طلب مرتفع على سوق المكاتب في الرياض وسط نمو الإيجارات
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
كشف تقرير اقتصادي، أن سوق المكاتب في الرياض يشهد نمواً قوياً، إذ يأتي ذلك مدفوعاً بالطلب المتزايد والارتفاع الكبير في قيم الإيجار.وقال تقرير سوق المكاتب في الرياض للربع الثالث من العام الجاري 2024: إن الجهود الاستراتيجية التي تبذلها المدينة لتنويع اقتصادها، خاصة من خلال توسع القطاع غير النفطي، أدت إلى تحويل الرياض إلى أحد مراكز الأعمال الرئيسية، ونجاحها في جذب المزيد من الشركات الدولية بصورة مستمرة.
نمو الناتج المحلي للرياض
توقع التقرير أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي للرياض للعام 2024 إلى 1.4% نتيجة التوسع القوي بنسبة 5% في الأنشطة غير النفطية، واستقرار التضخم عند مستوى 1.7%.وشهد الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية زيادة فصلية ملحوظة بنسبة 23.4% في الربع الثاني من العام 2024، بإجمالي 11.7 مليار ريال.
نقل مقرات 120 شركة
وبحسب تقرير «سفِلز»، ينظر إلى ذلك بمثابة تأكيد على الثقة القوية من جانب المستثمرين. ومن جهة أخرى، نقلت أكثر من 120 شركة أجنبية، بما في ذلك شركات كبرى مثل “غولدمان ساكس” و “فروست آند سوليفان”، مقراتها الإقليمية إلى الرياض هذا العام. ويسلط هذا الاتجاه الضوء على جاذبية الرياض كمركز إقليمي رئيسي للأعمال التجارية الدولية.
وسجل سوق المكاتب في المدينة معدلات إشغال مرتفعة غير مسبوقة، إذ وصل المعدل للمساحات من الدرجة الأولى إلى 98%، الأمر الذي يعتبر انعكاساً للطلب المرتفع على مواقع المكاتب المتميزة.
نمو قيم الإيجار
وشهد متوسط قيم الإيجار لمساحات المكاتب من الدرجة الأولى نمواً كبيراً على أساس سنوي، وحققت المناطق الرئيسية زيادات تصل إلى 19%.
ويعزى هذا الارتفاع المضطرد إلى جاذبية الرياض عبر القطاعات الرئيسية، بما في ذلك التكنولوجيا والإعلام والاتصالات، والتي استحوذت على ما نسبته 40% من نشاط التأجير، تليها قطاعات الاستشارات والسلع الاستهلاكية سريعة الاستهلاك بنسبة 20% لكل منهما.
صحيفة اليوم السعودية
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تقرير: حين تصير تكبيرات العيد أنينًا تحت الركام في غزة
غزة "عُمان" بهاء طباسي: في ظلال الدمار والدموع، كانت تكبيرات عيد الفطر المبارك تتسلل من بين الأنقاض كأنها أنفاس أخيرة لحلم متلاشٍ. وسط ركام مسجد كان يومًا يعج بالمصلين في حي الشجاعية، جلست أم زكي عوض الله تحت ظل جدار مائل، تراقب السماء الرمادية، بينما تحاول جاهدة تهدئة صغيرها الذي لم يعرف من العيد سوى صوت الطائرات وقصف المدافع.
كانت تحكي له عن أعياد مضت، عن «بدلة» العيد التي اشترتها له قبل أن تسلب الحرب منزلهم، عن بسمة إخوته الذين قضوا في غارة سابقة، عن فرحة الجد والجدة وهم يوزعون العيديات. لكن الطفل لم يكن يسمع سوى دوي ذكرياته الحديثة، حيث انفجار الصواريخ وصرخات الجيران.
أنفاس العيد الأخيرة تحت الركام
في زاوية أخرى من المخيم الواقع في مدينة غزة، كانت هدى بارود تجلس بجانب والدها الجريح الذي فقد ساقه بعد استئناف الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، تحاول أن تخفي دموعها وتبتسم له قائلة: «بابا، سأعد لك قهوة العيد كما كنت تفعل دائمًا». كانت القهوة طقسًا مقدسًا في صباح العيد، لكن اليوم لم يكن هناك سكر، ولا ماء صالح، ولا حتى نار لإشعال الموقد المكسور. كان والدها ينظر إليها بحزن، يعلم أن هذه الحرب سرقت منها طفولتها، وأنها لم تعد تفرح بثوب جديد، بل بأمل أن يحظى والدها بجرعة دواء تخفف ألمه.
