أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الرابع من سلسلة «مستقبليات»، وهي إصدارة غير دورية تصدر عن المركز وتتضمن مقالات لعدد من الخبراء والمتخصصين تهدف إلى تقديم رؤى مستقبلية حول أحد الموضوعات ذات البعد المستقبلي، كمحاولة لاستشراف المستقبل وتحليل أبعاده وانعكاساته محليًّا وعالميًّا.

أشار المركز إلى أن استقراء الاتجاهات المستقبلية أصبح من الضرورات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات، وتستوي في ذلك الدول المتقدمة والنامية، فالقرن الواحد والعشرون يحمل من عواصف التغيير ما يحمل وعلى البشرية الاستعداد لها، والأخذ بأسباب مواجهتها بجهد جماعي علمي يستشرف هذه التغيُّرات، عبر أدوات الاستشراف المستقبلية وما تنذر به من تحديات، وما تُنبئ عنه من فرص. وفي ضوء ذلك، يضم محتوى العدد مجموعة من المقالات، مع تقديم لمحة معلوماتية للموضوعات المُتناولة، وقد جاء العدد الجديد من المجلة بعنوان مستقبل العمل والوظائف.

يُعنى العدد بالتحولات التي ستُشكل ملامح مستقبل العمل والوظائف، وكيفية استعداد الأفراد والمجتمعات لمواجهة هذا المستقبل مع التركيز على أهمية تبني نموذج عمل مرن ومستدام يتناسب مع عالم دائم التغيير، وينقسم إلى أربعة أقسام: الأول بعنوان أنماط العمل فـي المستقبل: شركاء جدد فـي سوق العمل، والثاني اتجاهات المهارات والوظائف فـي المستقبل والثالث مستقبل الوظائف فـي ظل التحولات العالمية، أما القسم الرابع والأخير فعنوانه العمل فـي عالم متغير: تحولات سوق العمل.

وتضمن العدد نخبة من المقالات التي تناولت المهارات المستقبلية، والمهن الأكثر طلباً في المستقبل، ووظائف الفضاء والتوقعات المستقبلية لفرص العمل في مجال الفضاء، وشيخوخة السكان وتأثيرها في سوق العمل، والفرص والتحديات الخاصة بالعمل عن بعد، واقتصاد الوظائف المؤقتة.

ومن مقالات القسم الأول مقالًا للواء الدكتور أحمد الجيزاوي مدير كلية الدراسات العليا داخل أكاديمية الشرطة تحت عنوان التطورات الروبوتية في المجال العسكري: كيف يؤثر استخدام الروبوتات والأنظمة الذكية في الوظائف العسكرية؟"، حيث أوضح أهمية الروبوتات العسكرية والأنظمة الذكية والتي تمثلت في:1-الاستطلاع والمراقبة، 2- الخدمات اللوجستية، 3- عمليات البحث والإنقاذ، 4- الدعم القتالي، 5- كشف الألغام وإزالتها، وإلى جانب مميزات الروبوتات العسكرية والأنظمة المستقلة والتي تجعلها خيارًا موثوقًا وفعالًا في تنفيذ المهام العسكرية فهناك ما تتمتع به من مزايا في ساحة المعركة، ومن أهم هذه المزايا: الدقة والسرعة، القدرة على التحمل، عدم الإصابة بالإرهاق والقدرة على العمل المستمر، القدرة على تنفيذ المهام الخطرة، التواصل الفعال، تكامل التقنيات، وعلى الرغم من المميزات التي تتمتع بها الروبوتات العسكرية والأنظمة المستقلة في ساحة المعركة، فإن كفاءتها وقدرتها على العمل والتحمل تتوقف على تصميمها وتقنيات الطاقة المستخدمة فيها، ومدى كفاءة بطارية الشحن، وتم استعراض طرق شحن بطاريات الروبوتات العسكرية والتي تمثلت في: الشحن (الشمسي، الحركي، اللاسلكي، الحراري، محطات الشحن التلقائي، طائرات شحن الروبوت.

وأوضح المقال في ختامه أن لا شك في أن الروبوتات العسكرية والأنظمة المستقلة هي مستقبل الحرب وسوف يكون لها الدور الأكبر في تطوير أسلحة المستقبل وتغيير بعض أساليب القتال واستراتيجيات وتكتيكات الحروب مما سيقلل الاعتماد على البشر في العديد من المهمات العسكرية على مختلف الأصعدة ويؤثر بشكل كبير في عدد من الوظائف إلا أنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن العنصر البشري في الوظائف العسكرية وهو ما يتطلب تحقيق التوازن بين القدرات التكنولوجية والحاجة إلى التدخل والتقدير البشري في القرارات العسكرية.

