آخر تحديث: 26 نونبر 2024 - 8:46 صبقلم:رشيد الخيُّون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث بعِراق اليوم؛ أنّ تُهتك الوطنيَّة بهذا الرّخص والسَّذاجة، باسم المذهب، والتَّقليد الفقهيّ المرجعيّ الحزبي.

هذا ما مارسه نائب رئيس جمهورية العراق خضير الخزاعيّ؛ أحد أعيان حزب الدَّعوة الإسلاميَّة؛ عندما طلب الاستفتاء والحُكم، بشأنٍ عراقيّ صِرف، مِن رئيس السُّلطة القضائيَّة الإيرانيَّة محمود الشَّاهروديّ(تـ: 2018)، بدعوى أنه كان، في يوم ما، مِن تلاميذ محمد باقر الصَّدر(اعدم: 1980)، وله صلة بحزب الدَّعوة، لكنَّ الرّجل مسؤولٌ في دولة أجنبية، بغض النَّظر، عن أنَّها صديقةٌ أو عدوةٌ، شقيقة في المذهب والدِّين والقبيلة والقوميَّة أو غريبة أجنبيَّة، فللأوطان حرماتها. ما أخبرنا به الخزاعيّ نفسه، كان خيانةً لا تقبل تأويل ولا تبرير، لو سمعناها مِن لسان غير لسانه، لشككنا بصدق روايتها، جملة وتفصيلاً، على أنَّها كبيرةٌ مِن الكبائر، لأنَّ لا السَّمع ولا النَّظر يستوعبان ما حصل، لكنها جاءت بصوت وصورة صاحب صلاحيات رئيس الجمهوريَّة خضير الخزاعيّ؛ وقبل نقل ما قصه الخزاعيّ نفسه، لنعرف منّ المفتي الإيراني ومَن المستفتي العراقي! وكان الموضوع في العدالة والدّماء، بغض النّظر عمن كان الاستفتاء، عن عدو أو صديق. أصبح محمود الشّاهروديّ- ولابعاد نسبه الإيرانيّ لُقب بالهاشميّ داخل العراق- بعد انتصار الثّورة الإيرانيّة، ولثقة أحمد خمينيّ(تـ: 1995)، نجل آية الله خمينيّ، به رُشح رئيساً للمجلس الأعلى للثورة الإسلاميَّة بالعراق(1982-1983) بإيران، بقرار مِن مرشد الثورة الإسلاميَّة بإيران آية الله الخمينيّ، مع أنه إيرانيّ الأصل والانتماء والجنسية، وظل في هذه المسؤولية نحو عام، ثم تفرغ للتدريس الحوزويّ بقمّ، بعدها تسلم المناصب العليا الآتية في النّظام الإيرانيّ: عضو مجلس صيانة الدُّستور، وعضو في تشخيص مصلحة النّظام، ورئيس السُّلطة القضائيَّة، وبمصطلحات الأقدمين قاضي قضاة الجمهورية الإسلاميَّة، وهو منصب سيادي كبير، فالسلطات، بعد الولي الفقيه: رئاسة الجمهوريّة، ورئاسة القضاء، ورئاسة البرلمان، ولكم حساب أهمية هذا الرّجل في الدَّولة الإيرانيَّة. أصيب الشَّاهروديّ بمرض عضال، وسافر للعلاج بألمانيا، لكنه عاد مسرعاً، بسبب احتجاجات الإيرانيين المعارضين المقيمين هناك، ضده على عقوبات الإعدام التي صدرت من القضاء الذي يترأسه. أمَّا خضير موسى الخزاعيّ، كان ومازال أحد منتسبي حزب الدَّعوة الإسلاميَّة، مع انشقاقه عنه ليكون في تكتل “الدّعوة تنظيم العراق”، عاش بإيران، وكان مِن محشدي الشّباب العراقيين بإيران، للحرب مع الجيش الإيراني ضد العراق، ثم هاجر إلى كندا، وعاد بعد (2003)، ليكون رئيس لجنة الحريات في البرلمان العراقيّ، فوزير تربية وتعليم، وحينها أطلق عبارته المدويّة “يكفيني فخراً أني كُلفتُ بمهمة إعادة صياغة العقل العراقيّ”، ومقولته الأكثر رنةً: “اليد