هل الإنسان صريع الغرور والنرجسية؟
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
لا شك أن السلوك البشري مليء بالتعقيدات ويصعب التنبؤ به. علماء الاجتماع يتفقون على أن الغرور والنرجسية هما من الصفات التي تعزل الإنسان عن الآخرين، مما يدفعه إلى الانغماس في وهم تفوقه. وهنا يقول الفيلسوف أفلاطون: “الغرور هو طغيان الذات على العقل”، فهو يعمي البصر عن رؤية الحقائق بوضوح ويجعل الإنسان يعيش في عالم من الخداع الذاتي.
من النتائج الكارثية لهذه الصفات أنها يمكن أن تؤدي إلى تعقيد العلاقات الإنسانية من أساسها وقد تدفع بالشخص إلى فقدان الاتصال الحقيقي بمن حوله، مما يعزز شعوره بالعزلة والانفصال.
انتشار النرجسية في عصرنا الحالي
لا شك أن النرجسية أصبحت واحدة من السمات السائدة في عصرنا الحاضر. مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُسهل على الأفراد مشاركة إنجازاتهم وصورهم وأفكارهم أمام جمهور واسع، أصبحت الحاجة إلى البحث عن الاعتراف والتقدير الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. هذا التعطش الدائم للانتباه يمكن أن يعزز السلوكيات النرجسية، حيث يتمحور اهتمام الفرد حول صورته الذاتية وما يظهره للآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الثقافة الاستهلاكية وتشجيع التميز الفردي على حساب التعاون الجماعي تساهم في تعزيز هذا الاتجاه. المجتمع الحديث غالبًا ما يقيس النجاح بمقاييس مادية وظاهرية، مما يُشجع الأفراد على السعي وراء المكانة الاجتماعية على حساب القيم الإنسانية الحقيقية.
هذا التوجه نحو النرجسية يمكن أن يؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية الحقيقية، حيث تصبح العلاقات مبنية على المصالح الشخصية والاعتبارات المادية، بدلاً من الاهتمام الصادق والتعاون المتبادل. إن إدراك خطورة هذا الداء ومعالجته أصبح أمرًا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، للحفاظ على صحة العلاقات الإنسانية وسلامة المجتمعات.
كيف يمكن للإنسان أن يخرج من هذه الدائرة الشريرة؟
الإجابة على هذا السؤال تتطلب الوعي الذاتي مع الشجاعة لمواجهة العيوب الشخصية. من خلال تنمية التواضع والاعتراف بالنقاط الضعيفة، الأمر الذي يُمكّن الشخص من بناء علاقات أكثر صدقًا وشفافية ووعيًا. كما أن المشاركة في تجارب جماعية تركز على التعاون بدلاً من التنافس، والبحث عن مصادر الفرح والإنجاز خارج الذات، يمكن أن تساعد في التحرر من قيود الغرور والنرجسية. الأهم هو إدراك أن التفوق الحقيقي لا يأتي من وهم التميز الفردي، بل من القدرة على التفاعل بإيجابية مع العالم من حولنا.
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
/////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: كيف يمكن للمحكمة مقاضاة نتنياهو وغالانت؟
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن 120 دولة التي صادقت على نظام روما الأساسي، هي أعضاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، رغم أن اختصاصات المحكمة يمكن أن تمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم إيف سامبسون ومارليز سيمونز- أن تقديم المحكمة مذكرات اعتقال أصدرتها هذا الأسبوع بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بسبب الجرائم التي يتهمان بارتكابها في قطاع غزة، يقدم رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودانlist 2 of 2صحيفتان بريطانيتان: قرار الجنائية الدولية زلزال هز العالمend of list محكمة مختصةتأسست المحكمة منذ أكثر من عقدين لمقاضاة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجرائم العدوان، وقد اتهمت نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع من بين تهم أخرى كسلاح حرب، في حرب إسرائيل على غزة، واتهمت قائد كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- محمد الضيف (الذي زعمت إسرائيل أنها قتلته)، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وذكرت الصحيفة أن الدول القوية كروسيا والولايات المتحدة والصين، لا تعترف بسلطة المحكمة الجنائية، ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها لها، كما أن إسرائيل ليست عضو في المحكمة، ولكن قادة السلطة الفلسطينية وقعوا عليها، رغم أن العديد من الدول لا تعترف بدولة فلسطين.
ومن الأهمية بمكان لسلطة المحكمة أن ولايتها القضائية يمكن أن تمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء، لأن نظام روما الأساسي يمنح مجلس الأمن، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة الفظائع المرتكبة في أي دولة عضو أو غير عضو في المحكمة، إلى الهيئة القانونية للتحقيق.
اختلال مجلس الأمنغير أن التوترات الحالية بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن من غير المرجح -حسب الخبراء- أن تسمح للمجلس بإحالة أي فرد بالإجماع إلى المحكمة في وقت قريب، وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيس في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: "نظرا للطبيعة المختلة لمجلس الأمن في السنوات الأخيرة، من غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة في العالم من حق النقض".
ومع أن روسيا ليست عضوا في المحكمة، فقد أصدرت الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2023، ومذكرات اعتقال بحق الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير والعقيد الليبي السابق معمر القذافي.
وبدأت التحقيق عام 2017 في تهم بجرائم حرب في أفغانستان، ربما ارتكبها الأميركيون، ولكن واشنطن فرضت عقوبات على المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا، وألغت تأشيرة دخولها، وفي النهاية أسقطت المحكمة تحقيقاتها.
تنفيذ أوامر الاعتقالومع أن نطاق المحكمة عالمي تقريبا من الناحية النظرية -كما تقول الصحيفة- فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها، ولا يمكنها محاكمة المتهمين بجرائم غيابيا وليست لديها آلية لمحاكمة المتهمين، ولكنها تعتمد على الدول الأعضاء في التنفيذ واحتجاز المشتبه وإن كانت الدول الأعضاء في الاتفاقية لا تلتزم جميعها بذلك.
وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأكد أنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناء على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.
وسبق أن زار بوتين منغوليا وهي عضو في المحكمة من دون أن يتم اعتقاله، كما زار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضا عضو أيضا، ولكنه غادر على عجل هربا من الأوامر الوشيكة من محكمة محلية.