منذ ما بعد ظهر الإثنين، تسود الأجواء الإيجابية على خطّ مفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان، في ظلّ التسريبات المتتالية عن "إنجاز" التفاهم على بنود الاتفاق بصيغتها النهائية، بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، برعاية أميركية وفرنسية، بانتظار مصادقة كابينت الحرب الإسرائيلي في الساعات القليلة المقبلة عليه، ليدخل حيّز التنفيذ في أيّ وقت بعد ذلك، وسط معلومات أكدت موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مضمونه.


 
لكنّ الأجواء الإيجابية هذه لم تنعكس على الأرض وفي الميدان، حيث استمرّ التصعيد الإسرائيلي في الساعات الماضية، على مختلف الجبهات، بل سجّل أعلى مستوياته على الإطلاق، سواء من خلال الاستهداف المكثّف للضاحية الجنوبية لبيروت، أو ما تبقّى منها، أو الغارات التي استهدفت مناطق مختلفة، في الجنوب والبقاع، ولكن أيضًا في محافظات ومناطق أخرى، خارج دائرة الاستهداف اليومي، كما حصل في الغارة على الشويفات مثلاً.
 
وانعكس هذا "الغموض" في المشهد على بعض المواقف السياسية في الداخل الإسرائيلي، حيث سُجّلت تصريحات "معارضة" للاتفاق، لعلّ أبرزها ما صدر عن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والذي وصف فيه الاتفاق بـ"الخطأ الكبير"، باعتبار أنّه "يفوّت فرصة تاريخية للقضاء على حزب الله"، على حدّ وصفه، فكيف يُفهَم كلّ هذا "الصخب" في سياق "الإيجابية" المرتبطة بالاتفاق، وهل ينبغي التعامل بحذر معه؟
 
أجواء إيجابية "في المبدأ"
 
يقول العارفون إنّ الأجواء التي تتقاطع عليها كلّ الأوساط، وتؤكدها كلّ التسريبات، تبقى "إيجابية" حتى إثبات العكس، إذ إنّ كل المعطيات المتوافرة تجزم بأنّ اتفاق وقف إطلاق النار أصبح وشيكًا بالفعل، وأنّه حظي بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بانتظار عرضه على المجلس الوزاري المصغّر، بمعزل عن صحّة ما يُحكى عن "ضمانات" أميركية جانبية حصل عليها، بشأن حقّ "الدفاع عن النفس" ضدّ أي انتهاكات مستقبلية.
 
وفقًا لأصحاب هذا الرأي، فإنّ التصعيد الإسرائيلي في اليومين الماضيين لا يعني بأيّ حال من الأحوال "نسف" فرص الاتفاق، بل على العكس من ذلك، قد يأتي مكمّلاً للاتفاق، ومعزّزًا لحظوظه، إذ إنّ التجارب السابقة أثبتت أنّ الإسرائيلي يعمد في الأيام الأخيرة من حروبه إلى تكثيف حركته النارية، في محاولة إما لرفع سقفه التفاوضي، أو حتى لتعزيز صورة "الانتصار" التي يسعى لتكريسها، حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
 
لكنّ العارفين يشدّدون على أنّ الأجواء الإيجابية المهيمنة على الساحة تبقى "مبدئية" حتى إثبات العكس، إذ إنّ أيّ "انتكاسة" تبقى محتملة في أيّ وقت، خصوصًا أنّ "لا ثقة" بالجانب الإسرائيلي، وثمّة خشية في الداخل اللبناني مثلاً من أيّ "خدع أو حيل" قد يلجأ إليها الإسرائيلي، في ظلّ إصرار لبناني ثابت على عدم منحه ما لم يحصل عليه في الميدان، أو ما يمكن أن يُفهَم انتهاكًا للسيادة اللبنانية، ما يعني عدم وقف العدوان الفوري وبالكامل.
 
ساعات مفصلية وعصيبة
 
من هنا، يرجّح العارفون أن تكون الساعات المقبلة مفصلية وعصيبة على أكثر من مستوى، أولاً على مستوى تأكيد "حسن النوايا" للذهاب بالاتفاق حتى النهاية، من دون تضمين الاتفاق مثلاً أيّ "ألغام" قد تنسفه وتطيح به بالكامل، ولكن أيضًا على مستوى الميدان، الذي يتوقع أن "يشتعل" في الساعات المقبلة، إن صحّ التعبير، خصوصًا إذا ما ثبت أنها الأخيرة من الحرب، حيث سيسعى كلّ طرف إلى رفع السقف وإظهار الغلبة.
 
