العلاقة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة من أبرز وأهم العلاقات الدولية على الساحة العالمية، ومنذ عقود، أطلق على هذه العلاقة اسم «العلاقة الخاصة»، ومع اقتراب تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة في الولايات المتحدة، ووجود كير ستارمر في رئاسة الحكومة البريطانية، تبرز تساؤلات حول كيفية تطور هذه العلاقة في ظل التغيرات السياسية الجديدة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست».

 

التاريخ السياسي بين حزب العمال وترامب  

توجد بعض الخلفيات التاريخية التي قد تؤثر على علاقات كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، مع ترامب، وذلك بعدما شن العديد من أعضاء حزب العمال الذي يمثله ستارمر، هجومًا حادًا على ترامب، ما جعل العلاقة بينهم مشحونة، ففي 2018، وصف وزير الخارجية البريطاني الحالي، ديفيد لامي، ترامب بـ«الشخص السادي المتعاطف مع النازيين والرافض للنساء». 

بالإضافة إلى ذلك، كان ستارمر نفسه قد تعرض لانتقادات من قبل الحزب الجمهوري بسبب المساعدة التي قدمها بعض أعضاء حزب العمال لحملة كامالا هاريس في الولايات المتحدة، حيث ادعى ترامب أن هذه الأنشطة تمثل تدخلاً خارجيًا.

الاختلافات حول القضايا العالمية 

ومن المتوقع أن تواجه بريطانيا تحت قيادة ستارمر بعض التحديات في التفاوض مع ترامب على العديد من القضايا العالمية، منها أن ستارمر يميل إلى تبني سياسة أكثر توافقًا مع الصين في قضايا مثل تغير المناخ والنمو الاقتصادي، بينما كان ترامب قد تبنى موقفًا أكثر عدائية تجاه بكين، مهددًا بفرض تعريفات جمركية ضخمة.  

وفي قضايا وحروب الشرق الأوسط، سيظهر ستارمر مواقف أكثر انتقادًا لسياسات اسرائيل مقارنةً بترامب الذي كان دائمًا داعمًا قويًا لها.

وأعلنت بريطانيا أنها ستتبع الإجراءات القانونية إذا زار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المملكة المتحدة وذلك عقب صدور مذكرة اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية، كما قرر ستارمر من قبل تعليق بعض تراخيص تصدير الأسلحة إلى دولة الاحتلال بسبب المخاوف من استخدامها في انتهاك القانون الدولي.

ومن جهة الحرب الروسية الأوكرانية، يعد ستارمر من أبرز الداعمين لأوكرانيا سواء كان دعم عسكري أو سياسي، وذلك علي عكس ترامب الذي أدلى بتصريحات غامضة حول موقفه من دعم أوكرانيا، وخططه التي تضمن الضغط علي كييف للوصول إلى إتفاق. 

 النزاع على جزر شاجوس

ومن أبرز القضايا الجيوسياسية بين بريطانيا والولايات المتحدة، هو النزاع على جزر شاجوس في المحيط الهندي، حيث أعلنت الحكومة البريطانية في نوفمبر الحالي عن قرارها بتسليم سيادة الجزر إلى موريشيوس، ما أثار غضب بعض المسؤولين الأمريكيين، الذين يعتقدون أن هذه الخطوة قد تضر بالمصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة، حيث يعتبر ترامب هذه الخطوة تقارب غير مبرر مع الصين، وهو ما قد يخلق توترًا في العلاقات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: بريطانيا ترامب الولايات المتحدة ستارمر العلاقة الخاصة ديفيد لامي

إقرأ أيضاً:

لقاء ترامب وستارمر.. تعزيز علاقات تاريخية أم استكشاف واقع جديد؟

لندن- يبدو أن أجواء الارتياح لدى فئات عريضة من الطبقة السياسية البريطانية، التي أعقبت لقاء رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، أثارت أيضا سخط آخرين بشأن تدبير حكومة حزب العمال للعلاقات الثنائية مع إدارة ترامب في لحظة بالغة الحساسية في أوروبا يحذر فيها كثيرون من عواقب التقارب الأميركي الروسي.

وبعودة ستارمر إلى مقر حكومته في لندن قادما من واشنطن، يكون -وبإجماع كثيرين- قد أنجز "الاختبار الأصعب" منذ توليه منصبه قبل أشهر، وفاوض ترامب الذي لا تبدو القواعد الدبلوماسية الناظمة لعالم ما بعد الحرب الباردة مقنعة بالنسبة إليه، ورسَّخ صورة بريطانيا كحليف خاص يحترمه ترامب، وينصت إليه، ولا يناكفه أمام عدسات الصحفيين.

وساطة

ومن المرتقب أن يعرض ستارمر الأحد المقبل في لندن نتائج مفاوضاته مع ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا، وتمويل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وإرسال قوات حفظ سلام لتوفير ضمانات دفاعية ضد أي خطر روسي على طاولة البحث في قمة طارئة استدعي إليها قادة 12 بلدا أوروبيا لبحث تطوير إستراتيجيات دفاعية أوروبية مشتركة، تحسبا لأي قطيعة مفاجئة مع واشنطن.