وتناول القسم الثاني من العدد اتجاهات المهارات والوظائف في المستقبل من خلال استعراض مجموعة من المقالات جاء منها مقالًا للدكتور محمود فتح الله أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والخبير الاقتصادي في جامعة الدول العربية تحت عنوان الوظائف الخضراء.. وظائف جديدة في عالم مستدام، حيث أوضح مفهوم الوظائف الخضراء وفقًا لمنظمة العمل الدولية بأنها "فرص عمل تسهم في الحفاظ على البيئة أو إعادة إحيائها، سواء كانت في القطاعات التقليدية مثل: التصنيع والبناء، أو في القطاعات الخضراء الناشئة الجديدة، مثل: الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة".

وأشار المقال إلى الوظائف الخضراء وأسواق العمل حيث تحقق معدلات التوظيف في الوظائف الخضراء نموًا بمعدلات تفوق مثيلاتها في التوظيف الإجمالي، حيث تشير مؤشرات شركة لينكد-ان Linked in إلى ارتفاع طلب السوق العالمية على المهارات في مجال العمل الأخضر منذ عام 2015، بنسبة 40%، في حين أن نسبة الأفراد الذين يمتلكون المهارات اللازمة لشغل هذه الوظائف تمثل 13% فقط من احتياجات سوق العمل العالمية.

كما تم الإشارة إلى الاقتصاد الأخضر وتسريع النمو الاقتصادي حيث تؤدي إعادة الهيكلة الناتجة عن النمو الأخضر إلى تغيرات في الأسعار ونمو التجارة العالمية والإنتاج، وبالتالي التأثير في العمالة، حيث أشار تقرير لمنظمة العمل الدولية عام 2013، إلى أن الاقتصاد الأخضر ساعد بشكل كبير على تسريع النمو الاقتصادي في الاقتصادات الناشئة كالصين، والبرازيل، وجنوب إفريقيا. وقد شهد العديد من القطاعات حول العالم نموًا متزايدًا للوظائف الخضراء، حيث ارتفعت مساهمات قطاع السلع والخدمات البيئية في الناتج المحلي الإجمالي بالاتحاد الأوروبي من 1.5%، عام 2003، إلى 2.1% في عام 2015، في حين حققت مساهمة القطاع في التوظيف نموًا من 1.3% في عام 2003، إلى 1.7% عام 2015، وترجع معظم الدراسات النمو الكبير في هذا القطاع إلى الأنشطة التي تدير موارد الطاقة وخاصًة الطاقة المتجددة.

وتم الإشارة إلى الاقتصاد الأخضر ودوره في تقليل البطالة حيث يعتمد الاقتصاد الأخضر على الطاقة النظيفة والمتجددة، وهي قطاعات كثيفة العمالة، وهو ما يجعلها قادرة على خلق وظائف أكثر من الوظائف في قطاعات الوقود الأحفوري التقليدية.

كما أن نمو الاستثمارات المتوقعة في هذا القطاع، التي تقدر ب 630 مليار دولار بحلول سنة 2030، تعني توفير 20 مليون فرصة عمل إضافية في قطاع الطاقة المتجددة. كما تشير تقديرات أخرى لمنظمة العمل الدولية إلى أن الاستثمار في المهارات الوظيفية اللازمة للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر يمكن أن تسهم في توليد 24 مليون وظيفة على مستوى العالم في إطار الاقتصاد الأخضر بحلول عام 2030، ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومكتب الإحصاء للاتحاد الأوروبي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد شكلت العمالة في الصناعات الخضراء في الاتحاد الأوروبي عام 2010، ما يمثل 1.5% من إجمالي العمالة في أوروبا.

وعلى الرغم من هذا التفاؤل في خلق الوظائف الخضراء، فإن للتغير المناخي آثارًا سلبية كبيرة على التوظيف عمومًا في الدول النامية، لا سيما أن الوظائف الجديدة التي تنشأ في قطاعات الغذاء والزراعة وإعادة التدوير نتيجة لتغير المناخ والبيئة لا تلبي التوقعات، ولا يمكن اعتبارها وظائف لائقة.

