سودانايل:
2025-04-30@22:16:52 GMT

عن الإنجليزية في السودان

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

بقلم: د. خالد محمد فرح

بدأت علاقة السودانيين باللغة الإنجليزية رسميا وعلى نطاق ملموس وواسع نسبيا، مع بداية عهد الحكم الثنائي 1898 -.1955م، اي تزامنا مع الغزو الاستعماري لبلادهم بواسطة قوات بريطانية ومصرية بقيادة الضابط البريطاني اللورد هربرت كتشنر ، تلك القوات التي أسقطت حكم دولة المهدية الوطنية، على اثر نتيجة معركة كرري او معركة ام درمان كما تؤثر المصادر الغربية تسميتها بذلك، والتي حدثت بتاريخ الجمعة الثاني من سبتمبر 1898م.


ولما كانت تلك الادارة الاستعمارية التي خيمت على السودان منذ خواتيم القرن التاسع عشر ثنائية في تركيبتها وطبيعتها، بمعنى انها كانت تتألف من كيانين هما بريطانيا الناطقة باللغة الإنجليزية، ومصر الناطقة باللغة العربية، فقد أثر ذلك بكل تاكيد على وضع اللغة الإنجليزية بالذات داخل المجتمع السوداني، وعلى حضورها العام فيه على المستويات التعليمية والثقافية والإعلامية والتواصلية وهلم جرا.
وهكذا ظل المجتمع السوداني مجتمعا متحدثا باللغة العربية في الاساس في لهجاتها المحكية المتعددة المنتشرة عبر ربوع البلاد الشاسعة، ، ومستخدما للغة العربية الفصحى عموماً في سياقات بعينها ، وخصوصا بالنسبة للمتعلمين، بينما اقتصرت معرفة الإنجليزية بين السودانيين بين قلة قليلة جداً من سكان البلاد الذين حظوا بالتعليم النظامي، إبتداءا من المرحلة المتوسطة فما بعدها وقد كان عدد هولاء محدودا جدا خصوصا خلال العقود الاولى من تلك الحقبة.
لم يشأ الإنجليز فرض لغتهم أو التمكين لها بين عامة السودانيين، على غرار ما فعلوا في مجتمعات اخرى بمستعمراتهم السابقة ببعض البلدان الآسيوية والأفريقية، مثل الهند وسريلانكا ونيجيريا وكينيا وأوغندا، على سبيل المثال، وانما تركوهم على سجيتهم، بل عمدوا إلى استقدام ثلة من الموظفين والإداريين من بني جلدتهم، ورتبوا لتعلميهم اللغة العربية واللهجة السودانية حتى يتواصلوا مع اهل البلاد مباشرة في اغلب الاحيان وخصوصا في الأرياف والبوادي.
ولكن هذا لا يمنع من القول ان المستوى العام في اللغة الإنجليزية بين المتعلمين السودانيين عموما، قد كان مرتفعا بشكل ملحوظ خلال العقود الاولى من الحقبة الاستعمارية، وانه قد ظل يشهد تراجعا مطردا مع مضي الأعوام خلال العقود اللاحقة، إلى ان وصل إلى درجة متناهية من الضعف والتدهور في الوقت الحالي بشهادة الجميع.
والسبب في ذلك انه في خلال العقود الاولى من الحقبة الاستعمارية، كان منهج تدريس اللغة الإنجليزية قويا، بدليل ان جميع المواد كانت تدرس باللغة الإنجليزية منذ المرحلة المتوسطة، ربما حتى أربعينيات القرن الماضي، فيما عدا اللغة العربية والتربية الاسلامية، ثم استمر التدريس في المرحلة الثانوية باللغة الإنجليزية لجميع المواد فيما عدا العربي والدين حتى عام ١٩٦٧ الذي شهد تعريب التعليم الثانوي، ولكن مع ذلك كان المستوى في اللغة الإنجليزية مرضياً بصورة عامة ايضا.