التي تتوظأ لا تسرق”! حسب سيرة حياته، في موقع وزارة التربية والتعليم: حصل على دكتوراه في علوم القرآن، وأخرى في الفلسفة، مِن الهند، ولم يذكر مِن أي جامعة، وقال ممن يعرفه أخذها بالمراسلة، ولا نعلم بأيّ لغة. أخذ اسم خضير الخزاعي يتداول بنائب رئيس الجمهوريّة للاعدامات، فقد أتت الفرصة، أن يبقى الوحيد في رئاسة الجمهورية، بعد مرض الرئيس جلال الطَّالبانيّ، ثم وفاته(2017)، وخروج نائب الرئيس الآخر طارق الهاشميّ، فاُسندت إليه مهام رئاسة الجمهوريّة، في تلك الفترة. عُرض على نائب الرَّئيس الخزاعيّ ملف عبد حمود(اعدم: 2012)، سكرتير رئيس الجمهوريّة صدام حسين (اعدام: 2006)، ليصادق على إعدامه، فبعد الاِطّلاع على الملف، وجد الخزاعيّ أنه لا يستحق عقوبة الإعدام، فناقش الموضوع مع القضاة، الذين أصدروا الحُكم، ولم يقتنع بتبريرهم، فذهب يستفتي قاضي قضاة إيران محمود الشّاهرودي، ليأخذ منه الحُكم، كي يطمئن شرعيّاً، وهنا ننقل نص ما صرح به الخزاعيّ شخصياً للقناة العِراقيَّة الإخباريّة، ضمن مقابلة أجراها معه علاء الحطاب، ننقلها حسب ما جاءت على لسانه. قال الخزاعيّ: “شفته(رأيته) ما يستحق الإعدام، بيني وبين الله، قلتُ لهم (القضاة): شلون (كيف) وقعتوه (أصدرتم الحكم)؟ قالوا: لجنة خماسية، مقررة من الدستور. مَن القاضي؟ قلتُ: أعطونياه( نادوه)، جابو لي(احضروه). جلس في هذا المكان. قلت له: شلون (كيف) حكمت على هذا بالإعدام؟ قال: ليش (لماذا)؟ قلتُ: ولا جريمة تدينه بالإعدام! قلتُ: سجن مؤبد، عشر سنين؛ أما الإعدام، هذا فد(فرد) شرف، شنهو (ماهو) الشّرف… قال (القاضي): نحن خمسة قضاة، ومِن قرأنا النَّص، لم نجد ما ندينه، فقلنا: خل نوقع (لنوقع) على إعدامه، ونخلص منه، مشيناه (وقعنا على إعدامه). قلتُ: ما يجوز لكم، والله العظيم. فأرسلتُ لمَن أثق بأنه يمثل المدرسة الصّدريّة في الإسلام، محمد باقر الصَّدر، وكان السّيد نفسه محمود الهاشميّ (الشّاهروديّ) رئيس القضاء في إيران”. ثم قال: “فوديت(أرسلت) واحد مِن الإخوان، ممَن أثق بنقله وعقله، كلتله(قلتُ له): خل يقرأها(ليقرأها) السيد هذه، وشوف (ابصر) شنهي (ماذا) حُكم هذا؟ حكمه الإعدام وأني معارض. فشافها (قرأها الشَّاهروديّ) فقال: سلمني عليه(سلم علي الخزاعي)، قل له: خل يوقع(ليوقع الإعدام) لا يخاف، الخوف الشَّرعيّ. هم كلبي لعب(لم اطمأن والكلام للخزاعيّ). فقلتُ: هذوله(هؤلاء يقصد القضاة) ماخذتهم العزة بالنفس. فرحت (ذهبتُ إلى إيران) بنفسي بوفد رسميّ برئاستيّ، وأعضاء الوزراء وأعضاء البرلمان”. أكمل الخزاعيّ القصة قائلاً: “فقلتُ له (للشاهروديّ): سيدنا عندي قضية وياك. قال: كلي فلان(قال لي مبعوث الخزاعيّ)، وقلتُ له: مِن حقك(توقيع الإعدام)، قلتُ: أريد اسمع منك. قلتُ: هذا (عبد حمود) كل الذي أمسويه(عمله)، هو سكرتير رئيس الجمهوريَّة، فوجد الجماعة القضاة ورقة مكتوب فيها: تكريم المحققين فلان وفلان، لأن ساهموا في كشف أعداء الثّورة. فقلتُ له: أعداء الثّورة نحن، وهذوله(هؤلاء) طلعوا أبناء الثّورة. قال: لا، أنا ليس على هذه الورقة، فهي لا تصلح أن تكون للإعدام، فهو (عبد حمود) جزء مِن المحاربة (الآية): إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله أن يقتلوا، للحرابة يُقتل. قال: اقتله وأنا المسؤول، بالله وقعتُ عليه”(برنامج خطى، الجزء الثالث، العراقيَّة الإخبارية). نحن أمام قضية خطيرة للغاية؛ وما قصة استفتاء رئاسة الجمهوريَّة العراقيَّة؛ مِن قاضي قضاة دولة أجنبيّة، في شأن يخص العدالة العراقيّ، إلا نموذجٌ، وبرهان واحد، مِن مئات البراهين، على هتك الوطنيَّة العراقيَّة، مِن قِبل الجماعات الدّينيَّة. صحيح ظهر معممٌ سياسي وقال علانية: إذا نشبت حرب بين العراق وإيران، سأقاتل مع إيران، لأنها تمثل الإسلام، والتمهيد للإمام المهدي المنتظر. كذلك، صرح أكثر من قائد ميليشيا بكلام شبيهٍ بذلك؛ أو يظهر رئيس وزراء العراق، ويقول: وجهني قاسم سليماني(قُتل: 2020) بحمل رسالة إلى الدّولة الفلانيّة، وسليماني مجرد ضابط إيراني، وهو رئيس وزراء العِراق والقائد العام للقوات المسلحة! هذا أيضاً قد نأخذه مِن باب التبعية الشَّخصية؛ أو خشية من الاغتيال إن أعلن العصيان على سليمانيّ؛ أو يظهر أحد زعماء الأحزاب الدينيّة ويقول: يجب تسديد العراق خسائر الحرب لإيران، وهذا لا يبرر، ولكنه قد يؤخذ مِن باب فضل إيران عليه وعلى حزبه، في زمن المعارضة؛ لكن خزية الخزاعي شيء آخر. هذا، ولو أردنا تدوين كلّ ما قاله رؤساء الأحزاب الدِّينية، وقادة الميليشيات، مِن تفضيل إيران على العراق، ومصالح إيران أولاً، واعتبار ولاية الفقيه الإيرانيَّة محرابهم وقبلتهم، ما يكفي المقال، ولا الكتاب، ولكن أن يخرج القائم بصلاحيات رئيس الجمهورية العراقيَّة، وهو نائب الرئيس، وفي الوظيفة، ويطلب الحُكم مِن قاضي قضاة إيران، على مواطن عراقيّ، وينفذه، فتلك مصيبة كبرى، ليس قبلها ولا بعدها فضيحة وخيانة، وسقوط مدوي، وذلك للأمور الآتية: 1- أظهر الخزاعيّ بهذه الممارسة العراق تابعاً لولاية الفقيه رسمياً؛ فالشَّاهرودي أحد أوتاد تلك الولاية، وللعلم أنَّ اسمه طُرح مرشحاً لخلافة علي خامنئي. 2- أظهر الخزاعي بهذه الممارسة، أنَّ الحُكم بالعراق حكماً دينياً، يُطبق ولاية الفقيه الأجنبية، مع أنَّ المعلن دولة مدنية برلمانيّة وطنيَّة. 3- ظل نائب رئيس الجمهورية يتصرف حزبياً وليس عراقيَّاً؛ فذهب لتطبيق الشَّرع، الذي يعتقد أنه على مدرسة محمد باقر الصَّدر، وهذا لا يقره الدّستور، الذي من المفروض أنّ رئيس الجمهوريَّة هو الأحرص على صيانته. 4- إنَّ الشّاهرودي رجل دين إيرانيّ، يتناسب وضعه مع نظام ولاية الفقيهة بإيران؛ ولم يدرس القانون العراقيّ، ولا صِلة له بالقضاء العراقيّ المدنيّ، مثله مثل صادق خلخالي(تـ: 2004)، الذي عينه الخميني رئيسا للقضاء الإيرانيّ، وهو ليس حقوقيَّاً، وأعدم باسم الشَّريعة وعلى الشُّبهة. 5- لم يكن الشَّاهروديّ نفسه نزيهاً بالدِّماء، فله مسؤولية باعدامات ذات شأن سياسيّ، فكيف يكون حاكماً في القرار السِّيادي العراقيّ؟ 