ما بعد الصفقة بين إيران وأمريكا.. محادثات مباشرة؟
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
16 أغسطس، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
محمد صالح صدقيان
بعد أسابيع طويلة من المفاوضات المعقدة والمضنية بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان وقطر، توصل الجانبان إلى صفقة تبادل سجناء بينهما والإفراج عن جزء من الودائع الإيرانية المحتجزة لدی العراق وكوريا الجنوبية وصندوق النقد الدولي والتي تقدر بـ 24 مليار دولار.
فور الإعلان عن هذه الصفقة، أعلنت السلطات الإيرانية نقل المعتقلين لديها من السجن إلی “الإقامة الجبرية” إلى حين استكمال عملية نقل الأموال الإيرانية المحتجزة في بنوك كوريا الجنوبية. وقالت مصادر مطلعة إن هذه الأموال تم نقلها بالفعل إلی مصرف في سويسرا حيث يتم تحويلها إلى اليورو قبل نقلها لاحقاً إلى مصرفين آخرين في بلدين أوروبيين ومن ثم يتم نقلها إلى الحساب الإيراني المفتوح في أحد البنوك القطرية في الدوحة، حسب إجراءات وزارة الخزانة الأمريكية. أما الأموال المحتجزة في العراق والتي تُقدّر بنحو 11 مليار دولار، فإن البنك المركزي العراقي قام بتحويلها إلى بنك التجارة العراقي، بعدما كان قد قام في وقت سابق بتحويل 2.5 مليار دولار إلى البنك المركزي العماني، على أن تتم تسوية المبلغ المتبقي وفق تفاهمات أبرمت بين العراق وسلطنة عمان ووزارة الخزانة الأمريكية والبنك الفيدرالي الأمريكي.
وقال كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري إن بلاده حصلت علی ضمانات كافية بشأن حسن تنفيذ الصفقة، وأشار إلى أن الأجواء التي تحيط بالمفاوضات إيجابية وتختلف عن سابقاتها. ولم يذكر باقري ماهية هذه الأجواء إلا أن المسؤول البارز في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط” هنري روما قال إن هذا الإتفاق هو عامل رئيسي في جهود واشنطن وطهران لتقليل التوترات بين البلدين، معرباً عن تكهنه في أن يكون هدف الرئيس الأمريكي جو بايدن هو السماح باستئناف المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة أوروبية في وقت لاحق من هذا العام (تردد أن جهات دولية واقليمية تسعى لأن يحصل ذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر المقبل)؛ لكن هنري قال إن بايدن لا يريد مقاربة إعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بسبب حساسية الموضوع عند الجمهوريين الذين يتربصون بالديموقراطين قبيل أشهر من موعد إنطلاق التحضيرات للانتخابات الرئاسية المقررة في خريف العام 2024.
واللافت للإنتباه في التفاهم الجديد هو الآتي:
أولاً؛ اذعان الإدارة الأمريكية للمطالب الإيرانية بشأن أنشطة تخصيب اليورانيوم الی درجة 60 بالمئة.
ثانياً؛ الجهود التي بذلتها كل من سلطنة عمان وقطر للتوصل إلى الصفقة إنطلاقاً من علاقاتهما المتميزة بكل من إيران والولايات المتحدة. وبدا واضحاً أن طهران كانت مطمئنة إلى الجهود التي بذلتها هاتان الدولتان الخليجيتان من لحظة بدء المفاوضات النووية حتى يومنا هذا.
ثالثاً؛ ثمة اعتقاد أن تنفيذ هذه الصفقة سيخلق أرضية مناسبة من أجل المضي في مناقشة قضايا عالقة بين الجانبين في مقدمتها القضايا المرتبطة بالدور الاقليمي لإيران والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة علی طهران؛ بيد أن هذا المسار لا يسير علی سجادة حمراء وإن كان الإيرانيون متفائلين بحذر ذلك أن الأمر يحتاج إلى إرادة متبادلة من الجانبين.
رابعاً؛ إذا توفرت الإرادة وتم خلق مناخ من الثقة التي تحتاجها العلاقات الإيرانية الأمريكية، يُمكن أن نشهد طي صفحة المباحثات غير المباشرة والإنتقال الی مباحثات مباشرة يستطيع المفاوضون من خلالها التحدث بسلاسة ومرونة غير متوفرة راهناً.