على ان الأمر الذي دفعني لتسجيل هذه الخاطرة حقيقةً، ان هنالك بالفعل بصمة معينة خاصة بالسودانيين فيما يلي علاقتهم باللغة الإنجليزية عبر تاريخهم الطويل نسبيا معها. ولا تخلو مسيرة السودانيين تلك مع اللغة الإنجليزية من مواقف طريفة ومفارقات وموافقات ومصادفات عجيبة، واحيانا سوء فهم وأخطاء يقع فيها احيانا حتى المتعلمون منهم تعليماً جامعيا.
ولعل من الطرف الكلاسيكية التي تروى عن صلة العوام من السودانيين باللغة الإنجليزية، تلك التي يحكونها عن صاحب حمار مشاوير للإيجار بمثابة التاكسي بالعاصمة في زمن الانجليز ، اراد ان يشرح لرجل انجليزي طالب خدمة ترحيل، اقترب منه ذات يوم فقال له كما زعموا:
Donkey me, ride you. Khartoum palace piaster two
ومعنى العبارة: اركب على حماري هذا إلى قصر الحاكم العام بالخرطوم بأجرة مقدارها قرشان. وبالطبع فان مثل هذه العبارة الركيكة، لا يمكن ان تصدر من اي شخص من قاطني نيروبي او كمبالا او لاغوس او فريتاون، مهما كان مستواه التعليمي، ببساطة لان الوسط اللغوي والتواصلي العام السائد في تلك العواصم الأفريقية، قد ظل ينضح باللغة الإنجليزية في كل زاوية من زواياه، وذلك بعد ان اضحت اللغة الرسمية المهيمنة على المشهد اللغوي والثقافي العام في تلك البلدان.
من المفارقات الغريبة التي وقف عليها ابناء جيلنا وربما الاجيال التي كانت قبلنا من خلال منهج اللغة الإنجليزية الذي الذي كان مقررا علينا، مما صنعه المستر مايكل ويست وأضرابه، وأقرته شعبة المناهج والكتب ببخت الرضا عبر سلسلة Readers ابتداء من ريدر ون وحتى ريدر 6 وريدر 7 ، اننا قد افهمنا مثلاً ان هنالك ثلاث وجبات طعام في اليوم هي: الافطار واسمه Breakfast ، والغداء واسمه Dinner ، والثالثة هي العشاء واسمه Supper. ولكننا تعلمنا بعد سنوات من ذلك، عن طريق المعايشة ومخالطة المتحدثين بالإنجليزية، وكذلك من خلال أفلام السينما ومسلسلات التلفزيون، ان الغداء اسمه Lunch في الواقع، وان ال Dinner ليس هو الغداء كما افهمونا، وانما هو العشاء، اما Supper هذه، فاحسب انها من العتيق المهجور من اللغة الإنجليزية. ولاحقا جداً فقهنا معنى العبارة الإنجليزية السائرة التي تجري مجرى المثل
There is no free lunch
وهي تعني حرفيا: ليس هنالك غداء مجاني، بينما ان مدلولها العام هو ان لا احد ، دولة او منظمة او مجتمعا دوليا ، او منظمة حكومية او غير حكومية ، تقدم لك خدمة أو تسدي لك معروفا بدون مقابل ، او هكذا عفواً من اجل سواد عينيك.