6- ظل خضير الخزاعيّ، من خلال ما صرح به، يعمل بالتكليف الشّرعيّ الحزبيّ الدّيني، وليس التكليف الدستوري، الذي مِن المفروض أن يكون عبر البرلمان العّراقيّ؛ لا أنه يستمر يمارس وظيفته تكليفاً شرعيّاً، تابعاً لرجل دين، ومِن مسؤول حكوميّ في دولة أجنبية، حاله حال مأذون الزّواج أو الطَّلاق، أو ممثل مرجع مِن المراجع، بينما كان منزلة رئيس جمهوريَّة. 7- النقطة الأخطر، يُعد تصرف خضير الخزاعيّ، كنائب رئيس الجمهوريّة، والقائم بصلاحيات رئيس الجمهوريَّة كاملةً، خيانةً عظمى، يُحاكم عليها القانون العراقيّ النَّافذ، فالأمر يتعلق بكشف سر مِن أسرار الدَّولة، ووضع صلاحيات رئاسة الجمهورية بيد قاضي قضاة دولة أجنبيّة، ولا نعتقد أنَّ دولة مِن دول العالم مارسته، وتهتك نفسها بهذا الأسلوب الرَّخيص. 8- وقع حكم الإعدام بفتوى مسؤول أجنبي، مع أنَّ الخزاعيّ كان غير مقتنع بالحُكم، ولا بالقضاة، وهو والشّاهرودي نفسه، لعتبرا الذَّنب لا يستحق حكم الإعدام، وهنا العقوبة لم تكن قانونيَّة، ووفقاً لذلك كان الإعدام جريمة قتل، يتحملها الخزاعيّ، ويجب أن يُحاكم عليها وعلى الخيانة، هذا إذا تحدثنا بمنطق القانون، لا منطق الاستهتار بالقانون، وبالوطن. 9- تلاعب الشّاهروديّ وقلده الخزاعيَّ، بآية قرآنيَّة (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، فما بين المعارضة والسُّلطة، وكل معارضة وسلطة، نزاع سياسيّ، لا علاقة له بمحاربة الله ورسوله، فلا الخزاعيُّ رسول الله، ولا حزبه يمثل الله، فتكفير شخص أو نظام صار على مزاج الشّاهروديّ، فهو إذا كان في المعارضة يعتبر السلطة محاربة لله ورسوله، وإذا كان في السلطة يعتبر المعارضة محاربة لله ورسوله، فأين الحقَّ؟ معلوم أنَّ المرجع الكبير محمَّد كاظم شريعتمداريّ(حُبس في داره 1985)، اُعتبر محارباً لله ورسوله، لذا أظهره نظام خميني تائباً على شاشة التلفزيون، ذليلاً مكسوراً يتلي توبته، ومِن يريد المزيد عن مظلومية شريعتمداري فله مراجعة كتاب تلميذه رضا الصَّدر(تـ: 1994) “في سجن ولاية الفقيه”(شقيق موسى الصَّدر)، الذي اعتقل، ومنع من الصّلاة على جنازة أستاذه، الذي أوصى بذلك. مِن هنا، إذا كان هناك قطرة من الحياء عند القضاء العراقيّ، أن يستدعى خضير الخزاعيّ، للتحقيق، فقضيته تدخل ضمن الخيانات الكبرى بحق العراق. أقول: فلو طلب منه وليه الشَّاهرودي تفجير العراق سيفعلها، لأنها حسب منطقه، تكليف شرعي مِن قبل مرجعه،و إذا لم ينفذه يُعد محارباً لله ورسوله، وصاحب الزَّمان. يقول مجد الدّين النَّشابي (تـ: 657هـ)، وكان المغول على الأبواب: “يا ضيعة المُلكِ والدِّينِ الحنيفِ/ وما تلقاه مِن حادثاتِ الدَّهرِ بغدادُ/ أين المنيةُ مني كي تساورني/ وللمنيةِ إصدارٌ وإيرادُ/ مِن قبلُ واقعةٍ شنعاءَ مظلمةٍ/ يشيبُ مِن هولها طفلٌ وأكبادُ”(كتاب الحوادث).

