“المستشار بين دور البناء ومعول الهدم”
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
بقلم : سمير السعد ..
من المؤكد أن وجود المستشارين يُعدّ ضرورة حتمية في منظومة اتخاذ القرار لدى المسؤولين والقادة. فالمسؤول، مهما بلغ من كفاءة، لا يمكن أن يكون ملماً بجميع تفاصيل حياة الرعية أو متطلبات العمل الإداري، مما يجعل المستشار جزءاً لا يتجزأ من منظومة القيادة الناجحة.
المستشار الحقيقي هو من يحمل على عاتقه تقديم المشورة بناءً على خبرته ومعرفته المتخصصة في مجال معين.
في بعض الحكومات، نجد أن عدداً من المستشارين يفتقرون إلى الخبرة أو التخصص في مجالهم، مما يجعل وجودهم عبئاً بدلاً من أن يكونوا أداة فعّالة للإصلاح والبناء. الأمر لا يتوقف عند حدود غياب الكفاءة فقط، بل يتعداه إلى أن يصبح المستشار معول هدم يُضعف القرارات الحكومية ويزيد من سوء الأوضاع.
ما يقع هنا هو أن المسؤول، بدلاً من أن يحصل على الحلول والنصائح الفعالة، يجد نفسه أمام مستشار عاجز عن تقديم الرؤية الصحيحة، بل وقد يكون بحاجة لمن يقدم له هو الآخر المشورة! والمحصلة النهائية هي قرارات ضعيفة وأداء حكومي متردٍّ يُلقي بظلاله على الجميع.
لذا، فإن تصحيح مسار الحكومات يبدأ بإعادة النظر في آلية اختيار المستشارين، بحيث تكون الكفاءة والخبرة هي المعيار الأساسي، وليس العلاقات الشخصية أو المصالح الضيقة.
إنّ المستشار الناجح هو ذلك الشخص الذي يُسهم في بناء منظومة قرارات متكاملة، مستندة إلى التحليل العميق والرؤية الواضحة. وجوده يجب أن يُعزز الثقة بين المسؤول والجمهور، عبر تقديم حلول مبتكرة تعالج المشكلات وتستشرف التحديات المستقبلية.
لكن مع الأسف، حين تتحول وظيفة المستشار إلى مجرد لقب بلا مضمون، أو إلى أداة لإرضاء بعض الأطراف، فإن المؤسسة بأكملها تدفع الثمن. الفشل في اختيار المستشارين الأكفاء لا يؤدي فقط إلى ضعف الأداء الحكومي، بل يُساهم في فقدان الثقة بين المواطن وحكومته.
إن الحل يكمن في اتخاذ خطوات جادة نحو إصلاح جذري يبدأ من تقييم أداء المستشارين الحاليين وإعادة هيكلة آليات تعيينهم. فالمسؤول بحاجة إلى فريق عمل داعم يسانده بالرؤية الصحيحة، وليس إلى مجرد شخصيات تتنافس على الظهور وتقديم نصائح سطحية.
تبقى المسؤولية الكبرى على عاتق القادة والمسؤولين، فهم من يختارون المستشارين ويمنحونهم الثقة. لذلك، يجب أن يدركوا أن المستشار الكفء ليس مجرد إضافة، بل هو شريك أساسي في تحقيق النجاح وصناعة مستقبل أفضل.
المستشار، بين كفاءة البناء وخطر الهدم، هو ميزان النجاح أو الإخفاق. فهل ستُعيد الحكومات ترتيب هذا الميزان؟
إن إعادة ترتيب هذا الميزان تبدأ من ترسيخ ثقافة المسؤولية والمهنية في كل مستويات الإدارة. لا يمكن لأي حكومة أن تنجح دون مستشارين أكفاء يُدركون حساسية دورهم وأهمية تأثيرهم في صياغة السياسات واتخاذ القرارات. المستشار ليس مجرد صاحب رأي عابر، بل هو صوت الخبرة والعلم الذي يجب أن يُسمع قبل أي خطوة مصيرية.
وعلى صعيد آخر، فإن المسؤول الذي يُحيط نفسه بمستشارين غير أكفاء يُغامر بمستقبله السياسي ومصير مؤسسته أو حكومته. بل إن مثل هذا الاختيار يعكس انعدام الرؤية وضبابية الهدف. فلا نجاح بلا تخطيط، ولا تخطيط بلا استشارة مبنية على أسس علمية ومهنية واضحة.
قد يبدو الحديث عن المستشارين قضية هامشية للبعض، لكنه في الحقيقة أحد الأعمدة الرئيسية لأي منظومة حكم ناجحة. فإن أخطأ المستشار، أو فُقدت الثقة في كفاءته، تتحول القرارات الحكومية إلى سلسلة من الإخفاقات التي لا يمكن تداركها بسهولة.
لذلك، لا بد من إرساء منظومة رقابية صارمة تُقيم أداء المستشارين بشكل دوري، وتحدد مدى إسهامهم في تحقيق الأهداف المرجوة. كما يجب أن تكون معايير اختيارهم شفافة وواضحة، تستند إلى الكفاءة والخبرة لا على المحسوبية والعلاقات الشخصية.
فإن نجاح الحكومات يُقاس بقدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة التي تلبي تطلعات شعوبها، وهذا لن يتحقق إلا بوجود مستشارين يدركون حجم الأمانة الملقاة على عاتقهم. فهل ستشهد الحكومات مستقبلاً إصلاحاً حقيقياً في هذا المجال؟ أم سيبقى المستشار مجرد كرسي شاغر بلا فاعلية؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.
ختاماً، لا أقصد بكلامي أحداً بعينه، ولكن هذه دعوة للتأمل في أهمية دور المستشار، بين أن يكون بناءً للمستقبل أو معولاً لهدمه. سمير السعد
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات یجب أن
إقرأ أيضاً:
نائب يطالب الحكومات العربية بالضغط على المجتمع الدولي لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو
قال النائب عبد الوهاب خليل، عضو مجلس النواب، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، إنه يجب على الحكومات العربية والدولة الداعمة للقضية الفلسطينية، الضغط على المجتمع الدولي من خلال ورقة قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يؤاف جالانت.
وأضاف "خليل"، في تصريحات صحفية، أن نتنياهو وجالانت ارتكبا جرائم حرب وإبادة جماعية، وهو ما أكده قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحقهما، مشيرًا إلى أن نتنياهو وجالانت أعمال إبادة جماعية بغزة ومنعوا كل سب الحياة عن الفلسطينيين، من ماء وغذاء، فضلا عن منع وصول المساعدات إلى القطاع.
ولفت نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، إلى أن مذكرة اعتقال نتنياهو خطوة تاريخية نحو تحقيق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني، كما يمثل القرار نقلة نوعية في مسار العدالة الدولية، فضلا عن كونه بارقة أمل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وطالب النائب عبد الوهاب خليل في هذا الصدد، بفك الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، ووقف العدوان الإسرائيلي الذي استهدف أحياء سكنية وأسواقًا ومرافق مدنية تُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، وهي جرائم لا يمكن أن تسقط بالتقادم.