ولذلك فانه من اجل تمكين التلاميذ والطلاب السودانيين من امتلاك ناصية اللغة الإنجليزية، والتحدث بها ببراعة وطلاقة لسان مع النطق السليم والصحة في النحو والمعاني، فانه لا بد من استناد المناهج إلى مادة اللغة التي يتحدث بها اهلها فعلا في سياقاتها الحياتية الاعتيادية المختلفة، وذلك على غرار ما يرد مثلا في الكتيبات الإرشادية والتعليمية الصغيرة التي يستهدف بها السياح ومرتادو الأسفار لتعلم لغة ما، وماذا على المرء ان يقول في المطار، وفي المطعم ، وفي الصيدلية، وفي محطة القطار، وامام الطبيب ومع موظف وكالة السفر والسياحة وهلم جرا.
وعلى ذكر وكالات السفر والسياحة، حدث استاذ جامعي سوداني محترم صديق لنا قال: درسنا اللغة الإنجليزية بكلية الاداب بجامعة الخرطوم ، ولم نترك شعر شكسبير وكيتس وشلي وبايرون، ولكننا غرقنا في شبر ماء عندما ابتعثنا للسفر إلى الخارج ، وسألنا احدهم ان كنا قد عملنا ال Booking للسفر ام لا ؟ قال فوقف حمار الشيخ في العقبة، ولم نعرف ما هو ذلك ال Booking المطلوب منا، فاذا هو حجز التذاكر ومعرفة تاريخ وموعد السفر .
بلى، قد يستطيع المتعلم السوداني الدارس للغة الإنجليزية حتى المستوى الجامعي ، متابعة محاضرة باللغة الإنجليزية في الثقافة العامة او السياسة او التاريخ او الاجتماع او الاقتصاد، من أشد المختصين في تلك المجالات تبحراً وعلماً في سهولة ويسر ، ويفهم فحواها تماما، ولكنه قد لا يستطيع في المقابل ان يخاطب مثلا سباكاً او ميكانيكي سيارات لكي يشرح لكل منهما ما يريده بالضبط باللغة الإنجليزية. وهنا تبدو المفارقة وانحصار المعرفة والتحصيل في اللغة الإنجليزية في مجالات بعينها اكاديمية وعلميّة وثقافية عامة ومتعالية نوعاً ما، وبعيدة عن لغة الحياة اليومية والتخاطب والتفاعل التلقائي البسيط.
ولسبب ما أيضاً ، فيما يلي الطريقة التي تعلم بها معظم السودانيين نطق بعض ألفاظ اللغة الإنجليزية، نشأت اجيال مستفيضة منهم وهم ينطقون اسم يوم الخميس بالإنجليزي Thursday ، هكذا " ثَرَسْدى او سَرسدى " بثاء او سين مفتوحة تليها راء مفتوحة بعدها سين ساكنة، كما لوكان حرف ال R في هذه الكلمة سابق لحرف ال U ، والواقع هو ان حرف ال U هو السابق فينبغي ان ينطق اولا هكذا " ثيرسداى ". ولكن هكذا تعلمناها كابرا عن كابر.
وختاماً من الاخطاء الشائعة التي يقع فيها كثير من المتعلمين السودانيين عند تحدثهم بالإنجليزية، انهم بعتقدون ان كلمة worth فعل verb ، ويتعاملون معها على هذا الاساس ، ويصرفونها تصريفا قياسيا بحسب موقعها من الجملة، بينما هي في الواقع صفة adjective. فنسمع احدهم يقول مثلا في معرض التاكيد بأن هذا الأمر يستحق هذا الجهد
It worths or it worthed this effort etc,
وانما الصحيح ان يقال:
This matter is worth so and so or it was worth so and so, and this house is worth a hundred billion Sudanese pound for instance !.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: باللغة الإنجلیزیة اللغة الإنجلیزیة اللغة العربیة الإنجلیزیة فی خلال العقود

