من أرشيف الكاتب احمد حسن الزعبي .. برازق وصخر زيتي
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
#برازق و #صخر_زيتي
من أرشيف الكاتب #احمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 24 / 3 / 2018
لم نفرح في طفولتنا بفتح»صفط» جديد جاءنا على سبيل الهدية ، «برازق» ،»معمول»،»بقلاوة»، «غريّبة» ،حلاوة،حتى «العجوة»، كان يُتحفّظ عليها بطريقة احترازية أمنية وتودع في «النملية» والحجّة الدائمة خليه لبعدين: «هسع بتوكلوه كلّه مرة وحدة».
نحوم حول النملية كما تحوم الوحوش في البرية نتضور «جوعاً للحلو»، نشمّ الخشب نبوس القفل نلحس يدي النملية ، نتفرّج من ثقوب الخشب على «الباكيتات» المغلّفة بطريقة مغرية ومرتبة فوق بعضها بعضاً..كل هذا التضوّر و»التمسكن» لم يكن يغير من القرار بشيء..النملية مغلقة و»الأصفاط مصفّطة» والوعد المنتظر..لبعدين..حتى لو انتهت مدة الصلاحية أو اخترق النمل عنوة تلك الصناديق والتهم السمسم والفستق ونخر البرازق ونحن «نحوس» حول تلك النملية لا نجرؤ على فتحها ولا نرفع صوتنا بضرورة تقسيم الأرزاق..
المشكلة كلما حضر «صفط» جديد بعيدٍ او مناسبة عائلية وضع الى جانب الثروات السابقة ،الرصيد الاحتياطي يتضخّم والجوع يزداد و السياسة لا تتغير،والحجةّ: «هسّع بتوكوله مرة وحدة»..قمّة القهر عندما تحضر جارة أو قريبة إلينا ويتم إهداء ابنها «أبو قرعة» احد تلك الباكيتات العامرة..حيث تفتح النملية عن طيب خاطر ويختار أثمن وأجمل وأطيب «الأصفاط» ويعطي لحمودة ابن عريفة على سبيل الهدية..فيظفر الصبي على البارد المستريح بما لا نظفر به نحن أولاد الدار رغم معرفتنا التامة بكيفية «خلع النملية»..
وزير الطاقة والثروة المعدنية قال قبل أيام أن احتياطي الأردن من الصخر الزيتي يبلغ 70مليار طن حيث نملك ثالث اكبر احتياطي في العالم من هذه المادة..طيب لماذا لا نستخرجها ونستمتع بها ما دامنا «نشحد الملح»؟؟..»طيب بكرة لا متنا شو بدنا فيها»؟.. نفس الوزير قال أن هناك دلائل مبشرة على وجود الذهب وبكميات كبيرة في وادي عربة..وليس سرّاً أن محمية ضانا هي الأغنى في النحاس ويقدّر احتياطينا منها حوالي مليون طن..والمردود بالمليارات..ناهيك عن رمل معان الغني بالسيليكا وشمسه التي تكفي الأردن بالطاقة..طيب هل نحن بلد فقير فعلاً ؟؟..ولماذا الاحتفاظ بكل هذه الثروات في «نملية» الدولة ونحن نتضوّر جوعاً..لمن تخزّنون كل هذه الثروات في باطن الأرض وباطن التكتّم و تلجؤون إلى تجويع ابن الدار..ولا «خايفين نوكله مرة وحدة»!!..بكرة بيجي أبو قرعة ابن عريفة وبيوخذهن ع البارد المستريح!!. إحنا أولى..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#148يوما
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
سعد الدين حسن .. الكاتب الذي حادثه الوزير على تليفون المقهى
داخل قرية لا يتأتى اسمها على مسمع الكثير من أبناء الوطن ، كان يسكن كاتبنا رحمه الله ، منزلا صغيرا تخيره بعيدا عن العمار متوسطا جسرا يمر على شريط القطار وارضا زراعية على يساره ،مع اختين لم يتزوجا وكأنهما صاحبوا جميعا الوحدة والعزلة ،وكنت أنا الشاهد على هذا اللقاء الذي مر عليه عقدان ونصف من الزمن ، إذ ذهبت قاصدا تلك القرية "شبشير الحصة " محاولا البحث عنه بسبب تغيبه عن حضور جلسات نادي الأدب بقصر ثقافة طنطا .وقد سولت لي نفسي أني بمجرد السؤال عن اسم كاتبنا سيدلني أول شخص ألتقيه،لكن الواقع كان مناقضا لما ظننت وتوهمت ،فلم يكن أحدا من أهل القرية يعرفه أو يسمع عنه ،دلني بعض الأهالي على شخص يعمل في صحيفة ورقية تهتم بحوادث المحافظة ،قالوا أن هذا هو الكاتب الأشهر في بلدتنا ...ولم نسمع عن كاتب اسمه سعد الدين حسن .
