خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
النور حمد
في الأيام القليلة الماضية أرسل لي أحد الأصدقاء الأعزاء بضع تقاريرَ صحفيةٍ، تحدثت وأوردت فيلمًا قصيرًا يصور معالم النهضة المتوثبة في دولتيْ إثيوبيا وغانا. وقد حرَّكت هذه التقارير في ذهني ما ظللت حائرًا فيه منذ بداية مقاومة الكيزان الشرسة لثورة ديسمبر المجيدة. وهو: لماذا يصر الكيزان في السودان على العودة إلى الحكم؟ ولماذا أشعلوا هذه الحرب الضروس وحمَّلونا هذه الكلفة الباهظة التي لم يُبتلى بها شعبٌ آخرٌ، بهذا القدر؟ تقول بعض التقارير، إن أعداد من أخرجتهم هذه الحرب من بيوتهم قد بلغت 14 مليونًا، وأن من أصبحوا في قبضة المجاعة قد بلغت أعدادهم 25 مليونًا.
أظهرت تلك التقارير العمل الجاري ليل نهار في إعادة بناء كل الشوارع في مدينة أديس أبابا على أحدث الطرز، ومن عمل للأرصفة، على أحدث المواصفات وأكثرها جودة. وأيضًا، ما صاحب ذلك من تشجيرٍ وتزهيرٍ للطرقات ومن إضاءة، لتصبح أديس أبابا عاصمةً تتناسب مع وجود مقر الاتحاد الإفريقي فيها، ولتصبح نموذجًا للعواصم الإفريقية الحديثة الدالة على نهضة إفريقيا الجديدة. وقد أظهر الفيديو القصير العمارات السوامق ذات المظهر الحديث التي أخذت تنبت بسرعة البرق مكان بيوت الصفيح، التي كانت تشكِّل غالبية أحياء أديس أبابا الشعبية، التي تحتل مساحاتٍ معتبرةً من وسط المدينة. ما جرى عرضه في الفيديو القصير يجعلك تحس وكأنك ترى مشاهد من مدن الصين الجديدة. وفي تقرير صحفي آخر، ظهر أنموذج لمطار أديس أبابا الجديد، قيد الإنشاء، الذي تبلغ كلفته 5 بلايين دولار، ليتناسب مع أعداد المسافرين المتزايدة. فالمتوقع أن يبلغ عدد المسافرين الذين سيمؤون من خلاله كل سنة، حوالي 25 مليون راكبا. ولا غرابة، فقد تعدَّت أعداد طائرات أسطول الخطوط الجوية الأثيوبية 150 طائرة. كما أن هذه الخطوط مؤسسةٌ مملوكةٌ كليًّا للحكومة الإثيوبية، تحمل طائراتها إسم إثيوبيا على جنباتها، وتصل به إلى مئات المدن في كل قارات العالم الست.
بقيت عصابة الكيزان في السلطة لثلاثين عامًا، أضاف إليها البرهان، وهو أسوأ ما أنتجه هذا التنظيم الشيطاني من شخصيات، خمس سنوات أخرى. في هذه السنوات الخمس والثلاثين اختفى إسم سودانير ولم تعد تملك غير طائرة أو طائرتين. وحلَّت محل سودانير أمساخٌ كيزانيةٌ سُمِّيت شركات طيران. وهي شركات تستخدم بضع طائرات بوينغ 337، مستعملة مستهلكة دخلت في عداد الأناتيك، إذ أن تاريخ صنعها يعود لعقود القرن الماضي. هذا، في حين ضم أسطول الإثيوبية الذي تعدى 150 طائرة، ولأول مرة وسط شركات الطيران في إفريقيا، طائراتٍ من أحدث ما أنتجته شركة أيربص الأوروبية، وهي طائرات: A350-900 وA350-1000 .