على أطراف مدينة خانيونس، وقف يوسف الغلبان على ما تبقى من منزله، يراقب الحطام وكأنه يبحث عن ذكرياته بين الركام. في يده ورقة مهترئة كانت قائمة بمستلزمات العيد التي كان ينوي شراءها قبل أن ينهار كل شيء. لم يكن يعلم أن العيد هذا العام سيأتي محملًا بالخراب، وأن أبناءه لن يستيقظوا ليطرقوا باب غرفته مطالبين بعيدياتهم.
لم يكن هذا حال يوسف وحده، بل كانت هذه صورة متكررة في بيوت غزة التي لم يعد لها سقف، ولا حوائط تحمي أصحابها من برد الليل أو رياح الشتاء القاسية. في الأسواق التي كانت تعج بالناس في مثل هذا الوقت، كانت الأرصفة خاوية إلا من بعض الباعة الذين يحاولون بيع ما تبقى لديهم، بأمل أن يتمكنوا من تأمين قوت يومهم وسط هذه المحنة.
العيد في غزة هذا العام مختلفًا عن كل الأعياد التي عرفها الناس. بدلاً من زغاريد الأمهات، علا صوت الأمهات الباكيات على أطفالهن الذين قضوا في الغارات. وبدلاً من توزيع الحلوى، كان الأطفال ينتظرون دورهم للحصول على وجبة إغاثية شحيحة. كان الناس يتبادلون التهاني بحذر، إذ لم يعد هناك مكان آمن، ولم يعد أحد يعلم إن كان سيعيش ليشهد العيد القادم.
عيدٌ بلا فرحة.. فرحةٌ بلا عيد
في كل عام، كانت غزة تستقبل العيد بصعوبة لكنها لم تفقد الأمل يومًا. كانت الشوارع تزين بالأضواء رغم الحصار، وكانت المحلات تفتح أبوابها رغم الشح، وكان الأطفال يخرجون بثياب جديدة، حتى لو كانت مستعملة. لكن هذا العيد لم يكن كما سبق. هذا العيد كان محملًا بالخوف، بالصمت الذي يقطعه صوت الانفجارات، بالأنين الذي يخترق جدران المستشفيات، وبالدموع التي تجف على وجوه الأطفال الذين كبروا قبل أوانهم.
كانت العائلات النازحة تفتش عن مأوى، تبحث عن لحظة استقرار، تحلم بمائدة إفطار تجمعها، بسلام يعيد إليها حياتها المفقودة. في مخيمات الإيواء والخيام، تكدست العائلات في مساحات ضيقة، يتشاركون الفراش والماء والطعام، لكن أكثر ما افتقدوه كان الإحساس بالأمان. لم يكن هناك ضحكات الأطفال، لم تكن هناك روائح الكعك، لم تكن هناك أحلام العيد.
أم محمد.. العيد بين الجدران الباردة والمجهول
جلست أم محمد على قطعة قماش متهالكة، تحيط بها صغارها الثلاثة الذين فقدوا والدهم في قصف عنيف طال منزلهم في بيت حانون. قالت بصوت مرتجف لـ«عُمان»: «كل ما كنت أريده هو أن أرى أطفالي سعداء في العيد. لكن كيف؟ نحن هنا في مدرسة مهدمة تحولت إلى مأوى، لا مياه نظيفة، لا طعام يكفي، وحتى ثياب العيد لم أستطع أن أوفرها لهم. ابني الصغير يسألني: متى سنعود للبيت؟ وأجيب بأننا سنعود قريبًا، لكنني لا أعرف إن كان بيتنا لا يزال موجودًا».
ثم استدارت نحو ابنتها الكبرى، التي لم تكمل الثانية عشرة من عمرها، تمسك بيد شقيقها الأصغر وتحاول تهدئته. «لم أعد أجرؤ على النظر في أعينهم، لا أملك لهم شيئًا، ولا حتى إجابات. ليلة العيد قضيناها على البلاط البارد، نحلم فقط بمكان دافئ يحوينا»، صرخت أم محمد، وهي تحاول كبح دموعها.