كانت نهاية التسعينيات ومطلع الألفية هي الرواج الفعلي للثقافة داخل الأقاليم التي تبعد عن العاصمة ،فكانت نوادي الأدب هي المقصد الأهم لكل من يبحث عن ري لموهبة الكتابة الإبداعية بمختلف مجالاتها ،شعرية أو نثرية ،حيث كانت هذه الفترة هي الأكثر خصوبة للقصة القصيرة وكتابات أجيال جديدة تعبر عن هموم قضايا لم يكن يحملها كتاب الستينيات أو السبعينيات أو الثمانيينيات ،لم تكن أجهزة الجوال قد ظهرت بعد ولم يكن هناك ثمة عوالم افتراضية لنشر الإبداع الشبابي ،فكانت نوافذ الإبداع التي تفتح لمن هم في مثل حالتي هي نوادي الأدب بقصور الثقافة داخل المحافظات في ربوع الوطن .وحيث كان مقعده مبتعدا أيضا عن الجموع التي تستقبل المنصة والصدارة وجالسا في ركن يجاوره شاب قد أتى لأول مرة ،كان يجلس كاتبنا راهب القصة المصرية القصيرة سعد الدين حسن ،متواضع في جلسته ،مقل في حديثه ،يتدافع الجميع للإدلاء بأرائهم بينما هو يظل صامتا لأن تنتهي الندوة ثم يرحل منصرفا في صمت ،وعقب الندوة تجد الجالسين على المنصة يتدافعون لمصافحته فكانت هذه هي النبضة الأولى بداخلي للتساؤل عن هذا الرجل ،من هذا الرجل .....؟ فكان الجواب من الشاعر طارق بركة :"ده الأستاذ الكبير سعد الدين حسن ،وكان صديق نجيب محفوظ ،وتربطه صلة كبيرة بالوزير فاروق حسني " ..وربما لأمر بساطة مظهر الكاتب ظننت أن الشاعر طارق بركة بالغ في الأمر ونسيت أن بعض الظن إثم .
ودفعني تواضع الرجل للتقرب منه لمحاولة فهمه وايجاد اسباب ترفعه وابتعاده عن الوسط ،مقلا لا زال في حديثه يأتي اسبوع ثم يتغيب عدة أشهر ،لأواصل البحث عنه لعلي أرضى شغف فضولي واكتشافه ،ثم كان اللقاء فطلب مني ان نلتقي صبيحة اليوم الثاني بمقهى بسيط في شارع البورصة بمدينة طنطا ..
مقهى بسيط ، يتعاملون مع الكاتب كونه شخصا وافدا من عالم آخر ، اقتربت من منضدته وكانت الساعة لم تقر بالعاشرة بعد من صباح هذا اليوم ،كان بيده كتاب الفتوحات المكية وقد تلصصت على الكتاب من عنوانه الذي كان باديا جليا . سحبت مقعدا وفي يدي عملي الأدبي الذي سيعرض على الكاتب ، وإذ بصاحب المقهي يأتي مسرعا لكاتبنا ويتحدث بلهجة متعثرة :"يا أستاذ تلفون لسعادتك بيوقولوا مكتب وزير الثقافة ..." قام كاتبنا في فتور ، متوجها لموضع الهاتف ليرد ، وإذ بصاحب المقهي يسألني هو مين الأستاذ :"فأجابته انه كاتب كبير زي يوسف ادريس ونجيب محفوظ لكنه متواضع بزيادة "..عاد كاتبنا ،فسألته ،هل الأمور خير :فأجاب مافيش كان فيه ميعاد بس اعتذرت عنه ..فسألته ميعاد مهم ؟...قالي وزير الثقافة فاروق حسني ..فكانت اجابته كفيلة بصمتي .
بضعة أشهر مرت على رحيل الكاتب سعد الدين حسن رحمه الله ،الكاتب الذي دون الوزير فاروق حسني في خانة المهنة لديه "كاتب قصة قصيرة " وكان يعتز ويخلص لهذا الفن الأدبي لم يحد عنه ولم يتخطاه أو يتعداه لكتابة الرواية إلا محاولة واحدة من اصدارات اتحاد الكتاب بل كانت كتابته أشبه بقصاصات متوسطة الحجم تحمل لغة شاعرية ،الامر الذي دفع الأستاذ الدكتور أسامة البحيري رئيس قسم اللغة العربية بآداب طنطا لأن يبادر ويشجع باحثا لعمل أطروحة للماجستير تتولى وتكشف عن ابداع سعد الدين حسن .
الندوة التي أقامها فرع اتحاد الكتاب بالغربية لتأبين سعد الدين حسن ،جمعت رفاقه الذين كانوا بصحبته ،الكاتب محمد حمزة العزوني ،الذي تحدث عن كاتبنا الراحل موضحا أنه كان مكتفيا بوظيفة كاتب القصة القصيرة ، ورغم محاولات الوزير فاروق حسني في توظيفه بأكثر من إصدار ينتمي لوزارة الثقافة ليكفل قوت يومه ، كان سعد رحمه الله يتحجج ولا يستمر إلا شهرين ثم يعتذر ، عائدا إلى بيته غير مخالط لأحد ولا يتحدث مع أحد .
بينما أوضح الشاعر طارق بركة أن سعدا كان مقربا له متداخلا معه في مشكلاته الروحية والحياتية ،فهو الدرويش سعد الدين حسن وهو الزاهد سعد الدين حسن الذي كانت كرامته وكبريائه فوق رأسه ، لدرجة أنه طلب من الشاعر أن يشيع إشاعة أن سعد الدين حسن قد ورث إرثا ماليا كبيرا حتى لا يعرض أحد مساعدة مادية عليه تخدش من كرامته أو تنال من اعتزازه بنفسه ، فلم يكن سعد يتاجر بصدافته لوزير الثقافة السابق بل كان يتأخر عن المنصة ويقدم غيره ، كان متيما بكتابات كبار المتصوفة وربما كان واحدا منهم دون أن نعلم .
وهو بتعبير الناقد صبري قنديل حالة الكاتب الذي يمسك بعين القاريء لا يتركها حتى ينتهي مما يكتب سعد الدين حسن ، فعلي الرغم من صداقته وعلاقته الطيبة بالكاتب الراحل يحيي الطاهر عبد الله إلا أن سعد الدين حسن كان ينتمي لمدرسة القصة التلغرافية وموسيقى الفظ التي تظن لوهلة أنك امام قصيدة نثر لا قصة قصيرة من عذوبة ما يكتب سعد الدين حسن .