ويؤثر التغير المناخي أيضًا بشكل سلبي في الوظائف ببعض المجالات، فمن المرجح أن تشهد القطاعات التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة والموارد الطبيعية تراجعًا في فرص العمل. فالتغير المناخي يؤدي دورًا في تدمير سبل العيش للملايين، وخاصة الأشخاص الفقراء في الدول النامية. وبالتالي، فإنه يلزم تحقيق انتقالات عادلة نحو فرص عمل ودخل مستدام للأشخاص المتأثرين بالتغيرات المناخية.

استعرض المقال السياسات والمبادرات الدولية والشراكات الداعمة للانتقال إلى الوظائف الخضراء والتي جاء من بينها: (1- المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التي أطلقتها مصر بموجب القرار رقم 2738 لعام 2022، في إطار التحضير لمؤتمر الأطراف كوب 27 في شرم الشيخ، وتهدف إلى معالجة آثار التغيرات المناخية وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق تنمية مستدامة، وتشمل مختلف القطاعات وأصحاب المصلحة لإشراك الأفراد والمؤسسات وكيانات الدولة في العمل المناخي.

وتسهم هذه المبادرة الرئاسية في جهود مصر لتنفيذ استراتيجيتها للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030 "، والاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي 2050. وقد تم اختيار 154 مشروعًا موزعة على أساس 6 مشاريع في كل محافظة من محافظات مصر ال 27 تغطي فئات مختلفة، وقد تم الإعلان عن فوز 18 مشروعًا تم تكريمها من جانب رئيس الوزراء.

ولا شك في أن هذه المبادرة تؤدي دورًا كبيرًا في تشجيع إقامة مشروعات خضراء تفتح الباب لفرص عمل خضراء في مختلف قطاعات الاقتصاد المصري، 2- الإعلان في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للتغيرات المناخية في دبي عن عدة مبادرات من بينها مضاعفة إنتاج الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050، وزيادة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة، وتعزيز الاستدامة، بالإضافة إلى إطلاق الإمارات صندوقًا للاستثمار المناخي تحت اسم «ألتيرّا »، يركز على اجتذاب التمويل الخاص وتحفيزه، كما أعلن البنك الدولي عن زيادة قدرها 9 مليارات دولار سنويًا) للعامين 2024، و 2025 (لتمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، وأعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى عن زيادة إضافية في الدعم المقدَّم للعمل المناخي بقيمة تتجاوز 22.6 مليار دولار)، وتمثل هذه الإعلانات والمبادرات-عند تنفيذها- دعمًا تمويليًا ضخمًا يتركز في قطاعات يتولد منها فرص عمل خضراء بشكل مركز.

وتناول القسم الثالث من العدد مستقبل الوظائف في التحولات العالمية من خلال عدد من المقالات التي جاء منها مقالًا للوزير المفوض الدكتور منجي علي بدر المفكر الاقتصادي وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة بعنوان تأثير العولمة والتجارة الدولية على الوظائف المحلية والعالمية، حيث أوضح أن العولمة والتجارة الخارجية جاءت بمزيج من الفوائد والسلبيات للاقتصاد العالمي. فمن ناحية، أدت إلى زيادة هائلة في حجم وقيمة التجارة الدولية، مما أتاح المزيد من فرص العمل ورفع مستويات المعيشة للعمال. كما زادت إمكانية الوصول إلى الأسواق والتقنيات الجديدة، ممّا حفّز الابتكار والإنتاجية، وزاد توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي في العديد من الدول، وتحسين مستوى المعيشة للكثيرين.

ومع ذلك، لا تُعدّ العولمة حلًا سحريًا لمشاكل العالم الاقتصادية، فكما هو الحال مع أي نظام، تُلقي بظلالها من الآثار السلبية، والتي يمكن معالجتها من خلال سياسات حكيمة، فعلى سبيل المثال، يمكن فرض ضرائب تصاعدية لضمان توزيع أكثر عدالة للمكاسب، ونشر شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفًا، والاستثمار في برامج التعليم لرفع مهارات القوى العاملة. وتؤدي هذه السياسات دورًا مهمًا في ضمان مشاركة الجميع في فوائد العولمة، ومنع تفاقم الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية.