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: رئاسة الجمهوری رئیس الجمهوری ولایة الفقیه الجمهوری ة دولة أجنبی لله ورسوله نائب رئیس ة العراقی قاضی قضاة

إقرأ أيضاً:

العراقيون يترقبون بـقلق اللحظات الأخيرة.. ترامب يلوّح بالحرب ضد إيران

بغداد اليوم - بغداد

بينما تتجه الأنظار نحو المواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران، يعيش العراقيون حالة من القلق والترقب، حيث يدركون أن بلادهم قد تكون ساحة لأي تصعيد عسكري جديد. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاد مجددًا إلى نبرة التهديد، مشيرًا إلى أن الخيارات العسكرية لا تزال مطروحة إذا لم تستجب طهران للمفاوضات النووية. وفي المقابل، تبدو إسرائيل مستعدة تمامًا لتنفيذ ضربات استباقية، لكنها تنتظر الضوء الأخضر من واشنطن.

التوتر المتزايد وضع العراق في موقف شديد الحساسية، إذ تخشى الحكومة من أن يتحول البلد إلى ساحة حرب بالوكالة، خاصة مع وجود قواعد عسكرية أمريكية ونفوذ إيراني قوي داخل أراضيه. ومع تصاعد التصريحات العدائية، تتزايد المخاوف من أن تدفع بغداد ثمن أي مواجهة بين الطرفين، سواء عبر استهداف القوات الأمريكية داخل البلاد أو من خلال ضربات عسكرية تطال الفصائل المسلحة المدعومة من طهران.


رسالة ترامب إلى إيران: تحذير مباشر أم فرصة أخيرة؟

في خطوة تعكس تصاعد التوترات، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن رسالة مباشرة بعث بها ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، حملت في طياتها تهديدًا واضحًا باستخدام القوة العسكرية إذا لم تستجب طهران لمطالب واشنطن بشأن ملفها النووي.

الرسالة تضمنت لهجة مزدوجة بين الترغيب والترهيب، حيث أشار ترامب إلى أن إيران لا تزال تملك فرصة التفاوض، لكن في حال رفضها، فإن الخيار العسكري سيكون "مرعبًا جدًا" بالنسبة لها، بحسب ما نقلته الصحيفة.


تصعيد أمريكي وتحركات إسرائيلية مقلقة

لم يكتفِ ترامب برسالته إلى طهران، بل كرر تهديداته خلال مؤتمر صحفي، حيث أكد أن "إيران تواجه أمرًا جللًا في المستقبل القريب". هذا التصعيد أثار تكهنات بشأن ما إذا كانت واشنطن تستعد لضربة عسكرية فعلية، أم أنها مجرد ورقة ضغط لدفع طهران إلى طاولة المفاوضات.

في الوقت ذاته، كشف تقرير لصحيفة "الغارديان" عن تحركات يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للضغط على إدارة ترامب لدعم عمليات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. بحسب التقرير، فإن إسرائيل تضع واشنطن أمام خيارين: إما تنفيذ الضربة بنفسها، أو منح تل أبيب الضوء الأخضر للتحرك منفردة.


