اختراق علمي جديد يبشّر بعلاج الأمراض العصبية والنفسية
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
تمكَّن باحثون من “تطوير تقنية مبتكرة، تتيح توصيل العلاجات إلى الدماغ بشكلٍ آمنٍ وفعّال. وتمثل تقدماً كبيراً في علاج مجموعة واسعة من الأمراض العصبية والنفسية”.
وتقيِّم الدراسة التي أجرتها كلية إيكان للطب في “ماونت سايناي”، والمنشورة في دورية “نيتشر بايوتكنولوجي” Nature Biotechnology، “فعالية نظام جديد، يُعرف بنظام المركبات العابرة لحاجز الدموي الدماغي، وهو الأول من نوعه في التغلب على ذلك الحاجز الذي يمنع الجزيئات الكبيرة من الوصول إلى الجهاز العصبي المركزي”.
وطتعتمد التقنية الجديدة على عملية بيولوجية متخصصة تُسمى النقل عبر الخلايا بوساطة الإنزيمات، مما يتيح إيصال الجزيئات العلاجية الكبيرة، مثل البروتينات، إلى الدماغ من خلال حقن وريدي بسيط، حيث يعمل هذا الحاجز الدموي الدماغي كدرع طبيعي يمنع دخول المواد الضارة والسموم من الدم إلى أنسجة الدماغ، مما يحافظ على بيئة مستقرة وملائمة لوظائف الجهاز العصبي المركزي، لكنه يسمح بمرور العناصر الغذائية الأساسية مثل الجلوكوز، والأحماض الأمينية، بينما يحد من دخول المركبات غير المرغوب فيها”.
وبحسب الدراسة، “بالرغم من دوره الحاسم في حماية الدماغ، يمثل الحاجز الدموي الدماغي تحدياً كبيراً في الطب العصبي؛ لأنه يمنع أيضاً دخول العديد من الأدوية والعلاجات التي قد تكون حيوية لعلاج أمراض الجهاز العصبي المركزي، وهذا يعني أن الحاجز ليس انتقائياً فقط ضد السموم، ولكنه أيضاً عائق أمام الأدوية ذات الجزيئات كبيرة الحجم مثل البروتينات، وبسبب الحاجز الدموي الدماغي، فإن العديد من الأمراض العصبية تبقى صعبة العلاج، بما في ذلك ألزهايمر، والشلل الرعاش، والتصلب الجانبي الضموري”.
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة، ييتشو دونج، وهو أستاذ علم المناعة والعلاج المناعي في “ماونت سايناي” إن” الحاجز الدموي الدماغي آلية دفاع أساسية، ولكنه أيضاً يمثل عقبة كبيرة أمام توصيل الأدوية إلى الدماغ. نظامنا يكسر هذا الحاجز، مما يتيح إيصال العلاجات الجزيئية الكبيرة إلى الجهاز العصبي المركزي بشكل آمن وفعّال”.
وتعمل التقنية الجديدة عبر استخدام عملية بيولوجية طبيعية تسمى النقل عبر الغشاء، بواسطة إنزيم جاما سيكرتيز γ-secretase، تستخدم العملية لنقل الجزيئات الكبيرة عبر الحواجز البيولوجية، مثل الحاجز الدموي الدماغي دون تعطيل وظيفته، أو التسبب في تلفه.
وهذه الآلية تستغل الإنزيم”إنزيم جاما سيكرتيز ” المعروف بدوره الرئيسي في معالجة بروتينات الغشاء، لإيصال جزيئات علاجية إلى الأنسجة المحمية مثل الدماغ.
في العادة، يتم تصميم الجزيئات العلاجية (مثل الأدوية الجينية أو البروتينات) إذ ترتبط بمستقبلات محددة على سطح الخلايا المبطنة للحاجز الدموي الدماغي، وعند ارتباط الجزيء بالمستقبِل، يتم إدخاله إلى الخلية عبر عملية النقل الداخلي، إذ يتم تشكيل حويصلة تحتوي على الجزيء.
يساعد هذا النظام في تجاوز الحواجز الطبيعية التي تمنع الأدوية والجزيئات الكبيرة من الوصول إلى الأعضاء المحمية مثل الدماغ، كما يمكن استخدام هذه الآلية لإيصال الأدوية الجينية التي تستهدف جينات معينة مرتبطة بالأمراض.
وبخلاف الطرق التقليدية التي تتضمن فتح الحاجز الدموي الدماغي بشكل مؤقت، فإن النقل عبر ذلك الإنزيم يُبقي الحاجز سليماً، مما يقلل من مخاطر الالتهابات، أو الآثار الجانبية.