كما تُساعد الدول المتخلفة على اللحاق بركب التقدم، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي كانت أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي الصيني، والفيتنامي، والعديد من الدول في جنوب شرق آسيا. ولكن، من المهم الإشارة إلى أن الآراء والنتائج حول العولمة والتجارة الخارجية وتأثيرها في الوظائف ليست ثابتة، فسرعة التطورات التكنولوجية، وظهور الذكاء الاصطناعي، إلى جانب بوادر تَشَكُّل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، كلها عوامل تُلقي بظلالها على مستقبل العولمة، وتأثيرها في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك الوظائف، لذلك، يجب علينا إعادة تقييم هذه الآراء والنتائج بشكل دوري، مع الأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات الديناميكية. فالعولمة ظاهرة معقدة ذات أبعاد متعددة، وتتطلب فهمًا عميقًا، وتقييمًا مستمرًا لضمان تحقيق أقصى استفادة من مزاياها مع التخفيف من آثارها السلبية.

علاوة على ذلك، فقد أشار إلى أن موقع مصر الاستراتيجي يمنح الاقتصاد المصري فرصًا متميزة، ويضع تحديات على المجتمع المصري، فباستخدام تحليل الحساسية في دراسات الجدوى والدراسات المستقبلية، يمكن أن نصل إلى نتائج إيجابية لفوائد العولمة لمصر، سواء اقتصاديًا، أو ثقافيًا، أو اجتماعيًا، خاصة مع القرب الجغرافي من أوروبا ودول الخليج، وكذلك الوصول إلى الأسواق الكبرى في إفريقيا، وأهمية الحفاظ على التوازن بين التحديات المختلفة تظهر بوضوح في السياق المصري، حيث يجب تحقيق الأمن القومي الشامل والمستدام بالنظر إلى تبعاته المالية، بالإضافة إلى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، رغم التحديات الإقليمية والدولية، وهذا يتطلب فتحًا مستدامًا نحو العالم بأساليب وآليات تتماشى مع العصر، وتراعي الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء: الرعاية الصحية الرقمية من أبرز الابتكارات في مجال الطب الحديث

«معلومات الوزراء» يستعرض جهوده في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي

«معلومات الوزراء» يستعرض التقرير السنوي للتوظيف في قطاع الطاقة العالمي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: معلومات الوزراء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء العدد الرابع الاستشراف المستقبلية سوق العمل والوظائف الوظائف الخضراء الطاقة المتجددة الاقتصاد الأخضر معلومات الوزراء من المقالات فی الوظائف سوق العمل فی مجال من خلال فرص عمل إلى أن

إقرأ أيضاً:

«دافوس 2025» يرسخ ريادة الإمارات في رسم مستقبل الاقتصاد العالمي

مصطفى عبد العظيم (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «الموارد البشرية»: 120 ألف مواطن مؤمّن عليهم بالقطاع الخاص عبدالله بن طوق لـ«الاتحاد»: الإمارات وجهة مفضلة للشركات العالمية

جسد الاهتمام العالمي البارز بالمشاركة الفاعلة لحكومة دولة الإمارات في الدورة الـ 55 لاجتماعات منتدى الاقتصاد العالمي «دافوس 2025»، والتي اختتمت أعمالها أمس الأول، أهمية الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات في صياغة ورسم مستقبل الاقتصاد العالمي، باعتبارها أنموذجاً اقتصادياً ملهماً لكثير من دول العالم، وشريكاً موثوقاً في تعزيز النمو والازدهار واستشراف مسارات التعاون الاقتصادي على المستوى الدولي. وحظيت الفعاليات والأنشطة التي أقيمت داخل جناح دولة الإمارات والحضور الواسع لوفد الدولة في أجندة جلسات المنتدى، باهتمام كبير من قبل أعضاء الوفود ورؤساء الشركات وقادة الأعمال من مختلف أنحاء العالم، للاطلاع من كثب على قصة نجاح دولة الإمارات وإنجازاتها الاقتصادية والتنموية، والاستفادة من هذه التجربة الاستثنائية جنباً إلى جنب، مع التعرف على رؤيتها للمستقبل واستكشاف فرص التعاون المشترك.
وشارك وفد دولة الإمارات، برئاسة سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي«دبي للثقافة»، الذي يعد واحداً من أكبر الوفود الدولية المشاركة في «المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس 2025»، في مناقشة العديد من التحديات والمتغيرات العالمية، واستعراض الحلول والتطورات وبناء الشراكات، في مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية، وذلك ضمن أعمال المنتدى الذي تسهم مخرجاته وحواراته وشراكاته المثمرة، في دعم التنمية المستدامة، وصياغة أنجع الحلول لأبرز التحديات التي تعترض الجهود التنموية على الصعيد الدولي. وجاءت مشاركة الإمارات في المنتدى، الذي أقيم تحت شعار «التعاون من أجل عصر ذكي»، داعمة لأهدافه وأجندة أعماله، حيث ركزت مشاركة الدولة بأعمال منتدى الاقتصاد العالمي هذا العام على إثراء نقاشات عديدة حظيت بأولوية في أجندته الأحدث، منها سد الفجوات التي تعوق الجهود التنموية العالمية، وتعزيز النمو المستدام، وتسخير التكنولوجيا المتقدمة لخلق حلول تحولية داعمة للتنمية.
 وضم وفد الدولة المشارك بالمنتدى أكثر من 100 شخصية من رؤساء الشركات والقطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين، وهو ما شكل استمراراً للاهتمام الذي توليه الإمارات للتعاون الدولي وبناء الشراكات الدولية الداعمة لكافة الجهود التنموية على الصعيدين الإقليمي والدولي في القطاعات كافة، لا سيما من خلال منصة المنتدى الاقتصادي العالمي.

