجية أو محلية) لتجريد التواصل السياسي من مغزاه. إذا عجزت أي ديمقراطية عن صيانة الثقة في عملية المداولة ذاتها، فإن أيامها تصبح معدودة.

إن أولئك الذين يسعون إلى الحصول على ميزة غير عادلة في الانتخابات من خلال تخريب الخطاب الديمقراطي عمدا يبددون سبل الحماية المستحقة للخطاب الديمقراطي. لا يحمي الحق الدستوري في حرية التعبير الخطاب الاحتيالي. والحفاظ على سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها والـمُـثُـل الديمقراطية التي يقوم عليها الخطاب التداولي، والذي لا يقل أهمية عن الحفاظ على السوق الاقتصادية، يتطلب فرض هذا القيد. لا شك أن وعد الحرية في غياب إطار قانوني وسياسي لائق لتأمينها مجرد وعد أجوف. يجب أن تستند الضمانات الأساسية التي تحافظ على كرامة الفرد واستقلاله وحقه في حرية التعبير إلى تقييم حكيم للظروف التي تعمل على توليد مستويات غير مقبولة من الضرر الاجتماعي والسياسي. في هذا الضوء، تخدم الاتهامات الجنائية الفيدرالية الموجهة إلى ترمب بدعوى التآمر لإسقاط الانتخابات الرئاسية مصالح وطنية حيوية، بما في ذلك سلامة التعديل الأول ذاته.

• ريتشارد ك. شيروين أستاذ فخري في القانون بكلية نيويورك للقانون، وهو مؤلف كتاب "عندما يذهب القانون إلى البوب: الخط المتلاشي بين القانون والثقافة الشعبية".

** خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حریة التعبیر لا یجوز یجب أن

إقرأ أيضاً:

أمنستي تطالب الجزائر بالإفراج عن تجاديت شاعر الحراك

طالبت منظمة العفو الدولية، "أمنستي"، السلطات الجزائرية بالإفراج عن الناشط في الحراك الشعبي٬ محمد تجاديت، المعروف بشاعر الحراك٬ والمحتجز احتياطيا منذ 7 أشهر ويواجه تهما تتعلق بالإرهاب.

وقالت المنظمة، إن تجاديت محتجز تعسفيا منذ سبعة أشهر بسبب انتقاداته على وسائل التواصل الاجتماعي ومحادثات خاصة له على الإنترنت.

???? إعتقال محمد تجاديت، صهيب دباغي ،لياس سليج ،و مجموعة من النشطاء، صبيحة اليوم في افري أوزلاقن بجاية
???? إعتقال سمير شرات بن بركان أحمد و لونس العرفاوي و نصرو بن عمرة #الاستعمار ! pic.twitter.com/taGt7lAGuY — الحراك أمل الشعب الجزائري (@FEweZ9x1XJWkz3z) August 20, 2023
وأكدت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، قبيل محاكمته التي عقدت الخميس الماضي: "إن استهداف السلطات الجزائرية المستمر لتجاديت هو تأكيد إضافي على استمرار قمع السلطات للمعارضة السلمية".

وتابعت: "أن السلطات الجزائرية تسيء استخدام تهم الإرهاب لإسكات الناس ومعاقبتهم، ما يولد مناخًا من الخوف يحيط بالأشخاص الذين يرغبون في التعبير عن آراء انتقادية". وهذه هي المرة الخامسة التي يواجه فيها محمد تجاديت المحاكمة منذ 2019

وأكدت المنظمة أن احتجاز تجاديت الاحتياطي خلال الأشهر السبعة الماضية هو "أمر فادح الجور". ويجب على السلطات الجزائرية الإفراج عنه فورًا، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه لأنها تنبع فقط من ممارسته لحقوقه الإنسانية.

يموت الرجال و يولد الرجال .
بعد العربي بن مهيدي محمد تجاديت pic.twitter.com/GD5p9lfnSO — liberté (@madjid2105) January 17, 2023
وأشارت المنظمة إلى أنه من بين الأدلة الأخرى التي قُدمت ضد تجاديت في التحقيق مقاطع فيديو نشرها على حساباته الشخصية على فيسبوك وتيك توك ينتقد فيها السلطات الجزائرية ويعلّق فيها على الوضع السياسي والظروف الاجتماعية والاقتصادية.

واعتقل شاعر الحراك في كانون الثاني/يناير الماضي، ومثل أمام وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق دون حضور محام، واستُجوب بتهم الإشادة بالإرهاب واستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال لدعم أعمال وأنشطة تنظيمات إرهابية، في إشارة إلى اتصالات له عبر الإنترنت مع أفراد صنفتهم السلطات الجزائرية لاحقًا على أنهم إرهابيون.

 واحتجزت السلطات الجزائرية وقاضت محمد تجاديت في أربع قضايا منفصلة على الأقل بين عامَي 2019 و2022، وكلها على خلفية مشاركته في احتجاجات سلمية أو لممارسته حقه في حرية التعبير.


واتهمت العفو الدولية السلطات الجزائرية بتصعيد قمعها للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي على مدى السنوات الخمس الماضية، من خلال استهداف الأصوات المعارضة الناقدة، سواء كانت من المحتجين أو الصحفيين أو أشخاص يعبّرون عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • غدًا.. نقيب الصحفيين يشارك في جلسة الحوار الوطني الخاصة بالحبس الاحتياطي
  • رأي: الإمارات.. التعبير عن عدم رضا العملاء تجاه خدمة ما ليس جريمة
  • ردود أفعال غاضبة على العدوان الإسرائيلي: دعم كبير لليمن من شخصيات عربية بارزة
  • «أفعال غير مألوفة».. كشف ملابسات تداول تسجيل صوتي عبر الواتساب في الشروق
  • سيدة تلاحق زوجها بدعوى حبس: سلم شقتى ومصوغاتى لضرتى.. تفاصيل
  • سيدة تلاحق زوجها بدعوى حبس: سلم شقتى ومصوغاتى لضرتى.. التفاصيل
  • بسبب الألفاظ النابية في الأعمال الدرامية.. محمد صبحي يتصدر التريند
  • لو كنت أمريكيا لانشات جمعية للرفق ب (بايدن) واخري لمكافحة (ترمب) !!..
  • روضة الحاج: نقرأ الأدب لأن أوجع الجراح هي تلك التي لا نستطيع التعبير عنها
  • أمنستي تطالب الجزائر بالإفراج عن تجاديت شاعر الحراك