علاج ألزهايمر والتصلب الجانبي الضموري
في الدراسة، قام الباحثون بحقن مركب يُسمى BCC10 مرتبط بأدوات وراثية متخصصة، تُعرف بالأوليجونيوكليوتيدات المضادة للحساسية. وقد أظهر المركب فعالية في خفض نشاط الجينات الضارة في الدماغ. ففي نموذج فأر مصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري، تمكَّن العلاج من تقليل مستويات الجين المسبب للمرض والمعروف باسم Sod1 والبروتين المرتبط به بشكل كبير.
كما قلل مركب آخر مرتبط بـ BCC10 جيناً يُدعى Mapt، وهو المسؤول عن إنتاج بروتين “تاو”، وهو هدف رئيسي لعلاج ألزهايمر، وأمراض الخرف الأخرى.
أثبت نظام BCC10 فعاليته العالية في إيصال الأدوات الجينية إلى الدماغ، إذ عزز قدرتها على إخماد الجينات الضارة في نماذج متعددة، بما في ذلك عينات أنسجة الدماغ البشري. والأهم من ذلك، أن العلاج كان جيد التحمل لدى الفئران، ولم يُظهر أي أضرار كبيرة على الأعضاء الرئيسية عند الجرعات المختبرة.
ويقول الباحثون إن التقنية الجديدة يمكن أن تحل واحدة من أكبر العقبات في أبحاث الدماغ، وهي إيصال الجزيئات العلاجية الكبيرة إلى الدماغ بأمان وفعالية. ويفتح هذا التطور آفاقاً جديدة لعلاج مجموعة واسعة من أمراض الدماغ.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أمراض الدماغ الامراض العصبية والنفسية تغذية الدماغ علاج ألزهايمر إلى الدماغ
إقرأ أيضاً:
4 فوائد صحية للتثاؤب
أميرة خالد
كم مرة وجدنا أنفسنا نتثاءب بشكل لا إرادي عندما يتثاءب شخص بجوارنا، أو حتى عندما نكون في اجتماع ممل، أو منغمسين في قراءة كتاب، أو سارحين في أحلام اليقظة؟
غالبا ما نربط التثاؤب بالشعور بالتعب أو الملل، أو نجد أنفسنا نتثاءب بشكل لا إرادي عندما يتثاءب شخص بجوارنا، أو حتى عندما نكون في اجتماع ممل، أو منغمسين في قراءة كتاب، أو سارحين في أحلام اليقظة لكن العلم يكشف لنا عن جوانب أخرى مدهشة لهذه الظاهرة الجسدية الشائعة.
فخلافا للاعتقاد الشائع بأن التثاؤب هو مجرد إشارة من الجسم للحاجة إلى الراحة، هناك عوامل أخرى تؤدي في النهاية إلى التثاؤب، والتي تعرفنا على ماذا تدل كثرة التثاؤب؟ وفي السطور التالية، نستعرض معكم ما هي أسباب التثاؤب؟
يعد من أبرز أسباب التثاؤب، استعادة الانتباه، فلا يقتصر التثاؤب على أوقات الشعور بالنعاس فقط، بل قد يحدث أيضا عند الشعور بالملل أو حتى عند التعرض لمحفزات مفرطة، قد يتباطأ نشاط الدماغ، في هذه الحالات، ويأتي التثاؤب كآلية لإعادة تنشيطه واستعادة الانتباه.
وفقا للتقارير العلمية، يؤدي التثاؤب إلى تمدد عضلات الوجه والصدر، وتحسين تدفق الدم، وإعطاء الجسم دفعة طاقة بسيطة، إنها طريقة الجسم الطبيعية لإزالة “الضباب العقلي” والحفاظ على اليقظة، حتى في غياب الشعور بالتعب، لذا، إذا وجدت نفسك تتثاءب أثناء اجتماع ممل، فقد يكون ذلك مجرد محاولة من دماغك لإعادة ضبط نشاطه.
تشير دراسة نشرت عام 2014 في مجلة “Physiology & Behaviour” إلى دور محتمل للتثاؤب، وهو تبريد الدماغ وتحسين أدائه، فعندما ترتفع درجة حرارة الدماغ نتيجة لجو حار أو لعدم الانشغال الذهني الكافي، قد يبدأ في العمل ببطء.
هنا يأتي دور التثاؤب العميق، الذي يسحب كمية كبيرة من الهواء البارد إلى الجسم، مما يساعد على خفض درجة حرارة الدماغ وبالتالي تحسين القدرة على التفكير والتركيز، وهذا يفسر سبب زيادة التثاؤب في الأماكن المغلقة ذات التهوية السيئة أو عند الشعور بالملل.
أما عن سبب التثاؤب عند رؤية شخص يتثاءب، أو ما يطلق عليها ظاهرة التثاؤب المعدي ليست مجرد رد فعل تقليدي بسيط، بل هي سلوك متأصل بعمق في طبيعتنا الاجتماعية.