إقرأ أيضاً:

البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها

زار رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان القاهرة اليوم (الأثنين) وسط جملة من التحديات المحلية والإقليمية، مايؤكد ضرورة تنسيق الرؤى بين البلدين وضرورة توحيدها، لمجابهة أي عواصف عكسية قد تعكر صفو أمن واستقرار المنطقة.

العلاقات الثنائية
الرئيس السيسي استقبل الفريق البرهان بمطار القاهرة، وعقد الطرفان جلسة مباحثات مشتركة بقصر الاتحادية، واستعرضت المباحثات، آفاق التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بينهما والإرتقاء بها، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.

مواقف مصر
من جانبه عبر الفريق البرهان عن تقديره لمستوى العلاقات السودانية المصرية، والتي وصفها باالإستراتيجية، مبيناً أنها علاقات تاريخية راسخة وذات خصوصية. مؤكداً حرصه على تعزيزها وتطويرها لخدمة مصالح الشعبين، وتحقيق التعاون الاستراتيجي المشترك بين البلدين، مشيدا بمواقف مصر وقيادتها الحكيمة، الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، ودعمها لمؤسسات الدولة السودانية، ووقوفها بجانب الشعب السوداني، وحرصها على سلامة وأمن وإستقرار السودان وسيادته، مشيرا إلى الدور الكبير الذي تضطلع به القيادة المصرية تجاه قضايا المنطقة.

دعم الإعمار
من جهته جدد الرئيس السيسي موقف مصر الداعم والثابت تجاه قضايا السودان ، مؤكداً وقوف بلاده مع مؤسسات الدولة السودانية ، وسعيها الدائم لتحقيق الأمن والاستقرار ووحدة الأراضي السودانية ، ودعم عملية إعادة الإعمار والبناء في السودان، مشيداً بمستوي التعاون المشترك بين البلدين ، مؤكداً حرصه على توطيد وتمتين روابط الإخوة ودعم وتعزيز علاقات التعاون الثنائي، بما يحقق تطلعات الشعبين، معرباً عن إعتزاز مصر الكبير بما يربطها بالسودان من علاقات استراتيجية قوية على المستويين الرسمي والشعبي.

مشروعات مشتركة
وتناولت المباحثات سبل تعزيز التعاون الثنائي، والمساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب بالسودان، بجانب مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين. فضلاً عن الإستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة للبلدين وشعبيهما.

التطورات الميدانية
كما تطرقت المباحثات أيضاً للتطورات الميدانية الأخيرة في السودان، والتقدم الميداني الذي حققته القوات المسلحة السودانية باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، حيث اتفق الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للسودانيين المقيمين في مناطق الحرب، وشهدت المباحثات كذلك، تبادلاً لوجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لاسيما بحوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الإرتباط الوثيق للأمن القومي لكلا البلدين، وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للدولتين.

ضرورة التشاور
تأتي الزيارة في وقت دقيق ومفصلي يمر به السودان، وبدعوة من الرئيس السيسي، مايؤكد متانة العلاقة بين البلدين، وتجديد المواقف المصرية الثابتة تجاه السودان، والتنسيق العالي بينهما في القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك، إضافة إلى رمزية استقبال الرئيس السيسي للفريق البرهان بالمطار، مايؤكد اعتراف مصر بشكل عملي للحكومة الشرعية بالسودان، وتنسحب هذه الرسالة أيضاً على مليشيا الدعم السريع وأعوانها، بأن مصر لا يمكن أن تعترف بأي حكومة في السودان سوى الحكومة الشرعية في بورتسودان، أيضا الزيارة تأتي بعد انتصارات كبيرة للجيش السوداني على أرض الميدان، وانحسار المليشيا في أماكن بسيطة في دارفور، إلا أنها مازالت تمارس سياسية الأرض المحروقة، برد فعل انتقامي للهزائم الكبيرة التي تكبدتها في الميدان، وتدميرها للمنشآت المدنية والبنى التحتية بالبلاد، وضرب وقتل المواطنين العزل بطريقة وحشية، مايستدعي ضرورة التشاور مع مصر واطلاعها بآخر مستجدات الأوضاع في السودان… فماهي دلالات زيارة البرهان للقاهرة في هذا التوقيت، وماهي الرسائل التي ترسلها، ومآلات التنسيق العالي بين البلدين.