زخم استثنائي
على مدى أيام المنتدى، شارك الوفد الإماراتي، بنقاشات مهمة بشأن العديد من التحديات والمتغيرات العالمية واستعراض الحلول والتطورات وبناء الشراكات بمختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية، فيما شهدت الأجندة النوعية الحافلة لوفد الدولة، والتي شارك من ضمنها القطاع الخاص بجلسات وفعاليات ثرية التعريف برؤية شركات القطاع الخاص في الدولة، وفرص هذا القطاع الذي يمثل ركيزة أساسية في استدامة نمو الاقتصاد الوطني، وهو ما شكل منصة فاعلة لتعزيز الشراكات الدولية والفرص الاقتصادية أمام شركات القطاع الخاص الإماراتية تسهم في فتح آفاق أوسع لنموها، وتعزيز نجاحاتها على الأصعدة كافة.

الإمارات والتجارة العالمية 
خلال جلسة بعنوان «تقدّم التجارة والاستثمار»، أطلقت دولة الإمارات أحدث تقرير لتكنولوجيا التجارة والذي يعد أحد أهم ركائز مبادرة تكنولوجيا التجارة، التي أطلقتها دولة الإمارات ممثلة في وزارة الاقتصاد ودائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، ويركز على كيفية الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة، خصوصاً الذكاء الاصطناعي، للتجارة العالمية في إعادة تشكيل مستقبل التجارة العالمية عبر زيادة الكفاءة، وتعزيز الاستدامة وتوليد فرص جديدة للشركات على اختلاف أحجامها.
وكشف تقرير تكنولوجيا التجارة عن أن تبني الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يزيد حجم التجارة في السلع والخدمات بنسبة تصل إلى 13.6% بحلول عام 2040. لكن حذّر التقرير من مخاطر، تشمل «تباين الذكاء الاصطناعي»، حيث يمكن للتبني غير المتكافئ للذكاء الاصطناعي التسبب بتجزئة أنظمة التجارة العالمية. ولمواجهة ذلك، يركز التقرير على التشغيل البيني، وبناء الثقة، والاستثمار في تطوير القوى العاملة والبنية التحتية الرقمية كعوامل ضرورية لتعظيم فوائد الذكاء الاصطناعي.

الطاقة النظيفة
استضاف جناح دولة الإمارات نخبة من رواد الاستدامة وخبراء الطاقة العالميين لمناقشة الدور المهم للطاقة النظيفة في الحفاظ على بيئة أكثر استدامة، ضمن جلسة نقاشية رفيعة المستوى بعنوان «الطاقة النظيفة: الطريق الأمثل نحو حماية الكوكب»، وذلك قبيل اليوم العالمي للطاقة النظيفة الموافق 26 يناير من كل عام.
وبصفتها داعماً رئيسياً لجهود إقرار الأمم المتحدة اليوم العالمي للطاقة النظيفة وكونها الدولة المضيفة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، تعدّ دولة الإمارات في طليعة الداعمين لمبادرات الطاقة المتجددة والاستدامة. ونتيجة لاتفاق الإمارات التاريخي الذي تم توقيعه خلال مؤتمر الأطراف COP28 على أرضها، تفاهم 198 طرفاً دولياً على أهداف طموحة ضمن مجال الطاقة، من بينها ضرورة اعتماد سياسات مالية واستراتيجيات تمويل حاسمة.