ويبدو لي أن الكرة الآن ليست في الملعب الإيراني وإنما في الملعب الأمريكي لسبب بسيط وهو أن الرئيس السابق دونالد ترامب قضی علی مناخ الثقة الذي بدأ يتكون بعد التوقيع علی الاتفاق النووي عام 2015 من خلال قراره القاضي بالانسحاب من الاتفاق عام 2018 وبذلك دخل الاتفاق النووي ومعه العلاقات الثنائية بين الجانبين في نفق مظلم، وزاد الطين بلة تردد بايدن في اتخاذ القرار الشجاع بالرجوع إلى الاتفاق النووي كما كان قد وعد خلال انتخابات العام 2020.
يشي ذلك أن إدارة بايدن بحاجة إلى تفاهمات مع الجانب الإيراني خصوصاً من نوع الإفراج عن معتقلين أمريكيين تحرص الإدارة علی وصولهم إلى واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية للتخفيف من حدة المواجهة مع الجمهوريين الذين يريدون الايقاع ببايدن وحزبه في الانتخابات التي لن تكون علی شاكلة سابقاتها خصوصاً في ظل المحاكمات التي يواجهها ترامب في ملفات عديدة.
في الجانب الإيراني؛ فإن الأجواء التي تحيط بعلاقات طهران بدول الجوار العربية عموماً والخليجية خصوصاً، تدفع بالحكومة الإيرانية إلى الاستجابة للجهود التي تبذلها الدول التي تتوسط بينها وبين واشنطن وبالذات تلك التي يبذلها سلطان عُمان هيثم بن طارق الذي كان قد زار طهران في 28 أيار/مايو المنصرم والتقی المرشد الإيراني الأعلی الإمام علي خامنئي؛ إضافة إلی أن أية تفاهمات تتم مع الجانب الأمريكي وتكفل إزالة أو التقليل من العقوبات الاقتصادية سيكون مُرحباً بها من الحكومة الإيرانية التي تسعی لفتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية علی قاعدة “رابح / رابح” كما تم ذلك في الإتفاق النووي سابقاً أو الصفقة الراهنة.
ويجب ألا ننسی التذكير باستحقاق 18 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وهو “يوم الانتقال” الذي سيُلغی فيه الحظر علی التسليح الإيراني بموجب إتفاق العام 2015، وبالتالي ثمة ترقب لما سيكون عليه سلوك الجانب الامريكي الأمر الذي يؤثر علی مستوی الثقة بين البلدين إلی حد بعيد.
في الخلاصة؛ أمامنا أسابيع مهمة وحساسة جداً علی صعيد تعزيز الثقة بين واشنطن وطهران وهي برسم تنفيذ صفقة تبادل المعتقلين والأرصدة المالية من جهة وكيفية تعامل الولايات المتحدة مع باقي تفاصيل ومعطيات الملف الإيراني من جهة ثانية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الاتفاق النووی
إقرأ أيضاً:
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
قال دبلوماسيون إن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يضم 35 دولة، وافق، الخميس، على قرار يأمر طهران مجددا بتحسين التعاون مع المنظمة على وجه السرعة، ويطلب من الوكالة إصدار تقرير "شامل" يهدف إلى الضغط على إيران للدخول في محادثات نووية جديدة.
ورفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، التي اقترحت القرار، تحرك إيران في اللحظة الأخيرة لوضع سقف لمخزونها من اليورانيوم القريب من درجة صنع الأسلحة، ووصفته بأنه "غير كاف وغير صادق".
وبعد الانتقادات السابقة التي واجهتها في مجلس محافظي الوكالة، كثفت إيران أنشطتها النووية وقلصت من إشراف الوكالة عليها.
وقال دبلوماسيون شاركوا في الاجتماع، إن الصين وروسيا وبوركينا فاسو صوتت ضد النص، بينما صوتت 19 دولة لصالح القرار، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت.
وردا على القرار، قالت إيران، الجمعة، إنها "ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتطورة"، وفق وكالة فرانس برس.
وقال بيان مشترك صادر عن المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية ووزارة الخارجية الإيرانية: "أصدر رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أمرا باتخاذ إجراءات فعالة، بما فيها وضع مجموعة كبيرة من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتطورة وبأنواع مختلفة في الخدمة".