مشاكل الجالية
وكشف مصدر دبلوماسي سوداني أن مباحثات الرئيسين السيسي والبرهان، تطرقت إلى مشاكل الجالية السودانية في مصر في التعليم والإقامات والتأشيرات. وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ “المحقق” إن الجانب السوداني طرح هذه المشاكل على الجانب المصري، مضيفا أن هناك تعاون كبير من الجانب المصري في هذه الملفات، مبينا أنه كانت هناك توجيهات من الرئيس السيسي بتذليل أي عقبات أمام السودانين بمصر، وكذلك استمرار الرعاية المصرية للوجود السوداني بها، وقال إن هناك أيضا تسهيلات كبيرة من الجانب المصري للسودانيين العائدين من مصر، بعدم تكليفهم أي غرامات من انتهاء الإقامات أو من الدخول إلى مصر عن طريق التهريب.

توقيت مهم
من جهته أكد مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول إدارة السودان وجنوب السودان بالخارجية المصرية السابق السفير حسام عيسى أن زيارة البرهان للقاهرة تأتي في توقيت مهم، بعد أن أحرز الجيش السوداني إنتصارات كبيرة على أرض المعركة. وقال عيسى لـ “المحقق” إن الجيش السوداني بعد تحريره لمدن وسط وشرق السودان، بدأ يتوجه إلى دارفور، بعد التطورات الأخيرة بها من هجوم المليشيا على معسكرات النزوح في زمزم وأبوشوك وغيرها، إضافة إلى هجمات الدعم السريع على المنشآت الحيوية والبنى التحتية ومحطات الكهرباء، مؤكدا أن مصر هي الداعم الأول للدولة السودانية والقوات المسلحة، وقال إن الزيارة مهمة لنقاش هذه التطورات المتسارعة بالسودان مع الجانب المصري الذي يدعم الحفاظ على أمن واستقرار السودان بقوة.

الدعم المصري
وأوضح عيسى سفير مصر السابق بالخرطوم أن هناك مشروعات مصرية بالسودان يمكن استئنافها بعد الحرب، وبعد انتفاء خطر المليشيا، وقال إن من هذه المشروعات مشروع إعادة تطوير ميناء وادي حلفا، والربط الكهربائي، وزيادته من 70 ميجاوات حتى 300 ميجاوات، وكذلك المدينة الصناعية، وعدد من المشروعات الزراعية، إضافة إلى إعادة إعمار البنى التحتية التي دمرتها الحرب، بإعادة تأهيل جسر شمبات بالخرطوم وغيره من المشروعات، مشدداً على الدعم المصري الكامل للسودان في هذه الفترة الحرجة، وقال إن مصر تدعم السودان سياسيا وتنمويا ودبلوماسيا وفي المحافل الدولية.

رسالة عملية
ولفت عيسى إلى أن أهمية الزيارة تأتي من منطلق الدعم المصري وإلى دراسة بداية مرحلة إعادة الإعمار في السودان، منوها إلى أن استقبال البرهان في هذا التوقيت وهذه الطريقة، يؤكد موقف مصر من الشرعية في السودان، وقال إنها رسالة مصرية بطريقة عملية بأن مصر لن تعترف بأي حكومة أخرى في السودان، وأنها تعترف فقط بمجلس السيادة والحكومة في بورتسودان، مشيرا إلى تطابق الرؤى بين البلدين في ملف المياه، وقضايا القرن الأفريقي، وقال إن مصر والسودان لديهما رؤية مشتركة وتنسيق عال في هذين الملفين باعتبارهما من الملفات المشتركة والمهمة والتي تهم الأمن القومي بهما.

عنوان الزيارة
بدوره وضع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني الدكتور خالد التيجاني عنوانين لزيارة البرهان للقاهرة. وقال التيجاني لـ “المحقق” إن العنوان الأول هو تتويج للموقف المصري الحاسم في الوقوف إلى جانب السودان والحفاظ على مؤسساته، مضيفاً أنه موقف تفوقت فيه مصر ولعبت دورا كبيرا في تثبيت شرعية الدولة السودانية والحفاظ عليه، وتابع أنه كان موقفا استراتيجيا يعبر عن الوعي المصري بمدى الارتباط العضوي بين الأمن القومي والاستراتيجي للبلدين، لافتا إلى أن الموقف المصري أثبت أنه غير متعلق بنظام بعينه بل أنه مبنى على رؤية استراتيجية للعلاقة بين البلدين.