وأوضح العلماء أنه عندما نشاهد شخصا يتثاءب، تنشط خلايا عصبية متخصصة في الدماغ تعرف باسم الخلايا المرآتية، وهي الخلايا التي تجعلنا “نشعر” بما يفعله الآخرون، هذا التنشيط يؤدي بدوره إلى تحفيزنا على التثاؤب تلقائيا.
تلعب الخلايا المرآتية دورا محوريا في قدرتنا على “الشعور” بتجارب الآخرين. فعندما نرى شخصا يتثاءب، تبدأ هذه الخلايا في إطلاق إشارات عصبية في دماغنا، مما يحفزنا على تقليد هذا الفعل.
وفقا لتقرير صادر عن صحيفة هندوستان تايمز، فإن التثاؤب يكون أكثر عدوى بين الأشخاص الذين تربطهم علاقات عاطفية متينة، وهذا يعني أن هذه الظاهرة لا تقتصر على مجرد التقليد الآلي، بل ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهومي التعاطف والتواصل الاجتماعي.
لذلك، كلما كانت العلاقة بين شخصين أقوى وأكثر حميمية، كما هو الحال بين الأصدقاء المقربين أو أفراد العائلة، زادت احتمالية انتقال التثاؤب بينهم.
يعود ذلك إلى الميل الطبيعي لأدمغتنا إلى التزامن مع سلوكيات الأشخاص الذين نشعر تجاههم بالود والمحبة، لذا، في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك تتثاءب لا إراديًا بعد رؤية شخص آخر يفعل ذلك، تذكر أنها علامة خفية تدل على قوة الرابطة الاجتماعية التي تجمعكما.
سببا أخر النضج والنمو، الأطفال الصغار، الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات غالبا ما يتثاءبون بشكل أقل استجابة لتثاؤب الآخرين، وذلك لأن مهاراتهم في التعاطف لا تزال في مراحل النمو والتطور، لذلك، مع تقدمنا في العمر واكتسابنا المزيد من النضج العاطفي، تصبح أدمغتنا أكثر حساسية لتقليد سلوكيات الأشخاص المحيطين بنا، بما في ذلك التثاؤب.
وأثبتت الأبحاث أن ظاهرة التثاؤب المعدي ليست دائمة، فلدى كبار السن، وخاصة أولئك الذين يعانون من تدهور في الوظائف الإدراكية أو الخرف، قد يصبح التثاؤب المعدي أقل تكرارا، مما يشير إلى وجود علاقة بين القدرات الإدراكية والاستجابة لهذا السلوك الاجتماعي المثير للاهتمام.
ما هي فوائد التثاؤب؟
هناك العديد من فوائد التثاؤب والمزايا التي تعود على الشخص من وراء التثاؤب، أبرزها:
تحفيز الجهاز العصبي
يمكن أن يحفز الشهيق العميق والتمدد المصاحب للتثاؤب الجهاز العصبي الودي. هذا الجهاز المسؤول عن استجابة الكر أو الفر لزيادة اليقضة.
زيادة الأكسجين
يساعد التثاؤب على إدخال كمية كبيرة من الأكسجين إلى الجسم، والتي يمكن أن تساهم بدورها في تنشيط الدماغ وجعل الشخص يشعر بمزيد من الانتباه.
تخفيف الضغط في الأذنين
عندما تتثاءب، تنفتح القناة السمعية، أو الأنبوب الذي يربط الأذن الوسطى بالجزء الخلفي من الحلق، مما يسمح للهواء بالدخول أو الخروج من الأذن الوسطى وموازنة الضغط.
تغيير الحالة
يمكن أن يكون التثاؤب بمثابة إشارة للجسم بأنه يمر بمرحلة انتقالية، مثل الانتقال من اليقظة إلى النعاس أو العكس، بمعنى آخر، يمكن أن يكون وسيلة الجسم لتهيئة نفسه إلى هذه الحالة الجديدة.
متى يكون التثاؤب خطيرا؟
لا يكون التثاؤب خطيرا، في الغالب، ونادرا ما يعتبر تكراره أو الإفراط فيه مرتبطا بشيء يستدعي التدخل، ومع ذلك، يمكن الانتباه في بعض الحالات منها:
التكرار المبالغ فيه
إذا كنت تتثاءب مرات عديدة في الساعة دون سبب واضح للشعور بالتعب أو الملل. أو إذا لاحظت فجأة وبشكل ملحوظ زيادة مفاجئة وكبيرة في عدد مرات التثاؤب.
أعراض أخرى
مع وجود أعراض أخرى مثل ضيق التنفس، أو ألم في الصدر، أو تسارع ضربات القلب، أو الدوخة، يمكن أن يشير ذلك إلى وجود مشاكل في القلب أو الرئتين.
اقرأ أيضا:
التثاؤب المتكرر: مؤشر على مشاكل صحية خطيرة