إيران تلتف على العقوبات عبر شركات مدنية.. خبير لـ"الحرة": الحل في خطوتين تلتف إيران على العقوبات الدولية المفروضة على برنامجها النووي بأساليب عدة، منها استخدام الشركات المدنية، وهو "أمر مزعج"، كما يصفه، آدم سميث، المستشار السابق لمدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، مؤكدا أن الحل يمكن في خطوتين أساسيتين.ودخلت الوكالة وإيران في مواجهات طويلة بشأن مجموعة من القضايا، بينها فشل طهران في تفسير العثور على آثار يورانيوم في مواقع غير معلنة، ومنعها معظم كبار خبراء تخصيب اليورانيوم في الوكالة من الانضمام لفريق التفتيش الخاص بإيران العام الماضي، ورفضها توسيع نطاق المراقبة التي تجريها الوكالة.
وكرر القرار الجديد صياغة قرار صدر في نوفمبر 2022، يقضي بأن من "الضروري والعاجل" أن تشرح إيران آثار اليورانيوم وتسمح للوكالة بأخذ العينات حسب الضرورة.
كما حمل قرار كان قد صدر في يونيو من هذا العام نفس الطلب.
وطلب النص الجديد من الوكالة الدولية، إصدار "تقييم شامل ومحدث بشأن احتمال وجود أو استخدام مواد نووية غير معلنة فيما يخص قضايا عالقة ماضية وحالية تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني".
وتأمل القوى الغربية أن يساعد التقرير، المقرر صدوره بحلول الربيع، في الضغط على إيران للتفاوض على قيود جديدة على أنشطتها النووية، وإن كانت أقل شمولا من تلك التي تضمنها اتفاق عام 2015 مع القوى الكبرى الذي انهار بعد انسحاب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب منه في عام 2018.
صور وبيانات تكشف مخابئ ومسارات "أسطول الظل" الإيراني تقترب ناقلتا نفط متهالكتان من بعضهما البعض بشكل متوازي في عرض البحر، ثم تقوم إحداهما بنقل حمولتها إلى الأخرى. لا تملك الناقلتان تأميناً ولا حتى أوراقاً رسمية خاصة بشحنة النفط التي تم تبادلها. السبب في ذلك هو كونهما جزءا من أسطول إيراني خفي، يعرف بسم "أسطول الظل".ومع عودة ترامب إلى منصبه في يناير، وبعد أن تجاوزت إيران حدود تخصيب اليورانيوم المسموح بها في الاتفاق بكثير، فمن غير الواضح ما إذا كان ترامب سيدعم المفاوضات الرامية إلى وضع حدود جديدة قبل انتهاء أجل حدود اتفاق 2015 في أكتوبر من العام المقبل.
وإن لم يجر الاتفاق على حدود جديدة قبل ذلك الموعد، قد يستخدم التقرير لتفعيل آلية فض المنازعات المدرجة في الاتفاق النووي لعام 2015، وتنص على إحالة القضية إلى مجلس الأمن مع احتمال إعادة فرض العقوبات التي رفعت عن طهران بموجب الاتفاق.
والأسبوع الماضي، قام رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل غروسي، بزيارة إلى طهران، على أمل إقناع رئيسها مسعود بزشكيان، الذي يُنظر إليه على أنه معتدل نسبيا، بتحسين تعاون إيران مع الوكالة.
بينها "عملية الزفاف".. الاغتيالات سلاح إيران المُحرم لتصفية المعارضين سِجل طويل من الاغتيالات والهجمات خططت لها إيران ونجحت في تنفيذ بعضها، منذ وصول النظام الحالي إلى السلطة في 1979.وأبلغ غروسي الدول الأعضاء في الوكالة رسميا، الثلاثاء، أنه ناقش في اجتماعاته مع مسؤولين إيرانيين إمكانية توقف إيران عن زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب حتى 60 بالمئة، مضيفا أن الوكالة تحققت من أن إيران "بدأت في تنفيذ تدابير تحضيرية".
وتملك إيران بالفعل كمية كافية مخصبة إلى هذ المستوى القريب من درجة نقاء 90 بالمئة التي تتيح إنتاج أسلحة.
وقال غروسي، الأربعاء، إنه طلب من إيران وضع سقف لهذا المخزون المخصب إلى درجة 60 بالمئة، وإن إيران "قبلت طلبه".