التحديث الحكومي
خلال جلسة رئيسية ضمن أعمال المنتدى، شاركت دولة الإمارات العالم رؤاها لتحديث الحوكمة، وتعزيز آفاق التحول الرقمي في القطاع الحكومي. وشكلت تجربة الإمارات في التحول الرقمي مصدر إلهام لكثير من الحكومات، حيث سخرت حكومة الإمارات جهودها واستثماراتها في تطور رقمي يخدم المجتمع ويسهل حياته، ويدعم جهود إحداث التطور والتغيير النوعي، وتطوير العمل والأداء الحكومي، وتهيئة بيئة جاذبة تستقطب الشركات العالمية والعقول المبتكرة في المجال الرقمي.
وأطلقت حكومة الإمارات برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية في مرحلة جديدة للعمل الحكومي، بما يرتقي بمستويات الكفاءة والجودة والمرونة الحكومية، وتسعى من خلال بنية تحتية رقمية متقدمة وبرامج حكومية حديثة مثل «برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية» إلى تبسيط وتقليص الإجراءات الحكومية، وإلغاء الاشتراطات غير الضرورية، وإحداث الأثر الإيجابي في المجتمع.

توظيف التكنولوجيا والبيانات
خلال جلسة حوارية تفاعلية، استعرضت دولة الإمارات تجربتها الريادية في توظيف التكنولوجيا المتقدمة والبيانات في دعم صناعة السياسات الحكومية وابتكار نماذج عمل استباقية ذكية، وكيف أصبحت أنموذجاً عالمياً للسياسات والحوكمة القائمة على البيانات، ونموذج مستقبلي للعمل الحكومي.
وتم التطرق خلال الجلسة إلى منصة نحن الإمارات 2031 للذكاء الاستراتيجي، التي تم تطويرها بالشراكة مع منتدى الاقتصاد العالمي، والتي تغطي أكثر من 70 اتجاهاً عالمياً، وتوفر منصة مركزية لاتخاذ القرارات المؤثرة، مشيرة إلى أن دولة الإمارات عملت في إطار جهود ترجمة الأفكار إلى أفعال، على إنشاء مجالس نحن الإمارات 2031 للذكاء الاستراتيجي التي تركز على ثمانية مجالات ذات أولوية تشمل الاقتصاد الكمي، والابتكار الاجتماعي، وتكنولوجيا الصحة، وتكنولوجيا التجارة، ومستقبل العمل وإعادة التدريب، والتعلم مدى الحياة، وحلول التحول إلى الاقتصاد الأخضر، ودفع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات المستقبلية.

شراكات واتفاقيات
خلال المنتدى وقعت حكومة الإمارات عدداً من الاتفاقيات المهمة مع المنتدى الاقتصادي العالمي في مجالات الأعمال الإنسانية، والابتكار التشريعي، وتعزيز تبني التقنيات المستقبلية، وجاهزية المؤسسات الحكومية والخاصة للمستقبل، والتحول الرقمي في الرعاية الصحية.
وتم توقيع اتفاقية تجديد الشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي لدعم تعزيز تبني مختلف التقنيات المستقبلية على الصعيدين المحلي والعالمي، عبر مركز الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات، والذي تشرف عليه مؤسسة دبي للمستقبل، وذلك خلال مشاركة وفد دولة الإمارات في أعمال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس 2025».
وبموجب هذه الاتفاقية، سيواصل مركز الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات دوره في تفعيل التعاون الدولي وتبادل الخبرات ودعم الأفكار الإبداعية وتمكين التقنيات الناشئة، وبما يعزز موقع دولة الإمارات كمركز عالمي ريادي لتسريع ابتكارات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة وتطوير تقنيات المستقبل.
ويشكل تمديد الاتفاقية حتى عام 2027، تأكيداً جديداً على الدور الفاعل والمؤثر الذي يلعبه المركز في تعزيز التعاون العابر للحدود والاختصاصات لتصميم التكنولوجيا المستقبلية، وتوسيع نطاق استخداماتها منذ تأسيسه في دبي عام 2019.

