هل أجهضت الضغوط الأميركية مبادرة الحزام والطريق؟
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
26 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في زحمة التوترات الإقليمية والتنافس الدولي المتزايد، تصاعد الجدل حول مصير الاتفاقية العراقية الصينية التي كانت تمثل أحد أبرز مشاريع إعادة الإعمار في العراق، ضمن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
تعطّل الاتفاقية الذي كشفت عنه شبكة “ذا دبلومات” أثار ضجة، حيث تباينت المواقف بين مؤيد ومعارض لهذا التحوّل المفاجئ.
تقول تغريدة على منصة إكس من مستخدم يدعى علي الطائي: “إذا كانت الولايات المتحدة ترى أن الصين تشكل تهديداً، فلماذا يُطلب من العراق دفع الثمن؟ نحن بحاجة إلى بناء بلدنا بأي طريقة ممكنة”.
بينما علّقت ناشطة أخرى تُدعى رُبى الكاظمي على فيسبوك: “التبعية الاقتصادية للصين ليست الحل. علينا أن نضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار”.
وفق معلومات من مصادر، فإن السبب الأساسي وراء التوقف المؤقت للاتفاقية هو الضغوط الأميركية، حيث أبدت واشنطن انزعاجاً واضحاً من النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة.
مصدر طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن الجانب الأميركي “لوّح بعقوبات محتملة في حال استمرار العمل بالاتفاقية”، مشيراً إلى أن “الولايات المتحدة تعتبر المشروع تهديداً استراتيجياً لنفوذها في العراق”.
لكن في ظل هذا الصراع الدولي، يظل الواقع العراقي أكثر تعقيداً.
المهندس أحمد السامرائي من بغداد، الذي كان يعمل على دراسة البنية التحتية في إطار المشروع، أفاد بأن “الاتفاقية كانت تمثل فرصة ذهبية للعراق لتطوير الموانئ والطاقة والنقل”، لكنه أشار أيضاً إلى أن “غياب الشفافية في تفاصيل الاتفاقية المالية والجزائية كان مصدر قلق داخلي”.
رغم مرور خمس سنوات على توقيع الاتفاقية، إلا أن كثيراً من بنودها لا تزال غير واضحة، ما يفتح المجال للتفسيرات المتضاربة. ويعتقد المحلل الاقتصادي سعد الزيدي أن هذا الغموض “أضعف موقف الحكومة العراقية أمام الضغوط الدولية والمحلية”.
تحدثت مصادر عن انقسام داخل الحكومة العراقية، حيث يرى بعض المسؤولين أن العراق يجب أن يستغل الفرص التي تقدمها الصين دون الخضوع للضغوط الأميركية. في حين أن آخرين يحذرون من أن الاعتماد المفرط على بكين قد يؤدي إلى تبعية اقتصادية مقلقة.
في هذا السياق، علق الباحث فراس الكرخي بأن “المواطن العراقي يشعر بالخذلان لأن إعادة الإعمار أصبحت رهينة للمصالح الدولية”، مضيفاً: “إذا لم تستطع الحكومة أن توازن بين القوى العظمى، فإن مستقبل المشاريع الكبرى سيكون في مهب الريح”.
التحليلات تتحدث عن سيناريوهات عدة قد تواجه الاتفاقية مستقبلاً. إذا استمرت الضغوط الأميركية، فقد تجد بغداد نفسها مضطرة لإعادة التفاوض مع الصين أو حتى البحث عن بدائل تمويلية أخرى. وعلى الجانب الآخر، إذا أصرت الحكومة العراقية على المضي قدماً في الاتفاقية، فقد تتعرض لضغوط سياسية واقتصادية كبيرة من حلفائها الغربيين.
من جانبه، يقول المستثمر علي الجبوري: “لسنا ضد التعامل مع الصين أو أميركا، نحن ضد استغلال العراق كساحة لتصفية الحسابات”. حديث الجبوري يعكس إحساساً عميقاً بين العراقيين بأنهم مجرد ورقة في لعبة الشطرنج الدولية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
العراق على حافة القلق: مخاوف من “إقليم سني” مدعوم من سوريا
26 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: في ظل الظروف الحالية التي يعيشها العراق، يظل الحذر هو السمة الغالبة في تعامل بغداد مع التهديدات المحتملة من القيادة السورية الجديدة.
ورغم التصريحات الرسمية التي تؤكد على عدم التدخل في شؤون سوريا الداخلية، إلا أن هناك قلقًا حقيقيًا من أن هذه التهديدات قد تتصاعد بشكل غير متوقع. وهو ما يجعل المسؤولين العراقيين يتعاملون بحذر شديد مع هذا الملف في وقت تشهد فيه المنطقة تغيرات جوهرية قد تنعكس على الأمن الإقليمي بشكل عام.
الحديث عن “التهديدات السورية” يأتي في إطار التجارب المريرة التي عاشها العراق خلال السنوات الماضية من جراء الإرهاب والتدخلات الإقليمية، حيث ظل الإرهاب أداة تستخدمها العديد من القوى في المنطقة لتحقيق أهدافها.
إن هذا السياق المعقد يضيف بعدًا آخر لفهم الخطاب السوري تجاه العراق الذي يبقى غامضًا حتى اليوم. القيادة السورية الحالية، التي تسيطر عليها مجموعات تعتبر متطرفة في بعض توجهاتها، قد تكون أحد العوامل المزعجة التي تدفع العراق إلى مزيد من الحذر.
وتزداد المخاوف في العراق من أن تغير النظام السوري قد يتسبب في تزايد التهديدات الإرهابية، خاصة إذا سعت سوريا لدعم قوى سياسية ذات توجهات متطرفة تهدد استقرار العراق.
في المقابل، تظهر المخاوف الطائفية بشكل جلي في بعض الأوساط العراقية، حيث تتزايد المخاوف الشيعية من إمكانية قيام “إقليم سني” مدعوم من سوريا. هذا الخوف يعكس القلق المستمر من أن تتحول العلاقة بين البلدين إلى نقطة توتر جديدة قد تؤثر سلبًا على الوحدة الوطنية في العراق وتفتح بابًا جديدًا لصراع طائفي في المنطقة.
وفي الوقت الذي يواجه فيه العراق تحديات داخلية متعددة، فإن أي تغيير في التوازنات الإقليمية قد يدفعه إلى إعادة تقييم مواقفه السياسية والعسكرية.
لا يمكن تجاهل أن جوهر أي تغيير في العلاقة بين العراق وسوريا لن يكون مجرد إجراءات شكلية أو تصريحات إعلامية، بل يجب أن يكون تغييرًا حقيقيًا يتواكب مع متطلبات الأمن الوطني العراقي.
في هذا الإطار، قد يضطر العراق إلى اتخاذ خطوات عسكرية إذا رصدت الحكومة العراقية تهديدات أمنية واضحة، خاصة إذا كانت تتعلق بتحركات قد تكون قادمة من الأراضي السورية أو إذا تأكدت صلات بين الجماعات الإرهابية في كلا البلدين.
إزاء هذه التهديدات، قد تجد بغداد نفسها مجبرة على التنسيق مع طهران بشأن مستقبل العلاقة مع دمشق.
وتنسيق قد يشمل العمل العسكري في بعض الحالات، وقد يتخذ شكل تفاهمات أمنية أو سياسية تهدف إلى كبح أي محاولات إقليمية لزعزعة استقرار العراق. وهو ما قد يعكس التوجه المستقبلي لعلاقات العراق مع سوريا في ظل التطورات الراهنة، وتحديدًا مع تواتر التحولات التي قد تطرأ على القيادة السورية في المستقبل.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts