زهير عثمان

بالأمس الأول، كانت ذكرى رحيل القيادي الشيوعي التجاني الطيب، صاحب السيرة النضالية العظيمة. ولكن، وسط كمّ المعاناة والنزوح والترحال، سقطت الذكرى. وها أنا أحاول كتابة نص يليق بتجربة هذا الرجل النضالية.
في مثل هذا اليوم، 23 نوفمبر، نتذكر رحيل القيادي الماركسي والمناضل السوداني التجاني الطيب بابكر (1926-2011)، الرجل الذي لم تكن حياته مجرد سيرة ذاتية، بل لوحة تجسد النضال من أجل قيم العدالة والحرية والانحياز لقضايا البسطاء والكادحين.

في هذه الذكرى، يبرز السؤال المشروع: هل نسي شباب الحزب الشيوعي السوداني إرث هذا الرفيق الفذ؟

من هو التجاني الطيب؟
ولد التجاني الطيب في مدينة شندي، تلك المدينة التي وصفها في حواره النادر مع الصحفي معاوية حسن يس بأنها مزيج من التجارة، التعليم، الصوفية، وجمال الوجوه. هذه البيئة المتنوعة صنعت وعيه الأول، وسرعان ما انتقل إلى أم درمان ليعيش في حي العرب، حيث تبلورت رؤيته كمناضل يساري ينحاز للبروليتاريا، مستلهماً من واقع حيّه الغني بالمبدعين والطبقات الكادحة.

محطات نضالية لا تُنسى
كان التجاني مثالاً للمناضل الذي يضع القيم فوق كل اعتبار. تعرض للسجن والمنفى مرات عديدة، لكنه لم يلن أو يتراجع عن مواقفه. تحدث في حواره مع معاوية يس عن تلك الفترات بصراحة وإيجابية، مستعيداً مشاهد الاعتقال في عهد نميري والبشير، وكيف واجه الصعوبات بصبر وإصرار.

من أبرز ما رواه، كان اعتقاله عقب انقلاب يونيو 1989، حيث اقتيد من منزله إلى مكان احتجاز قرب المهندسين وشاهد في ذلك اليوم مقتل أحد الضباط المشاركين في الانقلاب. رغم كل ذلك، ظل التجاني شامخاً ومتماسكاً، محاطاً بإرثه الفكري والنضالي.

رؤية التجاني وثقافته العميقة
لم يكن التجاني مجرد سياسي، بل مفكراً ومثقفاً عميقاً. تحدث عن تأثير الأدب والفكر العالمي عليه منذ شبابه. كان أول من قدمه إلى اسم كارل ماركس هو صديقه وزميله عبدالخالق محجوب، مما يوضح كيف تداخلت الثقافة والنضال في مسيرة الرجل. امتدت قراءاته من شكسبير إلى قضايا التحرر العالمي، وربط بين هذه الأفكار وواقع بلاده، ليشكل منهاجاً عملياً نادراً.

ماذا عن شباب الحزب اليوم؟
يبدو أن الحزب الشيوعي في العقود الأخيرة قد تراجع عن استلهام الإرث النضالي لرموز مثل التجاني الطيب. بينما ينشغل البعض بقضايا آنية وصراعات سياسية، يفتقد الحزب قيادة ملهمة قادرة على استعادة زخم الماضي، ومثل هذه القيادات هي ما كان التجاني يمثله.

إن الشباب اليوم مدعوون إلى قراءة تاريخ هذا القائد العظيم، ليس فقط كجزء من تراث الحزب، بل كمصدر إلهام يمكنهم من مواجهة التحديات الحالية بروح مناضلي الأمس.

إرث يجب أن يستمر
كتب الصحفي أحمد الأمين يوماً عن لقائه الوحيد بالتجاني، واصفاً إياه بأنه كان مكللاً بالوقار، مفعماً بالحياة رغم سنوات النضال الطويلة. لم يكن التجاني فقط رمزاً حزبياً، بل تجسيداً للنضال من أجل كرامة الإنسان. هذا الإرث يجب أن يُنقل للأجيال الجديدة، لا كذكريات تذروها الرياح، بل كدروس ملهمة للعمل من أجل سودان أفضل.