الرعاية الصحية
وقّعت دائرة الصحة - أبوظبي، خطاب نوايا مع منتدى الاقتصاد العالمي؛ بهدف العمل من أجل تعزيز النظم الصحية الذكية عالمياً، من خلال مبادرة التحول الرقمي في الرعاية الصحية التابعة للمنتدى.
وتعد المبادرة مشروعاً رائداً يسعى إلى إعادة تصور مفهوم النظم الصحية الرقمية لتحقيق أعلى مستويات الكفاءة، وإتاحة أفضل الخدمات الصحية لأفراد المجتمع، وتعزيز مخرجات الرعاية الصحية، وتحسين جودة الحياة، حيث تعتمد المبادرة على الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة التكنولوجيا الرقمية والبيانات والذكاء الاصطناعي في مجال الصحة. وتساهم دائرة الصحة - أبوظبي، من خلال الانضمام إلى شبكة من المؤسسات الرائدة المسؤولة عن تسريع التحول الرقمي في الرعاية الصحية عالمياً وتفعيل أهدافه، في تحقيق تغييرات جوهرية في النظم الصحية العالمية بالتنسيق مع الاستراتيجيات الصحية المحلية.

منصة الابتكار التشريعي 
وقعت حكومة الإمارات، مذكرة تفاهم لإنشاء وإطلاق المنصة العالمية للابتكار التشريعي (GRIP)، لتطوير وإطلاق مؤشر الجاهزية المستقبلية للتشريعات، وإطلاق الدليل العالمي للابتكار التشريعي، وإنشاء شبكة دولية من الخبراء وصانعي السياسات والمشرعين، وبناء قدرات المشرعين، وإنشاء منصة معرفية تشريعية عالمية، وتنظيم حوارات الابتكار التشريعي والملتقى العالمي للتشريعات، وبما يعزز مكانة الدولة مركزاً عالمياً لجذب المنظمات والشركات ومؤسسات الأعمال الدولية التي تتطلع لممارسة أعمالها في بيئة تشريعية مرنة وداعمة، ومركزاً معرفياً ومنصة لتبادل الخبرات والتجارب في أحدث المجالات المتعلقة بالتشريعات.

مؤشر للجاهزية الحكومية 
وقعت مؤسسة دبي للمستقبل اتفاقية تعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي لتطوير مؤشر عالمي لتقييم جاهزية المؤسسات الحكومية والخاصة للمستقبل وقدرتها على مواكبة تغيراته واستعدادها للاستفادة من فرصه.
وتشارك مؤسسة دبي للمستقبل في هذه المبادرة العالمية بالاستفادة من خبراتها الواسعة وشراكاتها ومعرفتها البحثية التي اكتسبتها في مجال تقييم استعداد الجهات الحكومية للتحولات المستقبلية منذ إطلاق «مؤشر دبي للجاهزية للمستقبل» قبل عامين.
وتتيح هذه الأداة التي ستكون متاحة على الموقع الإلكتروني للمنتدى الاقتصادي العالمي الفرصة لجميع المؤسسات الحكومية والخاصة لتقييم جاهزيتها للمستقبل بشكل مستقل، والتركيز على فرص النمو، وتحديد مجالات التطوير وسبل التغلب على مختلف التحديات التي قد تواجهها في الحاضر والمستقبل.

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد الأخضر حجر الزاوية في العلاقات الدولية
  • الرقابة تبحث قضايا تتعلق بـ«شغل الوظائف العامة والإيفاد الدراسي»
  • «معلومات الوزراء» يستعرض تقرير منتدى الاقتصاد العالمي لتوقعات الأمن السيبراني 2025
  • النواب يوافق نهائيا على مشروع قانون بشأن تسوية أوضاع بعض الممولين والمكلفين
  • مجلس النواب يوافق على قانون بشأن تسوية أوضاع بعض الممولين والمكلفين
  • "معلومات مجلس الوزراء" داخل مصنع 200 الحربي.. أحدث الصناعات العسكرية بأياد مصرية
  • اليورانيوم في ليبيا أين يوجد وهل يغير مستقبل البلاد؟
  • «دافوس 2025» يرسخ ريادة الإمارات في رسم مستقبل الاقتصاد العالمي
  • المشاط تُشارك في عدة فعاليات لمناقشة مستقبل النمو والتضخم على هامش «دافوس»
  • براتب 7 آلاف جنيه.. «العمل» تعلن عن فرص عمل جديدة للشباب