أجندة مستقبلية
ورأى التيجاني أن العنوان الثاني للزيارة هو أن هذه الوقفة المصرية القوية ساعدت على صمود الدولة السودانية وتعزيز قدراتها سياسيا ودبلوماسيا، واستعادة الجيش السوداني لزمام المبادرة في الحرب وأخذ خطوات كبيرة في عملية الحسم العسكري، وقال إن دعوة السيسي للبرهان تخاطب أجندة مستقبلية، وإن هذا تأكيد على أن الدولة السودانية استردت عافيتها، وترتب أوضاعها الآن مع الأخذ الإعتبار التحديات التي فرضتها الحرب، مضيفا أنه يتطلب من السودان الآن إعادة النظر في مفهوم الأمن القومي، بعد أن وجد نفسه وحيدا في هذه الحرب، باستثناء مصر التي دعمته على كل المستويات، مشددا على ضرورة التأكيد أن العلاقة مع مصر ذات خصوصية وأن لديها مؤشرات حيوية، مشيرا إلى جملة من المحاولات للتقارب بين البلدين كانت تتأثر بطبيعة الأنظمة السياسية في السودان، وقال أنه الآن جاء الوقت أن تبرمج هذه العلاقات إلى واقع عملي.

المسؤولية الأكبر
وأكد التيجاني أن مصر عملت مايليها في هذا الجانب، وأن على السودان أن يبني على هذه الشراكة، وعلى ارتباط الأمن القومي بالبلدين، مضيفا يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية على كافة المستويات وعلى مستويات أعلى، وتابع أن الزيارة لذلك وضعت لبنات لمخاطبة أجندة مستقبلية، ورأى ضرورة ترتيب المواقف السودانية وفقا للمصالح الحقيقية من إعادة إعمار وشراكات اقتصادية، وقال إن الجانب السوداني يتحمل المسؤولية الأكبر من أجل تعزيز هذه العلاقات في الفترة المقبلة، مضيفا أن مصر لديها قدرات وامكانات كبيرة يمكن أن تساعد السودان بطاقات جديدة وتكامل اقتصادي حقيقي يعود بالمصلحة لشعبي البلدين.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يمنعون تدريس الإنجليزية في الصفوف الأولى ويستبدلونها بمحتوى أيديولوجي
  • الجيش السوداني لرويترز: السودان كشف تورُّط الإمارات الإجرامي وضلوعها في قتل السودانيين بدعمها ورعاية المليشيا.. والآن تحاول ذر الرماد في العيون وتختلق التهم الباطلة
  • رئيس مبادرة عودة الوافدين السودانيين لبلادهم: مدن كاملة لجأت للمحروسة.. شكرًا مصر تحملت 2 مليون وافد
  • أصول القبائل السودانية في الوسط والشمال: نقد فرضية الهجرة العربية وإعادة قراءة الهوية الكوشية
  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها
  • ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يُلزم سائقي الشاحنات بالتحدث باللغة الإنجليزية
  • قسم اللغة الإنجليزية بآداب كفر الشيخ ينظم زيارة علمية إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط والمتحف المصري
  • التعليم تٌتيح النماذج الاسترشادية لمادة اللغة الإنجليزية للثانوية العامة 2025
  • عودة النازحين السودانيين-مناورة سياسية فوق أنقاض وطن ممزق
  • البرهان في مصر اليوم.. وملفات الحرب وإعادة الإعمار تتصدر المباحثات.. الدعم السريع يفاقم معاناة السودانيين باستهداف البنية التحتية