أما مطار الخرطوم الجديد المزعوم، فقد اقترضت عصابة الكيزان باسمه ثلاثةَ قروضٍ، لم يتعد مبلغ أكبر قرضٍ منها مليار دولار. وقد اختفت هذه القروض الثلاثة، جميعها، ولم ير الشعب منها سوى شارع أسفلت دائري هزيل، أحادي المسار طوله بضع كيلومترات. إضافة إلى لافتةٍ بائسةٍ منصوبةٍ في العراء جنوب حي الصالحة، تقول: هذا هو موقع المطار الجديد. وهذا، بطبيعة الحال، نموذجٌ واحد للتدمير الشامل الذي قام به الكيزان، الذي لم يترك مرفقًا من المرافق لم يطله، وأيضًا، للسرقات الوقحة التي لا عدَّ لها. أما التقرير الثاني وما صحبه من فيلم قصير، فقد تحدث عن غانا وعن ما يجري في مدنها من تحديث لافت. وكذلك، ما يجري في جامعاتها من تطوير، خاصة في المرافق الطبية الجامعية التي أصبحت تضاهي ما يجري في الدول الصناعية الكبرى.
هذان نموذجان لجهود التنمية والتحديث المتسارعة التي تجري في الأقطار الأفريقية. ومثل ذلك يجري، على قدمٍ وساقٍ أيضًا، في كينيا وفي يوغنده وفي تنزانيا، من مجموعة دول شرق إفريقيا. أما القعود والعجز والتراجع والتخريب المطرد فحالةٌ يجسدها بجدارة سودان عصابة الكيزان. فقد جلست هذه العصابة على دست الحكم لخمسة وثلاثين عامًا لم تصنع فيها غير الخراب والدمار. ولكي تخفي هذه العصابة الشيطانية عجزها الفاضح عن أي إنجاز يستحق الذكر، ولكي تتستَّر على لصوصيتها، وإجرامها، وتمحو كل سجلٍّ يشير إلى اولئك، عمدت إلى إشعال هذه الحرب اللعينة، لينطمس كل شيء، وليصبح أعلى ما يطمح السودانيون ويأملون فيه، هو مجرد أن تقف الحرب، لا أكثر! المدهش، أن هذه االعصابة الكيزانية الإجرامية الشيطانية قد شرعت في التفكير في الاستثمار في هذا الخراب الخرافي. فقد ظهر في الأخبار مؤخرً حديثٌ لبعض المسؤولين عن خطط للإعمار، وكأن الحرب قد انتهت. والأدهى أن الشركات المصرية هي المرشحة لتقوم بالدور الأعظم في جهود الإعمار المزعومة هذه. وهذا توجهٌ لفتح بابٍ جديدٍ لفسادٍ كبيرٍ سيفوق كل ما جرى في الخمسة وثلاثين عامًا الماضية، ولكن هيهات!!
نشر بمجلة "أفق جديد"
elnourh@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أدیس أبابا
إقرأ أيضاً:
خمسة أشياء لا يجب مشاركتها مع روبوت دردشة GPS
في الأشهر الأخيرة، أصبحت ChatGPS أداة شائعة للإجابة على الأسئلة وتقديم المساعدة في مختلف الأمور اليومية. وعلى الرغم من فائدتها الكبيرة كأداة قائمة على الذكاء الاصطناعي، يحذر بعض الباحثين من مخاطر مشاركة كل المعلومات معها.
أطلقت شركة Open AI منتجها ChatGPS، الذي يوفر مساعدًا رقميًا متعدد الوظائف. يمكن لهذا المساعد كتابة النصوص، تدقيق الأكواد البرمجية، تحليل البيانات الطبية، وحتى تقديم حلول عملية لمساعدة الأطفال على النوم. ومع ذلك، تعتمد هذه الاستجابات المخصصة على خوارزميات ذكية تتعلم وتطور نفسها بناءً على كل تفاعل مع المستخدمين.
وعلى مر السنين فإن ChatGPT، لم تعرف عنك فقط أنك تحب بيض الدجاج وتعاني من آلام الظهر، بل حفظت أيضًا المزيد من التفاصيل الشخصية.
وتهدف أدوات مثل ChatGPS إلى تخصيص الاستجابات وتحسين الأداء المستقبلي، مع حفظ العديد من التفاصيل الفردية، بدءًا من الحالة البدنية للمستخدمين وحتى أمور خاصة جدًا.