إعلان

وبالرغم من أن بريطانيا لعبت -وخلال السنوات الثلاثة الماضية- دور رأس الحربة بدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، وضخها مساعدات عسكرية للجيش الأوكراني، وفرضها عقوبات قاسية على موسكو، لم يُغيِّر رئيس وزرائها ستارمر وأثناء زيارته للبيت الأبيض في موقف ترامب المتصلب بشأن الحرب، وعزمه تطبيع العلاقات سريعا مع الروس.

ويرى طاهر عباس البروفسور وأستاذ السياسات العامة والأمن في جامعة ليدن البريطانية أن ستارمر حاول بمهارة ودون استثارة غضب ترامب الدفاع عن الموقف الأوروبي واستغلال المكانة الخاصة لبريطانيا كحليف تقليدي للولايات المتحدة، في محاولة لاستمالة الرئيس الأميركي للعدول عن دعم اتفاق سلام سهل مع موسكو مقابل تجريد أوكرانيا من أي ضمانات أمنية.

وأشار عباس في حديثه للجزيرة نت إلى أن ستارمر رتَّب لهذه الزيارة بعناية شديدة، واستبقها بقرار ضخ ما يقدر بـ6 مليارات جنيه إسترليني في ميزانية الدفاع، تقتطع من الدعم المخصص للمساعدات الخارجية، مقامرا بوحدة الصف داخل حزبه وتعهداته لناخبيه برفع الميزانية المخصصة للمساعدات الإنسانية لتصل إلى 0.7% من الناتج الداخلي الخام عوضا عن تقليصها.

ويهدد النهج الذي اعتمده رئيس الوزراء البريطاني في التقارب مع واشنطن بمزيد من الشروخ داخل حكومة حزب العمال، بعد إعلان وزيرة التنمية الدولية أناليز دودس استقالتها احتجاجا على قرار خفض حجم المساعدات الخارجية، واصفة إياه بمحاولة لإرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب واستنساخ قراره قطع المساعدات التنموية عن الوكالة الأميركية للتنمية دون إدراك لعواقبه على الفقراء عبر العالم.

تعزيز المصالح

وفي السياق، يرى فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في حديث للجزيرة نت، أنه على الرغم من تحذير ستارمر للأميركيين من خطورة فك الارتباط بين الأوروبيين وواشنطن وعدم توفير ضمانات أمنية كافية قبل إبرام اتفاق سلام ينهي الحرب في أوكرانيا، فإن زيارته للبيت الأبيض لم تهدف بالأساس للعب دور وساطة بين الجانبين، بل كان هاجسها الأكبر ترتيب العلاقات الثنائية بين الحليفين وخدمة المصالح البريطانية الداخلية.

إعلان

وبين جرجس أن ستارمر انتزع من ترامب تعهدا بإعفاء البضائع البريطانية من الرسوم الجمركية التي يهدد ترامب بفرضها، مشيرا إلى أن التعاون التجاري يُعد الخيط الناظم لفهم العلاقات البريطانية الأميركية، خاصة وأن البريطانيين يعوّلون على توقيع اتفاق تجارة حرة مع واشنطن يجبُر الخسائر التي تكبدها اقتصادهم منذ خروجهم من الاتحاد الأوروبي.

وبرأي مراقبين بريطانيين، يضيف جرجس، فقد نجح ستارمر بإدارة علاقة صعبة مع ترامب، ورأب الصدع بين إدارته وحكومة حزب العمال، وأكد على رسوخ ما يوصف بـ"العلاقة الخاصة" بين البلدين، والتي دأبت فيها بريطانيا على احتلال موقع الداعم للسياسات الأميركية، والاستفادة من تلك المكانة لخدمة نفوذها الدولي، في وقت لا تبدو فيه لندن في ميزان القوى الأميركي سوى "حليف تابع"، بوصف جرجس، قد لا يُغيِّر كثيرا في موازين القوى كما تراها واشنطن.

مقالات مشابهة

  • ترامب ينتقد بريطانيا.. وستارمر يقف مدافعا عنه
  • أوروبا تلتف حول زيلينسكي.. وستارمر يتحدث عن لحظة حرجة لا تتكرر إلا مرة كل جيل
  • أوروبا تلتف حول زيلنسكي وستارمر يتحدث عن لحظة حرجة لا تتكرر إلا مرة كل جيل
  • بريطانيا: خطة عمل مشتركة مع فرنسا لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • الصراع يشتعل.. بريطانيا تزود أوكرانيا بـ 5 آلاف صاروخ دفاع جوي
  • دعوات في بريطانيا لإلغاء زيارة ترامب.. ورئيس الوزراء البريطاني يرفض
  • بعد لقاء ترامب وزيلينسكي.. ستارمر يحشد الأوروبيين في بريطانيا
  • عناق حار بين زيلينسكي وستارمر في بريطانيا بعد توتر علاقته مع ترامب .. فيديو
  • عناق حار ودعم كامل.. زيلينسكي يحظى باستقبال كبير في بريطانيا
  • لقاء ترامب وستارمر.. تعزيز علاقات تاريخية أم استكشاف واقع جديد؟