العراق بين الضغط الأمريكي والتحالف مع طهران

في ظل هذا المشهد المتوتر، فأي تصعيد عسكري بين واشنطن وطهران قد يجعل العراق ساحة رئيسية للصراع، خصوصًا مع وجود قوات أمريكية داخل أراضيه، ووجود فصائل مسلحة مدعومة من إيران قد تدخل على خط المواجهة. هذا السيناريو يعيد للأذهان أحداث عام 2020 عندما تصاعد التوتر بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، في غارة أمريكية قرب مطار بغداد، مما أدى إلى ردود فعل عنيفة داخل العراق.

سياسيا، فالتصعيد المحتمل يضع الحكومة العراقية في مأزق صعب، حيث تواجه ضغوطًا داخلية من القوى السياسية الموالية لإيران للمطالبة بطرد القوات الأمريكية، في حين أن واشنطن قد تضغط على بغداد لاتخاذ موقف أكثر تشددًا ضد طهران. هذا الوضع قد يؤدي إلى أزمة سياسية داخلية تزيد من تعقيد المشهد العراقي.

ومن الناحية الاقتصادية، فإن العراق يعتمد بشكل كبير على التجارة مع إيران، سواء في مجال الطاقة أو السلع الغذائية. أي تصعيد عسكري أو عقوبات جديدة على طهران قد تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العراقي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الضغط على الحكومة العراقية، التي تعاني بالفعل من أزمات مالية.


سيناريوهات التصعيد: إلى أين تتجه المواجهة؟

إذا استمرت إيران في رفض التفاوض وفق الشروط الأمريكية، فقد تجد نفسها أمام ضغوط متزايدة، سواء عبر العقوبات الاقتصادية، أو من خلال عمليات عسكرية استباقية قد تستهدف منشآتها النووية.

لكن التصعيد العسكري يحمل في طياته مخاطر كبيرة. أي ضربة أمريكية أو إسرائيلية ضد إيران قد تؤدي إلى ردود فعل انتقامية، سواء عبر استهداف القواعد الأمريكية في العراق، أو تصعيد الهجمات من قبل الجماعات المسلحة المدعومة من طهران.

في المقابل، إذا قبلت إيران بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، فقد تسعى إلى الحصول على ضمانات دولية مقابل تقليص أنشطتها النووية، وهو ما قد يشكل فرصة لتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.


العراق في عين العاصفة.. هل يستطيع تفادي المواجهة؟

الوضع الحالي يضع العراق في موقف لا يُحسد عليه، حيث يواجه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية قد تؤثر على استقراره الداخلي. ومع تصاعد الضغوط، يبقى السؤال: هل سينجح العراق في تجنب تداعيات المواجهة بين واشنطن وطهران، أم أنه سيدفع الثمن الأكبر في هذا الصراع المحتمل؟


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

مقالات مشابهة

  • إقليم الجنوب: جدل التقسيم في المشهد العراقي
  • أمريكا تؤكد للعراق على منع إستيراد الكهرباء والغاز من إيران
  • رئاسة الجمهورية تستذكر تضحيات الشعب العراقي في ذكرى الانتفاضة الجماهيرية والشعبانية
  • أمريكا لحكومة الإطار العراقية: كفاكم تهريب المال العراقي لإيران بتبرير شراء الغاز والكهرباء
  • مستشار حكومي: العراق بدون إيران بلا حياة !
  • العراقيون يترقبون بـقلق اللحظات الأخيرة.. ترامب يلوّح بالحرب ضد إيران
  • تستهدف العراق.. الكشف عن خريطة طريق للتعامل مع محور إيران
  • قاضي قضاة فلسطين يُدين جريمة إحراق مسجد "النصر" بنابلس
  • آراس حبيب يحذر: أزمة كهرباء وشيكة وعقوبات أمريكية تهدد الاقتصاد العراقي
  • واشنطن تطالب العراق بالاستغناء عن طاقة إيران بـ"أسرع وقت"