ويمكن تعطيل هذه الميزة عبر الإعدادات، لكن العديد من الأشخاص لا يفعلون ذلك، مما يؤدي إلى توفير كميات كبيرة من المعلومات لروبوت ChatGPS. ولكن ما الذي يجب تجنب قوله؟ ولماذا؟
وبحسب تحذيرات الخبراء، هناك خمسة أنواع من المعلومات لا ينبغي إدخالها في المحادثات مع روبوتات الدردشة، حيث يمكن أن تُساء استخدامها أثناء تدريب النماذج أو بسبب أخطاء النظام أو حتى في الهجمات الإلكترونية.
تتضمن هذه المعلومات:
1. معلومات الهوية: مثل رقم شهادة الميلاد، جواز السفر، العنوان، رقم الهاتف، وتاريخ الميلاد. ,رغم محاولات بعض روبوتات المحادثة فرض رقابة على هذه البيانات، tلا توجد ضمانات كاملة.
2. نتائج الفحوص الطبية: روبوتات المحادثة غير خاضعة لقوانين حماية البيانات الصحية الصارمة. إذا لزم الأمر، يمكن تحميل نتائج الاختبارات دون تضمين بيانات الهوية.
Relatedكيف يمكن الاعتماد على "تشات جي بي تي" أن يزيد من الاحتباس الحراري في العالم؟دراسة تكشف مفاجأة: تشات جي بي تي يشعر بالتوتر ويحتاج إلى "العلاج"مدينة أركاشون تتيح خدمة تشات جي بي تي بريميوم مجانًا لدعم كبار السن في الوصول إلى الخدمات الرقمية3. المعلومات المالية: مثل أرقام الحسابات المصرفية أو الاستثمارية، والتي قد تؤدي إلى عواقب خطيرة في حال الكشف عنها بشكل غير مقصود.
4. معلومات المؤسسة السرية: يعتمد بعض المستخدمين على روبوتات المحادثة لكتابة رسائل البريد الإلكتروني أو مراجعة الأكواد البرمجية أثناء العمل، مما قد يؤدي إلى تسريب بيانات تجارية حساسة أو رموز سرية.
5. كلمات المرور وأسماء المستخدمين: روبوتات المحادثة ليست بيئة آمنة لتخزين كلمات المرور أو البيانات الشخصية، ويجب الاحتفاظ بها ضمن برامج إدارة كلمات المرور المتخصصة.
تستخدم شركات كبرىمثل OpenAI وGoogle وMicrosoft محادثات المستخدمين لتحسين نماذجها. وعلى الرغم من إتاحة خيار تعطيل استخدام البيانات للتدريب ضمن الإعدادات، فإن العديد من المستخدمين غير مدركين لهذه الميزة.
طرق الحفاظ على الخصوصيةيقدم خبراء الأمن السيبراني توصيات لحماية الخصوصية، من بينها:
• استخدام وضع الدردشة المؤقتة: تعمل هذه الميزة مثل التصفح المتخفي في المتصفحات، حيث تمنع حفظ المحادثات واستخدامها في تدريب النماذج.
• حذف المحادثات: يمكن للمستخدمين حذف المحادثات من السجل بعد كل جلسة، مع التأكد من مسح البيانات نهائيًا بعد مرور 30 يومًا.
• استخدام أدوات إخفاء الهوية: يقدم محرك البحث «DuckDuckGo» أداة تُسمى «Duck.ai» لإرسال رسائل مجهولة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي، رغم أن إمكانياتها تبقى محدودة مقارنة بروبوتات الدردشة الشاملة.
في النهاية، يعود القرار لك بشأن ما تختار مشاركته وما تحتفظ به لنفسك. روبوتات المحادثة مصممة لاستمرارية التفاعل، لكن السلطة النهائية تظل في يد المستخدم.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "لا أمزح".. ترامب يُشير مجددًا إلى احتمال ترشحه لولاية رئاسية ثالثة عيد الفطر على وقع الانقسام بين الدول: مواعيد متعددة والجدل يحتدم إيران تهدد بقصف قاعدة "دييغو غارسيا" إذا تعرضت لأي هجوم تشات جي بي تيالذكاء الاصطناعيأمن