في هذا السياق، يتوقع أن تواصل إسرائيل تصعيدها في الساعات المقبلة، استكمالاً للنهج الذي بدأته منذ أيام، تحت عنوان "التفاوض بالنار"، علمًا أنّ هناك من لا يستبعد أن تذهب إسرائيل لتحديد موعد غير فوري لوقف إطلاق النار، من أجل "إنجاز المهمّة" إن صحّ التعبير، كما فعلت في حرب تموز، حين كانت الساعات الأخيرة منها الأكثر قساوة على الإطلاق، وقد شهدت على أكثر الضربات "عنفًا"، إن جاز التعبير، في سيناريو قد يتكرّر مرّة أخرى.
 
وفي المقابل، لا يُستبعَد أن يلجأ "حزب الله" إلى تكثيف رشقاته الصاروخية باتجاه إسرائيل أيضًا في الساعات القليلة المقبلة، خصوصًا إذا ما أصبح الاتفاق مضمونًا، وذلك للتأكيد على سرديّته الخاصة للنصر، انطلاقًا من إحباط وإفشال مخطّطات العدو، لجهة "تعطيل القدرة الصاروخية" التي يمتلكها الحزب، وهو سيحرص على القول إنّه استمرّ بإطلاق الصواريخ حتى اللحظة الأخيرة من الحرب، بل هو قد يعمد إلى تسجيل رقم قياسي في اليوم الأخير لأسباب "مبدئية".
 
الأجواء إيجابية إذاً. هذا ما تشير إليه كل المعلومات والمعطيات، وتؤكده كل التسريبات. اتفاق وقف إطلاق النار أصبح وشيكًا، وقد يدخل حيّز التنفيذ في غضون ساعات فقط ليس أكثر، بعد مصادقة الحكومة الإسرائيلية عليه، وهو ما يتوقع أن يحدث قريبًا جدًا، إن لم يطرأ طارئ. لكن بموازاة هذه الأجواء الإيجابية، ثمّة حذر أكثر من مطلوب، فالساعات الفاصلة عن الاتفاق مفصلية، ومن شأنها قلب المعادلات رأسًا على عقب! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الأجواء الإیجابیة وقف إطلاق النار فی الساعات الأخیرة من

إقرأ أيضاً:

باحث سياسي: الاحتلال مستمر في خروقاته منذ اتفاق وقف إطلاق النار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال إسكندر خشاشو كاتب وباحث سياسي، إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي مستمر في خروقاته ولم يتوقف منذ الاتفاق عن هذه الخروقات، فقد نفذ غارات في منطقة البقاع، تخترق مسيراته بيروت وهذا كله خارج الاتفاق.

وأضاف "خشاشو" خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن دولة الاحتلال تريد أن تثبت أن هناك منتصر في هذه الحرب وأنّ لها اليد العليا في هذا الاتفاق، وتؤكد للبنان والعالم أن ما سمي أثناء المناقشات بحُرية التحرك الجوي والبري لازال موجودًا.

وأوضح أن الاحتلال يعمل على ممارسة هذه الحرية تحت ذرائع كثيرة، مثل عدم تفكيك البنية التحتية لحزب الله وعدم انتشار الجيش في الجنوب وغيرها.

وتابع، أنّ الجيش اللبناني لا يمكن أن ينتشر في أماكن انتشار جيش الاحتلال وهذا غير مقبول نهائيا، فبحسب الاتفاق كان علي الجيش الإسرائيلي الانسحاب وانتشار الجيش اللبناني في لبنان، ولكن الاحتلال يريد أن يدخل الجيش اللبناني إلى بعض الأماكن وهم موجودين فيها و كأن الأمور ثابتة ولا توجد دولة محتلة.

مقالات مشابهة

  • باحث سياسي: الاحتلال مستمر في خروقاته منذ اتفاق وقف إطلاق النار
  • موجة برد قارس تجتاح 18 محافظة خلال الساعات القادمة
  • ميقاتي: لبنان لم يُبلغ أي طرف بموقف إسرائيل بعد انقضاء الهدنة
  • التعاون الخليجي: نتطلع لنجاح الوساطة القطرية المصرية بوقف إطلاق النار في غزة
  • حماس وإسرائيل تتبادلان الاتهامات بتأخير الاتفاق على وقف إطلاق النار
  • نتنياهو يتهم حماس بتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • حماس تكشف سبب تأجيل مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • حماس تعلن تأجيل "هدنة غزة" بسبب شرط إسرائيلي
  • رتيبة النتشة: المجتمع الدولي لا يمتلك إرادة حقيقية لإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار بغزة
  • الطقس : أجواء باردة وباردة نسبياً خلال الساعات القادمة