سودانايل:
2024-12-28@07:01:06 GMT

خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

النور حمد

في الأيام القليلة الماضية أرسل لي أحد الأصدقاء الأعزاء بضع تقاريرَ صحفيةٍ، تحدثت وأوردت فيلمًا قصيرًا يصور معالم النهضة المتوثبة في دولتيْ إثيوبيا وغانا. وقد حرَّكت هذه التقارير في ذهني ما ظللت حائرًا فيه منذ بداية مقاومة الكيزان الشرسة لثورة ديسمبر المجيدة. وهو: لماذا يصر الكيزان في السودان على العودة إلى الحكم؟ ولماذا أشعلوا هذه الحرب الضروس وحمَّلونا هذه الكلفة الباهظة التي لم يُبتلى بها شعبٌ آخرٌ، بهذا القدر؟ تقول بعض التقارير، إن أعداد من أخرجتهم هذه الحرب من بيوتهم قد بلغت 14 مليونًا، وأن من أصبحوا في قبضة المجاعة قد بلغت أعدادهم 25 مليونًا.

فما هو الإنجاز البارز الذي قام به الكيزان على مدى 35 عامًا وجعلهم ينخرطون في مقاومة الثورة وفي محاولة القضاء عليها بكل هذه الشراسة واللامبالاة، وجعلهم حريصين على العودة إلى الحكم مهما بلغت كلفة تلك العودة؟ إن المرء ليحار حقًا في الطريقة التي تشكَّلت بها عقول الكيزان.
أظهرت تلك التقارير العمل الجاري ليل نهار في إعادة بناء كل الشوارع في مدينة أديس أبابا على أحدث الطرز، ومن عمل للأرصفة، على أحدث المواصفات وأكثرها جودة. وأيضًا، ما صاحب ذلك من تشجيرٍ وتزهيرٍ للطرقات ومن إضاءة، لتصبح أديس أبابا عاصمةً تتناسب مع وجود مقر الاتحاد الإفريقي فيها، ولتصبح نموذجًا للعواصم الإفريقية الحديثة الدالة على نهضة إفريقيا الجديدة. وقد أظهر الفيديو القصير العمارات السوامق ذات المظهر الحديث التي أخذت تنبت بسرعة البرق مكان بيوت الصفيح، التي كانت تشكِّل غالبية أحياء أديس أبابا الشعبية، التي تحتل مساحاتٍ معتبرةً من وسط المدينة. ما جرى عرضه في الفيديو القصير يجعلك تحس وكأنك ترى مشاهد من مدن الصين الجديدة. وفي تقرير صحفي آخر، ظهر أنموذج لمطار أديس أبابا الجديد، قيد الإنشاء، الذي تبلغ كلفته 5 بلايين دولار، ليتناسب مع أعداد المسافرين المتزايدة. فالمتوقع أن يبلغ عدد المسافرين الذين سيمؤون من خلاله كل سنة، حوالي 25 مليون راكبا. ولا غرابة، فقد تعدَّت أعداد طائرات أسطول الخطوط الجوية الأثيوبية 150 طائرة. كما أن هذه الخطوط مؤسسةٌ مملوكةٌ كليًّا للحكومة الإثيوبية، تحمل طائراتها إسم إثيوبيا على جنباتها، وتصل به إلى مئات المدن في كل قارات العالم الست.
بقيت عصابة الكيزان في السلطة لثلاثين عامًا، أضاف إليها البرهان، وهو أسوأ ما أنتجه هذا التنظيم الشيطاني من شخصيات، خمس سنوات أخرى. في هذه السنوات الخمس والثلاثين اختفى إسم سودانير ولم تعد تملك غير طائرة أو طائرتين. وحلَّت محل سودانير أمساخٌ كيزانيةٌ سُمِّيت شركات طيران. وهي شركات تستخدم بضع طائرات بوينغ 337، مستعملة مستهلكة دخلت في عداد الأناتيك، إذ أن تاريخ صنعها يعود لعقود القرن الماضي. هذا، في حين ضم أسطول الإثيوبية الذي تعدى 150 طائرة، ولأول مرة وسط شركات الطيران في إفريقيا، طائراتٍ من أحدث ما أنتجته شركة أيربص الأوروبية، وهي طائرات: A350-900 وA350-1000 .
أما مطار الخرطوم الجديد المزعوم، فقد اقترضت عصابة الكيزان باسمه ثلاثةَ قروضٍ، لم يتعد مبلغ أكبر قرضٍ منها مليار دولار. وقد اختفت هذه القروض الثلاثة، جميعها، ولم ير الشعب منها سوى شارع أسفلت دائري هزيل، أحادي المسار طوله بضع كيلومترات. إضافة إلى لافتةٍ بائسةٍ منصوبةٍ في العراء جنوب حي الصالحة، تقول: هذا هو موقع المطار الجديد. وهذا، بطبيعة الحال، نموذجٌ واحد للتدمير الشامل الذي قام به الكيزان، الذي لم يترك مرفقًا من المرافق لم يطله، وأيضًا، للسرقات الوقحة التي لا عدَّ لها. أما التقرير الثاني وما صحبه من فيلم قصير، فقد تحدث عن غانا وعن ما يجري في مدنها من تحديث لافت. وكذلك، ما يجري في جامعاتها من تطوير، خاصة في المرافق الطبية الجامعية التي أصبحت تضاهي ما يجري في الدول الصناعية الكبرى.
هذان نموذجان لجهود التنمية والتحديث المتسارعة التي تجري في الأقطار الأفريقية. ومثل ذلك يجري، على قدمٍ وساقٍ أيضًا، في كينيا وفي يوغنده وفي تنزانيا، من مجموعة دول شرق إفريقيا. أما القعود والعجز والتراجع والتخريب المطرد فحالةٌ يجسدها بجدارة سودان عصابة الكيزان. فقد جلست هذه العصابة على دست الحكم لخمسة وثلاثين عامًا لم تصنع فيها غير الخراب والدمار. ولكي تخفي هذه العصابة الشيطانية عجزها الفاضح عن أي إنجاز يستحق الذكر، ولكي تتستَّر على لصوصيتها، وإجرامها، وتمحو كل سجلٍّ يشير إلى اولئك، عمدت إلى إشعال هذه الحرب اللعينة، لينطمس كل شيء، وليصبح أعلى ما يطمح السودانيون ويأملون فيه، هو مجرد أن تقف الحرب، لا أكثر! المدهش، أن هذه االعصابة الكيزانية الإجرامية الشيطانية قد شرعت في التفكير في الاستثمار في هذا الخراب الخرافي. فقد ظهر في الأخبار مؤخرً حديثٌ لبعض المسؤولين عن خطط للإعمار، وكأن الحرب قد انتهت. والأدهى أن الشركات المصرية هي المرشحة لتقوم بالدور الأعظم في جهود الإعمار المزعومة هذه. وهذا توجهٌ لفتح بابٍ جديدٍ لفسادٍ كبيرٍ سيفوق كل ما جرى في الخمسة وثلاثين عامًا الماضية، ولكن هيهات!!