سرق العيد منه كل شيء
عبدالغني، ذو العشر سنوات، يجلس وحيدًا في ركن أحد الخيام، ينظر إلى الأرض بعينين غارقتين في الحزن. قبل الحرب، كان يستعد للعيد بشراء ثوب جديد وأحذية لامعة، أما الآن فهو يرتدي ملابس ممزقة حصل عليها من إحدى الجمعيات الخيرية.
يقول لـ«عُمان»: «كنت أحب العيد لأنه يعني اللعب مع أصدقائي، زيارة أقاربي، وتناول الحلوى. لكن الآن، غالبية أصدقائي استشهدوا، والباقي نزحوا، لم يبقَ أحد. حتى أمي وأبي ذهبا ولم يعودا».
نظر عبدالغني إلى السماء الغائمة، متحدثًا بصوت خافت: «في كل عيد كانت أمي توقظني مبكرًا لنذهب للصلاة، ثم نعود ونأكل الكعك الذي خبزته قبل يومين. كنا نذهب لزيارة أقاربي، أركض في الشوارع مع أبناء عمومتي، نشتري البالونات ونأكل الحلوى. الآن، حتى البالونات صارت مجرد ذكرى».
توقف قليلاً، ثم تابع: «عندما يوزعون الحلوى في المأوى، أتذكر أمي، كانت تحب أن تختار لي أفضل الحلوى، أما هنا، لا أحد يسألني عن ماذا أحب، نحن فقط نحاول البقاء على قيد الحياة».
أعيادٌ في زمن المجازر
وقال مدير عام وزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش: «ما يحدث اليوم في قطاع غزة كارثة إنسانية بكل المقاييس. آلاف العائلات مشردة، مئات الأطفال فقدوا ذويهم، المستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب المصابين، والمساعدات الإنسانية انقطعت؛ بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر بشكل كامل».
ويطالب البرش خلال حديثه لـ«عُمان» المجتمع الدولي بالتدخل العاجل؛ لإنهاء الإبادة الجماعية بحق المدنيين في قطاع غزة، مذكرًا إياه بعيد الفطر الذي يأتي على قطاع غزة وسط قصف متواصل ومجازر لا تتوقف للعام الثاني على التوالي.
وأشار مدير «صحة غزة» إلى أن الأوضاع الصحية في القطاع بلغت حدًا خطيرًا، مع نفاد الأدوية الأساسية ووجود نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، مؤكدًا أن القطاع الصحي بحاجة ماسة إلى دعم عاجل لإنقاذ الجرحى والمرضى.
مشهد يفضح العالم
من جهته، أكد رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة، سلامة معروف، أن عيد الفطر يأتي هذا العام وسط واقع لا يكفي معه تعبير «شديد القسوة»، حيث يعيش سكان غزة تحت وطأة قصف متواصل، ودمار لم يترك منزلًا دون أن يصيبه، وأزمة إنسانية غير مسبوقة.
وأضاف، لـ«عُمان»: «في ظل هذا الوضع، تزداد معاناة المدنيين الذين يدفعون ثمن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 17 شهرًا. مشددًا على أن «فقدان المنازل، وانهيار الاقتصاد المحلي، وتوقف الخدمات الأساسية، يجعل الحياة في القطاع أشبه بكابوس لا ينتهي».
ومن الناحية السياسية، أوضح: «لا يبدو أن هناك حلًا قريبًا يلوح في الأفق، فالدعوات لوقف إطلاق النار لم تجد طريقها للتنفيذ، والمجتمع الدولي لا يزال عاجزًا عن اتخاذ موقف حاسم ينهي هذه المعاناة. ومع استمرار الحصار، واستمرار الاعتداءات، يبقى العيد في غزة مناسبة مشوبة بالحزن، حيث تصبح الأحلام البسيطة رفاهية لا يملكها الكثيرون».
واختتم حديثه بالقول: «العيد في غزة لم يعد يومًا للفرح، بل صار يومًا يضاف إلى قائمة الأيام التي يغيب فيها الأمل وتكسر فيها القلوب. وبينما يتبادل العالم التهاني والتبريكات، يبقى أهل غزة تحت الركام، يبحثون عن بصيص حياة، عن هدنة تمنحهم فرصة لالتقاط أنفاسهم، وعن عيد لا يكون فيه الموت ضيفًا دائمًا على موائدهم».