في ذكرى رحيل الأستاذ التجاني الطيب، علينا أن نتساءل: هل ندرك قيمة هذا الإرث؟ وهل نعمل على أن يبقى حيّاً في وجدان الحزب وضمير الوطن؟ الإجابة على هذا السؤال هي ما سيحدد مستقبل هذا الحزب الذي لطالما كان ضميراً للطبقات الكادحة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الإمام الطيب: الإيمان باسم «الرقيب» يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش

أكَّد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال حديثه اليوم بالحلقة السابعة عشر من برنامج «الإمام الطيب»، أن اسم الله تعالى "الرقيب" من الأسماء الحسنى الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، مُستشهداً بقوله تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) في سورة الأحزاب، وقوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) في سورة النساء، بالإضافة إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ضمّن الأسماء التسعة والتسعين المُجمع عليها بين المسلمين، موضحا أن هذا الاسم يُعدُّ دليلاً على سعة علم الله تعالى المُحيط بكل شيء، ورقابته الدائمة على خلقه.

وفي إجابة عن سؤال حول الميزان الصرفي لاسم "الرقيب"، أوضح شيخ الأزهر أن صيغة "فعيل" في اللغة العربية قد تأتي بمعنى "فاعل"، مثل "عليم" (عالم) و"سميع" (سامع)، لكنَّ اسم "الرقيب" خرج عن هذا السياق اللغوي لثبوته شرعاً، قائلا: "لو قِسنا على القاعدة اللغوية لكانت الصيغة «راقب»، لكن النصوص الشرعية جاءت بـ«رقيب»، فتمسكنا بها وأغضينا الطرف عن القياس"، مبيناً أن الاسم تفرَّد بمعنى المراقبة الإلهية الشاملة التي لا تشبه رقابة البشر.

وأشار الإمام الطيب، إلى أن اسم "الرقيب" يجمع بين صفتي العلم المطلق والحفظ الرباني، موضحاً أن الله تعالى يعلم الأشياء في حال وجودها وعدمها، ولا يشغله شأن عن شأن، مستشهداً بقوله تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ) وقوله: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، مؤكداً أن العلم الإلهي لا حدود له، وأنه يُمثِّل ركيزةً لإيمان المسلم بأن الله مُطَّلع على كل صغيرة وكبيرة.

واختتم شيخ الأزهر حديثه بتوصية للمسلمين بالاستفادة من هذا الاسم الكريم في حياتهم العملية، داعياً إلى مراقبة الله في السر والعلن، ومحاسبة النفس التي تُعدُّ "أعدى الأعداء". وقال: "الإنسان الذي يستشعر معنى الرقيب الإلهي لا يُقدم على ما يُغضب الله"، مُحذراً من وساوس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، مؤكداً أن الإيمان باسم "الرقيب" يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش، تحقيقاً لقوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ).

اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والقوَّات المسلحة والشعب المصري بذكرى انتصار العاشر من رمضان

شيخ الأزهر يستقبل المستشار محمد عبد السَّلام

شيخ الأزهر بمؤتمر الحوار الإسلامي: «موقف أمتينا العربية والإسلامية ضد تهجير الفلسطينيين مشرف»

مقالات مشابهة

  • أحمد الطيب ينتقد تصريحات باسم مرسي عن عبد الحميد بسيوني
  • «كان الله في عونك يا فاروق».. علي الطيب يروج للحلقة الرابعة من مسلسل حسبة عمري
  • ختام الدورة الرمضانية لدوري مركز قنا لحزب مستقبل وطن بتتويج فريق مانشستر سيتي
  • مواعيد مباريات اليوم.. الثلاثاء 18 - 3 - 2025
  • أبرز المباريات العربية اليوم الثلاثاء
  • الإمام الطيب: الإيمان باسم «الرقيب» يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش
  • الإمام الطيب: الإيمان باسم "الرقيب" يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش
  • شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة السوداني يواصل كسر “البروتوكول” ويفاجئ شباب بمدينة بورتسودان بمشاركتهم الإفطار في الشارع العام وسط دهشتهم وإعجاب جمهور مواقع التواصل
  • محمود الشحات أنور: البيت الطيب يخرج زوجة حسنة .. فيديو
  • السوداني يستذكر جريمة حلبجة: نعيش اليوم بفضل التضحيات العظيمة