نشر بمجلة "أفق جديد"

elnourh@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أدیس أبابا

إقرأ أيضاً:

استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة

المتاطق_متابعات

استشهد خمسة فلسطينيين وأصيب عدد آخر بجروح مختلفة في غارة إسرائيلية فجر اليوم استهدفت مركبة بث فضائي أمام مستشفى العودة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ليرتفع بذلك عدد الصحفيين الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع مطلع أكتوبر 2023 م إلى 200 شهيد بالإضافة إلى إصابة العشرات.

في السياق تواصل القصف المدفعي والجوي المكثف على مناطق متفرقة في القطاع، ترافق ذلك مع تدمير ونسف منازل ومربعات سكنية كاملة.

أخبار قد تهمك استشهاد 18 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على منزلين شمال وجنوب قطاع غزة 25 ديسمبر 2024 - 7:54 صباحًا استشهاد سبعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على خيام النازحين جنوب قطاع غزة 23 ديسمبر 2024 - 9:10 صباحًا

مقالات مشابهة

  • تعرف على أهم خمسة إنجازات طبية لعام 2024
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • تلفزيون السودان يقحم الكنيسه فى الصراع بين الكيزان والدعم السريع
  • استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة
  • الصومال يوافق على استفادة إثيوبيا من سواحله
  • بسبب الفيضان .. تقديرات أولية تكشف انهيار «15» ألف منزل في الجزيرة أبابا
  • ○ من الذي خدع حميدتي ؟
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • إعلان أنقرة لإنهاء التوتر بين الصومال وإثيوبيا في 5 أسئلة
  • الصومال يدين هجوماً إثيوبياً على مدينة حدودية.. وأديس أبابا تعرب عن الانزعاج