عصا الترحال: السنغال، أثيوبيا، جنوب السودان (القاهرة: دار المصورات 2024)
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
هذه كتابات عن زيارات قصيرة لإثيوبيا (2006م) والسنغال (2008م) وجنوب السودان (1980م) ساقتني، ضمن أشياء أخرى، إلى مشاهد إسلامية فيها ومآثر. واصطحبت فيها، كما لا مهرب منه، خطاب الهوية السودانية الذي "اندلع" جنباً إلى جنب مع الحرب الأهلية التي دارت منذ 1983م ودفعت بسؤال الهوية إلى مركز الدائرة في السياسة.
يكفي استعارّ الجدال يومها حول مشروعية أن تكون الخرطوم، بعد اختيار الجامعة العربية لها، عاصمة للثقافة العربية لسنة 2005م. فرفضتْ رموزٌ ثقافية مرموقة ذلك التعيين للخرطوم، لأن السودان أفريقي محضٌ، وليس من العروبة في شيء.
ولم أملك والحال كذلك، إلا أن أصطحب، خلال زياراتي، حجاجي حول الهوية السودانية مع من سمَّيتُهم بالخلعاء. وهم عندي المتمردون من بين شباب العرب المسلمين السودانيين الذين جاهروا بنزعتهم الأفريقية، مُطَلِّقين ما نشأوا عليه من هوية عربية إسلامية طلاقَ بينونة. وعاتبني من ظن مصطلحي؛ الخلعاء، حطَّاً لهم، وأنه ذمٌّ، كأني أزعم أن الهوية العربية مما لا يقبل الاجتهاد وإعادة النظر. ولم أقصد ذلك.
استوقفني ذلك الرهط من شباب الجلابة الذي خلع عروبته وإسلاميته (أو الإسلاموعروبية كما يسمونها) ليعرض بهويته الأفريقية "الخالصة" في عَرَصات البلد منذ منتصف الثمانينيات. وقلت إنهم يثيرون إشفاقي، لا حنقي، لأنهم ضحايا سياسات عربية وإسلامية نزعت من وجدانهم تلك المعاني نزعاً وألجأتهم إلى هويه أفريقية ظنوا بها خلاصهم من العروبة والإسلام وما هو كذلك.
فقد هدَّت كاهلَ هؤلاء الشباب سياساتُ للدولة في السودان جعلت هوية الجماعة العربية الإسلامية هويةً للدولة الوطنية التي تزخر بهويات غيرها كثيرٍ. وقد بلغت تلك السياسة ذروتها على يد دولة الإنقاذ (1989م-2019م) على أنها لم تَسْتَنَّها أول مرة. واستقوى جفاء هؤلاء الخلعاء للإسلاموعربية بعد هجراتهم إلى بلاد العرب، فاكتشفوا- على حين غِرَّة- وَهْمَ الفارق بين ثقافتهم البيضاء (أي العربية) وسحناتهم السوداء. وبدت لهم هويتهم العربية التي نشأوا عليها مجرد زعمٍ لم يقبل به العرب أسياد الاسم. وحقنهم اقتصاد هذه الهجرة لبلاد العرب العاربة، لو شئت، بالمرارات. فخَلُصوا إلى أن عروبتهم مجرد اختلاق.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
“حماية اللغة العربية ضرورة”… ورشة تفاعلية في كلية الآداب بجامعة دمشق
دمشق-سانا
تهدف الورشة التفاعلية التي أقامها اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية في كلية الآداب بجامعة دمشق اليوم لتقوية منظومة اللغة العربية في مجالات الثقافة والإعلام والتعليم.
وأكد المشاركون بالورشة التي حملت عنوان “حماية اللغة العربية ضرورة” أهمية الحفاظ على اللغة العربية كونها جزءاً من الهوية العربية، ودور مختلف القطاعات للتعاون من أجل ذلك، وضرورة مواجهة المصطلحات الدخيلة على لغتنا العربية.
وأشار الدكتور الشاعر جهاد بكفلوني عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب إلى أن الاهتمام باللّغة العربيّة شغلٌ شاغلٌ لاتّحاد الكتّاب العرب، إلى جانب تركيز الدوريات والكتب الصّادرة عن الاتّحاد على أهمّيّة اللّغة العربيّة في حياتنا الفكريّة، مؤكداً أن الاتحاد يعمل لمد جسور التّعاون مع المؤسّسات الفكريّة والجهات المهتمّة بكل ما يتعلق بلغتنا الأم.
وبين الدكتور بكفلوني أن اللغة العربية هي من أهم مقومات الهوية والانتماء، والتعامل من خلالها ليس صعباً كما يدعي البعض، فهي توحيد للهوية والانتماء وهي قوة إنسانية واجتماعية ووطنية، وعلينا أن ندرك ذلك ونعمل عليه.
وتم خلال الورشة التي شارك بها عدد من طلبة كلية الآداب من مختلف الأقسام طرح عدد من الأفكار لتعزيز حضور اللغة العربية في مختلف المجالات، عبر إقامة فعاليات وأنشطة تشاركية تسهم في الحفاظ على اللغة العربية.
محمد خالد الخضر